09‏/05‏/2016

الشيطان أيضا يستطيع أن يقرأ الفاتحة!


أرشيف في 11 ديسمبر 2012

يذكر التاريخ في هوامشه السوداء أن الدكتور محمد مرسي هو أول رئيس يمزق الوطن إلى عدة مقاطع، وفي عهده وصل المزاد الديني إلى أقصاه، وتمكن كل حافظ لآيتين من القرآن الكريم أن يخوض فيما لا يعلم، ويمسك سلاحه الأبيض لمطاردة المصريين الذين يختلفون مع حُكم المرشد، ويدخل مدينة الانتاج الاعلامي، ويســيّّر مظاهرات مضادة ضد مناهضي مرسي.
سيذكر التاريخ بكل أسف وحسرة أن المغول الجدد هم المنافقون الذين رفعوا راية الدين ليوهموا العالم أن الإسلام هو الإرهاب ورفض الآخر.

سيذكر التاريخ أن الدكتور محمد مرسي استعان بمليشيات دينية فاشية ليحمي منصبه، وأنه رفض اعطاء أوامر أو حتى الطلب من المرشد العام بتراجع مؤيديه لأنه أصلا في السلطة، والشارع للمعارضة أما القصر فهو لمريدي الرئيس وحوارييه ومستشاريه.
سيذكر التاريخ أن الدكتور مرسي تفوق على مبارك والمشير في احتقار مطالب الشعب رغم أن لسانه يقطر الاثنين معاً: العسل والسمّ!
سيذكر التاريخ أن الدكتور مرسي لم يكترث لمطالب الثورة قيد شعرة، وكان جل اهتمامه صناعة دستور غير توافقي يمنحه الصلاحية فلما زادت ضغوطات الشارع المصري استبدل الأحمر بالأحمر، وبدا كما قال الشاعر: كأننا والماء من حولنا .. قومٌ جلوسٌ حولهم ماء!
سيذكر التاريخ أن غطرسة وعنجهية وخيلاء وكــِبـْر الدكتور مرسي جعلت مصر ساحة صراع وانقسام واستعداد المصري لقتل أخيه المصري بحجة أنه لا يريد إقامة شريعة الله في الأرض، وهي نفس حجة القوى الإرهابية في السودان وأفغانستان والعراق وليبيا وتونس والجزائر ومالي ونيجيريا وإيران وغيرها، فهم يبسملون فوق السيف قبل قطع الرقبة، ويذكرون اسم الله بألسنة سبــّـابة، شتـّـامة، تكفيرية.

سيذكر التاريخ أن مؤيدي مرسي ليسوا عاشقي الشرعية، إنما هو هوس ديني وهمي بأن ملايين من المصريين المعتدلين والليبراليين والعلمانيين والمستقلين والخائفين من التحام المصحف والسلاح أقل مصرية وإيمانا، لذا تحول المؤيدون إلى ميلشيات كذوي القمصان السوداء والصليب المعقوف والفاشية في صورة المقدس.
إن انقسام القضاة كان نتيجة طبيعية للفساد الذي سرى في الجسد القضائي لأكثر من ثلاثين عاماً حتى بدا العدل مستحيلا.
إن رفضنا للرئيس مرسي لا يعني بأي حال من الأحوال قبولنا وجهاً واحداً من وجوه المعارضة العجائزية، فكما ذكرت مرات .. ومرات، أن في داخل كل معارض عاصر المخلوع والمشير ومرسي ولم ينبس ببنت شفة إلا على استحياء يهوذا يوسوس له بخيانة سيده كلما سخن المزاد ليكون الطريق إلى القصر أو المنصب أو الوزارة أو المال أقصر.

لا أثق إلا في الشباب، ونظرة واحدة إلى جبهة الانقاذ لا أرى للشباب مكاناً ولو ضيــّـقاً، وليس لي رأي في الدستور أو الاستفتاء فكلها أشياء قامت على باطل ولا علاقة لها من قريب أو من بعيد بمحاكمة عهدي المخلوع والعسكر، واسترداد مليارات منهوبة، والقصاص من القتلة وقناصي العيون والضباط الأطباء أصحاب كشوف العذرية .
مطالب الثورة اختفت حيث وضع السيد الجديد الدستور والاستفتاء للتغطية على جرائم ثلاثة عهود سوداء، المخلوع والجنرالات والاخوان.

كتبت من قبل بأنه ليس هناك فارق بين التيارات الدينية، والمسافة بين تيار وآخر ليست أكثر من فترة زمنية لوصول المعتدل إلى التطرف، وقفز المتطرف إلى مكان الارهابي، وتولي الارهابي مهمة ذبح أبناء بلده.
إن التيارات الإسلامية العاملة في مصر هي العدو الأول للمسلمين والإسلام، وحُسن النية المفترض يــُـعـَـبـِّـد الطريق إلى نار جهنم، والسذاجة ليست دائما بريئة، والاخواني كالسلفي والبرهامي والحازمي والشاطري والبديعي والظواهري وكل من يبحث عن غنيمة دينية في عالم السياسة، أو لمعان سياسي في المشهد الديني.

ميليشيات الجماعات الدينية تـُعــِـدّ مصر لمذبحة وطنية ستصغر بجانبها كل مذابح التاريخ الطائفية، ومن لا يقرأ في وجوه المتظاهرين المعجونة كراهية وقسوة وكاليجالية فهو لا يعرف شيئا عن مستقبل الشعوب في ظل مشاعر الفوقية الطائفية أو الدينية أو المذهبية.

إن من يزعم أنه استعان بالله قبل تطبيق حُكمــِـه الشرعي قد يكون توأماً للشيطان دون الافصاح عن صلة القرابة تلك، فشرع الله بعيد تماما عن أي صورة نراها الآن في المشهد المصري، إنما هو صراع ديكة على دجاجة لم تعد تبيض ذهبا أو .. فــِـضــّـة.
ما لا تفهمه حماقات المهووسين دينياً أن الثمن الكبير سيدفعونه هم، ومواجهة ملايين المصريين الغاضبين على إمارة التكفير القادمة لن يصمتوا أمام ميليشيات تظن نفسها في لبنان والعراق وأفغانستان، فمصر لن تحني أعناقها ليقطعها الساديون الجُدد.
الدكتور محمد مرسي قاتل يبتسم، ومخادع يحتضن خصمه، وواجهة لجماعة فاشية، وكاذب يُعيد الكذبة ثلاثَ مراتٍ ثم يجعلها دستوراً، ويكررها سبع مرات ثم يستفتي البسطاء عليها.

