25‏/05‏/2017

حوار بين جواز سفر عربي و .. جواز سفر أوروبي!


تجاور جوازا سفر عربي وأوروبي على المكتب الملاصق للمدخل الرئيس في المطار الدولي. تخيلتُ الجوازين وقد تناطحا، وتصارعا كما تتصارع الديكة، ثم تحاورا أخيرًا، فكان أنْ سَجّل خيالي الحوارَ التالي: 
جواز السفر العربي: ما الذي جاء بك إلى هذا المكان، ثم وضعك بجانبي كأننا نِدّان يتساويان في الورق والقيمة وحامِلَيّنا؟
جواز السفر الأوروبي: أما المكان فحاملي يحمل وجهُه عينين زرقاوتين تفتحان له مغاليقَ مطارات عربية يعرف قسوتَها حاملُك حتى لو كان يعلق على جدران داره شهادة تعادل ما لدى الدكتور أحمد زويل!
وأما مجاورتي إياك فهي محض مصادفة لا تقلل من شأني ولا تجعلك نِدّا لي أو نظيرا ولو خرجتَ أنت من مطبعة ألمانية تحتضنها إدارة الجوازات والجنسية في بلدك كأنها ستطبع صور الزعيم لتعليقها فوق رؤوس موظفي الدولة في مكاتبهم.

الجواز العربي: إنني أحمل في أحشائي لغة جميلة، وأنا رغم مهانتي يعرفني أهل قومك على أن حاملي عربي وليس فقط مصريا أو فلسطينيا أو سوريا أو مغربيا أو لبنانيا.
إذا قام أحدهم بسرقتي فإن أجهزة أمن بلدي يتم استنفارها، ويصعب على السارق أن يقوم بتزويري، ويتعرض صاحبي لسبعين سؤالا من ضابط أمن المطار بُعَيّد وصوله بوثيقة سفر مؤقتة كبدل جواز ضائع!
الجواز الأوروبي: لكن صاحبك ترتعش يداه ، ويكاد يسقط مغشياً عليه لو تفحصّك ضابطُ الجوازات أكثر من دقيقتين.
أما أنا فأمرق كلمحِ البصر أو أقل في مطارات برلين وجلاسجو وهيراكليون ولارناكا وأنقرة ومدريد ومارسليا، بل يكتفي أحيانا ضابط الجوازات بالنظر إلى وجه حاملي كأنه يحمل مفتاحَ الجَنّة.
أحيانا أنام هانئاً في درج مكتب حاملي دون أنْ يرهقني بالسفر، فيصحب معه بطاقةَ الهويةِ لينتقل بين هولندا وبلجيكا، أو بين السويد والدانمرك، أو يذهب للتبضع من جنيف إلى الحدود الفرنسية وقد لا يحتاج حاملي إلى البطاقة الشخصية إنْ غادر أوسلو إلى الحدود السويدية، أو استقل سيارته من الفارو البرتغالية ليقضي المساء في إسبانيا.
أما أنت فما إن تقع عينا ضابطِ أمن المطار العربي على حامِلِك حتى تصيبه نوبةُ غضبٍ، وتبهت ابتسامتُه، ويتفحص وجهَه محاولاً العثور على تُهمةٍ لا أحسب أضعفَهم إلا قادراً على تلفيقِها.
قبل أن يتسلمك صاحبُك من إدارة الجوازات والجنسية يقوم بتخليص اجراءاتٍ كأنه سيهرب بك، أو سيلجأ إلى أول بلد أوروبي يستنشق فيه نسمةَ حرية ، ولا يقوم بزيارته زائرُ الفجر ولو قضى بقيةَ حياتِهِ في خيمةِ أمام قصرِ رأسِ الدولة محتجاً ومنتقداً السياسة العليا!
الجهات الأمنية في عالمك العربي تتعامل معك على أنك نجسٌ تختبيء في صفحاتِك جرائمُ حامِلك المجهولة منها والمعلومة، أما أنا فكتابٌ مقدسٌ يكاد يرفعه رجلُ الأمن في المطارات الأوروبية ويقوم بتقبيله إنْ كان حاملُه ذهبيَّ الشَعْرِ وأزرقَ العينين أو أخضرَهما!

