18‏/01‏/2014

الوطن من الخارج أكبر!



كل دولة لها خصوم في الخارج تفرز تلقائيا طابورها الخامس الذي تلتقي مصالحه مع أعداء الخارج فتتكون جبهة موحدة حتى لو لم يكن هناك لقاء ظاهر أو حوار مباشر أو دعم مبطن أو تعاطف ضمني.
وكل جماعة أو طائفة تكبر أو تتعاظم أو تتعالى مشاعر أفرادها طائفيا أو مذهبيا أو دينيا أو ايديولوجياً تلتقطها قرون استشعار من قوى خارجية ترى أنها قد تكون امتداداً لها في الحاضر أو خلايا نائمة لوقت لاحق عندما يحين موعد التعاون.
ليس هناك استثناء وتاريخ الغزوات والاستعمار والاحتلال والاستيطان يؤكد على هذه الحقيقة، فيتقدم الطالبانيون الأفغان في مدن الحدود الباكستانية ليجدوا في أحضانهم نظراءهم على الجانب الآخر، ويصرخ أئمة في قُم الإيرانية ليصغى إليهم مصلون، ليس كل المصلين، في النجف الأشرف، وتزعم الحكومة اليمنية أنها ستقضي على تمرد شيعي فيظهر مئة موقع سني يبرر جرائم السلطة في صنعاء، ويخرب الاخوان المسلمون طوال عام كامل الحياة في مصر فينبض قلب حزب العدالة والتنمية في تركيا الأردوغانية تعاطفا مع الباطل الاخواني في مصر، وتخرج مظاهرة في العقبة الأردنية من الامتداد الروحي للجماعة في المملكة الهاشمية.

الوطن يصغر كلما كبرت جماعة فيه، ويتقزم إذا تطرفت، وتبهت صورة قومه حين تتناثر على أرضه قوميات وطوائف ومذاهب وعقائد وجبهات، ليختفي بعد ردح من الزمن خلف كل جماعة، ففي لبنان مثلا يختفي الأرز خلف سبعة عشر زعيماً، فإذا أتى الغريب لا يحتاج حينئذٍ إلى التشرف باستئذان القاعد في قصر بعبدا، ولعلنا نذكر كونداليس رايس وكيف هبطت طائرتها الأمريكية في مطار بيروت وتوجهت إلى الزعماء في دلالة إلى أن سيد القصر ليس إلا اختياراً سورياً حتى يطل الأسد، أب أو ابن بعده، من شرفة قصره الدمشقي على رعايا الشام في بيروت.

الغريب أن صورة الوطن التي بهتت في الداخل تشرق في المهجر، ففي خضم التصفية على الهوية في بلاد الرافدين، والرعب الذي يزلزل كيان العراقي وهو ينتقل من منطقة إلى أخرى، و من شارع إلى ميدان، والشك الذي يرسم علامات الفزع على الوجوه وكأن الآخر يستعد لجزّ رقبة ابن بلده، يكون هناك في مكان ما بعيداً عن العراق ثلة من الأصدقاء، شيعي وسني وكردي وتركماني ومسيحي وصابئي يتسامرون في شقة أحدهم، ويذرفون الدموع المهجرية وهم يستمعون لناظم الغزالي، ويحكي كل واحد عن طفولة حذف منها كل ما يشير إلى الطائفة أو الدين أو المذهب، ثم يتعانقون في نهاية السهرة، ويعود كل منهم إلى بيته، فإذا اتصل بأهله في صباح اليوم التالي رسموا له على الأثير دماء وجروحاً وأشلاء ومشاعر كراهية حاول أن ينساها في سهرة اليوم السابق فأعاد له أهله رسمها من جديد.

في الغربة نحب الوطن، ونلغي من ماضينا كل السلبيات التي علقت به، ونقطع لسان من يسيء إليه، ونتباهى به، ونبرر سلبياته، ونتفاخر بإيجابياته، ونصل في العشق إلى جعله مركز الكون حتى لو كان قائما على بضعة مئات من الكيلومترات.
وفي الوطن يقوم أهلنا بتوسعة المسافة بينهم وبينه، وقد لا تصيبهم الدهشة وهم يشاهدون ممثلي الشعب تحت قبة البرلمان يتسابقون في إهانته، فمنهم من يرفض الوقوف تحية للنشيد الوطني، ومنهم من يحتقر العلم بألوانه الزاهية التي تخفق في القلب قبل أن ترتفع فوق السارية، ومنهم من يرى جنسيته عقيدته فيلغي الآخرين الذين لا يدينون بعقيدته.

الطائفية والمذهبية والجبهوية الدينية حالات متعددة من الكراهية حتى لو أقسم أصحابها بأن إيمانهم ممهور برضا السماء، لذا فالعدو يعثر بسهولة على متعاونين من بين الطوائف المذهبية والدينية لأن الضمير الديني على أهبة الاستعداد لتقديم تبريرات في لي عنق الآيات المقدسة.
الطابور الخامس غالبا ما يكون مواطنين تحركوا قليلا أو كثيرا ناحية مشاعر الطائفية أو الجماعة أو الأقلية العرقية، لذا كان أكبر مشهد تحقيري يؤكد أن الوطن والطائفية نقيضان لا يلتقيان إلا لـِـماماً صورة مواطنين مصريين تعلموا على أيدي جواسيس نائمين أن يدوسوا بأحذيتهم القذرة على عــَـلـَـم بلادهم.

التيارات الدينية في العالم العربي لا تختلف عن جحافل الغزو ، وفي أقل من عام من حُكم الإخوان كانت تل أبيب ترقص فرحة بمرسيها، وواشنطون تسترخي لأن رجالها حلوا محل جمال عبد الناصر في القصور الجمهورية، وبؤر الإرهاب تناثرت على رمل سيناء، وميليشيات مسلحة وملثمة تستعرض عضلاتها في كل مكان، ورئيس متخلف عقلياً كلما زار بلداً هبط بالمصريين درجة وترك انطباعا أن ديمقراطية صندوق الانتخاب تعني اختيار الأجهل.
المهاجرون الذين يشاهدون وطنهم من الخارج يعانون غربة مواطنيهم في الداخل ، والسوري والعراقي واليمني والمصري والليبي والسوداني والتونسي الهائمون على وجوههم في شوارع باريس وجنيف واستوكهولم وروما وسيدني وهيوستون وبرلين وأثينا وكوبنهاجن يعيشون عذابات الوطن مضاعفة حتى لو لم يكن من بينها أمن وسكن ورغد العيش وأسرة وأولاد وصحة وعلاج و ....
اللصوص المحترفون يسرقون من المواطنين كتبهم المقدسة قبل أن يستولوا على الوطن، ويزعمون أن ملكية الأرض حصلوا عليها بموافقة السماء، فإذا وصل الكذب والتزوير والتزييف إلى أقصى المدى أقسموا أن الله شاهد على أعمالهم ويخفون حقيقة أن رب الكون العظيم شاهد على جرائمم.

لو أخفى كل العرب خلف ظهورهم ولمدة عامين فقط المذهب والدين والطائفة والعقيدة والحزب والفرقة والجبهة والجماعة لأسقاهم الله ماءً غدقاً، ورزقهم من حيث لا يحتسبون.
كلما حدثني عربي عن تقواه وإيمانه وتمسكه بعقيدته رأيت بوضوح دماءً تسيل من أنيابه.
العقيدة الوحيدة التي تقف مدافعة عن الوطن والمواطنين هي الصمت ، وما عدا ذلك فمزايدة دينية قبل قطع رقاب خصومهم. 

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 30 ديسمبر 2013 

ستون عاماً من الجبن، ويزعمون أنهم فرسان!



أنت ضد حُكم العسكر الذي خرَّب مصر طوال ستين عاماً، أليس كذلك؟
لكن أين ذهب لسانك طوال ستة عقود، ولماذا اشتد عودك، وظهرت شجاعتك، وزعمت أنك تريد الحفاظ على مكتسبات ثورة 25 يناير؟

قبل ثورة 25 يناير كنت تتحدث عن الاستقرار في عهد مبارك ، رغم آلاف الأدلة على إجرامه وعنجهيته وطاغوتيته !
وفي عهد المشير كنت ترى الاستقرار في العسكر وتعيش آمنا ومطمئناً رغم أن المشير قاتل ومسؤول عن مذبحة ماسبيرو وكشوف العذرية وانتهاك الحرمات وتخليص مبارك من أيدي شباب الثورة.
وقضيت عاما كاملا تزهو بالاخوان الذين أتوا بديمقراطية حقيقية كما همس في أذنك صندوق الانتخاب، وكان وضع مصر على شفا حفرة للسقوط في مستنقع الطائفية.

والآن سمعنا صوتك محاولا فيه التغطية على أصوات ثلاثين أو أربعين مليونا من المصريين خرجوا في يونيو مطالبين بالاطاحة بالرئيس المتخلف، وفي يوليو مفوضين العسكرالحفاظ على أمن الوطن.
الوضع المزري والمخيف وغير الآمن الآن سببه اعتصامات وتمرد وعنف ومفخخات الاخوان والتيارات الدينية التي وعدت السيسي بوقف الدم إذا أعاد لها معاقها السجين .. محمد مرسي.
حُكم العسكر الذي تعارضه جاء بطلب منك ومن أهلك وأحبابك وأصدقائك وأبناء بلدك بعدما كاد خليفة الاخوان يقول: لقد جاء بي الصندوق وأنا ربكم الأعلى. سد أذنيه سماع ثلاثين مليونا في هدير جماهيري يطالبونه بمغادرة الاتحادية فلم يكلف نفسه حتى عناء التوجه إليهم بكلمة.

السيسي لم يكن يعرف طريقه إلى حُكم مصر لولا استجداء واستغاثة وبكاء ونواح المصريين ليــنقذهم.
السيسي لم يقم بانقلاب عسكري في الظلام ، لكنه لم يضع أصابعه في أذنيه عندما كدنا نقبّل الحذاء الميري حتى ينقذنا من بؤر الارهاب في سيناء ، والتمييز المواطني، وبيع مصر باسم الخلافة والدين، وظهور رؤوس الكفر والشياطين ، مثل عاصم عبد الماجد والشاطر وبديع والكتاتني والعريان والبلتاجي وأبي إسلام وغيرهم من دعاة التكفير.
توقفوا عن التعاطف مع مخربي مصر من الصفراويين والجواسيس وكارهي الوطن وممزقي صرحنا العلمي الكبير .. الجامعة.
توقفوا عن إدخال الدين في كل شاردة وواردة.
توقفوا عن الوقوف مع الذين سيحولون مصر إلى إمارة العراق والشام الإسلامية.

