14‏/05‏/2016

مقطع من يوميات مواطن قبطــي!

أرشيف
10 أكتوبر 2010

سهرتُ حتّىَ ساعةٍ مُتأخرةٍ مِنْ مساءِ أمس أمام الإنترنت أتابعُ بِشـَغَفٍ شـَديدٍ عشراتِ المُواقع الدينيةِ والمنتديات، الإسلاميةِ والمَسيحيّةِ، وعندما وضعتُ رأسي عَلَىَ الوِسادَةِ ذَهَبَ الظـَنُّ بي أنَّ الحربَ الطائِفيّةَ ستندلع قبل انبلاجِ فجرٍ جَديد!

بعدما قرأتُ كِتاباتٍ مُقزّزةً في منتدياتٍ ومواقعَ قبطيةٍ، خاصة في دول المهْجَر، بدا لي أنه لن يمُرّ أسبوعٌ أو اثنان حتى يتم اعلانُ دولة قبطية في أسيوط تكون واشنطون وتل أبيب وبعض الدول الأفريقية أول من سيعترف بها!

وعندما انتقلتُ إلىَ مَواقِع إسلاميّة مُشابِهَةٍ لتلك في غَبَائِها وكَمِّ الكراهيةِ الذي يَفيضُ عَلَىَ الشاشةِ الصغيرةِ ظـَهَرَ واضِحًا وجَلـِيّاً أنني سُألّغي مَوّعدَ تَبَرُّعي بالدَمِ، فَدَمُ الكافرِ، الذي هو أنا، نـَجَسٌ، وأنه ينبغي لي أنْ أسْتَعِد لِلَعِب دَوّرِ المواطنِ مِنْ الدرجةِ العاشِرةِ الذي يُجْبِره المُسْلمُ عَلَىَ الاحتكاكِ بالحائطِ وهما يَسيران علىَ الرَصيفِ في اتجاهيّن مُتضاديّن!

قالَ لي والدي وَهو يَتَنَهَدُ كأنّه يَشْهَق الشَهْقَةَ الأخيرةَ بَعْدَما قَصَصت عليه من نبأ متابعات الليل البهيم: ألم أقل لك بأنها لم تعد مِصْرَنا جميعا، فالهلالُ والصَليبُ لا يتعانقان إلاّ في وسائل إعلامٍ يشاهدها المُعاقون ذِهْنيّا، ويديرُها المُتـَخَلّفون عَقْليّاً، أمّا الواقعُ الحَيُّ فَيَحْكيه لكَ بتفاصيِله الدقيقةِ آلافُ الشُهودِ مِنْ نجع حَمّادي والكُشْح والإسكندرية!

والدي لا يَمْتَصّ غَضَبي، ولا يُطْفِيّء نارَ حيرَتي، ولولا التَقَدُّم في العُمْر مع وظيفةٍ مُربحَةٍ حَافَظَ عليها سنواتٍ طويلةً لَكـُنّا الآن نسكُن ضواحي مانهاتن، ونلتقي في كل يومِ أَحَدٍّ في الكنيسة القِبطيّة، ثم نخرج في مظاهرة مُتكاسلة للمطالبة بحقوقِ أقباط وادي النيل!

توجهتُ فوراً لبيتِ عمي، وهو الشقيقُ الأكبر للوالد، ويقطن في منطقةٍ يختلط فيها المسلمُ والقبطي اخْتِلاطاً عجيباً يظن من يحاول التدقيقَ في المشهدِ بِرُمَّتِه أنَّ طرفيّ الهلال امتدّا طولاً وعَرْضاً، وتضاعفا ليصبح التمييزُ بينه وبين الصليبِ أمراً عسيراَ علىَ زرقاءِ اليمامة!

في بيّت عَمّي أعثرُ بسهولة ويُسْرٍ علىَ أُمِّ الدُنيا، فهو رجلٌ مُتسامِح، ووقور، ويختلط بياضُ لـِحْيَتِه بِبَياضِ بَشْرَتهِ فلا تُمَيّز بينهما من مسافة بعيدة.

لا يغضب إلاّ لِمامًا، يراه الأقباطُ منافِحًا عنيداً عن همومهِم، ويعتبره المسلمون واحداً منهم.

يحبُ الاستماعَ لتلاوات القرآن بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، ويُنْصِتّ كأنَّ علىَ رأسِه الطيّر إذا كان تجويداً بصوت الشيخ عبد العظيم زاهر، لكنه يُمَيّز أصوات المُقرئين أفضل مما يفعل أيُّ مسلم.

سمعته مَرّةً يُجادل مُسلمًا متعصباً فيقول له عمي بأن القرآنَ ليس كتاب المسلمين فقط، إنما هو جزءٌ من ثقافتي وتاريخ أهل بلدي والمُصَحح المثالي لاعوجاج لُغتي ، ولا تستطيع أيُّ قوة أنْ تنتزعه مني!