الجواز العربي: إنَّ قيمتَك ليست فيك أو في صاحبك لكنها نتيجةٌ حتميةٌ لمصالح دولٍ مزقتها حربان عالميتان دفعتا لباطنِ الأرض بسبعين مليونا من البشر.
كان من الممكن أنْ أكون مثلَك لو لم تدعم حكوماتُكم طغاتنا فيقللون من شأن مواطنيهم، ويجعلون الوطنَ سجناً، فتنخفض قيمتي كما تنخفض العملةُ الخضراءُ في وول ستريت لو عبث في أيِّ بورصةٍ أحدُ الحيتانِ أو حجبنا عنكم براميلَ ذهبنا الأسّوَد.
في منتصف الستينيات عَلِمَ الرئيسُ جمال عبد الناصر بأنَّ مواطنيه يتعاملون من السلطات الألمانية ( الغربية ) آنئذٍ معاملةً غيرَ كريمة.
وجاءت توجيهاتٌ من الرئيس نفسه بمعاملةِ الألمان في منافذ مصر كلها معاملة سيئة حتى تصل الرسالةُ إلى السلطات في برلين الغربية.
وفجأة ارتفعت قيمتي، ولم تنفعك الدماءُ الزرقاءُ التي تجري في عروقِ صاحبك، أو حمايةُ الغربِ كله لوثيقةِ السفر الراقية!
الجواز الأوروبي: هذا هُراءٌ، فأمريكا اللاتينية كانت أحذيةُ العسكرِ تصنع جوازات السفر، والديكتاتور يهين شعبَه في الداخل ويدافع عن مواطنيه في الخارج، أما في عالمِك العربي فحاملُك تطارده سلطاتُ بلدِه ولو كان في مرتع الحرية مشاركاً في مظاهرة بالهايد بارك المحيطة بقصر صاحبة الجلالة.
حتى تركيا التي لا يزال الساركوزيون يتعاملون معها على أنها الرجلُ المريضُ قدّمتْ منذ سنوات احتجاجاً شديدَ اللهجةِ إلى السلطات الألمانية التي هددت بطردِ فتىً تركيٍ يبلغ الرابعةَ عشرة من عمره.
فهل هناك زعيمٌ عربيٌّ، إلا قليلاً، يدافع عن حامِلِك وكأن كرامتَهما واحدة؟
يحملني جندي أمريكي وهو متوجّه إلى العراقِ في حماية الاحتلال، ولا يستطيع وزيرُُ الداخليةِ العراقيِّ أن يلمسني، ولو شاهدني المالكي نفسُه فستتسع ابتسامتُه حتى لو كان حاملي قد قتل لتَوّهِ من العراقيين نصفَ سكانِ قريةٍ آمنةٍ مطمئنة.
يسلّمُك صاحبُك إلى كفيلٍ خشيةَ أنْ تهرب، أو تعود إلى بلدِك أو تبحث عن كفيلٍ آخر أقل جشعاً وطمعاً، ورغم أنه عربيٌ مثل حاملك إلا أنه يعاملك كوثيقةِ سفرٍ دنَّسَها الفقرُ، وتحمل بين طياتِها كرامةً تماثل قيمةَ حامليها العرب!

الجواز العربي: تُحَدّثني عن أمريكا اللاتينية ولعلك نسيت جوازَ السفر الأمريكي الدبلوماسي الذي يحمله سفيرُ البيتِ الأبيضِ في فنزويلا ولم تنفعه كل الأعراف الدبلوماسية فغادر البلادَ مطروداً، حتى سفير القطب الواحد في بوليفيا عجز جوازُ سفره أنْ يعطيه قيمةً أكثر من تلك التي ترفع مقامَ شابٍ ثائرٍ يعلق صورةَ جيفارا على الحائط فوق فراشه، فبكى السفيرُ مُلْكاً رأسمالياً ثرياً لم يحافظ عليه حفاظَ فقيرٍ ماركسيٍّ لا يجد قيمةَ بطاقةِ سفرً بين تشيلي وكولومبيا.
وهل نسيت جوازات السفر الخليجية الشقيقة وهي تتفتح لها قاعاتُ كبار الزوار في مطارات دمشق وتونس والقاهرة وبيروت والرباط و ..؟
إنك تعيش أوهامَ الحلم الأوروبي فتظن مساحةَ جيبِ حامِلِك الكبيرة والتي يدفع منهاا إكراميات للعاملين في منتجع شرم الشيخ وفنادق سوسة والحمّامات ومطاعم الدار البيضاء وسماسرة العقارات في بيروت واللاذقية تمنحك بياضاً ناصعاً، وترفع مقامَك لتَسْخَر بعدها من جوازِ السفر العربي.
الجواز الأوروبي: ومع ذلك فسأظل أنا الممثلَ الشرّعيَّ والوحيدَ لأحلامِ حامليكم، ولو تم استخراجُ جواز سفر سويسري أو ايطالي أو نمساوي أو برتغالي أو حتى مالطي لملياردير عربي لما تأخر في قبوله وتقبيله، وربما تعليقه مع خرز خشية الحسد والحاسدين!
إنَّ القيمةَ الكبرى في جواز السفر هي في كيفية تعامل أبناءِ بلدِ حامله معه، وفي المقدمةِ منهم رجال الأمن.
يستطيع حاملي إذا سرقني لصٌّ أن يتصل بقنصل بلده، فيفتح له بابَ السفارةِ من جديد إنْ كان في وقتٍ متأخر، ولا يطرح عليه سؤالاً أمنياً أو يعاتبه أو ينتقده، لكنه يستخرج له وثيقةَ سفرٍ في اللحظة نفسِها، ويكمل فترةَ اقامتِه، ثم يعود إلى بلده دون أن تفتح الجهةُ الأمنيةُ تحقيقاً مخيفاً معه.
في مطار أوسلو الدولي تكتشف عائلاتٌ كثيرة مسافرة أنها نسيت جوازات السفر بعد وصولها، والوقت لا يسمح بالعودة إلى البيت، وزحام السفر شديد في فترة العطلات المدرسية، ومع ذلك فسلطات المطار لا تعيد تلك العائلات والأفراد من حيث جاءوا، وتستكمل اجراءات السفر ببدل فاقد أو بالهوية الشخصية.
في معظم جوازات السفر الأوروبية والأمريكية والكندية تم الغاءُ خانة الوظيفة، فهي لا تعطيني قيمةَ أكثر من جنسيةِ حاملي، ولا يكترث ضابطُ الأمن في المطار إن كان حاملي وزيرا أو عاطلا عن العمل، أما أنت، جواز السفر العربي، فيبحث ضابطُ الأمن في صفحاتِك عن وظيفةِ صاحبِك ليعرف درجتَه في حرارة الاستقبال أو برودته، وفي اتساع ابتسامته أو تقطيبة وجهه!
أنت مترَقَب للوصول أو ممنوع من المغادرة بسبب أيّ هفوة يرتكبها حاملُك ولو كانت حُكْماً غيابياً في جنحةٍ لا تستحق ضياعَ وقتِ القاضي والمحكمة، أما أنا فجزءٌ من منظومة قررت مع العالمِ الغني أن يحمل كرامةَ الغرب كله بمجرد أن تقع عليّ عينا ضابط أمن الحدود.
صحيح أنَّ خانة الوظيفة تم حذفُها والاستغناءُ عنها، ويشرّفني أنَّ صفحاتي ليست بها أختامٌ إلا إذا سافرت إلى عالمِكم العربي أو الأفريقي أو دول جمهوريات الموز.