المجرم النتن والعفن والمتخلف محمد مرسي رددها صراحة في حشر الارهابيين بين الجنرالات في احتفالات 6 أكتوبر ليؤكد أن المستقبل لجماعته فقط.
توقفوا أيها الجبناء عن الحديث عن رفضكم للعسكر كما كان صمتكم مدويا لستين عاما ، فأنتم صانعو الديكتاتورية.
نعم، نحن مع الانقلاب العسكري ومع فض الاعتصام، ومع حبل المشنقة حول رقاب مبارك والمشير ومرسي.
أرجوكم لا تدعوا البراءة والشجاعة والنبل فأنتم السبب في عدم استقرار مصر.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 15 ديسمبر 2013

الله يخرب بيتك يا فيسبوك



لقد ساويتَ الجاهل والعالم، وجعلت الأميّ يتعالى على المثقف، وأفسحت المجال لمن يمتدح في الظلم، وجعلت أولاد مبارك يضعون أصابعهم في عيون من قاموا بالثورة المجيدة، وعبرك تلقّىَ المخبرون تهاني تبرئة جمال وعلاء مبارك، واستقطبتَ صفراويين ورابعيين يهدرون الدم دفاعا عن استرداد الرجعية!

الله يخرب بيتك يا فيسبوك،
فقد خلطت الأوراق، وجعلت الحمار فارساً نبيلا، والأرنب ملك الغابة، والأحمق مفتياً، والمعاق ذهنيا مناضلا منذ مولده.

الله يخرب بيتك يا فيسبوك،
كلما حظرت متطرفاً، ظهر لي مئة نسخة منه، وكلما ظننت خيراً بفيسبوكي، يـَـبـْـينُ بعد ذلك وجهه كأنه مُرسي العينين، شاطر النظرة، غنيمي اللسان، كتاتني الفكر، بلتاجي الوقاحة، عريان المبدأ، بديع اللؤم، عاكفي الطُزِّ، ماجديُّ الحقد!

الله يخرب بيتك يافيسبوك،
جعلت أتباعك يقاطعون الكتاب، ويتخاصمون على الدين، ويتشاجرون على المذهب، ويتبارزون على العقيدة، ويطلبون من السماء أن تكون هي الأخرى فيسبوكية منحازة إلى التخلف.

الله يخرب بيتك يا فيسبوك،
مزجت الحق والباطل فانصهرا سوياً، ورفعتَ من شأن صحافة الفبركة الالكترونية، وجعلت كل من يعرف الفارق بين الألف وكوز الذرة آينشتاين زمانه.

الله يخرب يبتك يا فيسبوك،
فنحن نحتاج ضــِــعفَ وقت قراءة الخبر للتأكد من أنه ليس خارجا من غرزة مخدرات، ولا يتعاطى صاحبه القات، ولا يتلقى ريالات جزيرية تمهيداً لغزو قطري أوّهـــَـمَ ضيوفُ القناة السُلطة أنها تستطيع دخول مصر في ساعتين، وأســْـر جيشها في نصف يوم، وبسط سيطرتها علىَ أم الدنيا قبل أن ينبلج فجر جديد.

الله يخرب بيتك يا فيسبوك،
فرغم أنني تعرفت من خلالك على اصدقاء وأحباب وعلماء ومثقفين ووطنيين ومستنيرين، إلا أنني أيضا اكتشفت بفضلك أن أصل الإنسان خفاش كان خنزيراً برياً ترجع أصوله إلى نوع أصفر من الضفادع بأربعة أرجل، كل واحدة فيها أربعة أصابع.
الله يخرب بيتك يا فيسبوك!

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 19 ديسمبر 2013

مَنْ يــُـعيد إليَّ إسلامي؟



استمعت لتوي إلى حديث الروح بصوت أم كلثوم والقصيدة مترجمة عن شعر لمحمد إقبال، وكنت قد استمعت إليها للمرة الأولى في عام 1968 وأنا في المعدية من بورفؤاد إلى بورسعيد فتمكنت كلماتها من الدخول إلى مسامات جسدي من جانب وإلى الفؤاد كأنها أجمل زوار يومي.

عشت أجمل أيام الدين النقي والطاهر والبسيط والبريء، حتى أننا كنا في سن المراهقة نستمتع بلحظات غبطة لا مثيل لها على شاطيء ستناللي بالاسكندرية، ونترك الشاطيء جريا لنغير ملابسنا، ونؤدي صلاة الجمعة في المسجد المقابل، وبعد انتهاء الصلاة بأقل من دقيقتين، كان المصلون يشاهدوننا ونحن نتسابق إلى الشاطيء مرة أخرى.
كنا نصلي العشاء، ونجري إلى سينما الهمبرا أو بلازا ، وكانت كل الأشياء الممتعة متلازمة من صلاة وسينما وشاطيء وسباحة وشطرنج ومظاهرات ومناقشات، قبل أن يهبط علينا من كوكب القرود اخوان الشيطان وفروع متفرقة من أسماء قبيحة تشم منها رائحة الدم.
جاءوا إلينا بفتاوى وملابس غريبة ولحى راسبوتينية كما في أفلام الرعب. انضمت القاعدة والنصرة ومجاهدو سيناء وبورنيو الفتيات السوريات والبوسنيات واليمنيات.
جاءونا على النت واليوتيوب والتلفزيون يرفعون أصابعهم وأيديهم ومصاحفهم، وتبـْـيــِن من بين شفاههم الغليظة أسنان صفراء باهتة كأنها أنياب تبحث عمن تنغرز في لحمه إذا اختلف معها.

كنا نتحدث عن سماحة الإسلام فجاء الأوغاد يعلموننا أن الإسلام هو النقاب وبول الرسول ومفاخذة الطفلة وإنقاذ العوانس بإعادة نظام الجواري.
كنا في حالة حب مع الإسلام، ومع الأديان بوجه عام، فهبطت شياطين التدين الغليظ لتعلمنا أن لا نهنيء شركاء الوطن، وأن لا نترحم على شهدائهم ، فالله الجديد ينتظر على قارعة الطريق ليحصي لنا حسناتنا، أي من قتلناهم غيلة وغدرا وظلماً.
كنا ننصت خاشعين لتلاوات قرآنية كأنها قادمة من الجنة، فاستوردوا لنا أصواتا تخرج من حبال صوتية مصنوعة من ألياف صناعية صينية.
كنا في حالة حب مع اللغة العربية فأغرقونا بلغة أعجمية مصنوعة في غرزة تتبخر حروفها مع دخان نرجيلة لا تختلف عن مصنع للملوثات السمعية والبصرية.
كنا نستمع إلى كلمات الحب في قصة يوسف، عليه السلام، ونخجل من النظر إلى عيون آبائنا عندما نصل إلى وقالت نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حباً، فجاء الخفافيش الجدد يضعون مفاهيم المرأة في الإسلام في جزئها الأسفل، ويجعلون شهادة الجهاد ضد المحتل، شهادة التفخيخ لمستشفى أو مدرسة للأطفال ثم اثنتين وسبعين من الحور العين ينتظرن بصبر نافد القاتل الشهيد ليكافئنه قبل حساب يوم القيامة بجماع يعادل ألف مرة جماع الجهاد في سورية أو البوسنة أو أفغانستان.
كان الإسلام رسالة حب إلى السماء تمهيدا لنور ربك ذي الجلال والإكرام، فجاءت الضفادع تنقنق بآيات ساميات فتـُـخرجها من سياقها الجميل وتدخل بها معركة مع طوب الأرض وذباب الوجه وكل المخالفين.
أشتاق .أشتاق . أشتاق للإسلام الحنيف، ولكنني كلما وليّت وجهي شاهدت وجوها مكفهرة، وأصابع أربعة، وعلم بلدي ممزقاً ورماداً بعد الحرق، وهولاكيين حمقى يرفعون المصحف الطاهر بأيديهم النجسة.
من يُعيد إليَّ ديني؟

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
Oslo   Norway

محمد مرسي ليس رئيساً شرعياً لمصر!



الأسباب العشرة .. 
* الحزب القائم على طائفية وعنصرية وتمييز وأفضلية قبلية ودينية ممنوع أن يتولى الحُكمَ بحُكم القانون والعادة والتقاليد ونهج السياسة وتجارب المصريين، والإخوان المسلمون جماعة دينية قائمة على الفوقية والاستعلاء والاستعانة بالسماء في اعطاء قدسية لآرائها السياسية.
* الدكتور محمد مرسي نجح في التصفية النهائية في انتخابات بين حسني مبارك ( تحت اسم أحمد شفيق) وبينه، لذا فانتخابه رئيساً باطل .. باطل .. باطل لأنه غــِـشّ وخداع للناخب المصري الذي كان على استعداد أن يعطــي صوته لإبليس لو ترشح أمام مبارك( تحت اسم أحمد شفيق) .
* الدكتور محمد مرسي غير مؤهل عقليا وثقافياً وإدارياً لمنصب رئيس الجمهورية، لكن الجماعة الفاشية هي التي ضغطت عليه وجعلته في صدارة المشهد السياسي المصري.
* الدكتور محمد مرسي أعطــى لنفسه مئة يوم لتبيان قدرته على الخروج بمصر من عنق الزجاجة، فزاد الفساد، وتضاعفت أزمات مصر، وتفشت المحسوبية، وظــهر وجه قبيح للاستبداد ممثلا باستغلال الدين، وانحاز للاستغلال حتى وهو يزعم أنه غير قادر على اعادة النظر في اتفاقية التنظيف الذي تحصل فيها شركتان على خمسمئة مليون جنيه مما يعني أن الكبار يحصلون على نسبة معينة.
* الدكتور محمد مرسي لا يتحدث في قضايا وهموم المواطن المصري لكنه يحكم الشعب بلغة هلامية دينية يدغدغ بها مشاعر البسطاء وهو نوع من الكذب والخداع وعدم الأمانة مما يستدعي اقالته على الفور.
*الدكتور مرسي عقد صفقة مع المجلس العسكري يبريء بمقتضاها جرائم الجنرالات ويتولى الحكم، على أن يقوموا بحمايته من أي انقلاب.
* الدكتور محمد مرسي زعيم جماعة يمنحها الأولوية قبل شعبه، ويغض الطرف عن جرائمها، ويحتقر المصريين حتى وهم يخرجون بالملايين يرفضون سطوته واستبداده واعلانه الدستوري، ويلامسون القصر، يرفض الخروج إليهم وتوجيه كلمة وتهدئة مخاوفهم، فهم من وجهة نظره ليسوا شعبه، إنما جماعته الفاشية هي شعبه الذي يحميه. فجاءوا من كل صوب وحدب بأوامر من المرشد والشاطر ليحلوا محل الأمن والحرس الجمهوري والجيش كأنهم عصابات إجرامية وليسوا النصف الآخر من الشعب الذي يحكم رئيسهم، فكيف يخرجون لمطاردة منتقديه.
* الدكتور مرسي غليظ القلب، لا تتحرك مشاعره لقتلى وجرحى ودماء، وكان من الممكن أن يوجه كلمة إلى الشعب كله، ويدعو أنصاره إلى المكوث في بيوتهم ليتركوا منتقديه ويعرف حجمه الطبيعي، لكنه تعامل مع المصريين على أن مناهضيه مجرمون، ومريديه مدافعون عن الإسلام.
* الدكتور مرسي ارتكب أكبر جريمة لرئيس مصري وذلك عندما أهال التراب على عامين من حُكم العسكر، وعلى منهوبات مصر من أموال بواسطــة العائلة العفنة للمخلوع، وجعل هدف الثورة هو الدستور والاستفتاء، وترك مجرمي الفتاوى يسدون كل فتحة تهوية في مصر ليتنفس المصريون إبداعاً وفنا وأدبا وحضارة، ووضع لبنة إمارة إرهابية مكان مصر العظيمة، فجاءت قناة المنقبات وظــهرت خفافيش تهدد فئات المصريين الذين يرفضون استغلال الدين فجعلتهم جماعته كالكفار يحل قطــع أعناقهم.
لكل هذا وعشرات .. ومئات من جرائم مرسي وجماعته وحلفائه ومريديه في وقت قصير فهو منزوع الشرعية والصلاحية حتى لو أقسمت كل صناديق الاقتراع أنها شاهدة على نجاحه.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 19 ديسمبر 2012

البحث المُضني عن خبر صادق!



