12‏/05‏/2016

لماذا لا نتخلص من الأقباط و .. نستريح؟

أرشيف
أوسلو في 11 أكتوبر 2011

ماذا يريد هؤلاء الأقباط من مصر الإسلامية؟
هل يريدون المساواةَ معنا، نحن المسلمين الطيبين المؤمنين الذين تتعجل جنةُ الخـُلد لإستقبالنا بالأحضان؟ ألا يشكرون ربـَهم أنهم يأكلون، ويشربون، ويركبون المواصلات مثلنا تماماً، ومنهم ثلاثة أو أربعة في أهم فـِرَق كرة القدم رغم أن المفترَض أن اللاعبين يجب أن يكونوا من الساجدين حتى يساعدنا اللهُ في إرباك حارس مرمىَ الخــِصم؟
لماذا يريدون بناءَ الكنائس التي تزعج أجراسُها المسلمين وهم في قيلولة العصاري فينتفضون فزعاً؟
هل يريدون أنْ يدخل قتلاهم الجنةَ أُسّوَة بشهدائـِنا الأبرار؟

هذا غيضٌ من فيضٍ تقذف به جماجمُ مليئةٌ بعفنٍ طائفي يظن أصحابـُه من المسلمين أن الجنةَ تفتح أبوابـَها للمتعجرفين والمتكبرين والفوقيين والاستعلائيين الذين قرروا عندما كانوا حيوانات منوية اعتناقَ الإسلام قبل تلقيح البويضة ليضمنوا لأنفسهم جنةً تجري من تحتها الأنهار؟
وصدق رسول الله، صلوات الله وسلامه عليه، حين قال: لا يدخل الجنةَ من كان في قلبه مثقالُ ذرّةٍ من كـِبـْر!
لا أكره الغباءَ المتوارَث فلا ذنب علىَ صاحبـِه، أما الغباء الطوّعي فهو أُسُّ البلاء و .. مصيبةُ الأمَّة.

ينتهي النقاشُ دائماً إلىَ التعادل بين الحق والباطل عندما نضع استثناءاتٍ فيتساوى القاتلُ والقتيل، فإذا بلغـَك نبأُ شهداءِ الكشح أو نجع حمادي تردّ على الفور بأنَّ من الأقباط أيضا متطرفين، فتضيع القضيةُ في عالـَم النسيان، ويغمض الضميرُ عينـَه العوراء لأن الطرفَ الآخر يستحق ما جرىَ له.
يقتلني غيظاً ذلك الذي يزعم أنهم، أي الأقباط، حصلوا على حقوقهم و .. أكثر! ثم يأتي القتلُ الثاني عندما يعثر أحدهم على التبرير في ثنايا المادة الثانية، فهي دولة إسلامية، كأن الأقباطَ جاءوا من كوكب بلوتو أو عطارد، وكأننا نحن المسلمين نملك وثيقةَ مـِلـْكية مصر مختومة بختم النسر في الشهر العقاري وقد رفض شركاء الوطن التوقيعَ عليها!
في العمليات الارهابية التي مارسها بلطجية التديّن الزائف كانت أجهزة الأمن منحازةً إلىَ المسلمين، فالقبطي هو الآخر ، وهو الضيف، وهو الذي يستعد للهجرة الدائمة.
والآن جاء دورُ أبناء أبطال العبور الذين عـَبـَر آباؤهم القناةَ يداً بيدٍ مع اخوانـِهم الأقباط، وكانت صيحة ( الله أكبر) تخرج من بين شفتي الجندي المسلم والقبطي دون أن تمر على أجهزة تصفية لتمنح الأول تذكرة ذهاب إلى الجنة شهيداً، بينما ترسل أخاه القبطي إلى جهنم حتى لو تخضب ترابُ الوطن المحرَر بدمائه الزكية!