الجواز العربي: وهل تظن أن فخري لأن عالمي العربي يقع بين أغادير وطنب الكبرى، وبين مقديشيو والمحمرة لا يجعلني انخرط في البكاء بين ألفينة والأخرى متمنّياً أنْ أمرق مثلك كالريح في مطارات صنعاء والرياض وعَمّان وبغداد ودمشق وتونس والجزائر والقاهرة والدوحة وجدة ونواكشوط والمنامة؟
لقد أتى علينا حين من الوقت تَمَنّىَ فيه حاملونا أن يكون الوطنُ العربي واحداً، وأنْ لاا يحتاج المواطنُ لأكثر من هويةٍ شخصيةٍ وهو يجلس في قطارٍ سريعٍ يستقله في أغادير ويمر عبر مراكش فالرباط ثم يتوجه إلى الجزائر، ومنها تمتد قضبانُه إلى وهران ليشمّ الركابُ رياحاً قادمةً من تونس الخضراء، ولا يمر وقت طويلٌ حتى يعلن الوصولَ إلى طرابلس الغرب.
وينزل ركابٌ، ويصعد آخرون فالقطار متوجّه إلى طبرق فالسلوم فمرسى مطروح فالاسكندرية ، ولا يزال الطريق طويلا وممتعا ووحدوياُ، وسيمر عبر فلسطين ومنها إلى العاصمة الأردنية ليُسْرع بعدها إلى بغداد فيتجه إلى سورية أو الكويت أو تركيا!
لكنَّ حامليك هم الذين تسببوا في جعل قيمتي لا تساوي صفحاتي، فوقفوا مع الطغاة، وساندوا الزعماءَ الارهابيين، وغضّوا الطرفَ عن لصوصِ الشعوب، وتعاونت مخابراتُهم مع أسيادِ القصر، وصنعوا منذ ستين عاما كياناً استيطانياً في فلسطين ليمزق عالَماً عربياً كان يحلم بخروج المستعمِر المؤقت فاستبدلتم به استعماراً دائما.
الجواز الأوروبي: أشفق عليك من هول ما رأيت، فحاملُك إنْ ثقلت عليه الدنيا بما خَفّتْ ورحبت لعَنَك كأنك سببُ تعاستِه، وإنْ استبدل بك جوازَ سفرٍ من بلادنا كان يومَ عيدٍ له ولكل الحالمين معه.
أراك وقد اعتصرَك العَرَقُ، وهَلكتْ صفحاتُك من كثرةِ التقليبِ فيها والختم عليها بغضبٍ وقسوةٍ، واسوَدَّتْ حوافُك مِنْ طول الامساك بها والعبث فيها بأصابع في كفٍ اعتاد أن يصفع المواطنَ على وجهِه أو قفاه!
ليس لك أملٌ أنْ تصبح مثلي قبل أنْ يَعْصي حاملوك مُهينيك، فكرامتُك من كرامةِ من تنتسب إليه.