عندما رآني هذه المرة كادت الدموعُ تخذله، فبرقت عيناه قبل أنْ تسقط دمعة علىَ وجهه المتسامحِ الجميل، وفهمتُ بأنَّ لواعجَ نفسي قد وصلته قبل أن أنبس ببنت شفة!

هَدَّأَ مِنْ روعي، وطلب منّي أنْ أنتظر قليلا قبل أنْ يُزَيِّف الغضبُ حكاياتي، ثم قال لي بأنه يتفهم تماما كل صنوف الظلم ونحن وَهُمّْ، يقصد المسلمين، نَشرب من نفس المياه، وتظللنا سماءٌ زرقاءٌ، وتدوس علىَ رقابِنا سُلّطَةٌ باغيةٌ، ويصفع أقفيتـَنا ضابطٌ نـَذْلٌ، وتَفْرَغ جيوبُنا في السابع من كل شهر، ورَوَتْ دِماءُ شهداءِ المسلمين والأقباط مياهَ النهرِ الخالد في السويس، ودَمَّرَت قوى الاحتلال علىَ مَدىَ ألفِ عامٍ بيوتـَنا دون أنْ تبحث علىَ سطوحِها عن هلالٍ أو صليب.

ثم أردف قائلا: أعرفُ جيّداً مشاعرَ الغُربةِ في الوطن، وأكاد أسْمَع خلجات نفسِك وأنت تسير علىَ غَيّر هَدْيّ في شوارع بلدِك طارحاً سؤال الهويّة علىَ أحزانِك فيجيبُك رَجْعُ الصَدَىَ بأضعافِه علاماتِ استفهام لا نهائية.

وأكمل: أعداءُ مِصْرَ هُمْ الذين يُصَرّون أنَّ اللهَ مُنْحَازٌ إليهم فقط، وأنَّ الملائكةَ لا تتنزَّل علىَ المسجد والكنيسةِ في الوقت عيّنِه، وأنَّ أصحابَ الديانةِ الأخرى لن يشمّوا ريحَ الجنة أو تشملهم رحمةُ الله.

وختم حديثـَه قائلاً: لا يذهبن بك الظنُّ إلىَ أنَّ لك معركةً مختلفةً عن معارك أشقائِك المسلمين، فنحن نشاركهم التاريخَ والجغرافيا والآلامَ والتخلفَ والتراجعَ، ويسيطر علينا إعلامٌ فاشلٌ، وتهيّمن علىَ الجميعِ قُوَىَ فاشيةٌ تبدأ من القَصْر وتَمُرُّ عَبْرَ التطرفِ والتشدّد والتزمت ولا تنتهي بعالم البلطجية والفسَاد والرِشوة.

وهمس في أذني بصوتٍ خفيض: عندما تنتصر مصرُ في معركة حقوق الانسان والكـِتاب والثقافة والحرية والتسامح، وتلفظ اللصوصَ والمستبدينَ والأوغادَ الذين تقاسموا خيراتِها ..

وعندما يُطِل علينا من شرفةِ القَصْر زعيمٌ عادلٌ، يتَّقي اللهَ في الوطن، ويستشير ضميرَه قبل أنْ يأمر بتغيير كل القوانين الظالمة على جميع المواطنين.

حينئذ ستتهاوى منظومة الشر والتمييز والطائفية، وسيتبرع المسلمون لبناء كنيسةٍ ملاصقةٍ لمسجد حَيِّهم العتيق، وستترشح لرئاسة الجمهورية شخصيةٌ قبطيةٌ يهتف باسمِها المسلمون قبل المسيحيين، وستنزوي في رُكْنٍ قَصِيٍّ الجماعات الدينيةُ، الإسلاميةُ والقبطيةُ، التي تتبارى أونلاين علىَ مكاسب عَفِنَةٍ في معركةٍ اثباتِ شيطانية الآخر.

زال غضبي، واختفت سيماتُ الحزنِ من علىَ مُحَيّا أرهقَهُ أرقُ الليل الطويل في متابعاتٍ بلهاء علىَ النِتّ، وخرجتُ من بيت عمّي استنشق الهواءَ الملوثَ كأنه نسماتٌ نقيةٌ مخلوطةٌ برحيقِ أزهار ربيعٍ يزورنا في كل عام فيجدنا أسّوأَ من المراتِ السابقات.

في الطريق رأيتُ صديقاً أعرفه من مقاعد الدراسة في المدرسة الإعدادية، وكنّا نتبادل الزيارات، ونام في غرفتي عِدة مراتٍ قُبيل الامتحانات، وأتذكر أنني اشتريتُ له في عيد ميلادِه مُصحَفاً أنيقاً فَفَرِحً به كثيرا.

