01‏/06‏/2017

أنا عربي حتى لو غادرتْ العربَ عروبتُهم!

في عصور الانحدار يثرثر الناس عن حيرة الهوية، ويتخبطون في تاريخهم، وينزلقون من جغرافيتهم، ويُخرجون ألسنتهم فلا تدري أهي نكاية أم بحث عن حلق آخر!
 الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي والخبراء المدسوسون على العلم، والمزيفون، جهلا أو معرفة، بأسلافهم، يتصارعون في البحث عن الهوية.

 أما أنا فلست في حيرة، فأنا عربي اللسان والهوى، القلب والفؤاد، البحر والنهر، التقدم والتأخر، الصعود والسقوط، النصر والهزيمة!
أنا مسلم، لكن العربي المسيحي أقرب إليَّ من المسلم البنغالي.
أنا مصري وفلسطيني وكويتي وسعودي وتونسي وأردني ولبناني وسوري وعراقي وجزائري و ....
إلى آخر قائمة وطني العربي الغالي والمتخلف.
 لا أقرأ الهيروغليفية، ولا أعرف شيئا عن الكنعانية، ولا أنتمي للسومارية، ولا أدندن بالعبرية، وقبطيتي جزء عزيز من مصريتي رغم أنني لست مسيحيا، ولا أرى شبرًا يفرق بيني وبين شركاء الوطن الأقباط.
 لغتي هي الضاد، وعشقي عربي رافعي شوقي، ولا أقف أمام معبد حتشبسوت إلا دقائق، فإذا وقفت أمام قصيدة لعلي محمود طه أو محمود حسن إساعيل يخشع قلبي كأنني في صلاة.



لست في حيرة كغيري ممن يحاولون بين ألفينة والأخرى الانتساب لفترة زمنية لعلهم يلــّـمعون هويتهم، فأنا أذوب عشقا في عالمي ووطني العربي المنهزم من حنيشه إلى أغاديره، ومن إسكندرونته إلى أسمره!
 لا أبحث في هوامش التاريخ عن نفسي، فأنا هنا مع أم كلثوم وعبد الباسط عبد الصمد والبابا كيرلس وزكي نجيب محمود وعاطف الطيب وتاريخي يمر عبر عصور وعهود الازدهار والانحطاط.
 أنا عربي لا أشعر بأي ذرة استعلاء عن شركاء عالمي من الاخوة الأكراد والأمازيج والطوارق وغيرهم، لكنني غير قادر على تغيير مشاعري وأحاسيسي ولساني وإيماني وقناعاتي.
هويتي حسمتها طوال عُمري حتى بعد سقوط الوحدة المصرية/السورية، ظللت سنوات أقول بأنني من الجمهورية العربية المتحدة.
 آبائي وأجدادي وأسلافي كانوا يرطنون بهذه اللغة الجميلة، وأورثوني عشقها، وكل ما ليس من عروبتي لا أطرده، ولا أتبرأ منه، لكنني أضيفه للأصل، والأصل أنني عربي.
 يقولون لي :أنت مصري، قبطي، فرعوني، مملوكي، فاطمي، أخشيدي، طولوني، أيوبي ... إلى آخر القائمة اللانهائية في تاريخ خمسة آلاف سنة، لكن الحقيقة التي ينتعش، ويتطهر، ويسعد، ويبتهج، ويغتبط بها وجداني أنني عربي في كل خلية من خلايا جسدي وعقلي حتى لو تراجع العرب إلى ذيل قائمة الأسفلين!
 خذوا تقدمكم، وحضارتكم، وتاريخكم، وهوياتكم، واتركوا لي عروبة متحجرة وغائبة عن الوعي .. حتى حين!
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو Taeralshmal@gmail.com

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...