الجواز العربي: لو عشتَ يوماً واحداً مثلي في يدِ كفيلٍ أو ضابطِ أمنٍ عسكريٍّ على الحدودِ لتخيلتَ المشهدَ بِرُمَته، فهو كارثةٌ لا يعرف أحدٌّ إلىَ أيّن تذهب بالوطن العربي!

محمد عبد المجيد
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
طائر الشمال
Taeralshmal@gmail.com             

كلمات موجوعة .. نصرخ عندما يصمتون!

تسلمت من المطبعة كتابي التاسع عشر( كلمات موجوعة .. نصرخ عندما يصمتون! )، ومقدّمة الكتاب والإهداء اعتذارٌ عن الإهداء المُقدَّم إلىَ الرئيس عبد الفتاح السيسي في كتابي السادس عشر.
مقدمة و إهداء مُعاكس للرئيس السيسي!
أظن أنها المرةُ الأولىَ التي يهدي فيه كاتبٌ كتابــَـه لشخصيةٍ رفيعةِ المقام والسلطة، ثم يُصدر كتابــًـا جديدًا ينزع فيه الإهداءَ الأولَ ويحذفه و.. يكاد يعتذر عنه!
إنَّ فرضَ القناعات علىَ النفسِ نفَسُها قصيرٌ، ورغم أنني كتبتُ الإهداءَ السابقَ مشروطــًـا بشروطٍ أغلىَ من القصرحتى يصبح توقيعي الممهور بأمال وأحلام وتمنيات عهدًا لا ينقطع مهما اختلفت معك لاحقـًـا، إلا أنَّ كل يوم كان يتأكد لي أنَّ التأييدَ المشروطَ انتهى أجلــُـه، وأنَّ التعاطفَ معك سيجعلني أحمل أوزارًا إلىَ يوم القيامة.
كل يوم أتعرض فيه للمسائلة الضميرية، والتهكُّم الذاتي كان ينتهي بتأجيل فضّ العقد الشفوي والتحريري، ولو لم يكن بديلــُـك جماعاتٍ دينيةً مهووسةً بالدمِ، وأحزابــًـا كرتونيةً تسقط قبل أنْ تقوم، وتطير مع الرياح قبل أيّ عاصفة، لكنت الآن في الجانب المناهض لك منذ الشهر الأوّل لتسلمِك مقاليد السلطة.
لم يكن من العقل والرجاحة والمنطق أنْ أعارضك قبل مرور عامين على الأقل حتى تأخذ معارضتي مصداقية، فمن يقرأني كان سيردد بأنني اختلفت مع السادات وحسني مبارك والمشير طنطاوي ومحمد مرسي، فكيف سيصدّقني أحدٌ وهذا أثرُ فأسي ... أعني قلمي؟
كان من السهل أن أراك وأنت تتكلم، وأسمعك وأحسك وأشمك وألمسك، وأتسلل إلىى أحلامك، ساطعها وباهتها، وأدلف لخلجات نفسك، وأقرأ ماضيك وأتأمل في حاضرك وأرى مصرَنا في مستقبلك. قلت لنفسي بأن الرئيس السيسي ليس مطالـــَـبا بالحديث اللغوي والثقافي والعلمي والأكاديمي والسياسي بتعبيرات يهلل لها فرحــًـا المُعجم.
وقلتُ بأنَّ الرئيسَ سيطهــِّـر القضاءَ، ويأمر بمشروع لســَـنِّ قوانين في كل المجالات تتفوق علىَ نظيراتها في الدنيا كلها، وأنَّ الفساد لن يعثر علىَ ثغرةٍ في رأس قاضٍ أوقعه حظه في عهدك. وأن العشوائياتِ وأطفالَ الشوارع والأمية والتسوّل ومكبرات الصوت والتطرف الديني وعالم الفتاوى الفجــَّـة ستنتهي إلىَ غير رجعة.
وأن كرامة المواطن من كرامة الرئيس، والضابط الذي يصفع مواطنا على وجهه كأنه اقتحم قصرَ الاتحادية ووجــَّـه الصفعة للرئيس نفسه. وأنَّ قانون ازدراء الأديان مأخوذ من جماجم داعش الجوفاء، وأنَّ تأجيلَ المحاكمات مرات عدة هو تحالف مع الشيطان.
وأن تبرئة حسني مبارك وعائلته ورجاله أكبر هزيمة تلحق بمصر في كل العصور. وأن الرئيس سيحاسب قنــَّـاصة العيون وقتلة الشهداء الشباب وخصوم ثورة يناير.
وأن الحُكــْـمَ بإعدام المئات في دقائق دون مثول وشهود ومحاكمة عادلة لا يختلف عن مقصلة جنكيز خان.
وأن الرئيس سيحتضن ثورة أبنائه الينايريين، فإذا بهم يُحشــَـرون في زنزانات مُهينة كأنهم مجرمون أنجاس.
والرئيس سيحترم الدستور، وسيــُـلقى في هامش التاريخ بالأحزاب السلفية والدينية التي تمنح ولاءَها لموروثات عبثية متصاغرة بدلا من وطن واحد لا يعرف عدة ولاءات. والرئيس سيُصهـِـر المصريين في بوتقة واحدة لا يعرف مسلموها مسيحييها.  والرئيس سيقوم بثورة إعلامية تجعل مصر في ركب أمم الأرض المتقدمة، فإعلامنا حالة قرداتية من القفز والرقص والطبل والبدائية. والرئيس سيترك قوى الاستنارة تقود الحركة الفكرية والتعليمية والإعلامية، والرئيس سيختار مساعديه ومعاونيه وناصحيه ومستشاريه من ورثة الأنبياء حتى تكون قراراته سماويةً قبل أن تلتصق بالأرض.
والرئيس سيُعطي مُهلة مُحددة، كقناة السويس، لجعل كل شوارع مصر تبرق من نظافتها، وكل مستشفياتها قصورًا، ومدارسها كأنها في عصر النهضة. والرئيس لن يعطي أذنيه لإعلامي متسلق أو متخلف أو جاهل، وكل ساعة، وكل دقيقة من وقته هي للشعب. وعهد الرئيس هو جنة الطفولة السعيدة وليس الطفولة التي يتم فيها الحُكــْـمُ علىَ طفل انتهى لتوه من الفطام.
لكل هذا وآلاف الأسباب الأخرى قررتُ أنْ أهديك عكسَ ما أهديتك في كتابي الأسبق، فأنا لا أريد أنْ أخفض رأسي خجلا أمام زوجتي وأولادي وأحفادي، بل أتمنى أنْ يظل هذا الإهداءُ المعاكس في مكتبتي هنا لتقرأه أجيالٌ من صُلبي ستعرف أنَّ رائحة حبر قلمي أزكى من كل العــُـطور.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو Taeralshmal@gmail.com