لم أتعرّف عليه للوهلةِ الأولى، لكنَّ لـِحْيَتَه الداكنةَ والتي تغطي نِصْفَ وجهِه الأسفل، وجلبابَه الأبيضَ، وزبيبةَ الصلاة لم تمنعني من استدعاءِ صورته الطفولية.

التقت عينانا، وهممتُ بالتقدم نحوه لمصافحتِه، لكنه لمْ يَمُدّ يدَه، وبدا أننا من عالميّن مُختلفيّن تماماً. بهتتْ ابتسامتُه، وسألتُه مازحاً عن التغييراتِ التي حدثتْ له، فأجاب بأنَّ اللهَ هداه إلى الصراط المستقيم، وأنه لم يَعُدْ يصاحب غيرَ المسلمين الملتزمين، ثم انصرف كأنَّ ميكروبات ستنتقل إليّه مِنّي، وتعلل بحجةِ قُرْبِ مَوّعد صلاة الجماعة في المسجد القريب.

أكملتُ سيّري مُتَرنحًا من هول التفكير في بلدي، وأنا ما بين مُصَدِّقٍ لزمنٍ مَضَىَ، ومُكَذِّبٍ لزمنٍ حاضرٍ لا أفهم منه مَشهداً واحداً.

قرأتُ في العامين المنصرمين عشراتِ الفتاوىَ التي تُحَدّد للمسلم طرقَ التعامُل مع غير المسلمين، ولو جمعتها ووضعت لها عُنواناً لـَما وجدت أكثر دقة من اشهار حرب طائفية استخرج المتخلفون أسبابَها، ودوافعَها، ومبرراتِها من بُطونِ كُتُبٍ تَوَارَتْ خَلْف أهل الكهفِ ولو اطَّلَع عاقلُ علىَ فحواها لوَلّىَ منها فِراراً، ولَمُلِيَء منها رُعْبا!

ترتعش خلايا جسدي كلُّها، وأشعر بحنينٍ جارفٍ لزمنٍ يصنعه خيالي، ولا أدري إنْ كانتْ أحلامُ اليقظة تلك أضغاثاً أو هي هلوساتِ عاشق لمصر!

زمن أتساوىَ فيه مع جميع أبناء بلدي، وأحلُم بكل المناصب دون حَجْرٍ عليها، أو مانعٍ صَنَعَهُ أصحابُ المزايدة الدينية المقيتة، فلا خانة الديانة في البطاقة الشخصية تقف عثرةً، ولا الصليب الموّشوم علىَ رَسْغي يجعل من بيده الأمر يفقد ميزانَ العدالة.

اتصلتُ بصديقٍ مُسلم لعلي أبثه أحزانَ نفسي فيواسيني في وطنٍ نسيناه، وتسامُحٍ فقدناه، وتَعَصُّبٍ كاد يدخل رئتيّ المصري مع أنفاسِه، ويخرج منها زَفيراً كأنه نَفْيرُ حربٍ أو تَقَاتُل من أكبر ديانتين سَماويتين.

جاءني علىَ عَجَلٍ فقدْ فَهَمَ من نبرة صوتي حاجتي المُلِحّةَ إليه في وقت تَوَارَىَ أكثر المسلمين خَلْفَ مزادٍ علني يربح الجنةَ فيه الأعلَىَ صوّتاً، والأكثف لِحْيّة، والأكثر اِظهاراً لمظاهر سطحيةٍ حتى لو انفصلتْ عن السُلوك القويم لتوجيهات الله من ملكوته الأعلى.

وضع يدَه فوق كتفي، وظل يتحدث عن سماحةِ الإسلام، وعن الوطن الواحد الذي مزّقه المتعصبون كما يمزق المـُخْبِرون فراشَ مُواطن عندما يبحثون عن ممنوعات، واستشهدَ مرّاتٍ كثيرةً بنبيّ الإسلام صاحبِ الكلمةِ الأكثر تسامُحاً في تاريخ هذا الدين: اذهبوا فأنتم الطلقاء.

وأَكَّدَ لي أنَّ كراهيةَ المتشدّدين له لا تقل عن بغضِهم لي، وأنه لا يملك مسلمُ أو قبطيٌّ في مصر شبراً واحداً أكثر من الآخر، ولا تتجذّر أصولُ أيّ مِنّا في تُربة الوطنِ أعمق مما يدّعي صاحبُ الدين الثاني.

مَرَرْنَا أمام مَسجدٍ وقد حانَ وقتُ الصلاةِ، فطلبَ مِنّي أنْ أنتظره في الداخل حتّى ينتهي، فخلعتُ حذائي، وجلستُ في رُكْنٍ بعيدٍ أراقبُ المُصَلّين من أهل بلدي.