ماذا دار في أذهان رجال الجيش الذين فتحوا النارَ على أقباط ماسبيرو بقسوة لو اخترق جنودُ الجيش الصهيوني الحدودَ لما واجهتهم أسلحةُ أبناء أبطال العبور بهذا العنف وتلك الشهامة!
هذا عارٌ بكل المعايير، وثورة مضادة لـ25 يناير، ودعاية سيئة للتسامح المصري تم الصاقُها بثورةٍ نجحت بفضل التحام إسلامي/ قبطي لم تعرف له مصرُ مثيلا إلا مرتين: في ثورة 1919 وفي أيام العبور الطاهرة.
يزعم مناهضو أقباطـِنا بأنَّ شركاءَ الوطن يريدون الاستعانةَ بالأجنبي، وباسرائيل، وبقوات أمريكية لعلها تمنحهم وطناً بديلا على أرض إسلامية، وهي مغالطات لا يتلفظ بها إلا متطرفون لا يعترفون بالآخر ولو كان له نفس الحق في الوطن.
أكثر من ثلاثين ألف مصري يعملون في إسرائيل، ويتعرضون لكل اغراءات التجسس وليس من بينهم إلا قلة نادرة من الأقباط، ومع ذلك فنحن نتهم أقباطـَنا بالتعاطف مع العدو الصهيوني.
أتابع بكل حزن وغضب معارك دون كيخوتية جوفاء وقبيحة وجاهلة وحاقدة من بعض أقباط المهجر ضد الإسلام ونبيه الكريم وأمهات المؤمنين، وهي معارك تصب في خانة خسارة الأقباط لقضاياهم العادلة، وتعطي مبرراً للعادلين الضعفاء من المسلمين أن يرفعوا أيديهم عن مساعدة ودعم اخوانهم الأقباط، لكنني سأظل في جانب المـَطالب العادلة بكل حقوق أقباطنا .. كاملة غير منقوصة، وبالمساواة مع المسلمين، وأيضا بنزع فتيل الغـِلّ والطائفية والتكفير من صدور الذين من المفترض أن يتولوا حماية شركاء الوطن.
عندما لا تكون هناك ذرّة تفرقة بين المسلم وأخيه القبطي مهما كانت.. في منصب حسّاس أو رئاسة مؤسسة أمنية أو التردد في قبوله مرشحاً لرئاسة الدولة أو استخدام تعبير شهيد للمسلم وقتيل للقبطي...
عندما لا أعرف إلا مصادفة من اسمه أنه قبطي، ثم لا أكترث فهو شريكي في وطن لا يملك أحدنا فيه شبرا واحدا أكثر من الآخر..
عندما أرى مشهدا مُشرقا لأعلى وأسمـىَ صور التسامح، أعني قيام المسلمين بصلاة الغائب على أرواح شهداء الوطن من الأقباط..
عندما تختفي من حياتــِنا الأحكام المُسبَقة على الآخر، وتصوراتنا الآثمة بأننا شركاءُ للرحمن الرحيم، حاشا لله، في فتح أبواب الجنة لمن نظن أنه يستحقها!
عندما يصبح من المستحيل علىَ أي جهة خارجية أو داخلية أو حتى مغرضة أن تجد ثغرة واحدة في حقوق أقباطنا تميـّزنا نحن المسلمين عنهم..
هنا سأكون أول من يتصدى لتجاوزات قبطية أو شعارات ظالمة أو مزاعم غير صحيحة، ولكن قبل أن يحصل أحبابـُنا .. شركاء الوطن على كل حقوقهم فإنني كمسلم أعرف ديني جيداً، ولا أقبل أيَّ مزايدة على فهمي للإسلام الحنيف، أجد نفسي متعاطفاً بكل قوة وصدق مع مطالب أقباطنا، وأقرأ الفاتحة على أرواح شهدائهم الأبرار، وأدعو الله، تعالى في صلاتي، أن يشملهم برحمته وعفوه وغفرانه، وأن يجمعنا، مسلمين وأقباطاً، في جنة الخـُلـْد، فليس مـِنّا من اختار بطنَ أمِّه ليسقط منه.
والبداية ليست في ماسبيرو أو كنيسة غير مرخصة أو فتاة مختفية أو شتائم غاضبين على الشاشة الصغيرة أو صُلبان بطول برج الجزيرة يرفعونها أو منتديات وحوارات لحمقىَ يحاول كل واحدٍ منهم أنْ يهدم دينَ الآخر، إنما البداية من القلوب التي في الصدور.
البداية من نزع البقعة السوداء في القلب والتي وضعتها أحكامٌ جائرة عن الشريك والأخ بأنه .. الآخر.
البداية هي مصالحة مع النفس قبل مصالحة الآخر، ووقف كل صور التطاول على الحق الالهي، فاللهُ، جلّت قدرته، هو الذي سيحاسبنا، أما أحكامُنا الحمقاء في حياتنا القصيرة على الأرض فهي تحتاج علاجاً نفسياً لأصحابها، وليس لتصحيح اعوجاجها.
أقـَدّم عزائي الثالث، بعد الكشح ونجع حمادي، في شهدائـِنا الأقباط، وأصلي للهِ أنْ يرحمهم، مؤكدا عن يقينٍ إيماني لا يتزعزع بأنَّ شرطَ صـِحّة إسلامي هي أنْ أحب لأخي القبطي ما أحب لنفسي.
وسلام الله على مصر
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 11 أكتوبر 2011
Taeralshmal@gmail.com
  

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...