من لديه خبر صادق أو فيلم حقيقي أو صورة غير مفبركة عن أي شيء في عالمنا العربي فليتفضل ويعلنها على الملأ!
من يستطيع أن يتأكد من حقيقة أي شيء، فأهلا وسهلا به، وسيندهش إذا علم أنه هو أيضا مسحور بالصورة، وموهوم بالخبر، وساذج في التقاط الفكرة.

هل يستطيع أحد مثلا أن يقول لنا من يقتل من في سورية؟ من يحمي الفساد في مصر؟ من أخرج علي عبد الله صالح كأنه ليس قاتلا؟ من يتلاعب بالعقول وبالربيع وبالشباب في عالمنا من نهره إلى بحره؟
من يدفع الأموال لجعل الإعلامي العربي مفبرِكا للخبر ، ومشتركاً في القتل، ومزيفا للحقيقة؟
الصحافة الإلكترونية العربية أصبحت مثل علب الليل وعالم العاهرات، والقلم ليس هو الذي أقسم به الله عز وجل، لكنه هو الذي وعد به إبليس ليغوينهم أجمعين.

لأول مرة منذ قتل قابيل أخاه هابيل يفتخر إبليس أن معركته مع الإنسان سهلة، وأنه عندما تحدى رب العزة كان يظن أنها معركة شرسة مع قوى الخير الكامنة في البشر، وكان إبليس يخشى الأديان والأنبياء والأخلاق، فإذا به الآن يستخرج من الأديان السماوية السامية قوته وجبروته وحججه الدامغة.

أشعر بشوق شديد إلى خبر صادق، ومازلت أبحث عنه دون جدوى!

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 11 ديسمبر 2013

أكثر أهل النار!



تحمل المرأة، وينتظر الجنين في بطنها تسعة أشهر يشاركها الطعام والشراب، ثم يخرج مسبباً لها الآم والأوجاع التي تفرح بها.
ثم يكبر، ويتعلم لسانه أقبح الكلام، ويتشاتم ويتخاصم ويتسابب مع رجال آخرين، فإذا أراد الواحد منهم أن يهين الآخر، شتم المكان في جسد أمه الذي نزل منه، وأهان المرأة التي أنجبته، ونعت الآخر بأنه يشبه النساء.

فإذا تديّـن ظن أن أمه وأخته وابنته وزوجته أكثر أهل النار، وأنها من ضلع أعوج، وأنها عورة حتى وجهها الذي يشرق بنور ربك عندما تريد أن تُظهر مشاعرها الطيبة.
وإذا زاد تدينــُّـه وافق على أن يهب أخته أو ابنته لساعة أو ساعتين إلى شخص أشعث الشعر، أقبح الشكل، تفوح منه رائحة عرق ودم يقول إنها من جماع الجهاد.
يظن بأن الرجال كلهم ذئاب، فإذا أراد أن يفرّغ شحنته الجنسية ذهب إلى امرأة.
عالم الذكور هو الخطيئة مجسدة في رجل، فهو مشعل الحروب، وتاجر الجواري، وفاتح السجون، وداعم الطغاة، وعابد المرشدين، ومغتصب النساء، وفي النهاية يطلب من المرأة أن تكون عفيفة حتى تدخل الجنة.

يكذبون على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويزعمون أنه قال بأن أكثر أهل النار من النساء، ويقول الشيخ طائر الشمال(!) بأن أكثر أهل النار من الرجال، زعماء وقضاة وجنوداً ورجال دين وإعلاميين.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 9 ديسمبر 2013

الحشرة كان أصلها إنساناً!



مرة عاشرة وللمرة المئة أطرح سؤالا لا أرى أحداً قادرا على الإجابة عليه:
لماذا الاخوانجي أو الرابعي أو المؤيد لحُكم التيار الديني، في الغالب، وقح السلوك، سليط اللسان، غير مهذب، منعدم التهذيب؟
لقد ضقت ذرعا بعمليات الحظر التي شملت مئات في العامين المنصرمين، وهذا ليس بسبب الاختلاف في وجهات النظر، ولكن بسبب الوقاحة والشتائم وقلة الحياء وعدم احترام الآخرين، وهي سمة أضحت ملازمة لكل مدافع، غالبا، عن التيار الإسلامنجي.

أفهم أن تشتم شخصية اعتبارية أو رئيسا أو ملكا أو محافظا أو وزيرا أو مرشدا أو أميرا أو قائدا عسكريا أو رئيس حزب سياسي أو ديني، ولكن أن تختلف مع شخص آخر لا تعرفه إلا من خلال النت، ثم تشتمه لأنك تختلف معه، فهذا لعمري قمة التخلف.
ماذا يفعل بهم القرآن الكريم الذي يحض على الحديث الطيب والليــّـن والجميل مع من تتحاور؟

تسعة من كل عشرة أشخاص يشتمونني ويسبونني ويتطاولون بألسنة قذرة هم من الإسلامنجيين ، لهذا كنت ومازلت مؤمنا أن الإسلام الذي أعرفه لا علاقة له من قريب أو من بعيد بالإسلام الذي يتبجحون به.
إنهم قلة، هكذا يزعم المدافعون عنهم، وأقسم لكم أنهم الكثرة، وأنهم ليسوا أقل من تسعين بالمئة من الشتامين، والسبـّـابين، والوقحين.
المادة الأولية لصناعة الإرهابي المفخخ تبدأ من هنا .. من اللسان والسلوك وأدب الحوار.
أنا أكتب أشد الكلمات ضد مرسي والمشير ومبارك والطغاة ودعاة البونوجرافية الدينية، لكنني أبداً لم أختلف مع شخص على النت، ثم أوجه إليه كلمات نابية وأقذع الشتائم.
داروين قال بأن أصل الإنسان قرد، وطائر الشمال يقول بأن الحشرة كان أصلها إنساناً!

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 26 نوفمبر 2013

استرداد أموال المصريين خط أحمر!

استرداد أموال المصريين خط أحمر!

كان من الممكن أنْ لا أصدق أخباراً يتناقلها المصريون وغير المصريين عن مليارات نهبها مبارك ورجاله وقاموا بتهريبها لولا أنني استمعت بأم أذني إلى الرئيسة السويسرية وهي تتحدث في 17 يوليو 2011 عن الأموال الهائلة باسم مبارك التي لا يطالب المصريون باستردادها من السلطات والبنوك السويسرية.
حفنة متشابكة من الطلاسم غير القابلة للفهم أو الاستيعاب أو العرض على العقل أو الاستعانة بالمنطق لفك جزء منها!

كل مصر، من عهد المشير إلى الآن، وكل من حمل في صدره ضمير الوطن من قضاة ومستشارين وعسكر وأكاديميين ومثقفين وإعلاميين وسياسيين وحزبيين ومتمردين وثوريين ورجال دين أغمضوا عيونهم عن سرقة القرن، وكلما قرأوا عنها أو أشار أحد إليها صكــّـوا وجوههم، وصموا آذانهم كأن في الحديث عن جريمة الجرائم ثعبانا يلدغ اللسان والعين والأذنين في نفس الوقت.
كل المصريين، مع استثناءات لا تراها العين المجردة، يخشون أو يترددون أو يحجمون عن الاقتراب من المنطقة الحمراء، وهي أموال شعب تم نهبها خلال ثلاثين عاماً فأفقرته، وضيّعته، وأوقفت التنمية، وأبطأت عجلة الحياة، وضاعفت جائعيه، وخرَّبت مؤسساته.
كأن عفريتا من الجن الأزرق يلتصق بكل ورقة خضراء نهبها لصوص في عهود سوداء، فإذا لمستها أو أشرت إليها أو حرضك ضمير يقظ، لســَــعـَـتك فلا تدري أهي نار جهنم قبل موعدها أم نار السلطة تحرق القلوب ولا تحرق أوراق النقد!

إجماع عجيب من شعبنا في مصر على عدم الخوض في هذا الأمر، حتى القضاة وهم يجلسون تحت شعار يحثهم على العدالة، ويستمعون لاتهامات النيابة وهي تعرض جرائم الرجل وعائلته وحكمه القميء لثلاثة عقود، تغض الطرف بعدها عن أموال الشعب المنهوبة.
في الشهور الأولى بعد ثورة 25 يناير سمح المشير طنطاوي لعائلة المخلوع بالاستجمام في شرم الشيخ، وتحريك وتهريب وتحويل والتلاعب في الأموال المنهوبة قبل أن يأتي يوم المحاكمة.في المحكمة كان الشيطان جالساً كأنه يوم عيد له، فالشعب الثائر وافق على محاكمة الطاغية عن ثمانية عشر يوماً، وصمت، وسكت، وخرس، عن لعنة ثلاثين عاماً.
الدول التي تحتفظ مصارفها بأموال المصريين المنهوبة تظن أننا بلهاء، أغبياء، حمقى، متخلفون، نتوسل من أجل قرض بسيط مقارنة بأموالنا المنهوبة، ونترك لحيتان مصّ دماء الشعوب أموالا تكفي لو عادت لنصف فقراء مصر أن يرقصوا فرحاً حتى الصباح.