الساذج من سيــُـصوّت بــ(لا) أو (نعم) للدستور، والأبله من يظن أن قضية مصر في الدستور، والأهبل من يعتقد بأن انحيازه للميليشيات المسلحة ينضوي تحت الدعوى الدينية، وعدو الثورة من غض البصر عن مطالبها منذ 11 فبراير 2011 وظن أنها تبدأ مع حُكم المرشد، والمغيــّـب والمخـَـدَّر من جعله الساسة لا يتذكر اسم شهيد شاب أو الوجه الجميل البريء لابن لنا فقأ الأوغاد القناصة عينه.

الدستور، الاستفتاء، الجبهة الوطنية، الاخوان، السلفية، القضاة ، صندوق الانتخاب الذي انتهى إلى الاختيار بين مرسي وبين حسني مبارك ( تحت اسم أحمد شفيق) .. الخ كلها أشياء بعيدة عن المطالب الطاهرة والشريفة والحقيقية والشرعية والربانية لشباب ثورة 25 يناير ممن نزلوا ميدان التحرير في الساعات الأولى، أقصد في الدقائق الأولى لاندلاع الثورة.

لو كان الأمر بيدي لقلت، مع بعض المبالغة حُبــّـا قي الثورة والوطن، بأن من تأخر عن الالتحاق بثورة 25 يناير لمدة تزيد عما تحتاجه المواصلات أو المشي للوصول إلى ميدان التحرير ، فهو ليس من أبناء الثورة الحقيقيين.
يسألونني إذا كنت سأصوت في الاستفتاء على دستور صنعه لصوص الثورة، ومخادعو الشعب، وقاتلو أولادنا، والكاذبون على الله، وسجــَّـانو شعبنا القادمون بأنيابهم قبل ألسنتهم، فأشعر برغبة شديدة في صفع مُحدّثي على وجهه!

معذرة، فأنا لا أقع طوعاً في مصيدة نهاية المشوار كما وقع شعبنا ومثقفونا وقضاتنا وإعلاميونا فخاضوا في الحُكم على مبارك الذي صدر عن ثمانية عشر يوما، وتناسوا، عن حُسن أو سوء نية، ثلاثين عاماً أسقطها المستشار أحمد رفعت والمشير والمجلس العسكري اعتماداً على بلاهتنا في الثقة المطلقة بقضاء فاسد.

هل أنا مع أو ضد الدستور؟ هل أنا مع أو ضد الاستفتاء؟ هل أنا مع جبهة الانقاذ أم مع الشرعية (!) التي يمثلها زوراً وبهتانا الدكتور محمد مرسي، واجهة الاخوان والتيارات التي ستلتحق بهم؟
الحقيقة أنني لم أتحرك بعد من 11 فبراير 2011 ولم أبرح المكان والزمان والهدف والربيع الطاهر، فما زلت أصفق لشبابنا ولا أسمع لمن جاءوا بعدهم إلا عواءً وزمجرة وصرصرة وثرثرة ونقيقاً ...!
أبحث عن زمن جميل قبل 25 يناير وبعد 11 فبراير 2011 فلا أعثر على مشهد واحد يُدخل الغبطة إلى نفسي حتى لو كان مُتــَـصـَـدّروه معارضين مُخضرمين أو مناهضين باسم الله، فالشيطان أيضا إذا أراد الوسوسة لا يمانع في أن يبدأ باسم الله تسهيلا لعمله وخداعه.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
Taeralshmal@gmail.com
أوسلو في 11 ديسمبر 2012

حوار بين المشير و... المخلوع!

أرشيف بتاريخ 15 مايو 2012
المخلوع للمشير: إياك يا طنطاوي أن تلين وتجعل الشعب هو الذي يختار الرئيس الدمية!
المشير: نحن تلاميذك سيدي المتهم، ولو رأيت المشهد الانتخابي المصري لافتخرت بي ما بقي لك من عمر قصير أو .. طويل.
المصريون في الداخل والخارج تركوا الثورة ومطالبها ودماء أبنائهم وعيون أولادهم المفقوءة وملياراتك المنهوبة ومئة وستين ألف بلطجي ومسجل خطر، وجعلوا يتناقشون فيمن يصلح أن يصبح رئيساً لمصر.
المخلوع: لقد سمعت أن سويسرا ضغطت على مصر حتى تتسلم مئات الملايين من الأموال التي كانت مجمدة، وأنت تعرف يا طنطاوي، أنها من عرق جبيني أنا والمدام والأولاد.
المشير: أموالك في الحفظ والصون، ورجالك فوق رؤوسنا، وعمرو موسى وأحمد شفيق وضعا أصابعهما في عيون المصريين ويحاولان إنتاجك من جديد.
المخلوع: لا تنس أنني صنعتكم لثلاثة عقود، وتعلمتم علىَ يديّ أصول الطغيان، فلا تفرطوا في تعاليمي.
المشير: ونحن حافظنا عليك بعد الخلع والخُلع منتجــِـعاً في شرم الشيخ، وراقدًا في مصحة فاخرة، ومنقولا في هليكوبتر لتكمل نومك في المحكمة، ولم تدفع قرشا واحدا من تكاليف المحاكمة.
ورجالك يمرحون ويرتعون في كل مكان.