دعوة للتحرش بالأطفال!

حاولت أنْ أعصُر كل أنسجة دماغي، ولجأت لكل ما أعرف في المنطق والاستدلال والحدس والعقل والمعرفة، وأعياني البحث، وكادت تتهشم أجهزتي العصبية، ومع ذلك فلم أعثر إلا على سبب واحد لاصرار المؤسسة الدينية السعودية على منع قيادة المرأة للسيارة!

 قد يبدو اكتشافي استفزازا، وخروجا على المألوف في قواعد المنطق، وإذاعة ما لا يحب الآخرون سماعه، ويضعون أصابعهم في آذانهم خشية أن تتناهى إليهم الحقيقة المُرّة الغائبة.
 السبب الذي توصلت إليه هو أن هناك رغبة خفية وغير معلنة في أي صورة من الصور لدى المؤسسة الدينية في السماح للسائقين الأجانب المحرومين جنسيا، والبعيدين عن الأهل والزوجة وعالمهم في أن يتعرضوا لأطفال المملكة، وأن ينتهكوا حرماتهم، من منطلق أن اغتصاب الطفل أمر هَيّن ، ولا ينبغي للمؤسسة الدينية أن تكترث له.

يعود الطفل المسكين من المدرسة إلى البيت، وتشاهد الأم ابنها في حالة إعياء أو غضب أو تذمر أو يختبيء في غرفته دون أن ينبس ببنت شفة. ولأننا نعيش محاطين بالحماقة والغباء والتطرف فإن طرح السؤال يبقى مرهونا بالسذاجة والطيبة المفرطة وأحيانا البلاهة الأكثر حمقا من التخلف العقلي.
أطفالنا، فلذات أكبادنا، تلك الأمانة التي بين أيدينا نفرط فيها بأكثر الوسائل دونية وتخلفا، فنأتمن السائق عليهم، والأم تعرف والأب لا يجهل أن عملية التحرش الجنسي لا تستغرق أكثر من دقيقتين، حتى والسائق يربط حزام الأمان، أو يساعدهم في الصعود للسيارة أو النزول منها، ويلمس مواضع العفة من أطفالنا، ويتأخر في الطريق لعدة دقائق، ويخاف الطفل أو يعتاد على أن هذا الأمر طبيعي، فالأم المحرومة من الدخول في هذا ( الجــَـمــَـل الحديدي ) لاصطحاب أطفالها تصمت على مضض، والأب مهما كان منصبه فسوط المطاوعة فوق ظهره، والمؤسسة الدينية تستطيع أن تجلده خمسمئة جلدة أمام أولاده، وتدَّعي أن الله منحاز إليها.
دعاة منع قيادة المرأة للسيارة تتساوى جريمتهم مع جريمة السائق في التحرش الجنسي، وعندما يكتشف الأب الساذج والأم المغلوبة على أمرها بعد عدة سنوات أن ميولا مثلية بدأت تظهر على ابنهما الشاب أو أن خوفا أو خجلا غير طبيعيين تعكسان شخصية ابنتهما، فإن الوقت يكون متأخرا للغاية، فقد صنعت المؤسسة الدينية تشوهات نفسية وعصبية ووجدانية وعقلية لشباب المستقبل.