وقام المشير بتسليم السلطة للاخوان، والتزمت الجماعة بالخط الأحمر:
ممنوع الحديث أو الاقتراب أو المطالبة باسترداد أموال المصريين، والخط الأحمر يمتد للسيدة سوزان مبارك لتتمكن من التحويل والتحايل واخفاء ما نهبه زوجها وعائلته ورجاله.أموال المصريين كالثلاثين عاما القاتمة في حُكم الطاغية، أي أن الضمير المصري عليه أن يبتلع كرامته وإيمانه وعشقه لوطنه، فالخطوط الحمراء المرسومة له لا يدري كنهها وكود طلاسمها وحل ألغازها إلا العلي القدير.
كتبت ونشرت عشرات المرات منذ خلع الطاغية، واشعر في كل مرة أن قضية محاكمة مبارك عن ثلاثين عاما ومعها أموال المصريين تذوب مع حبر قلمي بعد دقائق معدودة، وقبل أن تلتصق بموطن الذاكرة في أدمغة قرائي الكرام.

أيها المصريون،
لصوص مصر ومجرموها وطغاتها في كل العهود يبلغونكم شكرهم الجزيل على الخرس الطويل، والصمت المريب، والعمى الذاتي، والضمير الزئبقي، والإيمان المتلون، والتمرد المزيف!
أتحدى أن يتألم أحد لكلامي لأكثر من دقيقتين قبل أن يتسرب الحزن على مصر من الثقب الآخر للضمير. 
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 4 سبتمبر 2013

لماذا يختل ميزان العدل مع الدين؟

لماذا يختل ميزان العدل مع الدين؟

أتابع باهتمام شديد الحملة الطلسمية من الاخوان ومؤيديهم ومريديهم والمتعاطفين معهم وأحاول ما وسعني الجهد التوصل إلى سبب منطقي ويتيم لشدتها، وحــِـدِّتها ، وقسوتها، ولا عقلانيتها.

في ثنايا الحملة تعاطف مع قوىَ الطغيان، مبارك والمشير ومرسي، ولكن الغريب فيها أنها تختار كل أوصاف الدراكيولية عن الفريق أول عبد الفتاح السيسي.

كان المعتصمون يصرخون في السيسي أن يجعلهم شهداء، وقاموا بتسهيل مهمته وذلك بشراء أكفان لأطفالهم، وخرقوا كل القوانين المسموح بها ولو في عمق الغابة، واحتلوا منطقة سكنية لشهر ونصف الشهر، وقاموا بتهريب أسلحة، وأقاموا شبكة من الارهاب مع مجرمي العراق وأفغانستان وغزة وسيناء وليبيا والسودان، وأصبح الاعتصام اعتصاميــّـن، ثم قرروا توسعة نطاقه ليشمل مصر كلها.

كنت سأتفهم وأتعاطف معهم لو أنهم كانوا يطالبون بعودة زعيم بطل، أو قائد حركة تحرر، أو مفاوض أخرج الاستعمار من أرض بلده، نسخة مصرية من نيلسون مانديلا أو مارتن لوثر كينج أو شافيز أو حتى فيدل كاسترو رغم ديكتاتوريته، لكنهم يُخرّبون مصر من أجل مرسي .. الرجل الذي لا يحتاج ثلة من علماء النفس اكتشاف أنه متــأخر عقليا ونفسيا وثقافيا وفكريا ومعلوماتيا .

بحثت عن السبب الذي دفع المهووسين إلى التمسك به، ثم رفع شأنه ثم احاطته بهالة من القداسة وأخيرا صناعة الدرويش البطل ، ووجدت السبب الوحيد في سهولة استخدام الدين كما يفعل النصــَّـابون والمحتالون واللصوص في كل مكان.
لو أتيت لي بحمار وجماعة من البشر وكتاب مقدس فأستطيع بكل يـُـسر اقناع أكثرهم أن الحمار صاحب رسالة، وأنه قريب من السماء لطيبته، بل إنه لو حــَـكــَـم فسيصبح الأعدل والأذكى والأتقى.

لصائدي الفرص في المياه الآسنة أقول بأن الدين حالة سمو ورفعة وأخلاق ورعاية سماوية ، أما من يستخدمه فهذا شأن آخر.

إن تاجر المخدرات يستطيع أن يُقنع المدمنين في الغرزة بضرورة وضع كتاب مقدس في أحد الأركان حتى تحل البركة عليهم!
الشتائم الخبيثة والمنحلة والوضيعة التي يتم توجيهها إلى الجيش المصري ، من الداخل والخارج، وكلها مختومة بعلامة دينية أو تعاطف مع المزايدين لا يمكن تفسيرها بعيدا عن التديــُّـن الظاهري، والاحتيال المتخفي وراءه.
ما الذي يجعل شابا عربيا مسلما في قرية تقع على الجانب الآخر من عالمنا العربي يتهم السيسي بأنه أكثر قسوة من هتلر؟
المفترض أن يتقدم الاخوان برسالة شكر وتقدير إلى الجيش والشرطة في مصر لتحقيق هدفهم بارسالهم شهداء إلى الجنة والحور العين بعد ستة أسابيع من الاستفزاز ، والسخرية من الجيش، والتهكم على قياداته.

إن الذي سقطوا قتلى في الاعتصاميـّـن، عدة مئات أو عدة آلاف ، لم يبلغوا واحدا في المئة من المعتصمين والمهرجين والمهووسين والأوغاد ومُجبري الأطفال على حمل الأكفان، وهو رقم لو قصصته على عاقل كحجة ضد الجيش المصري والشرطة وقيادة السيسي لسقط على الأرض ضحكاً، ولو أن الاعتصام بهذه الصورة المهينة للدولة والجيش والأمن والشعب وعشرات الملايين الذين خرجوا للطلب من مرسي أن يرحل حدث في روسيا أو أمريكا أو الصين، لوصلت نسبة الضحايا إلى الثلث، بدون وعد بالحور العين أو الزواج من فتيات صغيرات لمن ينجو منهم.
ميزان العدل تحوّل باسم الدين إلى الظلم، والخلل في فهم الدين ورسالته السامية أصاب عقول مستخدميه بالوهن والسوس والعجز والسقم.

القضية ليست هنا فض الاعتصام أو اعادة الشرعية أو حُكم الخلافة الاخواني، لكنها أزمة جماعة أو جماعات دفنت رؤوسها في بالوعة الصرف الصحي، ثم ظهرت أمامنا لتتحدث في الدين والأخلاق والديمقراطية والشرعية.
التيارات الدينية، بما فيها الأوغاد الذين يستنزفون، عن سبق اصرار وعمد، جيش مصر في سيناء ليصبح مُضغة سهلة في فم إسرائيل، هي شبكة تجسس حتى لو لم يقابل أي واحد منهم موساديا أو مدربا من العدو ليتعلم فن تفكيك وطنه من الداخل.
الحملة المقززة وصلت إلى إعلان حرب على مصر حتى لو حملت كل مشاعل السلام الظاهرة.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 16 سبتمبر 2013

هجرة القضاة والمحامين هي الحل!

هجرة القضاة والمحامين هي الحل!

ما هذا الخبل والهراء والهبل والتخلف في رفع الدعاوى أمام القضاء المصري؟

كل محام يشعر بأنه يريد أن يٌضيـّـع وقت المحاكم التي لديها مئات الآلاف من القضايا المؤجلة والمجمدة يرفع قضية في أي شيء وعن أي شيء.
في مصر، إذا كنت محامياً، وتشعر بملل ترفع قضية تطالب فيها بتعويض من غادة عبد الرازق لأنها تثير شهوتك وأنت رجل متزوج، وترفع قضية ضد مصلحة السجون لأن الجردل في زنزانة الكتاتني غير نظيف، ودعوى ضد وزير لم يبدأ حديثه بالبسملة، ودعوى لأن جرس الكنيسة المجاورة يرن في موعد نومك بعد الظهر، ودعوى لأن الطائرة الهليكوبتر التي مرت فوق سطح منزلك أزعجت الدجاج، ودعوى لأن ملابس السجن للمرشد مقاس أكبر من جسده، ودعوى لأن وزيرة الإعلام غير محجبة، ودعوى لأن الرئيس عدلي منصور لا يقدم أوراق اعتماده للخليفة أردوغان، ودعوى لاعطاء المصريين الحق في البحث عن الذهب الذي دفنه القذافي في رمال الصحراء، ودعوى لأن تلاميذ المدراس يُجبـَـرون على تحية العـَـلـَـم المصري مع نشيد الصباح، ودعوى لأن ضيفة في التلفزيون لم تقم بتغطية ساقيها جيداً، ودعوى لاجبار النساء من الاقباط على ارتداء الحجاب، ودعوى لأن العـَـلـَـم المصري ليس به اللون الأصفر....
صدقوني فأنا لا أمزح، ولي رغبة عارمة أن انزع شهادة التخرج في كلية الحقوق من ثمانية أعشار القضاة، وتسعة أعشار المحامين ، وألقي بها في النيل الأزرق بجوار سد النهضة. 

عندما أشاهد المحامين في جلسات يبثها التلفزيون لا أصدق أنهم تخرجوا في مدارس ابتدائية، وأنهم سمعوا عن التحضر والتمدن، وأنهم كانوا يعلمون أن أنكر الأصوات لصوت الحمير.

الفوضى العارمة والزعيق والصياح والوقوف فوق المقاعد ومقاطعة القاضي والهتاف واللغة المريضة واللسان السليط، كلها علامات على أنك في قاعة محكمة مصرية.
ما أجمل مصر أن تستيقظ ذات صباح مشرق لتكشف أن أكثر القضاة والمحامين هاجروا إلى الخارج!

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 9 ديسمبر 2014

لكن عينيك لم تدمعا بعد!


الأم هي المخلوق الوحيد الذي لا يشعر بالتأفف تحت أي ظرف يمر به ابنها أو ابنتها، سواء في الطفولة أو أعمار زمنية لاحقة.
الأم هي المخلوق الوحيد التي يمكن أن تضع الطعام في فمها بعدما يلفظه ابنها الصغير، أما الأب فمن المستحيل أن يقوم بهذا العمل الذي سيعتبره غريبا وغير متحضر!

أتعجب من هذا الأمر، وأرى أن الله تعالى وضع بديلا لحبل السُرَّة بعد قطـْـعِه، وأتذكر رواية قديمة قرأتها عن شاب محارب فـَـقـَـدَ يديه وساقيه في الحرب، وبدأ الذين حوله من أصدقاء وأحباب ينفرون منه، ويبتعدون عنه رويدا .. رويدا.
في نهاية الرواية ظهر على كرسي متحرك داخلا البيت الفسيح، فتجري أمُّه عليه مندفعة لتعانقه بعدما تخلى عنه الجميع.