المخلوع: أحَذرك أن تقبض على قاتل أو بلطجي أو قنــَّـاص عيون، أو يجبرك أحد على تقديمهم إلى المحاكمة، فقد تعبت في تربيتهم.
المشير: ألا تثق بي، سيدي الرئيس المخلوع؟ هل تناهىَ إلى سمعك أننا قبضنا على مسجل خطر، أو أعدنا هاربا إلى السجن، أو صادرنا مطواة قرن غزال من بلطجي؟
المخلوع: الرئيس الدمية القادم يجب أن يعرف حدوده، وأن لا يستعرض عضلاته، لكن لا مانع من منحه حرية حركة بسيطة دون أن يستأذنك! كأن يذهب إلى الحمــَّــام، أو يجامع زوجتــَّـه، أو لا يتناول طعام العشاء، ما عدا ذلك فهو مِمَّنْ ملكت يداك، يشهق بأمرك، ويزفر بتوجيهات الجنرالات!
على كل حال فأنا راض عنكم، وزوجتي تبلغني أنها تستطيع أن تقوم بتحويل أي مبلغ من قبرص إلى بريطانيا، ومن سويسرا إلى أمريكا!
المشير: ستسمع منــّـا قريبا، وبعد انتخاب الرئيس الدُمية، نعيَّ الثورة المصرية، أو العيال الذين أطاحوا بك.
المخلوع: هذا عشمي فيكم، وتذكـَّـر إنَّ الثقبَ في ذاكرة المصريين أكبر من فتحة الدويقة تحت جبل المقطم، حتى أنهم نسوّا تصديرَ الغاز لإسرائيل بعد المنع الصوري، وتهنئتهم إياك، ثم عاد التصدير إلى أصدقائي في الدولة العبرية.
المشير: إنني أعــِـدّ لك مفاجآت ستجعلك تعود إلى شبابك أو يعود شبابك إليك فتصبح صبياً كأنك خارج لتوك من مرحلة المراهقة.
لن يسترد العيالُ ثورتهم ما دمت حياً، فالشعب المصري أصبح ثلاثاً وسبعين فرقة، وثلاثة عشر مرشحاً للرئاسة، ولا تجتمع فرقتان إلا لعنتا الثالثة.
لكنني أتركهم الآن ليتمتعوا قليلا بديمقراطية الجنرالات الممهورة بتوقيعك، وعندما يتسلم الفلولي الأصيل مقاليد الحُكم، ظاهريا، لن يبقى في أيدي المصريين غير الندم على تفريطهم في مطالب ثورتهم.
أتركك الآن، سيدي المخلوع، تنام قليلا فالأيام القادمة حُبلىَ بما لا يخطر على بال إنس أو..  جان.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 15 مايو 2012
Taeralshmal@gmail.com

رسالة اعتذار لسيدنا الرئيس حسني مبارك!

أرشيف منذ 13 سبتمبر 2013 
لعلك انتظرت هذه الرسالة ردحا من الزمن كواحدة من نصوص العبيد الذين يزداد دائما شوقهم إلى السيد الأول فهو كالحب الأول مهما تنقــَّـل ظهرُ العبد من كرباج إلى آخر تظل اللسعات والضربات التي تحفر أخاديد في الظهر شاهدة على الحنين إلى العبودية المختارة.

أحسب أنك خـَـبـَـرتَ قلمي فقد وضعتُ أنا سِنـَّـه الحادَ في عينيك لربع قرن أو يزيد، وفضحت طغيانك وجهلك وغباءك وقسوتك وساديتك في مساحة من الصمت في محمية من صفوة العلماء والفقهاء والقضاة والمحامين والإعلاميين والمثقفين، إلا من رحم ربي فألهمه الشجاعة مع الإيمان و حب الوطن.
سنوات ثلث العُمر تقريبا قضيتها وأنا أكتب وأنشر وأربط كل معركة مع طغيانك وكلابك وحيتانك بأخرى تسبقها أو تلحق بها، لكن أملي كان أقرب إلى سدرة المنتهى من قوته ووهجه، وكل عام أستبشر بأنه عام سقوطك ثم أقوم بترحيل الحلم إلى العام التالي لعلي أراك كما وصفت بالتفصيل في مقالي ( وقائع محاكمة الرئيس حسني مبارك).
عندما حرمتني من زيارة بلدي وأهلي وأحبابي لأحد عشر عاما انتابني فضول في أول زيارة خلال شهر مايو 2011 لأقوم بتهنئة شباب الثورة، وسألت من عندهم علم بالأسرار والأمن ظنا مني أن مباحث أمن الدولة هي التي وضعت اسمي في المترقب وصولهم، فإذا بالمفاجأة غير المفاجـِـئة: الذي أمر بوضع اسمك في القائمة السوداء للمترقب وصولهم كان مبارك شخصياً، فقد أوجعته كتاباتك، وحملاتك للعصيان المدني، وموقعك الخاص بحشد المصريين للاطاحة بالرئيس، ومجلة طائر الشمال وغيرها ,, وغيرها.

سكن ميدان التحرير صدري، وسكنته أحلامي، فأصبحت سنواتك العجاف مداد قلمي، وتابعت عن كثب كل صور الإيلام والتعذيب والسرقة والنهب والظلم والبغي التي غطيت أنت وأسرتك بها وادي النيل حلايباً وشلاتينا وثغراً مروراً بقاهرتنا التي قهرتـَـها ثلاثين عاماً فلاذت بالصمت، ربما انتظاراً للخامس والعشرين من يناير.
لو اجتمع إبليس وذريته من الجن وتلاميذهم من الإنس للتخطيط لما بعد خلعك ما استطاعوا أن يحاكوا هذه الخطة الجهنمية، التي ظهر في هوامشها كأنهم من صلبها جنرالات، ومشير، وأحزاب، وقيادات، وقضاة، ومحكمة، وشهود، ومشفى فاخر، وبنوك عربية وأجنبية، وإعلاميون سلوليون صنعهم النفاق، وباعهم الجبن لكل من عمل معك ولو لوقت قصير.

لو رسمت المشهد الآن بتفاصيله لوجدت في كل حواشيه شيطانا يرقص عارياً، فكل الخطوط حمراء، وكل الحملان صامتة، وكل الذئاب جائعة، فلا أحد يقترب من مليارات نهبتها من جيوب أطفالهم، ولا أحد يقوم بتصوير حياتك وحياة كلابك في ( طره ) أو في المستشفيات الفاخرة، ولا ضمير واحد، واحد فقط، لقاض أو مستشار أو نائب عام أو رئيس محكمة دستورية أو مسؤول كبير أو جنرال في الجيش أو الشرطة أو أعلى رجل دين كان بامكانه أن يطالب بمحاكمتك عن ثلاثين عاما قضيتها وأنت تجهنم مصر وتجـْـحـِـمها وتقبـْـرها وتقـزِّمها.
كل الناس، أو أكثرهم، ختم الله على عيونهم غشاوة أن ترى أبعد من أرنبة أنفها، فأنت كنت الأول والآخر، والظاهر والباطن، والأكبر والأبهى حتى وأنت تجيب على المستشار، سيء اللغة، أحمد رفعت، بعدما قرأ ستين ألف صفحة فبرَّأ جمالك وعلاءك، وقبل ذلك اتفقت سوزانُك، أم الوريث ومحرضته، مع السلطة في كل عصورها المشيرية والمرسية والحاضرة أنْ لا يقترب أحد منكم.