 لم استوعب أو أفهم أي سبب آخر لمنع قيادة المرأة السعودية للسيارة غير الرغبة في تسهيل تحرش السائقين الجنسي بالأطفال الأبرياء المساكين، ومن ينكر هذا الأمر فعليه أن يثبت لنا أن السائق الذي انفرد بأطفالنا شهورا وسنوات ، ذهابا وعودة، لم تتحرك أصابعه بخفة ونذالة وحقارة فوق أجساد هؤلاء الأطفال المساكين الذين حكم عليهم الجهل بالدين لدى الكبار أن يتعرضوا للتحرش الجنسي، ولا تزال المؤسسة الدينية السعودية تجبر رجال ونساء المملكة أن يقدموا أولادهم قربانا على مذبح الرغبة في ايذائهم.

لا أفهم حتى الآن ميكانيكية عمل الجهاز العصبي للأم والأب وهما يُسَلّمان طواعية وخضوعا وسذاجة وعباطة أولادهما صبحا وظهرا لرجل غريب لأن المؤسسة الدينية تستشهد من ديننا الحنيف، وتأتي بــ ( أدلة ) أن دخول المرأة ( الجمل الحديدي ) مع أولادها غير جائز شرعا، وأنه حرام، وأن الله، جل شأنه، سيحاسبهما يوم القيامة على عدم تركهما أطفالهما ليفعل بهما السائق ما يشاء.
أيها السعوديون الكرام،

ألا تغضبون؟
ألا تأخذكم النخوة والشهامة والرجولة وتغضبون لكرامتكم وتصبغون الحماية على أطفالكم؟
ألا تخشون غضب الله عليكم وأنتم تُفرطون في تلك الأمانة بعد أن خدعكم الآخرون؟
هل هي تعاليم سماوية، وأن مخالفتها تعني ذنوبا وأثاما تثقل كتابكم يوم تُعرضون على الواحد القهار؟
 بعد قليل يصل طفل بريء مع شقيقته الصغرى إلى البيت، وتكون في انتظارهما أم ضعيفة وساذجة ومفرطة في حق نفسها ودينها، يتجنب الطفل المسكين عيني والدته، وتطرق أخته خجلا.

الأم لا تفهم ماذا حدث أو لا تريد أن تفهم فعصا المطاوعة تقصم الظهر، والمتحدثون باسم الله على الأرض أكثر عددا من المخدَرين والمغيبين الذين يتركون الآخرين يمسكون رقابهم ويغلقون عقولهم لئلا تشاهد الحقيقة الكارثية .

 يعود الأب من عمله وهو سعيد بأنه مواطن طيب ومسلم يطيع المؤسسة الدينية، لكنه ينسى أنه أحمق يقدم أطفاله في كل يوم هدية لسائق يعبث بأجسادهم كما يشاء.
 إنني أتهم كل من يؤيد منع قيادة المرأة السعودية للسيارة بأنه متواطيءٌ، صراحة أو ضمنا أو ضعفا أو جبنا، في عملية التحرش بأطفال المملكة العربية السعودية.

وأتهم من سيدافع عن قرار المنع الآثم والوحشي والهمجي بأنه يقف في صف السائق المحروم جنسيا، ولا يمانع في أن يختلس دقيقيتن أو أكثر لانتهاك حرمة طفل كل ذنبه الذي جناه أن بطن أمه وضعته تحت إمرة ونهي ونهر وأوامر وسوط المؤسسة الدينية.
أيها الآباء، أيتها الأمهات،

أليس هناك مبصر في المملكة يحمي تلك البراعم الجميلة والبريئة والطاهرة أم على قلوب أقفالها؟
 محبتي لشعب المملكة العربية السعودية، ولخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي تعرفت شخصيا على الجوانب المشرقة فيه منذ استقباله الأول لي عام 1985،  تُشعرني أن كل طفل في المملكة هو ابني أو ابنتي، حفيدي أو حفيدتي، لهذا سأظل ما حييت أطالب بحق المرأة في حماية فلذات كبدها في سيارة تقودها، ومخالبها كالصقر إذا اقترب غريب من أجسادهم الضعيفة والبريئة.