بعد خروجِنا قال لي: إنَّ لك حقاً في المسجدِ مثلما لي نفس الحق في الكنيسة، وقد تستريح هنا، وقد أستريح هناك، فلا ينتقص هذا من إسلامي أو من مسيحيتك!

حدثتُه عن الفتاوىَ الفجّة والنتِنة والمتخلّفة والتدميرية التي تدّعي نجاسةَ القبطي، وتحرّم تهنئتَنا في أعيادِنا الدينيةِ، وترىَ أنَّ المسلمَ فقط هو الشهيد، وأنَّ اللهَ مُنحازٌ إلى المسلمِ حتّىَ في مبارياتِ كُرةِ القَدَمِ فَيُنِزْل الرُعْبَ في قلوب فريقِ غيّر الساجدين!

أقْسَمَ لي بأنَّ هذه الفتاوىَ ليست موجهة إلينا، نحن الأقباط، بِقَدْرِ ما هي موجهة للمسلم المستنير المؤمن، وأنَّ المتمسكين بها شبابٌ مُفَخَّخٌ يُدَمّر نفسَه ووطنَه وينتهي أمام اللهِ إلىَ حِسابٍ عسير.

قال لي بأنَّ القرآنَ الكريمَ اشترط لدخولِ الجنةِ أنْ يكون القلبُ سَليماً، أمّا المظاهرُ فهي كما قال هاملت لأمِّهِ في مسرحية شكسبير بأنها الأسهل في الادِّعاء والتمثيل.

قبل أنْ نفترق قال لي بأنه بَكَىَ طوال ليل مذبحةِ نجع حمّادي وهو يتلو ما تيسر من القرآن الكريم، وقرأ الفاتحةَ علىَ أرواح الشُهَداء الأقباط.

استراحتْ نَفْسي تماما، وتأملتُ من جديدٍ معركتَنا مع الظلمِ، واسْتَعَدْتُ في ذاكرةٍ مُنْتَعِشَةٍ تفاصيلَ حَياتي مع المسلمين ومع الاسلام، واستعنتُ بحكايات عَمّي الذي إذا تخاصَمَ جاران مُسلمان الْتَجَئا إليه، فيحدثهما عن محمد والمسيح بدون تفرقة، ويأتي بأدلةٍ من الكِتاب المقدس، ثم يعيدُ تأكيدَها من القرآن، فلا يتبرّم أحدٌ، ولا يعترض أيٌّ من الشهود.

ابتسمتُ ابتسامةً ساخرة تهَكُمَاً علىَ حمقىَ يتصارعون عَلَىَ مَكانٍ في جَنّةٍ لا يملك أيُّ منهم مَفَاتيحَها، ويتقاتلون، ويَسْفِكون الدِماءَ الحقيقيةَ التي أُضيفتْ إليها في الأعوام الماضية دِماءٌ إلكترونية، وكلٌّ مِّنا يزعم أنه الأقربُ إلى الله كما ظن اِخوةُ يوسف أنَّ وَجْهَ أبيهم يخلو لهم إنْ قتلوا أخاهم!

في المساءِ عُدْتُ إلىَ البيّت كالحاج الذي يعود مُتطهراً كَيَوّم ولَدَتُهُ أُمُّهُ، وتجنبتُ كُليّةً السياحةَ البلهاءَ علىّ الشبكة العنكبوتية التي ينتقل فيها المرءُ من مُنتدىَ إلىَ مَوّقعٍ، ويقرأ مبارزاتِ طواحين الهواء التي يحاول خلالها المسلمون والمسيحيون تحطيمَ معتقداتِ بعضِهم البعض، فكلُّ الأديان والعقائد قابلةٌ للكَسْرِ في عُرْفِ ناقدِ الإيمانِ بتعاليمِها، وبتصديقِ مُسَلَّمَاتِها وثوابتِها.

لن أتابع بعد اليوم معاركَ دون كيخوت الدينية، فقضيّتي هي اتساعُ نِطاق الفساد والظلم والنهب والاستبداد في بلدي، ولا يهمني أنْ تعتنق كاميليا شحاتة ديناً جديداً مع صباح كل يوم، فهمومي ينبغي أنْ تكبُر، وأنْ أدافع عن آلاف المنسيّين في السجون والمعتقلات، وأنْ أنضم كقبطي إلى مُعارضة الديكتاتور، فمن يظلم أبناءَ دينِه لا يتوانىَ عن انزال الظلم بأصحاب العقائد الأخرى.