المهيمنون على المسرح يعلقون بين أصابعهم خيوط العرائس، والمشاهدون، أذكياؤهم وحمقاهم، لا يبحثون عن الخيط ويظنون أن العرائس تتحرك من نفسها.
ولعب تلميذك المشيرطنطاوي دوره بمهارة فائقة فغطى على جرائمك، ومنحك الفرصة عدة أشهر في شرم الشيخ لكي تدبر أمر برائتك، وتخفي أموال شعبك المنهوبة، ثم قام بتسليمك لأسوأ قضاة العصر في جريمة القرن، فأغمض عينيه، وجاء المبررون، اخوان الشياطين، يتحدثون عن القضاء الشامخ والنزيه، وعن أن الرجل يقرأ ما أمامه من أدلة تدينك رغم أن كل حبة رمل في مصر تلعنك، وتبصق في وجهك.
سيدي الرئيس،
وكنت أنت محقاً في أن من تأمر باغتصابه سيعود إليك متوسلا أن تغتصبه مرة أخرى، ومن تدس أنفه في التراب سيأتيك راكعا وساجداً تحت اسم ( أبناء مبارك ) أو ( إحنا آسفين يا ريس )، فلما جاء عهد أحفاد البنا وتعلق في ذيولهم المتطرفون والارهابيون والقاعديون ومن تحصن في سيناء المحررة، وحكم مصر متخلف عقليا، ومعاق ذهنيا، ومتطرف طائفيا جعل البلهاء في خلال عام يتحسرون ويندمون ويتشوقون لكفك فوق أقفيتهم، وأسدل الستار على أخبث واسخف وأحط وأبلس مشاهد مصر منذ بناة الأهرام.

هل تصدق، وأظن أنك تعرف، أن العبيد يرسلون إليَّ مستفسرين عن سبب كراهيتي لك وهل هو ثأر شخصي بيني وبينك، وليس بين المصرين وبين مخلوعهم اللعين.
هل سمعت عن شاة بعدما مزقها الذئب، وافترسها، وغرز كل أنيابه في جسدها الرقيق، تعود إليه باكية، وادعة، حزينة، وتطلب منه أن يعيد إليها الحياة ثم يفترسها مرة أخرى؟
إنه الحال الآن، ورجالك وكلابك ( أحيانا لا استطيع التفرقة بين الرجل والكلب) قفزوا من جديد وكلما فتحت صحيفة ورقية أو الكترونية أو أطل عليَّ وجه من الشاشة الصغيرة وجدت أحدهم أو بعضهم في خطاب مستتر أو مفضوح، يمهد الطريق لك، ويلـَّـمعك، ويؤهلك لاستعراض حرس الشرف من جديد، فطعم الأحذية بعد لعقها ثلاثين عاماً يظل عالقا في شعيرات اللسان كأنه منها.
سيدي الرئيس،
أعترف لك رغم كراهيتي لاسمك وعهدك وجرائمك وشيطانيتك وكل يوم من حُكمك اللعين أنك كنت أذكي وأحنك من الدولة كلها، وقضيت فترة محبسك طليقا في مشفاك الفاخر، ودفعنا ثمن علاجك، والتزمنا الصمت حيال ملياراتك التي نهبتها منا، واشتريت الضمير المصري بثمن بخس أو بخوف رخيص أو بذاكرة مثقوبة، أو ببلادة لا يفرق معها أن يتم اغتصابها جهرا أو سرا، تتلذذ أنت وكلابك بفضلات أمعاء أطفالها الجائعين خفية أو علانية.
إذا مت، لعنك الله دنيا وآخرة، فستخرج جنازتك في استعراض عسكري مهيب، ولن يفهم طفل واحد في أي مدرسة في القرون القادمة شيئا وهم يحدثونه عن أخبار مصر في عهدك الجائر.

سيدي الرئيس،
لم أكن أعرف انك ستضحك في النهاية، وأنني سأعتذر إليك رغم أن كراهيتي لك تضاعفت، ولكن الأمة كلها صفحت عنك، والضمير الذي اشتريته ارتشفناه مع مياه النيل، والذاكرة المثقوبة بمليون مظاهرة مليونية، والصلاة لرب العالمين لم تحرك بين جوانحنا ذرة يقين بأنه، عز وجل، الأكبر.
منذ خلعك الظاهري نشرت عشرات المقالات والاستجداءات والتوسلات لمحاكمتك عن ثلاثين عاما، ولاسترداد أموالنا، وللقصاص عن ربع مليون مصري مروا على زنزانات سجونك السوداء، ورجال اغتصبهم رجالك في أقسام الشرطة بأمرك، وفساد نخر في عظام الأمة، وبيع لأراض وسرطنة طعام وتسميم مياه وأفكار وثقافة وإعلام، وشهداء بالمئات، لكن مصر ومصرييها ضجروا، وأصابهم الملل من تكرار حديثي، وكرهوا تذكيري إياهم بأن ظهورهم ما تزال ملتهبة من لسعات سوطك.

سيدي الرئيس،
المصريون منشغلون بالتكفير والتكفير المضاد، وبالرابعيين، وبشهداء من جنودنا الغلابة في العريش وسيناء وغيرها، لذا فهم لا يقتربون من لعنتك الفرعونية غير المحنطة، فالاقتراب يحتاج إلى ضمير، والضمير غائب، ورجالك في الإعلام، والأسماء التي كانت تعبدك عادت إليها أعمدة الصحف، وبعض الناس تتمنى أن تعود إليها لتتبول فوق رؤوسها كما فعلت طوال ثلاثة عقود.
أصحاب النار في الآخرة يبررون في الدنيا كل أفعال الشياطين، وقد خرجوا من كهوفهم ولم يعد يخلو مكان من أحدهم.
رجالك يحصدون جوائز في التمثيل فمنهم من أعتلى منصة لجنة تعديل الدستور، ومنهم من أصبح وجهه أكبر من الشاشة الصغيرة، ومنهم من يقهقه تهكميا على من يتحدث عن الضمير اليقظ.