محمد عبد المجيد

طائر الشمال

أوسلو النرويج

كيف يصوم المسلمون في بلاد شمس منتصف الليل؟


شهرٌ قمري يأتيك صيفا أو شتاء، خريفا أو ربيعا.
   شهر خير من ألف شهر، فتستعد له كأنك ذاهب إلى عُرس، وتشم رائحته قبل وصوله بوقت طويل.
   يُنبئك بقدومه شقيقُه الأكبر رجب، ثم يُعيد شعبان على مسامعك موعدَ القُدوم، ومع ذلك فيستقبله ثلثا المسلمين في يوم قدومه، ويؤخر الاستقبالَ الثلثُ الثالثُ بحجة أن الهلال لم يظهر في سماء صافية كقلوب صائميه.
   يغضب زعيم عربي على آخر فتدّعي وسائل إعلامه أن هلال رمضان يستحي من الظهور فيكمل المسلمون شعبانَ ثلاثين يوما، وتكتشف فجأة أن هلال شهر البركة أصبح ظهورُه وِفقا لمِزاج سيّد القصر، فإذا تعانق الزعيمان صام مسلمو بلديهما في نفس اليوم.
   ماذا عن المسلمين في بلاد يزورها رمضان عندما لا يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فيأتيها والشمس لا تختفي عن سمائها، ثم يأتيها مرة أخرى بعد عدة سنوات والشمس لا تعرف طريقها لأفق مظلم لا يبين فيه إنس أو جان لو انقطع التيار الكهربائي كله؟

   في يونيو عام 1982 تسلمتْ سفارةُ مصر في العاصمة النرويجية أوسلو رسالة مطولة من دار الافتاء التابعة لوزارة العدل في القاهرة تصرح للمسلمين الصومَ في حد أقصى ست عشرة ساعة ونصف الساعة في المواعيد المتقاربة من العالم الاسلامي.
   كان خبرا سارا يحتاج لاحتفال بهيج، فقد رفع علماء عقلاء الحرجَ عن المسلمين في النرويج وفي دول الشمال.
   لكن المسلمين لم يُصَدّقوا تلك الفتوى التي تيسر لهم أمور دنياهم في دينهم، وتخفف عنهم أمور دينهم في دنياهم.
   التزمتُ بالفتوى ومعي قلة من المسلمين، وأصبح سحوري وافطاري في موعد ثابت لا يتغير صيفا أو شتاء، ولا يؤخر أو يقدم دقيقة واحدة أو أقل.
   كان احساسا رائعا يربط الدين والدنيا معا. لا يجهدك في طول الصيام ولا يُحَيّرك في قلة عدد ساعاته إن طال الليل فيكاد يشتبك طرفاه ويصبح الصوم ثلاث أو أربع ساعات حجة على المسلم وليس حجة له إن قال بأن الاسلام لكل زمان ومكان.

   بعد صدور الفتوى بثلاث سنوات تلقيت دعوة كريمة من الدكتور عبد الله عمر نصيف أمين عام رابطة العالم الاسلامي في ذلك الوقت، وتعرفت في المؤتمر العالمي للمساجد على كبار علماء الأمة، وكان من بينهم فضيلة الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الجامع الأزهر.
   قصصت على فضيلته ( رحمه الله ) من نبأ حيرة المسلمين في النرويج من تلك الفتوى التي تيسر عليهم الصيام إن جاء رمضان صيفا، وتجعله طبيعيا إن قَدَمَ شهرُ البركات شتاء.
   تعجب الشيخ جاد الحق علي جاد الحق، وقال لي: لقد أصدرتُ تلك الفتوى ومعي عشرة من خيرة علماء الأمة، ونحن نتحمل أمام الله المسؤولية عنها، فكيف ترفضون تيسير أمور دينكم؟
   مرت خمس وثلاثون سنة منذ تلقينا تلك الفتوى وأنا ملتزم بيني وبين ونفسي بتلك العقلانية المستنيرة التي جمعت سماحة الاسلام وسهولة أركانه في رأي صائب رفضه معظم المسلمين، ونَسيّه من التزم به لبعض الوقت في أوائل الثمانينيات.
   كان لي صديق يرى، كأكثر المسلمين، أن الخيط الأبيض والخيط الأسود لايرمزان إلى الوقت في ذلك الوقت، فكان يصوم حتى يقترب افطاره من سحوره، ويجلس مع أفراد الأسرة قبل منتصف الليل وقد أنهكهم الصيام تماما، ويبكي ابنه وهو في الرابعة عشرة لأنه غير قادر على عملية التعذيب تلك، ولا يفهم أن الله سيثيبه ويجزيه عن المشقة وأعضاءُ جسده الضعيف لم تكتمل بعد، وتصرخ طالبةً رشفة من الماء، ولكن حسم وحزم وصرامة الأب التصقت بقسوة شديدة غير مبررة.