حزينٌ أنا لمعْرَكةٍ غيرِ مُتكافِئَةٍ، فأخي المسلمُ لا يستطيع أنْ يطعن في المسيح، ولا يمسّ لسانُه مَريمَ العذراءَ بسوءٍ فالقرآنُ أكَّدَ علىَ أنَّ اللهَ اصطفاها على نساءِ العالمين، أما اخواني في العقيدة، خاصة في منتديات المهجر القبطية، فيطعنون في نبيّ الاسلام وزوجاته وشَرَفِهِ، وينقلون عن المسلمين الجُدُدِ المتعصبين والمتخلفين حكاياتٍ من كُتبٍ مُتْرَبةٍ صفراء فاقع لونها.

أشعر بِسَعادةٍ بالغةٍ فالإسلامُ جُزْءٌ من ثقافتي وهويّتي وتاريخي وحياتي وطفولتي، رغم أنني قِبْطيٌ حتّىَ النُخاع، ومعركةُ المسلمين المستنيرين والعقلانيين ضد قوىَ التشدّد والإرهاب والتكفير هي أيضا معركتي، وإذا انتصر العقلُ، وارتفعت رايةُ الديمقراطية، وانهزم الطاغيةُ وأعوانُه، وتغيّرت قوانينُ التميّز الطائفي، فأغلب الظنِّ أنَّ حُقوقي كقبطي ستتساوىَ مع حقوقِ أبناءِ بلدي المسلمين.

أشعرُ بالقَرَفِ والغَثـَيان من هؤلاءِ الذين يُلصِقون أعينَهم علىَ الشاشة الصغيرة، ويُهينون عقائدَ الآخرين بِحُجّة مُقارنةِ الأديان، فالمقارنةُ لها رجالها، وأكاديميوها، وعُلماؤها، وكُتُبها المتخصصة،

أتمنّىَ أنْ يصبح كلُّ قبطي في مصر مُعَارِضاً، ومهموماً بالسياسة، ومُدافِعاً عن أبناءِ بلده، وأنْ يعتبر اعتقالَ الأمن لعُضوٍ في جماعة الإخوان المسلمين أو سلفي أو مستقلٍ ومُلتزم دينياً لا يختلف عن اعتقال قبطي يجهر برأيه.

أتمنّى أنْ يَسْحَبَ قَدَاسَةُ البابا شنودة تأييدَه، الضِمنيَّ أو الصريحَ، لجمال مبارك، فالأقباطُ سيعيشون في عَصره جَحْيماً أشدّ سَعيراً من زمن والده.

وأخيراً أحلُمُ باليوّمِ الذي لا يَسّأَلُني أَحَدٌ عَنْ اسْمِي الثـُلاثي ليعرف إنْ كنت مُسلماً أو مسيحياً، فأنا مصريٌ، وهذه بلَدي، وإذا غَرَقَتْ مصرُ في مستنقعات الطائفية فلن تنفعنا حواراتٌ وجدالات وانتقالُ الواحِدِ مِنْ دينه إلىَ دين الآخرين، وسيحتفل الشيطانُ حينئذ بانتصارِ ذَكَائِهِ عَلَىَ غَبَائِنا.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 10 أكتوبر 2010

حوار ين عزرائيل و .. الرئيس حسني مبارك!

أرشيف
أوسلو في 4 يناير  2010 أي قبل الثورة بعام واحد!
 
 
كان الرئيسُ مبارك جالساً علىَ أريكةٍ مُريحةٍ، وقد بدا مُرْهَقاً يَغلبه النُعاسُ لثوانٍ، ثم يستيقظ فجأة كأنه يخشىَ أنْ تكون تلك الشهقة الأخيرة.
وبعد الغفلة الخامسة ظهَرَ أمام ناظريه مَلَكُ المَوّتِ علىَ مسافةٍ تبدو كأنها بَرْزَخٌ يفصل الحياتيّن في عدة أمتار بطولِ الغرفةِ الأنيقة التي يتوسطها تلفزيون حديثٌ تطلُ مِن شاشته مُذيعَةٌ بلهاءُ جاءَ أمْرُ تعيينها مِن خالها القريبِ مِن صانع القرار!
انتفض الرئيسُ وكاد يسقط صريعاً من الخوف، فابتسم عزرائيل وقال له: جئتك، سيدي الرئيس، لأتحاور معك، لا لأقبض روحك، فالحيّ القيوم لم يأذن لي بعْدُ بقبضها.
مبارك: خِلتُكَ وجدتَ عملا مع المعارضة المصرية، أو مررت على الدكتور محمد البرادعي فأسَرَّ إليك ببعض أمنياته، أو أنك تنهي ولايتي الخامسة قبل موعدها المُحَدّدّْ بأقل من عامين!
عزرائيل: أردت فقط أن أتأكد منك شخصياً إنْ كان الموت يخيفك، ومشهدُ يومِ الحساب يدلف بين ألفينة والأخرى إلى مخيلتك فيستيقظ ضميرك للحظات قصيرة، ولو كانت طرفة عين!
مبارك: تقصد توبتي قبل زيارتك الحقيقية لقبض روحي، أليس كذلك؟
يا سيدي عزرائيل، لو وقف كل حفاري القبور أمام القصر ومعهم نعوش وأكفان، وحَلّقَ البوم فوق رؤوسهم، واستيقظت ضمائر طغاة الأرض فإن مشاعري المتجمدة، وقلبي الأكثر قسوة من صخور الدنيا كلها، وضميري الذي مات مع صعودي عرش مصر، ستظل كلها معادية للمصريين، وكارهة لأبناء أرض الكنانة، ولو كنت أنت على مبعدة دقائق معدودة من إرسالي إلى القبر الموحش والمظلم فإنني أتلذذ، وأستمتع، وأسعد بشقاء المصريين، وأقرأ تقارير عن عذاباتهم يشيب لها شعر الجنين، وأعرف عن حالات من الانتهاك والاغتصاب والحرق والسلخ والقمع، ومع ذلك فإنهم لثلاثة عقود لم يثوروا، ولم يغضبوا، ولم بعترضوا، وهم يخشونني أكثر من خشيتهم الله، عز وجل.