عندما زرت مصر لأول مرة بعد حرمانك إياي سنوات طويلة واستقبلني شباب الثورة وهم في عمر أولادي ظننت أنك انتهيت، وأن الرسالة السماوية نزلت من جديد على ميدان التحرير، فاختطفها المشير، ثم سلمها لجماعة إرهابية كانت محظورة فأصبحت محظوظة، وخرج الشعب كله، تقريبا، يلعن مرسيهم وبديعهم وشاطرهم وعريانهم، ومع ذلك فجنرال لا يشبه المشير في شيء استجاب للشعب، لكنه لم يحرك ساكنا بعد في اعادة خلعك وضم المشير إليك والحاق مرسي بكما في زنزانة واحدة.

سيدي الرئيس،
قل لي بربك، إن كنت تؤمن بالله، كيف استطعت أن تشتري ضمائرنا كلها دفعة واحدة، حتى أقدم إليك اعتذاري الشديد عن ربع قرن من عمري قضيته في تعريتك فإذا بي أكتشف أننا نحن العراة؟
 
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 10 سبتمبر 2013
Taeralshmal@gmail.com
 

حكايتي مع نيلسون مانديلا ومنصف المرزوقي!

أرشيف منذ 18 سبتمبر 2004
الرجاء النظر إلى المقال وفقا لزمنه.
عندما استضافت العاصمة النرويجية أوسلو في الخامس والعشرين من أغسطس عام تسعين مؤتمر ( الكراهية ) الذي حضره المناضل الكبير نيلسون مانديلا والرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر والتشيكي فاكلاف هافل والكاتبة جنوب الأفريقية نادين جوردمير والكاتب الفرنسي ايلي فيسيل، كان مانديلا على وعي تام بكل ألاعيب السياسيين الكبار خلف الستار على الرغم من أنه اعتزلهم سبعة وعشرين عاما خلف القضبان.


من العرب حضر اثنان فقط: الصحفي الفلسطيني حنا سنيورة والكاتب التونسي الدكتور منصف المرزوقي الأستاذ بكلية الطب، جامعة سوسة، رئيس رابطة حقوق الانسان في تونس ( سابقا ).
كان الاحتلال العراقي للكويت في أسبوعه الرابع، والعالم كله في انشغال شديد باستنباء ما يدور في ذهن طاغية بغداد ولكن هناك قوى ثانية كانت تلعب في الناحية الأخرى من المسرح الدموي وهي لجنة للسلام يترأسها الكاتب اليهودي ايلي فيسيل الحاصل على جائزة نوبل.
فشلت كل المحاولات لتوريط نيلسون مانديلا لكي يدير وجهه ناحية ( الكراهية ) في الشرق الأوسط ليخرج المؤتمرون بنتيجة تصب في صالح الكيان الصهيون،, فقد كان مدركا لكل ما يدور خلف ظهره، وتحدث هو عن ( الكراهية ) في العالم كله، من جنوب أفريقيا إلى أمريكا اللاتينية.
ألقى الدكتور منصف المرزوقي كلمة عن الحضارة العربية الاسلامية وسط ذهول ودهشة واعجاب وحسد لف القاعة كلها، فكانت وثيقة مشرقة ومضيئة ورائعة، وتحول الحاضرون ناحية هذا العربي الذي خطف الأضواء، وقدم الفكر العربي الاسلامي في صورة راقية ومتسامحة وواقعية منطلقا من التاريخ والجغرافيا، ومتوقفا كثيرا عند فلسفة الرؤية الانسانية لهذا الفكر الديني العميق.
في اللحظة التي شعر خلالها الدكتور منصف المرزوقي أن الأمور تسير في غير صالح الحق الفلسطيني انسحب من القاعة مرفوع الرأس كأنه عربي قادم من زمن الفرسان النبلاء.

وفي كلمته لم ينس ادانة النظام الارهابي لطاغية بغداد، وطالب بانسحاب فوري من الكويت دون قيد أو شرط.
طلب مني الدكتور المرزوقي أن التقط له بعض الصور وهو يجري حديثا مع نيلسون مانديلا، وبعد ذلك تقدمت أنا من المناضل الكبير الأكثر تواضعا من كل من قابلت من الكبار، وأجريت لقاءً سريعا تركز على دوره في اقناع صدام حسين بالانسحاب من الكويت.
عرض نيلسون مانديلا أن يسافر فورا إلى بغداد، قائلا بأنه يحب العرب ويحترمهم، وهو قادر على اقناع الرئيس العراقي بسحب قوات الغزو فورا من الكويت.
أرسلتُ الحديث إلى الأستاذ ناصر العثمان رئيس تحرير صحيفة ( الشرق ) القطرية آنئذ، وتفضل بنشره في الصفحة الأولى في صباح اليوم التالي، ولكن القوى الخفية قامت بالتعتيم على عرض نيلسون مانديلا، ولم يتصل به أحد طالبا عرض وساطته، أو محاولا التعرف على نهجه الذي كان سيتبعه لاقناع صدام حسين بالانسحاب من الكويت، طواعية أو اضطرارا.
كان قد حضر أيضا مؤتمر ( الكراهية ) كل أعضاء الحكومة النرويجية المهتمين بالدور النرويجي في السلام الدولي، ومنهم رئيسة الوزراء السيدة جرو هارلم برنتلاند ووزير الخارجية شل ماجنا بوندفيك ( رئيس الوزراء حاليا ).
عاد الدكتور منصف المرزوقي إلى تونس واستقبلته وسائل إعلام الديكتاتور زين العابدين بن علي بحملة اعلامية ظالمة تتهمه بأنه كان يحضر مؤتمرا صهيونيا، وأبدى تعاطفا مع القوى المعادية للعرب.
كانت الحملة غير نظيفة بالمرة، وتضرب تحت الحزام، خاصة وأنها جاءت بعد بيان اتحاد الكتاب التونسيين الذي قام فيه موقــّـعوه بتقديم التهنئة لطاغية بغداد على " ضمه المحافظة التاسعة عشر إلى الوطن الأم .. العراق "!
كانت تونس كلها، من قيادتها العليا إلى أصغر مثقفيها متعاطفة تماما مع الغزو العراقي لدولة جارة آمنة ومستقلة، أما المباديء والقيم والأخلاق ورفض الاحتلال والتنديد بالنهب والسرقة والاغتصاب والغاء دولة عربية من على خريطة العالم فكانت أمورا ثانوية بجانب قيام توسعة أرض الخوف في جمهورية الرعب العراقية لتشمل الكويت الآمنة.
غضب المثقفون التونسيون والاعلاميون وكان غضبهم نتيجة طبيعية لعدم رضا السلطات العليا عن نهج الدكتور منصف المرزوقي الذي دان الغزو والارهاب والاستبداد، وهو المهموم بحقوق الانسان، والمدافع عن حقوق التونسيين في الحرية والكرامة والعدل.
تأثر الشرفاء سلبا بالحملة الظالمة على الدكتور المرزوقي، ولم يصدق أحد أنه كان يمثل الوجه المشرق الرائع للمثقف العربي في مؤتمر استقطب زعماء كبار وصانعي قرار من العالم كله.
أرسلت له بعد فترة رسالة مطولة بسطت فيها مشاعر الفخر والاعتزاز التي جعلتني أستمع بكل الاعجاب لكلمة وطنية مليئة بكل المعاني القيمة لحضارة التسامح ، وشكرته على موقفه المناهض للصهيونية وللاحتلال العراقي لدولة الكويت، ثم أرفقت الصور التي التقطها له مع نيلسون مانديلا.
تلقيت بعدها رسالة شكر يبلغني فيها الدكتور منصف المرزوقي بأن رسالتي نزلت عليه بردا وسلاما، وجعلها شهادة موثقة لكل الذين اتهموه ظلما وبغيا وعدوانا وزيفا وجهلا بأنه اشترك وساهم في ترويج الفكر الصهيوني.
إن السلطة الرابعة ترتكب جريمة نكراء عندما تُطوّع القلمَ لرغبات السلطة الأولى، وتختلط الأمور، ويتسلل الباطل خفية إلى ظاهر الحق، وتبدأ عملية التزوير في أوراق الوطن.
كم تمنيت أن يستمع كل عربي إلى الدكتور منصف المرزوقي في ذلك اليوم ليتعرف على نقطة ضوء في عالمنا الفكري المليء بمساحات هائلة من الظلام الدامس.
تهنئتنا القلبية إلى المناضل نيلسون مانديلا في عيد ميلاده الخامس والثمانين، وتحية إلى المناضل المثقف الحر الدكتور منصف المرزوقي في منفاه بعيدا عن الوطن الطارد لأبنائه الأحرار.