الأم هي المخلوق الوحيد الذي لا يتقزز أو تُبدي امتعاضا أو تشير تعبيراتُ وجهها لعدم الراحة وهي تعطيك حُقنة شرجية عندما يصيبك إسهال، حين يخرج الجميع من الغرفة وهم يسُدُّون أنوفهم بأصابعهم، ويغضمون عيونهم لئلا تقع على غائطك الذي ملأ الفراش.
الأم هي المخلوق الوحيد الذي يشُم رائحة عرقك وملابسك الداخلية ولا تنزعج مهما بلغت الرائحة الكريهة.

الأم هي المخلوق الوحيد التي تستيقظ قبل الفجر، وتذهب إلى غرفتك لتُغطي الجزء العاري من أصابع قدميك حتى لو كانت الغرفة دافئة، ثم تتأمل وجهك، الجميل أو الدميم، وكأنك أكثر جمالا من يوسف، عليه السلام.
هل نامت أمُّك يوما ما قبل أن تعود أنت من سهرتك مع أصدقائك، فتشاهدك من النافذة وهي تقاوم النعاس، ثم تنادي عليك مُحذرة إياك من الجزء المكسور في سلالم الطابق الثاني، ثم تقول لك بأن العشاء جاهز ولو بعد منتصف الليل، وتكتشف أنتَ أنها تركت لك الخبز الطازج الطري، وتناولت هي عشاءها من الخبز الجاف الذي لم يقترب منه الوالد وأخواتك؟

حتى لو كنتَ تختلف معها، وتصيح في البيت، وتتركه لها وأنت غاضب لأنها تركت أخاك يأخذ قميصك الجديد، فسيأتي الوقت الذي تضحك فيه على عباطتك وتفاهتك لأنك كنت تتمسك بتلابيب أي حجج واهية، وبعدما كبرت، وتزوجت، وملأ أولادُك عليك البيت، فأنت، رغم أنفك، تشتاق إليها لترتمي في أحضانها، فهي المخلوق الوحيد الذي تُشعرك أنك قويٌّ بضعفك أمام صدرها.

غريب أن عينيك لم تدمعا بعد!

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو النرويج
Taeralshmal@gmail.com

فلان مات!


من الأشياء التي تصيب المغترب بالحيرة الناتجة عن حزن بأثر رجعي هي وصول خبر وفاة شخص عزيز بعد رحيله بزمن طويل، فأنت هنا لا تستطيع تقديم العزاء ، ولا تسمح لنفسك بالاتصال لاسترجاع المواجع، وأيضا لا تغض الطرف عن الخبر المتأخر جداً.
في الغربة لا تذرف الدموع إلا قليلا، وتستبدل بها حزناً مهجريا لا يفهمه من لم يغادروا الوطن.
والحزن المهجري يعني أنك تمارس حياتك العادية، ولا تبكي، وتصطحب ابنك إلى السينما أو ابنتك إلى دروس البيانو، ولكن حالة من الوجوم تغطي وجهك حتى لو ضحكت أو ابتسمت.
صورة الراحل مسكونة في خيالك، ومعجونة في ذكرياتك وقد تحولت إلى خصوصية لا يعرف كنهها إلا أنت.

فلان مات!
متى؟
منذ عام .. منذ عامين، ربما أكثر. كان مريضا، تألم كثيرا، كان يحبك ويتذكرك بين ألفينة والأخرى! مرت عليه أيام لم يذق طعم السعادة فيها.
هنا، أنت لا تحزن كما لو كنت بجواره تسمع النحيب، وتتلقى العزاء، وتسير في جنازة، وتشيـّـعه إلى مثواه الأخير، وتقوم بزيارة قبرة مرتين في الأسبوع الأول، وثالثة في الشهر الثاني، ورابعة بعد عام.
أحزانك في الغربة متقطعة كأفراحك تماما. تحزن دقيقتين وينادي عليك ابنك. تتذكر الراحل بعدها بنصف ساعة ثم تدلف إلى غربتك في الوطن الجديد. تقفز الصورة إلى ذهنك صباح اليوم التالي فتزيحها جانباً.
من منّــا لم يمر بهذا الخبر أو لم يقم الخبر بزيارته. فترة الفراغ تصيبك بالحيرة فهي تمتد من الموت إلى لحظة تلقيّــك الخبر، ولا تعرف ماذا حدث فيها لأنه كان في الحقيقة غائبا غربتين: الموت والبعد عنك. وأنت غائب ضعفين: الصورة المرسومة في ذهنك والتي لم تغادر معه، والصورة المرسومة بريشة أمل أن تلتقيه.
الآن عليك أن تتذكره عندما كنت معه، أو تفكر فيه بعدما جاءك خبر رحيله، أو تستقطع من الماضي مشاهد مبتورة بفعل الزمن، ثم متناثرة بفعل الخبر المتأخر.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 3 يناير 2014

حوار بين مرسي والسيسي!



في لحظة من لحظات التجلي العسكرية الموسومة بالشجاعة، قرر الفريق أول عبد الفتاح السيسي زيارة السجين الهارب والعائد إلى زنزانة جديدة محمد مرسي. اهتزت الأرض تحت الأقدام، واعتدلت رؤوس الحراس، وأخذ المرافقون مواقعهم عندما كانت عيونهم ترصد كل حركة ولمسة وهمسة.
دخل السيسي ولكن مرسي لم يتحرك من مكانه، فهو الرئيس الشرعي حتى لو قضى بقية عمره في قبو محشورة داخلة زنزانة أضيق من قفص السيرك وأكبر من القفص الصدري.
هربت ابتسامة الوجهين، وكان الحوار التالي:
مرسي: كيف سمح الحراس لك بالدخول رغم أن لديهم تعليمات مشددة مني، كرئيس للدولة، أن لا يقوم إنقلابيٌّ مهما كانت النسور والنجوم فوق كتفيه بزيارة زنزانتي؟
السيسي وقد انفرجت شفتاه عن ابتسامة نصف ساخرة: هل مازلت تعيش في هذه الأوهام رغم عشرات الملايين الذين خرجوا يستجدون القوات المسلحة الإطاحة بك وبنظامك الطائفي البغيض؟
ألست خجلا من نفسك بعد فشل ذريع استمر عاماً كاملا كدت تهوي بمصر إلى الحضيض، وتعيدها إلى العصور الوسطى؟
كنت صورة كوميدية لرئيس الدولة، وكلما زرت بلداً، خسرناه. وبرنامجك في الزيارات لم يخرج عن التسول والتهريج ورسم صورة قبيحة للخليفة الوهمي الحائر بين استانبول وواشنطون و غزة.
راجع خطبك جيداً، وتأمل في فحواها، وتفحص معانيها، فسيدهشك كم الغباء فيها، وأنت في الواقع لم تكن رئيساً، لكن زعيم عصابة أو جماعة، وهل هناك فارق بينهما؟
لو كان هناك شيء إيجابي واحد في فترة حُكمك المشؤومة لما تجرأ عسكري مصري، ضابط أو جنرال، على الوقوف في وجهك.
أتذكر ذلك الخطاب الذي هتلـَـرك وموّسـَـلـَـك فكأني بك نسخة دينية من تمازج ديكتاتوري جمع الصفات السيئة في الطغاة ونثر عليها كلمات مقدسة لتبدو خطبة خلافة، فإذا هي خطبة وداع.

محمد مرسي: لم أكن أعلم أن الفصاحة ميرية، وأن اليونيفورم يعلمنا مباديء الديمقراطية، وأن الجيش يتعفف عن البساط الأحمر في القصر فيعود مهرولا إلى الثكنة.
نصف عام وأنت تملك الشرعية الشعبية والجيشية، ومع ذلك فالبلطجية يحتلون الشوارع والطرقات، والمسجلون خطراً يقتحمون المساكن والبيوت الآمنة وينزعونها من ساكنيها، والقضاء كما هو.. أفسد من سوس، وأكذب من سلول، وهو في عهد مبارك نسخة قديمة من عهد المشير، وهو في عهدي نسخة سابقة ومطابقة للعدالة المفقودة في عهدك.
كل قائد منا، مبارك وطنطاوي ومرسي والسيسي، نعشق المديح، ونقرّب إلينا المتزلفين وماسحي الجوخ وأكلي السحت على موائد الحُكام.
أشار صندوق الانتخاب عليَّ فائزا، وأشارت عشرات الملايين من الجماهير عليك قائدا يطيح بي، فظل الحال كما هو عليه في أكثر من ثلاثين عاما.
المشير قام بتهريب المخلوع إلى شرم الشيخ بعد ثورة يناير ليتمكن من إخفاء جرائمه المالية والهبرية، وجئت أنا فأمرت أن لا يقترب أحد من أموال الشعب المنهوبة، ثم جئت أنت ولم يسترد الشعب قرشا واحدا من أمواله.

السيسي: لسانك يقطر كذبا رغم زعمك أنك تُسـَـبِّح اسم ربك ليلا ونهاراً، وأنت تنتمي إلى جماعة أخذت الوطن من الصف الأول ووضعته في خلف الخلف، وأنتم مهووسون بين الفوقية الدينية والدونية الأمريكية رغم الصياح ضد واشنطون في الشارع والمسجد، ثم يكتشف شعبنا أنكم كنتم المتحالفين الأقرب إلى سيدكم في البيت الأبيض.
مبارك نهب الدولة، والمشير نهب الثورة، وأنت سرقت الدين، وأنا أخرجني حب الشعب الذي غطى الأرض المباركة .. أم الدنيا باستغاثات واستجداءات لأنقذه من براثنكم.
سنة كاملة وأنت تعيش على بيع الأوهام في أحاديث هلامية، وظللت تلعب دور رجل الدولة رغم أن امكانياتك لا تخرج عن رئيس على حفنة من العمال في مصنع خاسر بقرية نائية لا يعرف موقعها على الخريطة إلا عمدتها وشيخ الخفر!
كان المصريون يخجلون منك إذا جاءك ضيف، وتحمَّر وجوههم إذا استضافك زعيم دولة. كان لغز نجاحك واحدا من الطلاسم التي ستُحير المؤرخين لقرون قادمة وسيكتبون عن" شفرة مُرسيتشي!"، فثلاثة عشر مرشحا متناحراً، منهم فلوليان، منحوك فرصة العمر لتنافس في التصفية النهائية الرجل الذي تتلمذ على يدي مبارك، فأرسلت السفيرة الأمريكية إلى أوباما تبشره أن الاخوان اقتربوا من القصر، وأن مصالح العم سام آمنة، وأن العهد الذهبي للدولة العبرية قادم مع أول رئيس اخواني يكشف نجمة داود تحت زبيبة الصلاة.
لم يُصَدق شعبنا أن عَقد التجسس يمكن أن يخفيه أحد تحت المصحف الشريف، وأن ترجمة كلمة المرشد هي كوهين، وأن تحالفاتكم في التنظيم الدولي للاخوان كانت تهدف لاسقاط بلد مولد الجماعة على يد البنا ثمرة ناضجة في حجر القوى الدولية، لذا عندما استعانوا بك وسيطا بين حماس وتل أبيب، نجحت على الفور رغم أن صديق الجميع ليس صديقا لأحد.
في أقل من ثلث فترة حُكمك العتمة انتقلت بؤر الأرهاب إلى سيناء التي دفعنا ثمنا غاليا فيها، ولو كنت تركتك عاما آخر لكان المصريون يُذبَحون على الهوية في الطرقات والحواري بسكاكين تم استخدامها من قبل في غرب ليبيا وشمال سوريا ووسط العراق وعلى جبال كابول وفي أدغالٍ نيجيرية يحتلها بوكوحرام.