عزرائيل: لقد رأيت طغاة كُثراً، وعرفت قوتهم وضعفهم، واستمعت لنبضات قلوبهم وهي تخفت، وتضعف قبل أن أنهي مهمتي التي أولاني إياها ربُ العزة، لكنني لم أرَ طاغية على شاكلتك!
معظم الطغاة لهم مع القبضة الحديدية إيجابيات يظنون أنها تشفع لهم، فستالين الذي قتل ستة ملايين من أبناء شعبه هو باعث النهضة السوفييتية، وهو الأب الروحي لصمود الشعب السوفييتي والجيش الأحمر أمام جحافل الرايخ الثالث. وماوتسي تونج صانع الصين الحديثة رغم فظائع نظام حكمه، وزين العابدين بن علي تحولت تونس في عهده إلى وطن في سجن، لكن النهضة الاقتصادية والسياحية حققت تقدما ملموساً رغم أن كرامة المواطن التونسي تراجعت إلى عصر العبودية. ومحمد رضا بهلوي قام بصناعة السافاك، وجعل اقتصاد بلده النفطي في أيدي صانع القرار الأمريكي، لكنه بنىَ قوة ضاربة في الخليج، وحققت إيران في أيامه ما لم تحققه دول المنطقة مجتمعة، والقائمة تطول .....
أما أنت فليست لك إيجابية واحدة منذ أنْ توَليّت الحُكم لأكثر من ثمانية وعشرين عاماً!
تراجعت مصر بفضل كراهيتك لشعبها في كل المجالات، وبدا أنَّ هناك عهدا بينك وبين خصومها على أن تجعلها، قبل أن أقبض روحك، الأخيرة في كل شيء.
مبارك: كل الدلائل تشير إلىَ عبثية حكمي، وأنا لا أخشى اللهَ أو الموتَ أو يومَ الحساب أو حتى ضميرا يقظاً يأتيني ليلاً أو نهاراَ!
المصريون قادرون على تبرير كل جرائمي، وكل مصري من النوبة إلى الثغر يمكنه أن يقصّ عليك ما يجعل الحجرَ يذوب حُزنا وهَمّاَ وكَمداً، وأي إنسان وضع الله في جمجمته ذرة عقل لا تراها العين المجردة كان ينبغي أن يصبح في مقدمة المناهضين لحُكمي.
أنا أتحالف مع الإسرائيليين ضد الفلسطينيين، وضد جيش العبور، وأهين جيشنا الذي شاهد جنرالاته طائرات الدولة العبرية تخترق سماء مصر، وتدك مواقع الفلسطينيين.
وأنا أعطي أوامرَ بالقبضِ علىَ فلسطيني يهرب من القصف الإسرائيلي ويظن أنه يلجأ إلى رحمة أشقائه المصريين.
وأنا أبني جداراً فولاذياً أشدّ قوة ومَنَعة من الجدار الإسرائيلي الذي يفصل أهل فلسطين عن وطنهم.
وأنا صانع الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط، وأحتقر المصريين كما لم يحتقرهم أيّ فرعون منذ بناة الأهرام، ولا أستجيب لصراخِهم، وعويلهم، واستجدائهم حتى أنني أتلذذ بوجود آلاف من الأبرياء خلف القضبان في سجون مظلمة، وأشعر بغبطة عندما أتخيل أولادهم وزوجاتهم وأحبابهم وقد أبيضت أعينهم من الحزن والبكاء عليهم.
قرأت آلافَ التقارير في الصحف المصرية والعربية والغربية ومنظمات حقوق الإنسان وزاد شبقي ونهَمي لأجعل من مصر سَلخانة، ولولا خشيتي من الرأي العام الدولي لأمرت زبانيتي بإبادة المصريين لأستريح منهم، ولعلك تعلم، سيدي عزرائيل، أن ثلث ميزانية الدولة تذهب لأكثر من مليون رجل أمن يقومون بحمايتي من هؤلاء الأوغاد الذين أستخف بهم فيطيعونني.
وأنا نجحت في جعل مصر تقوم بتسليم الريادة إلى دول لم تكن تساوي قرية أو نجعاً أو أحدَ أحياءِ القاهرة القديمة.
وأنا صنعت المصريَّ المتخاذلَ، والخائف، والمرتشي، والجاهلَ، والفهلوي، والبلطجي، وعدوَ الثقافة، والمتحالف مع الأمن ضد أمه وأبيه وأصدقاء عمره.
وأنا قضيت علىَ كل محاولات الانقلاب ضدي، وأقوم دائما بتغيير مواقع الجنرلات، وأراقب تحركاتهم وأحاديثهم وزياراتهم العائلية، وأسعى لأنْ أقرأ طموحاتهم وأحلامَهم.
وأنا أكره أجهزة الاستخبارات الوطنية التي لا يزال المصريون يحبونها، ويقدّسون أفرادَها، وتدمع أعينهم من بطولاتها، لذا فقد جعلتُ رئيسَها وسيطا بين القاتل والقتيل في فلسطين، وجعلتها مكشوفة أمام الموساد، فأنا في حماية تل أبيب وواشنطون.
وأنا أكافيء كل من يَسرق أو ينهب أو يفشل أو يعذب مصريا، حتى أنني منحت أوسمة لثلاثة ضباط شرطة متهمين بتعذيب المصريين، وعندما خرج وزيرُ الإسكان السابق من الوزارة بعشرات التهم الموثقة، أعطيته منصبا لائقا به، وراتبا مغريا.
أعمالي كلها تشهد بأنني عدو المصريين الأول، لكنهم لسذاجتهم، وعبطهم، وجبنهم، وخشيتهم على لقمة عيش من فتات أصدقاء ابني يبررون كوارث ومصائب وفواجع وطن يكاد يغرق في السموم والأوبئة والأمراض والجوع والتسول والعشوائيات وسكن المقابر.