   وتصاب ربة البيت باعياء شديد، فهي تُعِدّ الافطار لأسرة كان من المفترض أن يغط أطفالها الكبار في نوم عميق استعدادا ليوم جديد يحتاج سلامة العقل والجسد والروح.
   يفرح المسلمون، خاصة في الشمال، عندما يأتيهم شهر رمضان في منتصف فصل الشتاء، فيصوم المسلم ساعتين أو ثلاث ساعات، ولكن إمساكية رمضان التي تحايل فيها المسلمون على الخيط الأبيض والخيط الأسود تزيد عدد ساعات صومهم لأربع أو خمس ساعات.
   قضية قد يكون مر عليها ألف وأربعمئة عام لولا أن الاسلام جديد في النرويج، وأكثر النرويجيين لم يعرفوا مسلما واحدا قبل نهاية الستينيات من القرن الفائت.
   واجتهد كثيرون للخروج من هذا المأزق، فيقول قائل بأن الصيام لأقرب بلد إسلامي، ويرد آخر: وهل في الاسلام بلد اسلامي أم أمة إسلامية؟ هل ألبانيا بلد إسلامي أم البوسنة والهرسك أم قازخستان؟
   وهل البلد الاسلامي يحكمه الاسلام أم تعيش فيه أغلبية مسلمة؟

   ووجد الكثيرون الحل في أن يشُقّوا على أنفسهم إنْ جاء شهر رمضان صيفا، ويَمُنّوا النفسَ بصيام كأنه لا صيام عندما يهل ذلك الشهر الفضيل الكريم في منتصف فصل الشتاء؟
العقل والنقل يتصارعان، والمسلم يظن أن الأوامر الالهية تتعلق بالكسوف والخسوف والشمس والقمر والضوء حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ولا يريد أن يفهم أنها مواقيت في عصرها حتى يكتشف المسلمون مواقيت جديدة تحددها عقارب الساعات والدقائق والثواني!
لأول تبدأ الشكوى بصوت مرتفع، فهناك جيل ثالث من المسلمين يعرفون أنهم نرويجيون، وأن عليهم تفسير الصوم لأقرانهم، وأنهم على مسافة زمنية ومكانية طويلة من علماء الاسلام. 
يتندر أهل البلد هنا علينا، ويتعجبون من شهر تتراجع فيه انتاجية المسلم إلى الربع، وتتوقف الحياة تماما قبيل الافطار بعشر ساعات!
حيرة، وتردد، ومشاحنات مع النفس، ومصالحة مع العقل ما تكاد تستكين إلى السلم حتى يباغتها النقل مرة أخرى فلا تعرف أيّ إسلام يريدون؟
تزمت مخيف يلوح بالدين كأنه أمر بالاعتقال أو التعذيب حتى أن أحد الشيوخ هنا قال في فتوى بأن المسلم الذي يضبط منبه الساعة على موعد الذهاب إلى العمل، وليس على موعد صلاة الفجر سيلقي به الله في جهنم إن مات وهو نائم في فترة ما بين صلاة الفجر والذهاب إلى العمل!
كيف إذن ستقنع هؤلاء بأن الخيط الأبيض والخيط الأسود والليل كان لزمن لم يعرف دقات الساعات السويسرية، وأن الله العلي القدير العزيز الرحيم لا ينتظر من العبد سجودا وركوعا ودعاء وفقا للنظام الشمسي أو القمري.
المسلمون في النرويج في حيرة شديدة وأنا أزعم أنه لن تمر عشر سنوات أو أكثر بقليل حتى ينفصل الجيل القادم تماما عن الاسلام إن لم يسارع عقلاء الأمة بفتح باب الاجتهاد، وبالتوقف عن اهانة العقل والرأي والفكر والنقاش والجدال بالتي هي أحسن.
   خطوط حمراء لا يتجاوزها المسلم، واجتهادات قد تذهب بصاحبها لعالم التكفير، وعقل أنعم الله به على الانسان لو استخدمْتَه لصدرت فتوى جديدة لكنها هذه المرة تقطع رقبتك دون أن يبدي مسرور السياّف أسفه لبرهة واحدة. ماذا لو أنك سألت عن إمكانية موعد ثابت لكل مسلمي أوروبا يفطرون في نفس اللحظة، ويمسكون جميعا في اللحظة عينها كأنهم على قلب رجل واحد؟

   إحساس رائع ومزيج من البهجة والسكينة والراحة عندما تجلس على مائدة الافطار في نفس اللحظة التي يقول فيها المسلم في أنقرة وفاليتا ونابولي وتولوز وجنيف وأدنبرة وبلفاست وريكيافيك وهلسنكي وبودابست ووارسو وكييف وبوخارست وروتردام وأثينا وهامرفيست وستوكهولم وأورهيس وبرلين و.... بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إني إليك صُمْت وعلى رزقك أفطرت.
   فتوى تحتاج لشجاعةٍ، وشجاعةٌ تحتاج لقَدْر من الإيمان يُحرك الجبالَ، وإيمانٌ يرى الذاتَ الالهيةَ من منظور رحمة الله على عباده.
   معذرة إنها أضغاث أحلام جميلة لا تصمد لحظة واحدة أمام غضب المؤمنين بأن الدين عُسر لا يُسر، وهم للأسف الأقوى والأعلى صوتا ويملكون السيف والسلطة والقلم.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو النرويج
Taeralshmal@gmail.com

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...