مرسي: العجيب في حديثك عن السلام أنك لم تشر إلى اعتصام رابعة والنهضة، وكيف قتلتم بدم بارد مؤمنين مسالمين لم يفعلوا أكثر من احتلال منطقة سكنية كمقدمة لعودتي خليفة لهم. كل المظاهرات فعلت مثلما فعلنا، وأزحنا السواتر، ونزعنا طوب الأرض، وأقمنا حمامات ومطابخ ودورات مياه وأدخلنا أسلحة ورفعنا منصة للخطابة نتحدى من خلاها، وهذا حق لنا، الجيش والمعارضة، فالحُكم باسم الله لا يعرف المهادنة، وإذا كنتم تعيبون علينا إجبار الأطفال على حمل أكفانهم فهذا كذب لأن أولياء أمورهم هم الذين جاءوا معهم آملين أن تقتلوهم فيرسلهم مَلك الموت إلى الجنة.
-;-
لقد تعجَّلتم القضاء علينا وإستعادة الحكم العسكري لمقاليد السلطة، وكان يمكنكم التفاوض معنا، واستخدام طرق أقل وحشية من القتل خاصة وأنه كان معنا نساء وأطفال.

السيسي: أراك هرمت نصف قرن في نصف عام، فأنت كغيرك من قيادات الجماعة، تكذبون على الشعب وعلى أنفسكم وعلى الله.
المنصة تشهد أن قتلة اعتلوها، وأن إرهابيين استخدموها، وأنها كانت كالسيارات المفخخة ومع ذلك فقد صبرنا عليكم صبر المرسلين، وتحملنا السخرية والاهانة والاتهام بالضعف آملا في أن تنفضـّـوا وتعودوا إلى بيوتكم.
كان سكان المنطقة يبكون أمامنا وهم لا يستطيعون الخروج من بيوتهم، ويتعرضون للاستفزاز والتحرش الجسدي، وينام إرهابيوكم في مداخل البيوت.
أمامكم على اليوتيوب أفلام مسجلة وواضحة تكفي لأن نـُـهدي رقابَكم لعشماوي، وأجسادكم لحفـَّـاري القبور ومنهم إلى ديدان الأرض، وكنتم تهددون، وتتوعدوننا بالموت والسحل حتى أن أحدكم أقسم أنه سيعلقني من رقبتي على جذع شجرة، ومع ذلك فقد بلعت كرامتي من أجل أن تظل صورة القوات المسلحة نظيفة وغير انفعالية وجنودها حماة الشعب على اختلاف طوائفه.
لو كان اعتصامكم بتلك الصورة المستفزة والمتحدية والاستعراضية في بلد آخر، ديمقراطي ومتقدم، لما بقيتم على هذا الحال أسبوعا واحداً، أما لو أن اعتصامكم هذا في الجزائر أو السودان أو سوريا أو ليبيا أو العراق أو الأردن أو إيران أو كل دول أمريكا اللاتينية والقارة السمراء لما بقي منكم معتصم واحداً حياً أو .. نصف ميت.
لو فعلتم هذا في أي عصر من العهود المصرية لكانت نهايتكم جميعا قبل اليوم السابع أو الليلة الثامنة.
أنا أقف أمام الله بضمير حي ويقظ ومستريح لأنني صبرت، وتحملت التهكم ممن اتهموني بالضعف وقلة الحيلة، وبعد شهر ونصف الشهر من إعلان الحرب الرابعية على جيشنا حتى يستعيدك عبيدكم ورقيق المرشد، اضططررت لانقاذ مصر من براثن حرب طائفية كانت ستلتهم وادي النيل، .. وتقلبه عاليه سافله.

مرسي: تتحدث عن الدين وأنت علماني، وعن الضمير وأنت عسكري، وعن الحرية وحذاؤك الميري يخرق الأرض. نحن ممثلو الله على الأرض، والجنة تحت أقدامنا، ولحم شيوخنا مسموم، وتعاليمنا منذ ثمانين عاما صنعت المسلم الذي يؤمن أن هويته هي عقيدته، وأن الدولة الإسلامية الكبرى على مرمى حجر من إعلانها،
سنعلن الحكومة في المنفى، وستعترف بها واشنطون وغزة وقطر وتركيا وأكثر من أربعين دولة أفريقية كان زعماؤها يعيشون على دينارات العقيد، فأصبحوا اليوم ينامون في أحضان الريالات القطرية.
سنعلن حكومة المنفى ولن تستطيع المحاكم المصرية أن تصدر حُكما، حاضرا أو غيايبا، بالإعدام على أي قائد اخواني ، فالكل خائف، والجبن يضم في أحضانه كبار رجال الدولة.
نحن نملك القوة في أدمغة شباب يظنون أنهم يعبدون الله فإذا المرشد هو معبودهم الوحيد.
أنتم تملكون الدبابات ونحن نملك تعاليم السماء نطوّعها كيفما نشاء. أنتم تملكون القوة الظاهرة، ونحن بين أيدينا الشباب المفخخ فكريا قبل أن نلقي به في السيارات المفخخة ليرسل جنودكم إلى باطن الأرض.
أنتم الوطن وهو إلى زوال، ونحن الدين وهو الخلود.
انظر حولك فتجد شبابنا لا يؤمنون إلا بالدار الآخرة فيمنعون الدراسة في الجامعة، ويهجرون الحياة التي تحبونها، ويكرهون أوثانكم الممثلة في العـَـلـَـم المصري والنشيد الوطني.
لقد نزعنا فلسفة الجدال من عقول شباب التيارات الدينية ، فالفلسفة سفسطة، وعلم الكلام في عهد أحفاد البنا يسيطر إلكترونيا على أدمغة الملايين، وشباب الاخوان، والحمد لله، سلـَّـموا عقولهم لفقهائهم وعلمائهم ومرشديهم حتى يتعلموا أن الحياة لعب ولهو، وأن أكفان الأطفال هي الطريق إلى جنة الكبار.

السيسي: أنت مريض نفسي كأتباعك المهووسين بالدم والجنس، وأنتم شهوات متحركة، وأنتم عنصريون طائفيون تكرهون المرأة وغير المسلم و كل من يستجيب لله ويستخدم عقله.
تتهمني بأنني علماني رغم أن علاقتي بالله أفضل من علاقتك به، عز وجل، وأنا أقيم شعائر ديني بدون مزايدة، ولا أعبد من دون الله مرشدا أو فقيها أو درويشاً أو مُخربا أو إرهابيا متسترا بالدين.
أنتم سوس العقل، ودود الأرض، وخفافيش الكهوف، وأعداء الله ولو صمتم وصليتم وزكيتم كل دقيقة من حياتكم البائسة.
أنتم مصنع للكراهية، وممزقو وطن، وجواسيس لصالح العدو، ومتعاونون لاضعاف جيش بلادكم.
إن حجم الكراهية لكم في صدور أبناء شعبنا لم يعرفها طاغية أو استعمار أو احتلال.
أنتم نسل إبليس في صورة أحفاد البنا!
نعم، أنا أعترف بأن قضاءنا فلولي يحركه رجال مبارك، وأن العدالة لدينا كالظلم لديكم ، وأن البلطجية ورثناها عن المخلوع التي أورثها المشير وتسلمتوها فأسلمتوها، فإذا الكفر فيها أكبر من تعاليم إبليس.
أتحداك أن تعلنوا حكومة المنفى، وتطالبوا الأمم المتحدة بالاعتراف بكم دولة مصرية في الخارج، فأنتم لا تعرفون غضب المصريين، وحينئذ لن يبقى منكم أحدٌ فيه رمق من حياة.
من حقكم تحدي الجيش، ولكن إذا تحديتم الشعب وأعلنت ( الجزيرة) أول بيان لحكومة الدولة الإسلامية المصرية في المنفى فلن يُطل أحد منكم من شرفة بيته أو جحره أو كهفه، فهنا سيكون المصريون لكم بالمرصاد، وليكن مقركم قاعدة العيديد الأمريكية في قطر.
أنتم عفن أوسخ من مراحيض العشوائيات، وأنتم ملعونون على الأرض وفي السماء، وأنتم كوهينيون تختار الموساد منكم من تشاء.

مرسي: قل ما تشاء فالأيام دُول، وكما دخلنا القصر غانمين سنعود إليه بفضل صناديق الانتخاب، والأميون والجهلة والمتخلفون سيصوتون لنا بمجرد التلويح لهم بالقرآن الكريم وبجنة الخلد وبالحور العين.
أتباعنا في طول الدنيا وعرضها من "الجوادي" الذي يعيش على بصاق الجزيرة إلى "وائل قنديل" الذي يحلم بذهب الخليفة.

السيسي: سنرى قريبا أن الله مع شعب مصر وجيشها ونيلها ومستقبلها ودماء شهدائها وتسامحها، وأن إبليس معكم يتذوق الدماء من أنيابكم، ويتعلم النفاق منكم، ويقرأ معكم آيات مقدسة وهو يسخر منكم.
أقسم لك أن مصر لن تصهل فيها خيولكم المريضة بعد الآن، وأنني والقوات المسلحة منحازون إلى الشعب.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 5 ديسمبر 2013 

نحن والفيسبوك!



إذا ظل الفيسبوكي يتلقى الأخبار والمعلومات بهذه الصورة، فسيأتي الوقت الذي يظن فيه أن السمك يعيش مع الأسد في الغابة، وأن محمد علي باشا قام بزيارة مرسي برفقة عيدي أمين دادا، وأن سجناء هربوا من سجن أمريكي إلى الفضاء ومنه إلى المريخ ولا يريدون النزول إلى الأرض.

إذا ظل الفيسبوك يلقى في أعيننا الأخبار كل دقيقة فسنؤمن بعد عدة سنوات أن اللغة اليابانية أصلها فرنسي، وأن جاجارين لم يصعد إلى الفضاء، لكنه اختبأ خلف قاعدة اطلاق الصواريخ في موسكو، وأن نابليون لم يمت، لكنه لجأ إلى الأزهر الشريف وقاموا بتجميده وهو حيّ، وهو يعمل الآن في كـُـشك بالجامعة دون أن يفصح عن هويته، وأن مبارك يحتفظ ببرشامة سيبتلعها بمجرد خروجة ويصبح عمره تسعة وثلاثين عاماً، وأن القطريين حفروا نفقا من الدوحة إلىى استانبول ومنها إلى القاهرة حتى يمر فيه أمير قطر والخليفة أردوغان لينتزعا الحُكم من السيسي ويسلمانه إلى مرسي.