محمد عبد المجيد
رئيس تحرير مجلة طائر الشمال
أوسلو النرويج
18 سبتمبر 2004
Taeralshmal@gmail.com

حوار بين مرسي و... السيسي!

أرشيف
أوسلو في 5 ديسمبر 2014 ( معرفة تاريخ المقال مهم لدى التعليق أو اللايك)

في لحظة من لحظات التجلي العسكرية الموسومة بالشجاعة، قرر الفريق أول عبد الفتاح السيسي زيارة السجين الهارب والعائد إلى زنزانة جديدة محمد مرسي. اهتزت الأرض تحت الأقدام، واعتدلت رؤوس الحراس، وأخذ المرافقون مواقعهم عندما كانت عيونهم ترصد كل حركة ولمسة وهمسة.
دخل السيسي ولكن مرسي لم يتحرك من مكانه، فهو الرئيس الشرعي حتى لو قضى بقية عمره في قبو محشورة داخله زنزانة أضيق من قفص السيرك وأكبر من القفص الصدري.
هربت ابتسامة الوجهين، وكان الحوار التالي:


مرسي: كيف سمح الحراس لك بالدخول رغم أن لديهم تعليمات مشددة مني، كرئيس للدولة، أن لا يقوم إنقلابيٌّ مهما كانت النسور والنجوم فوق كتفيه بزيارة زنزانتي؟
السيسي وقد انفرجت شفتاه عن ابتسامة نصف ساخرة: هل مازلت تعيش في هذه الأوهام رغم عشرات الملايين الذين خرجوا يستجدون القوات المسلحة الإطاحة بك وبنظامك الطائفي البغيض؟
ألست خجلا من نفسك بعد فشل ذريع استمر عاماً كاملا كدت تهوي بمصر إلى الحضيض، وتعيدها إلى العصور الوسطى؟
كنت صورة كوميدية لرئيس الدولة، وكلما زرت بلداً، خسرناه. وبرنامجك في الزيارات لم يخرج عن التسول والتهريج ورسم صورة قبيحة للخليفة الوهمي الحائر بين استانبول وواشنطون و غزة.
راجع خطبك جيداً، وتأمل في فحواها، وتفحص معانيها، فسيدهشك كم الغباء فيها، وأنت في الواقع لم تكن رئيساً، لكن زعيم عصابة أو جماعة، وهل هناك فارق بينهما؟
لو كان هناك شيء إيجابي واحد في فترة حُكمك المشؤومة لما تجرأ عسكري مصري، ضابط أو جنرال، على الوقوف في وجهك.
أتذكر ذلك الخطاب الذي هتلـَـرك وموّسـَـلـَـك فكأني بك نسخة دينية من تمازج ديكتاتوري جمع الصفات السيئة في الطغاة ونثر عليها كلمات مقدسة لتبدو خطبة خلافة، فإذا هي خطبة وداع.

محمد مرسي: لم أكن أعلم أن الفصاحة ميرية، وأن اليونيفورم يعلمنا مباديء الديمقراطية، وأن الجيش يتعفف عن البساط الأحمر في القصر فيعود مهرولا إلى الثكنة.
نصف عام وأنت تملك الشرعية الشعبية والجيشية، ومع ذلك فالبلطجية يحتلون الشوارع والطرقات، والمسجلون خطراً يقتحمون المساكن والبيوت الآمنة وينزعونها من ساكنيها، والقضاء كما هو.. أفسد من سوس، وأكذب من سلول، وهو في عهد مبارك نسخة قديمة من عهد المشير، وهو في عهدي نسخة سابقة ومطابقة للعدالة المفقودة في عهدك.
كل قائد منا، مبارك وطنطاوي ومرسي والسيسي، نعشق المديح، ونقرّب إلينا المتزلفين وماسحي الجوخ وأكلي السحت على موائد الحُكام.
أشار صندوق الانتخاب عليَّ فائزا، وأشارت عشرات الملايين من الجماهير عليك قائدا يطيح بي، فظل الحال كما هو عليه في أكثر من ثلاثين عاما.
المشير قام بتهريب المخلوع إلى شرم الشيخ بعد ثورة يناير ليتمكن من إخفاء جرائمه المالية والهبرية، وجئت أنا فأمرت أن لا يقترب أحد من أموال الشعب المنهوبة، ثم جئت أنت ولم يسترد الشعب قرشا واحدا من أمواله.