عزرائيل: لستَ في حاجة لأنْ تسرد على مسامعي جرائمك، فسيذكرك تاريخ مصر لقرون طويلة قادمة.
لقد تعَرّتْ مصرُ عندما أعطيت التوجيهات لإعلام أنس الفقي أنْ يستعرض عضلاته، وألسنة مُذيعيه، وغباء الرياضيين، وحماقة الفنانين، فرَدّ عليك الآخرون، ونشروا غسيل بلدك على العالم، فصغرت مصر في أيام معدودات لتصبح مثلَ كرة قدم شراب بين أقدام صِبْيَة لا تعرف إنْ كانوا يمررونها أو .. يدوسون عليها!
لم أرَ في كل الطغاة الذي قبضت أرواحَهم زعيماً أكثر وقاحة منك وهو يفتخر بنظام تعليم يدفع من بطون الجامعة إلى الوطن جهلة وأنصاف أميين، ويفتخر بوسائل إعلام يخجل منها المصريون في داخل وخارج مصر، ويعتز بالفاشلين من الوزراء، ويحمي اللصوص وناهبي الثروات، ويفسح المجالَ لثقافة الفهلوة.
مبارك: قل كلَّ ما تعرف، لكنني باقٍ فوق رؤوس المصريين، وسعادتي في تعاستهم، وثمانون مليونا منهم لو أوجعهم الحزنُ على بلدهم وزفروا زفرة واحدة لهربت أنا وأسرتي وكلاب قصري على أول طائرة تتوجه بنا إلى تل أبيب أو واشنطون أو في خيمة يبنيها لنا رسول الصحراء على مشارف بنغازي.
لقد صنعتُ المصري المُحَصَّن للاستجابة لدعوات الثورة ضد الظلم.
أقسم لك بأنني أستطيع الآن أنْ أجعل مصرَ كلها تخرج، وتضع رقابها تحت قدمي ابني جمال لو أنني سلطت عليهم حمقى الشاشة الصغيرة أو أمرت رؤوس الأزهر الشريف والكنيسة القبطية بالكذب على الله تعالى، والادعاء أن السماء تبارك الدماء، وأن محمداً والمسيح، عليهما السلام، لو كانا في مصر لأعطيا صوتيهما لابني جمال!
لست أنا فقط الذي يلهب ظهور المصريين، لكنهم هم الذين يُعَرَّون ظهورَهم وأقفيتهم لكرباجي!
هل عرفت شعبا واحدا في العالم تكون قوانين الطواريء هي القاعدة التي تحكمه، ولم يعش يوما واحدا في ظل الحرية والأمن والدستور الطبيعي والقوانين غير الاستثنائية؟
إذا هاجمني واحدٌ من الأحرار تصدى له سبعون من العبيد!
 