إذا ظل الفيسبوك مصدر الأخبار والإلهام والوحي والتحليل فأنا سأكفر بالحرف والكلمة وسأبحث عن أي مصدر آخر للجهل لعلـّـي أتعلم منه.
أنا الآن في حالة قرف .. قرف .. قرف مما أقرأه أو حتى لا أقرأه، فقد غزا الفيسبوك قومٌ من كوكب القرود وهم يـُـغرقونه بملايين الأخبار والمعلومات والتحليلات القردية.

بركان من الأخبار المراحيضية يتطاير في معظم صفحات الفيسبوكيين، والغريب أننا نقرأ الخبر إلى النهاية، ونقوم بتشييره دون تكذيب، ونسعد بالأكاذيب لأنها تحط من شأن خصومنا، ونتحول إلى الحُــروبــوكيـّـة التي يرفع فيها المنتصر والمنهزم راية النصر.

سمعت أن إبليس تخلص من أجهزة الكمبيوتر لديه زاعما أن مستواه الشيطاني لا يصل إلى هذا الدرك الأسفل، فهو خصم للبشر، لكنه عَدوٌّ نبيل وفارس يكذب في حدود أخلاق الفرسان.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 9 يناير 2014

المشهد القادم في عيون طائر الشمال!




لست من الذين يرجمون بالغيب، ويتبأون بحوادث لا تقع ثم يعتذرون عنها ، لكنني أحاول أن أقرأ المشهد برمته في فصل واحد بحيث تراه من أوله كما هو في آخره.

الدلائل كلها والقرائن تشي بالآتي:
الفريق أول عبد الفتاح السيسي يغادر وزارة الدفاع، لكنه يظل المحرك الرئيس لها، ومن الصعب التكهن بمن سيتولاها في الفترة المؤقته، وأظن، وبعض الظن ليس إثما، أنه المستشار عدلي منصور منعا لأي تطورات غير متوقعة، فاليونيفورم يأكل اليونيفورم.
أجهزة الدولة كلها ، العسكرية والأمنية، تعرف أن الكلمة الفصل للسيسي.
يعلن ترشحه لانتخابات رئاسة الجمهورية التي ستجرىَ قبل التشريعية.
تترشح بعض الشخصيات المعروفة، بعضها باهت، وبعضها محروق، ولكن يجمعهم الرغبة في أن يحمل كل منهم لقب ( المرشح السابق للانتخابات الرئاسية) حتى لو حصل على أصوات عائلته فقط.

لجنة الانتخابات تستبعد من تعرَّقت أجسادهم برائحة الاخوان.
كل المرشحين أمامه يعرفون مسبقا أنهم فشلوا من قبل، وأنهم كانوا في معارضة هشة، وأنهم تقلبوا على كل الموائد.أبو الفتوح وعمرو موسى وأحمد شفيق ربما يدخلون السباق، ولا مانع أن تمنع لجنة الانتخابات أبا الفتوح لأسباب ستأتي لاحقا.
الشعب غير مستعد لاختيار مرشح آخر.
التنظيمات الاخوانية والجماعات الإسلامية والبؤر الارهابية تضرب هنا وهناك بغباء، فيلتف الشعب حول السيسي أكثر من قبل.
ينجح السيسي بنسبة 89% من إجمالي الأصوات.
التحديات أمام السيسي:
تطهير القضاء
استتباب الأمن.
إعادة رجال مبارك إلى جحورهم بعد أن يكونوا قد أدوا مهمتهم في تأييد السيسي، فالرئيس الجديد يعرف أن مبارك وعائلته، ومرسي وجماعته سيقفون حجر عثرة أمام أي تقدم مصري.الجيش يعلن ولاءه، والمشير يختفي من المشهد، وربما يحصل السيـسي على رتبة مشير قبل الخروج من الوزارة.
الرئيس الجديد، السيسي، يحتفظ بوزارة الدفاع مع رئاسة الجمهورية.
إذا تحسن الوضع الأمني والمعيــشي والقضائي في خلال ثلاثة أشهر، يصبح السيسي هو البطل الذي يبحث عنه الشعب، وإذا استمر الوضع كما هو الآن، واختيار رئيس للحكومة والوزراء بنفس الأسلوب البطيخي، فقد عاد شعبنا إلى المربع صفر.
قطعا ما أكتبه هو من وحي قرائي للمشهد إجمالاً، وأخطائي في الحدس أكثر من صواباتي، لكنها محاولة.

على المستوى الشخصي فأنا مدين للسيسي بالاطاحة بحُكم طائفي مرشدي وإرهابي، ظهرت أنيابه باسم السماء في خلال العام الأسود، لكن لي شروط ومطالب من السيسي بعدد شعر الرأس حتى يكون تأييدي شبه مطلق.
وحتى ذلك الحين أبعث تهنئتي الأولى للرئيس عبد الفتاح السيسي، وتهنئتي الثانية والأخيرة عندما يتطهر القضاء والتعليم والإعلام والفساد والشارع والأمن، ويأخذ القصاص مجراه، ولا يبقى في السجون معتقل سياسي غير متهم بالتخريب أو التآمر، وتعاد محاكمة المجرم مبارك وولديه، ويتم القبض على سوزان مبارك.
أما التهنئة الأخيرة لاستتباب الأمن فعندما يلتف حبل المشنقة حول رقاب مرسي وقيادات جماعته ولا تعرف مصر حالة تعذيب واحدة في سجن أو معتقل أو تخشيبة.
أما استرداد أموال شعبنا المنهوبة فهو الحلم الذي لا يصدقه أحد!

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 9 يناير 2014

ببغائيو إنه انقلاب!


أشعر بحزن شديد لأنني فقدت أصدقاء كثيرين كانوا أثرياء في أفكارهم، ثم فحأة أصابتهم لوثة ببغائية ( لكنه إنقلاب )، وتمسكوا رغم ذكائهم بمرسي المعاق فكريا، ولم يتنبهوا إلى أن بديع والبلتاجي والعريان والكتاتني وعبد الله خالد ويوسف البدري ووجدي غنيم وخيرت الشاطر وهشام قنديل نماذج من البشر تنتمي إلى عصور ما قبل التاريخ.

حزين لأن أصدقائي ، سابقا، احتقروا ملايين المصريين الذين رفعوا الش...
رعية عن مرسي بعد عام من الخراب الاخوانجي، وأنصتوا لــ( الجزيرة ) التي تؤكد أن 30 مليونا تعني ثلاثين ألفاً.
حزين لأن أصدقائي المستنيرين، سابقا، انحازوا إلى قطر وتركيا وغزة والتيارات الارهابية في السودان والعراق وسوريا وليبيا وأفغانستان و .. ضد عسكر بلدهم وكأن هؤلاء العسكر جاءوا من كوكب عطارد، رغم أنهم كانوا في مواقعهم إبان حُكم الارهاب المتأسلم.
قولوا لي، يرحمكم الله:
ألم يكن العسكر عسكراً تحت حُكم المرشد، أم أنهم إذا استجابوا لصرخات الشعب أصبحوا ولاد ستين في سبعين؟
يا ببغائيو .. إنه انقلاب،
أليس فيكم رجل رشيد؟

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 12 يناير 2014

قداسة أوائل أجدادنا!


كل أجدادنا الأوائل، مهما كانت دياناتهم، كانوا بشراً يخطئون، ويصيبون. لم يكونوا كلهم من الملائكة والحكماء والعباقرة والمتقين والعلماء والفرسان النبلاء، لكن كان منهم أيضا قتلة وجهلة وأميون وقاطعو طرق.
رحلوا عن عالمهم ولم نعرفهم في عالمنا!
الحمقىَ الذين يحطــّــون من شأن أديان وتاريخ الآخرين لا يعرفون أنهم لو بحثوا، ونقبوا، وتأملوا في حقائق تاريخهم لخجلوا من أنفسهم ومن الأرض الت...
ي تحملهم.
كلنا، بدون استثناء، ورثنا عن أجدادنا الأوائل مباديء وقيما وأعرافا وحكما فضلا عن كتب مقدسة، لكننا أيضا ورثنا مذابح وتاريخ قتلة وغزوات واحتلالات وطغاة وأراضٍ ليس لنا حق فيها.
أكثر الحمقى بلاهة ذلك الذي ينتفخ، ويتفاخر، ويحاول أن يخرق الأرض زاعما أن تاريخ أجداده نظيف تماما!
لا تحاول أن تطعن أديان الآخرين، فالآخرون أيضا بامكانهم أن يجعلوك لا ترفع عينيك أمام نفسك في المرآه، مهما كانت ديانتك وعقيدتك ومذهبك، مسلم سني، مسلم شيعي، أرثوذوكسي، كاثوليكي، بروتستانتي، يهودي، بوذي، كونفشيوسي، صابئي، هندوسي، و ......
لا تُغضب الآخرين لئلا يستخرجوا من تاريخ أجدادك الأوائل أعمالا يخجل ويتبرأ منها إبليس.
بعد مئات السنوات من رحيلهم وضعناهم في مصاف الرُسل والصدّيقين والمتحضرين، وأعدنا إحياء أقوال قيل إنهم أورثونا إياها، وظننا، وأكثر الظن هنا إثم، أنهم مازالوا مُعلــِّـمينا وأساتذتنا في عالم لو حضر أحدهم مشهدا واحدا منه لخرّ صريعا من الخوف والفزع.
نعم، في عالمنا قتل وخداع وحروب ومخدرات واحتلال ومؤامرات والرقيق الأبيض والعنصرية والغزو والكيماوي والنووي و ... لكن في عالمهم كانت كل هذه الأشياء ولكن في صور شديدة البدائية.
لا أريد أن أقلل من قيمة أوائل أجدادنا( مهما كانت دياناتنا وعقائدهم) لكنني أيضا لا أريد تنزيههم وتقديسهم وجعلهم محور حياتنا، فلنا زمننا ولهم زمنهم.

لم يعرفوا ملايين الأشياء التي جاءنا بها العلم بعد جهد جهيد منا لمئات الأعوام ، فلماذا نستدعي آراءهم ونسقطها على زمننا، أو نحاول العثور على حلول لمشاكلنا في أفكارهم وكتاباتهم؟
لا أريد أن أطعن هنا في أيٍ من التاريخ الإسلامي والمسيحي واليهودي، لكنني أرغب فقط في أن أعيش عالمي وزمني وإذا رأيت من أوائل أجدادنا ما ينفعني، وسيكون قليلا طبعا باستثناء الكتب المقدسة، فأستعين به ولا أقف أمامه مبهوراً.