السيسي: لسانك يقطر كذبا رغم زعمك أنك تُسـَـبِّح اسم ربك ليلا ونهاراً، وأنت تنتمي إلى جماعة أخذت الوطن من الصف الأول ووضعته في خلف الخلف، وأنتم مهووسون بين الفوقية الدينية والدونية الأمريكية رغم الصياح ضد واشنطون في الشارع والمسجد، ثم يكتشف شعبنا أنكم كنتم المتحالفين الأقرب إلى سيدكم في البيت الأبيض.
مبارك نهب الدولة، والمشير نهب الثورة، وأنت سرقت الدين، وأنا أخرجني حب الشعب الذي غطى الأرض المباركة .. أم الدنيا باستغاثات واستجداءات لأنقذه من براثنكم.
سنة كاملة وأنت تعيش على بيع الأوهام في أحاديث هلامية، وظللت تلعب دور رجل الدولة رغم أن امكانياتك لا تخرج عن رئيس على حفنة من العمال في مصنع خاسر بقرية نائية لا يعرف موقعها على الخريطة إلا عمدتها وشيخ الخفر!
كان المصريون يخجلون منك إذا جاءك ضيف، وتحمَّر وجوههم إذا استضافك زعيم دولة. كان لغز نجاحك واحدا من الطلاسم التي ستُحير المؤرخين لقرون قادمة وسيكتبون عن" شفرة مُرسيتشي!"، فثلاثة عشر مرشحا متناحراً، منهم فلوليان، منحوك فرصة العمر لتنافس في التصفية النهائية الرجل الذي تتلمذ على يدي مبارك، فأرسلت السفيرة الأمريكية إلى أوباما تبشره أن الاخوان اقتربوا من القصر، وأن مصالح العم سام آمنة، وأن العهد الذهبي للدولة العبرية قادم مع أول رئيس اخواني يكشف نجمة داود تحت زبيبة الصلاة.
لم يُصَدق شعبنا أن عَقد التجسس يمكن أن يخفيه أحد تحت المصحف الشريف، وأن ترجمة كلمة المرشد هي كوهين، وأن تحالفاتكم في التنظيم الدولي للاخوان كانت تهدف لاسقاط بلد موّلد الجماعة على يد البنا ثمرة ناضجة في حجر القوى الدولية، لذا عندما استعانوا بك وسيطا بين حماس وتل أبيب، نجحت على الفور رغم أن صديق الجميع ليس صديقا لأحد.
في أقل من ثلث فترة حُكمك العتمة انتقلت بؤر الأرهاب إلى سيناء التي دفعنا ثمنا غاليا فيها، ولو كنت تركتك عاما آخر لكان المصريون يُذبَحون على الهوية في الطرقات والحواري بسكاكين تم استخدامها من قبل في غرب ليبيا وشمال سوريا ووسط العراق وعلى جبال كابول وفي أدغالٍ نيجيرية يحتلها بوكوحرام.

مرسي: العجيب في حديثك عن السلام أنك لم تشر إلى اعتصام رابعة والنهضة، وكيف قتلتم بدم بارد مؤمنين مسالمين لم يفعلوا أكثر من احتلال منطقة سكنية كمقدمة لعودتي خليفة لهم. كل المظاهرات فعلت مثلما فعلنا، وأزحنا السواتر، ونزعنا طوب الأرض، وأقمنا حمامات ومطابخ ودورات مياه وأدخلنا أسلحة ورفعنا منصة للخطابة نتحدى من خلالها، وهذا حق لنا، الجيش والمعارضة، فالحُكم باسم الله لا يعرف المهادنة، وإذا كنتم تعيبون علينا إجبار الأطفال على حمل أكفانهم فهذا كذب لأن أولياء أمورهم هم الذين جاءوا معهم آملين أن تقتلوهم فيرسلهم مَلك الموت إلى الجنة.


لقد تعجَّلتم القضاء علينا وإستعادة الحُكم العسكري لمقاليد السلطة، وكان يمكنكم التفاوض معنا، واستخدام طرق أقل وحشية من القتل خاصة وأنه كان معنا نساء وأطفال.

السيسي: أراك هرمت نصف قرن في نصف عام، فأنت كغيرك من قيادات الجماعة، تكذبون على الشعب وعلى أنفسكم وعلى الله.
المنصة تشهد أن قتلة اعتـَـلوها فاعتـَّـلــوها، وأن إرهابيين استخدموها، وأنها كانت كالسيارات المفخخة ومع ذلك فقد صبرنا عليكم صبر المرسلين، وتحملنا السخرية والاهانة والاتهام بالضعف آملا في أن تنفضـّـوا وتعودوا إلى بيوتكم.
كان سكان المنطقة يبكون أمامنا وهم لا يستطيعون الخروج من بيوتهم، ويتعرضون للاستفزاز والتحرش الجسدي، وينام إرهابيوكم في مداخل البيوت.
أمامكم على اليوتيوب أفلام مسجلة وواضحة تكفي لأن نـُـهدي رقابَكم لعشماوي، وأجسادكم لحفـَّـاري القبور ومنهم إلى ديدان الأرض، وكنتم تهددون، وتتوعدوننا بالموت والسحل حتى أن أحدكم أقسم أنه سيعلقني من رقبتي على جذع شجرة، ومع ذلك فقد بلعت كرامتي من أجل أن تظل صورة القوات المسلحة نظيفة وغير انفعالية وجنودها حماة الشعب على اختلاف طوائفه.
لو كان اعتصامكم بتلك الصورة المستفزة والمتحدية والاستعراضية في بلد آخر، ديمقراطي ومتقدم، لما بقيتم على هذا الحال أسبوعا واحداً، أما لو أن اعتصامكم هذا في الجزائر أو السودان أو سوريا أو ليبيا أو العراق أو الأردن أو إيران أو كل دول أمريكا اللاتينية والقارة السمراء لما بقي منكم معتصم واحداً حياً أو .. نصف ميت.
لو فعلتم هذا في أي عصر من العهود المصرية لكانت نهايتكم جميعا قبل اليوم السابع أو الليلة الثامنة.
أنا أقف أمام الله بضمير حي ويقظ ومستريح لأنني صبرت، وتحملت التهكم ممن اتهموني بالضعف وقلة الحيلة، وبعد شهر ونصف الشهر من إعلان الحرب الرابعية على جيشنا حتى يستعيدك عبيدكم ورقيق المرشد، اضطررت لانقاذ مصر من براثن حرب طائفية كانت ستلتهم وادي النيل، .. وتقلبه عاليه سافله.

