25‏/12‏/2018

السخرية اليتيمة تعمل لصالح الطاغية!


السخرية اليتيمة تعمل لصالح الطاغية!
هل تؤثر سخريةُ الرعيةِ من وراءِ ظهْر الحاكمِ فتـُـقـَـلــّـص فترةَ حُكْم الطاغية، وتزيح المستبدَ، وتُعجّل في زوال حُكْم الديكتاتور؟
طوال تاريخ الطواغيت والسخرية سلاحٌ يُبهــِــج الجماهيرَ، ويوهم المعترضين أنهم يمارسون فِعْلَ التمرد والثورة؛ لكن الحقيقة أنَّ السخرية بمفردها تمدّ في عُمر الطاغية وتُخدّر الوعيَ الجماهيري الذي يظن أنَّ خيوله تصهل، وحِرابَه تصيب القصرَ، والنكت اللاذعة واللاسعة توجع وتؤلم الحاكم.
هكذا ظن العبيدُ في كل بقاع الأرض عبر التاريخ، فيتهامسون فور اختفاء سوط سيدِهم ومالك رقابهم، ويضحكون في غيابه، ويتفننون في التهكم عليه وعلى عائلته وحياته وأسلوب معيشته ورجاله، وفي النهاية  يغطون في نوم عميق تزوره كوابيس النهار والحقل والمزرعة والكرباج والمهانة والجوع والفقر والجــَـلــْـد علىَ ظهورٍ ملتهبة.
السخرية بمفردها حالة سلبية من التمرد لا تختلف كثيرًا عن الصمت، وكل طغاة الدنيا اغتبطوا بتنفيس العبيد عن أنفسهم في غيابهم، فهو يجدد الاستعداد ليوم جديد من عُمْر السيد، وموت جديد في مقابر الأحياء!
إذا نظرنا إلىَ حياة أيّ طاغية دراكيولي مدّ التهكمُ السلبي في عُمره سنجد أنه المستفيد الأول، فالقذافي كان مادة صالحة لكل جلسة بين خائفين ومفزوعين ومرتعشين فأقام فوقهم وكأنه بينهم 42 عاما؛ وموجابي تُكتــَـب عنه موسوعات في الضحك الأسمر الذي يمتد من هراري إلى كيب تاون، جان بيدل بوكاسا الذي أكل لحم تلاميذ المدارس أطالت السخرية في عُمره حتى منــَـحه البابا وجيسكار ديستان أوسمة الشجاعة، وعيدي أمين دادا قضى حياتــَـه يسخر من الرجل الأبيض ويلعب دور المُهرج ويشترط لقاء السادات على أن يأتي إلى مصر سباحة بجوار التماسيح، وهكذا فإن السخرية التي لا تسندها وتدعمها وتشد من أزرها قوة معارضة ووطنية وشرسة تصبح في النهاية هديةً للحاكم الطاغية ولو كان معتوها أو ناهبا لخزينة بلده مثل جان كلود ديفيالييه، حاكم هاييتي الراحل.
عندما صدرت مجلة 23 يوليو في لندن في السبعينيات وركزتْ على السادات في سخرية لا مثيل لها، لم يتأثر رغم عبقرية الرسوم الكاريكاتيرية وتبنّي اللواء سعد الدين الشاذلي روح المجلة، وجاءت التيارات الإسلامية المتطرفة فحصدت النصرَ الدموي في 6 أكتوبر 1981!
نفسُ الأمر انسحب علىَ علي عبد الله صالح حتى أنه صرح بتعاطيه القات وسط ضحكات أبناء شعبه، فحكم لأكثر من ثلاثين عاما.
إنَّ رهطا قليلا من المعارضين الجادين أو المحللين أو الكاشفين لجرائم الطاغية أفضل وأكثر وقعا وخطرا عليه من مئة ألف نكتة لاذعة في محيط سلبي لا يحرك ساكنا.
ما أسعد دراكيولا بسخرية ضحاياه من أنيابه  وهو يغرسها في أعناقها؛ فهي تزيد تعطشه للدماء؛ أما المعارضة الحيّة والصادقة والبعيدة عن العنف والقتل فهي التي تعمل لصالح الجماهير وتختصر طريق الأربعين أو الثلاثين عاما إلى أربعة أو ثمانية أعوام.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو النرويج


لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...