لا تقل لي، سيدي عزرائيل، بأنهم لا يعرفون، وأنهم لم يشاهدونني أدَمّر بلدَهم، فكلهم، من قضاة ومحامين وإعلاميين ورجال دين إسلامي ومسيحي، وأكاديميين، ومثقفين، وجنرالات في الجيش، وضباط أشراف في الشرطة والمخابرات، ومفكرين، وأدباء، وشعراء، وقيادات طلابية، وعاطلين عن العمل، ومرضى، وأهالي المعتقلين الأبرياء، وستة ملايين مصري في الخارج، كانوا شهود زور، ووقفوا في صف الشيطان، ويقدمون مئة تبرير لخوفهم، وصمتهم، ورعشة رُكبِهم، واصطكاك أسنانهم.
إنهم واقفون وقد فغروا أفواههم في مزاد بيع وطنهم، وكل منهم على استعداد لتبرير موقفه المتخاذل، وأيضا على استعداد لأن يشهد اللهَ على ما في قلبه وهو ألدّ الخِصام.

عزرائيل: لو نزل غضبُ الله على شعب فإنَّ أبناءَ مصر سيكون لهم النصيب الأكبر من هذا الغضب!
لقد كرّمهم اللهُ فرفضوا الكرامة، وأغناهم فأفقرتهم أنت، فأطاعوك!
السماءُ غاضبة على جيش العبور وعلى جنرالاته وعلى الأحرار والشرفاء وكل من يستطيع في موقعه أن يناهض حُكمك الفاشي والإرهابي ولم يفعل.
مبارك: هل صحيح أن صلوات المصريين في مساجدهم وكنائسهم لا يقبلها الله؟

عزرائيل: إنها مشروطة بالدفاع عن الحق والعدل والخير والوطن، ومشروط بمقاومة الفساد والظلم والذل، ومشروطة بكراهية العنصرية والطائفية، ومشروطة بحب الجار وابن الوطن المختلف دينيا ومذهبيا وعقيديا وطائفيا.
صلوات المصريين الذين يعرفون جرائمك، ثم يصمتون أو يبررونها، أو يجدون لها أعذاراً، هي صلوات باطلة لأنها جمعت الدين مع الظلم، والعبادة مع الفساد، والدعاءَ مع الغش، وتكدست المساجد والكنائس رياءً ونفاقا وخوفا، فتمكنت أنت وكلاب قصرك من تدمير وطن، وتخريب أمة.
مبارك: لو بعث الله كل أنبيائه مرة أخرى ونصحوني لما استمعت إليهم!
إنني أهش على غنمي، أعني شعبي فيطيعونني قبل أن يرتد إلىَّ طرفي.
الموت، سيدي عزرائيل، لا يخيفيني، ولعله تناهى إلى سمعك تصريح صفوت الشريف وهو يؤكد للمصريين أنني، في الثالثة والثمانين من عمري عام 2011، مُرَشَّح الرئاسة، ولو ترشح أحدهم أمامي فسألقنه درساً تلقى مثله أيمن نور.

عزرائيل: لكنني عائدٌ إليك في الشهقة الأخيرة، وحينئذ لن ينفعك ندم أو بكاء!
مبارك ضاحكاً: وحتى تأتيني في زيارتك الأخيرة فإنني ساجعل مصر مُكبلة بمعاهدات ظالمة، ومحاطة بجدار فولاذي، ومثقلة بديون إلى يوم الدين، ومرهقة، وتعبة، ومُسَمَّمة من مياه النيل، وعطشى وهو يجري فيها، ولن أتركها قبل أن يصبح كل مصري مريضا أو سجينا أو معاقا أو متسولا أو نائما على الرصيف حيث لا مكان له في العشوائيات أو المقابر.
دعني أهمس في أذنك بكلمة سر، سيدي عزرائيل، وأقول لك بأنني في حماية أمريكا وإسرائيل، والجيش الذي تتحدث عنه لا يتحرك جندي من ثكنته إلا ويبلغني بذلك أصدقائي في تل أبيب، ويحميني الذين يطلق المصريون عليهم أشراف الوطن في أمن الدولة والجيش والمخابرات، ويحميني القلم الذي يأكل منه الصحفيون حراما، وتحميني قلوب ترتجف خوفا ورعبا.

عزرائيل: كل ديكتاتور قال من قبل هذا الكلام، ثم تبين للناس أنه نمر من ورق، ولو عرف الذين يتحاورون الآن في الاطاحة بك أن عرشك أوهن من بيت العنكبوت لعجلوا في البيان رقم واحد.
وإن غدا لناظره لقريب.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 4 يناير 2010

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...