مرسي: تتحدث عن الدين وأنت علماني، وعن الضمير وأنت عسكري، وعن الحرية وحذاؤك الميري يخرق الأرض. نحن ممثلو الله على الأرض، والجنة تحت أقدامنا، ولحم شيوخنا مسموم، وتعاليمنا منذ ثمانين عاما صنعت المسلم الذي يؤمن أن هويته هي عقيدته، وأن الدولة الإسلامية الكبرى على مرمى حجر من إعلانها،
سنعلن الحكومة في المنفى، وستعترف بها واشنطون وغزة وقطر وتركيا وأكثر من أربعين دولة أفريقية كان زعماؤها يعيشون على دينارات العقيد، فأصبحوا اليوم ينامون في أحضان الريالات القطرية.
سنعلن حكومة المنفى ولن تستطيع المحاكم المصرية أن تصدر حُكما، حاضرا أو غيايبا، بالإعدام على أي قائد اخواني ، فالكل خائف، والجبن يضم في أحضانه كبار رجال الدولة.
نحن نملك القوة في أدمغة شباب يظنون أنهم يعبدون الله فإذا المرشد هو معبودهم الوحيد.
أنتم تملكون الدبابات ونحن نملك تعاليم السماء نطوّعها كيفما نشاء. أنتم تملكون القوة الظاهرة، ونحن بين أيدينا الشباب المفخخ فكريا قبل أن نلقي به في السيارات المفخخة ليرسل جنودكم إلى باطن الأرض.
أنتم الوطن وهو إلى زوال، ونحن الدين وهو الخلود.
انظر حولك فتجد شبابنا لا يؤمنون إلا بالدار الآخرة فيمنعون الدراسة في الجامعة، ويهجرون الحياة التي تحبونها، ويكرهون أوثانكم الممثلة في العـَـلـَـم المصري والنشيد الوطني.
لقد نزعنا فلسفة الجدال من عقول شباب التيارات الدينية ، فالفلسفة سفسطة، وعلم الكلام في عهد أحفاد البنا يسيطر إلكترونيا على أدمغة الملايين، وشباب الاخوان، والحمد لله، سلـَّـموا عقولهم لفقهائهم وعلمائهم ومرشديهم حتى يتعلموا أن الحياة لعب ولهو، وأن أكفان الأطفال هي الطريق إلى جنة الكبار.

السيسي: أنت مريض نفسي كأتباعك المهووسين بالدم والجنس، وأنتم شهوات متحركة، وأنتم عنصريون طائفيون تكرهون المرأة وغير المسلم و كل من يستجيب لله ويستخدم عقله.
تتهمني بأنني علماني رغم أن علاقتي بالله أفضل من علاقتك به، عز وجل، وأنا أقيم شعائر ديني بدون مزايدة، ولا أعبد من دون الله مرشدا أو فقيها أو درويشاً أو مُخربا أو إرهابيا متسترا بالدين.
أنتم سوس العقل، ودود الأرض، وخفافيش الكهوف، وأعداء الله ولو صمتم وصليتم وزكيتم كل دقيقة من حياتكم البائسة.
أنتم مصنع للكراهية، وممزقو وطن، وجواسيس لصالح العدو، ومتعاونون لاضعاف جيش بلادكم.
إن حجم الكراهية لكم في صدور أبناء شعبنا لم يعرفها طاغية أو استعمارٌ أو احتلال.
أنتم نسل إبليس في صورة أحفاد البنا!
نعم، أنا أعترف بأن قضاءنا فلولي يحركه رجال مبارك، وأن العدالة لدينا كالظلم لديكم ، وأن البلطجة ورثناها عن المخلوع التي أورثها المشير وتسلمتوها فأسلمتموها لنا، فإذا الكفر فيها أكبر من تعاليم إبليس.
أتحداك أن تعلنوا حكومة المنفى، وتطالبوا الأمم المتحدة بالاعتراف بكم دولة مصرية في الخارج، فأنتم لا تعرفون غضب المصريين، وحينئذ لن يبقى منكم أحدٌ فيه رمق من حياة.
من حقكم تحدي الجيش، ولكن إذا تحديتم الشعب وأعلنت ( الجزيرة) أول بيان لحكومة الدولة الإسلامية المصرية في المنفى فلن يُطل أحد منكم من شرفة بيته أو جحره أو كهفه، فهنا سيكون المصريون لكم بالمرصاد، وليكن مقركم قاعدة العيديد الأمريكية في قطر.
أنتم عفن أوسخ من مراحيض العشوائيات، وأنتم ملعونون على الأرض وفي السماء، وأنتم كوهينيون تختار الموساد منكم من تشاء.

مرسي: قل ما تشاء فالأيام دُول، وكما دخلنا القصر غانمين سنعود إليه بفضل صناديق الانتخاب، والأميون والجهلة والمتخلفون سيصوتون لنا بمجرد التلويح لهم بالقرآن الكريم وبجنة الخلد وبالحور العين.
أتباعنا في طول الدنيا وعرضها من الذي يعيش على بصاق الجزيرة إلى من يحلم بذهب الخليفة.

السيسي: سنرى قريبا أن الله مع شعب مصر وجيشها ونيلها ومستقبلها ودماء شهدائها وتسامحها، وأن إبليس معكم يتذوق الدماء من أنيابكم، ويتعلم النفاق منكم، ويقرأ معكم آيات مقدسة وهو يسخر منكم.
أقسم لك أن مصر لن تصهل فيها خيولكم المريضة بعد الآن، وأنني والقوات المسلحة منحازون إلى الشعب.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
Taeralshmal@gmail.com
أوسلو في 5 ديسمبر 2014

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...