أيها الناس،
أوائل أجدادنا لم يتنزلوا من السماء، وربما لو شاهدنا حياتهم ( أعني حياة أكثرهم) لعدنا مهرولين إلى زمننا بكل ما فيه من قبح ودمامة وسيئات وجرائم تملأ الأرض وسماءها وباطنها.
دعونا نشكر الله أننا جئنا إلى الدنيا في زمننا، فالحنين إلى المجهول أوهام تستدرجنا إلى الخلف أو مغادرة زمن لم نتمتع بعد بمعجزاته.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 4 يناير 2014

سهرة الساذج والأحمق والجشع!


تشتري جهازاً لالتقاط القنوات الفضائية أو يكون لديك دش أو تشترك على قنوات الانترنتيت، ثم تكتشف أن هناك مئات القنوات العربية التي يتم اختصارها إلى مئة أو مئتين.

مسلسلات وأخبار وأفلام وشو وحوارات وتكرار لأفلام شاهدناها مئات المرات، ثم يطل علينا محمود سعد وخيري رمضان ووائل الإبراشي وتامر بسيوني ولميس الحديدي ويسري فودة وعمرو أديب وعماد الدين أديب وغيرهم ممن كانوا مباركيين...
ومشيريين ومرسيين فأصبحوا سيسيين.

بعد دقائق تهجم علينا إعلانات تدر ملايين على القناة عن البيتزا والسلاطة وجهاز التخسيس وتبرعات وبوية ومنازل نصف جاهزة بعربون صغير.
يظهر الإعلان الأول فيظن من دفع فيه مبالغ خيالية أن المشاهدين سيتسمرون أمامه، والحقيقة أن من كل عشرة مشاهدين يذهب فوراً تسعة منهم إلىَ قنوات أخرى، ثم يكرر نفس الأمر عدة مرات، وفي نهاية السهرة نكتشف أننا لم نشاهد حوارا كاملا أو فيلما أو حلقة، وأن الإعلانات لم تحقق شيئاً، وأن الحمقى من المعلنين دفعوا أموالا للمتلاعبين بالجيوب، وأن الساذجين، الذين هم نحن، لم يستفيدوا بقــِـشـْر بـَـصـَـلـَـة.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 23 ديسمبر 2013

هل لديك أسرار؟


 لديك تسجيلات، ووثائق، وأسرار تهدد باخراجها فتحرق من تريد، أليس كذلك؟
وماذا لو أنصت إليك ولم يهاجمك أو ينتقدك وعاد كالحمل الجبان إلى حجمه، فهل ستحتفظ بالاسرار والوثائق التي تدينه وتفضحه أمام الكون كله وتذهب به إلى السجن أو حبل المشنقة؟

أيها السادة الأنذال،
من يحتفظ بأسرار ولا يُخرجها ولا يعلن عنها فهو جبان ونذل وحقير إذا كان في إظهارها مصلحة الوطن.
إذا كنت تعرف جرائم مسؤولين وإعلام...
يين وقضاة ومثقفين وتحتفظ بها لنفسك فأنت لا تختلف عنهم، وحبل المشنقة يجب أن يلتف حول رقبتك أولا قبل أن يضغط على رقابهم.
بين ألفينة والأخرى يطل علينا من الشاشة الصغيرة أحد المبتزين زاعما أنه يعرف أسرار فلان أو علاقاته مع العدو أو تجسسه أو سرقاته وينتظر الوقت المناسب.
هذه قمة الوضاعة والخسّة والانحطاط!

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 14 يناير 2014

المشهد المصري إذا عاد مرسي!


علىَ الرغم من أنه خيالٌ فـي خيال، لكن دعوُنا نجعله واقعاً لبعض الوقت!
جحيمٌ يفتح فاه، والنار تشــّـوي الوجوه قبل أنْ تقترب منها أو تلفحها، والمقصَلة اللويسية تخجل أمام عودة المغول وهم يجوسون خلال كل شبر من أرض مصر، حاملين بين أنيابــِـهم فتاوىَ قطـْـع الرقبة وعليها ختم التفسير والتبرير والتعليل و.. رائحة الكتب العتيقة.

هل تتذكرون آية الله خلخالي عندما كان فخورا لأن صدورَ حُكــْـم الإعدام علىَ خصومه كان يستغرق دقيقتين أو .. أقل؟
انظر في الأرض جيدا لئلا تتعثر قدماك في رأس مقطوعة لعسكري شاب، أو ساق لإعلامي مناهض لأهل" المقطم" سابقاً، أو أنف مجدوعة لضابط أمن، أو عائلة قبطية تطابرت أشلاؤها، وستمر أيضا على مئات الكنائس المحروقة التي سوَّاها المــُـرّسيون بالأرض.
كل صور الانتقام يمكن أن تجد فيها، مصادفة ولو بشق الأنفس، لحظة أو برهة أو هنيهة من الإنسانية، إلا الانتقام باسم السماء لأن المكافأة ليست دنيوية فقط، إنما أخروية!

هل رأيت مُسلماً أو مسيحياً أو يهودياً أو بوذياً أو كونفشيوسياً أو صابئياً أو هندوسياً وهو يمزق جسدَ خصمه كأن نعيم الجنة لا يكتمل بعد موت القاتل إلا بقدْر عذابه؟
هل رأيت ســُـنـيـِّـا يفجر مسجدا للشيعة، وشيعياً يذبح مرضىَ في مستشفى يرقد فيه ســُــنــَّــة؟
في العام الأول كان انتقامُ جيش الأسد يبدو كأنَّ إبليسَ علىَ رأس قواته، وفي العام الثاني استعان الجيش الحــُـرُّ بالسماء، فاحتار السوريون بين الموت بعثياً أو .. جهادياً، بين قاتلٍ يُعـَـفـْـلق سلاحَه، وقاتل يقرأ الفاتحةَ قبل أنْ يبقر بطنَ خصمه.
مشهد مرسي وبديع والبلتاجي والزمر والشاطر والعريان وآلاف السجناء الهاربين وارهابيي الجماعات الإسلامية في سيناء واستيراد قتلة من النصرة والقاعدة وجــِـماع الجهاد، ثم يروّندون مــِـصرَنا، فتصغر مذابح كيجالي في 1994 حيث ذبح الروانديون مليونا من الروانديين في مئةِ يوم فقط.

لا أزكــّـي النفسَ في استشراف أحداث مستقبلية، لكن كتاباتي في ثلاثين عاما أو يزيد أقوم باسترجاعها، وأقرأها، وأعيشها كأنما كتبتها قبل أن آوي إلى فراشي مساء أول أمس، فأخاف من نفسي!

أيها المصريون،
لا تلعبوا لعبةً سخيفة وكاذبة تزعمون فيها أنْ مرسي إسلامي، وأنكم تريدون الشرعية وتطبيق شرع الله في الخلافة، فمن يؤيد عودة المجرم محمد مرسي ليس أكثر من دراكيولا في صورة مواطن يبحث عن العدل.
المطالبة بعودة مرسي ستظل كلمة السرّ من المتعاونين والطابور الخامس الإسلامي(!) لقوات الاحتلال الخارجية أنَّ الطريق إلى القاهرة سالكة، وأن الكوهينيين الجدد سيلصقون نجمة داود فوق زبيبة الصلاة، فالعبرية أيضا لغة الأنبياء.

كل يوم يمرّ يزداد يقيني بأنَّ فضَّ الاعتصام كان أطهرَ صلاة مصرية عسكرية ولو تخضبت بالدماء.
ما يقتلني غيظا هي المسكنة والمذلة والدموع التمساحية للرابعيين الصــُـفـْـر وهم يتحدثون عن موتاهم في اعتصام الجزيرة، خلف قناع رابعة العدوية، فمصر كلها كانت تستجديهم وتتوسل إليهم، والجيش يتحمل إهانتـَـهم إياه، وهم ينتفخون ويتنافخون، ويطوُلون ويتطاولون، ويكذبون ويتكاذبون حتى حسبنا أن منصتهم توالدت عدة منصات مصوبة صواريخها صوب الجيش المصري ، و ناحية قاهرة المعز من رابعتهم ودوحتهم وجبل صهيون وجبل الحلال السيناوي وجبل المقطم مع بركات تورا بورا، وأنَّ الخليفة سينقل مقـَـرَه من مدينة الألف مئذنة إلى قاعدة "العديد" العسكرية الأمريكية في قطر!

أنت لست في حاجة لتصيح بأنك تكره مصر وجيشَها وخيرَها ومستقبلـَـها وشعبـَـها، فيكفي أن ترفع أصفــَـرَك وأصابعَك الأربعة لنفهم إذا كان قلبُك يغتسل بالنهر الخالد أو .. يتملح بالبحر الميت!
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 3 نوفمبر 2013   

انتحروا عاراً!



الإنترنيت هو مصباحُ علاء الدين الجديد، فاسأله ما تريد لتجد أمامك معلوماتٍ لم تكن لتحصل عليها لو جلستَ تتصفح موسوعاتٍ لمدة ألف عام، لا تنام فيها الليلَ إلا قليلا.

ومع ذلك فبعضُ الحمقىَ وأكثر البــُـلهاء ينفون القسوةَ والغلظة والفظاظة والظلمَ عن أتباع دينهم أو عقيدتهم أو مذهبهم أو.. طائفتهم .

التاريخ بين أيدينا، ايها السادة، وجميعنُا، بدون استثناء، أحفادُ قــَـتَـلة، وأتحدى أيَّ شخ...
ص في أي مكان في الدنيا يستطيع اثبات أنَّ جدَّه الأعلىَ لمْ يقــُـم ْ، بدم بارد، بذبح إنسان بريء.
الأفضل لكل منــّـا أنْ يمشى علىَ الأرض خجلا من نفسه وغطرسته وعنجهيته وكبرائه، وظنه الكاذب أنَّ أجداده أبرياء من دم الذئب الأكثر براءة.

اخجلوا من أنفسـِـكم، ولا تتهموا أديان بعضكم البعض، ولا تـَـسُبّوا أنبياء الآخرين، واقرأوا التاريخ، ثم تأملوا فيه، ثم انتحروا عاراً.
لقد زادت مبالغة حمقىَ اتهام الأديان وتسويد صفحات أنبياء الآخرين ولا يستطيع أي منهم أن يرفع عينيه أمام شطر واحد من تاريخ أتباع دينه.
لا تــُـلقوا الحجارة على بيوت غيركم فكــُـلنا .. كلنا .. كلنا، بدون أدنىَ استثناءٍ نقيم في بيوت من الزجاج الهشّ.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 13 يناير 2014

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...