13‏/05‏/2018

الذكرىَ العاشرة لرحيل الشيخ سعد العبد الله


اليوم تمر الذكرى العاشرة علىَ رحيل الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء والأمير الوالد في دولة الكويت.
المسؤول الكويتي الكبير الذي أحبه الكويتيون والوافدون بنفس القدر، وهو بطل التحرير وأحد الرجال الذين صنعهم الوفاء، وأسلمت لهم الشجاعة قيادتـَـها، سواء إبان مذابح سبتمبر الهاشمية في الأردن، أو خلال مقاومته على الحدود الكويتية/ السعودية بعدما أنقذه الله من براثن جيش الاحتلال العراقي.
كنت أحبه حباً جمّاً ويبادلني، رحمه الله، نفس المشاعر الدافئة الجميلة.
شرَّفني برسالة فاكس خاصة من " الطائف"السعودية قبل التحرير بشهر تقريباً، يبلغني فيها بأنه سيستقبلني قريبا(!) في الكويت المحرَّرَة، فزارني التفاؤل بعدها، وبدأت أعدّ الأيام على هزيمة واندحار وخروج أشاوس(!) صدام حسين من جارته الصغيرة التي غدر بها في فجر الثاني من أغسطس عام 1990.
في نهاية عام 1993 دعاني وابنتي سونيا ( أربعة عشر عاماً آنئذٍ) وابني مجدي ( تسع سنوات في ذلك الوقت ) لزيارة الكويت، واستقبلنا في مكتبه بقصر بيان استقبالا حفياً، وعاملهما معاملة أب ودود ورائع.
المرة الوحيدة التي رأيت علامات الغضب على وجهه عندما قلت له بأن اصواتاً كثيرة من المسؤولين والكتاب وغيرهم تتحدث بصوت عال عن المصالحة مع طاغية بغداد، فقال لي بأنه لو صفح الكويتيون كلهم عن هذا المجرم وقوات الاحتلال العراقية فلن أفعل.
بعدها انتقلت للحديث عن موضوعات أخرى، ودعوته، رحمه الله، لزيارتي في النرويج، فوعدني بذلك رغم أنه يحب شمال ايطاليا على الحدود النمساوية فهو المكان المفضل لديه، صحياً وتأملياً.
تلقيت اتصالا هاتفيا في الفندق اللندني البسيط، وقيل لي بأن سمو الشيخ سعد العبد الله يريد أن يراني قبل عودتي في اليوم التالي إلى أوسلو.
كان قد شفى من الأزمة الصحية وخرج من المستشفى، فاستقبلني في مقر اقامته بالعاصمة البريطانية مرتدياً بدلة أنيقة تتوسطها ربطة عنق صفراء، وكان في أشد حالات البهجة والصفاء. قال لي: لقد علمت من السفارة بوجودك في لندن فحرصت على لقائك، فأنت عزيز على قلب كل كويتي لمواقفك وكتاباتك في أحلك اللحظات. ثم أردف، رحمه الله، قائلا: هل تعرف أن كتابك( كتابات ممنوعة- أحاديث لا تُرضي الرقابة) انتهيت من قراءته في ليلة واحدة، واكتشفت أنك ترصد المستقبل كأنك تراه أمامك.
سقط الشيخ سعد العبد الله مريضا مرة أخرى، وزادت حالته حرجاً، وقمت بزيارته في المستشفى بلندن ولم أتمكن من الدخول عليه، , وجلست في غرفة الانتظار مع الشيخ سالم الصباح والسفير الكويتي، وكان رحمه الله، نائماً، ولم أره بعد ذلك، وكنت قد طلبت من الشيخ سلمان صباح السالم الحمود زوج ابنته آنئذ ( وزير الإعلام بعدها) أن يُمكنني بعد عودة سموه من رحلة العلاج الأخيرة في الهند أن اقوم بزيارته لدقائق معدودة، لكن الموت إذا قرر دخول السباق مع الأماني، فلا يستطع حلم او طبيب أو محب أن يسبقه.
أتذكر أنني قمت بزيارته في الديوانية مرة واحدة، فكل لقاءاتي كانت بمفردي، وقمت أمام الجميع عندما حان وقت المغادرة ، فرأيت الصديق الشيخ فيصل الحمود المالك الصباح يشير إليَّ، وأفسح مكانه لي لأجلس بجوار الشيخ سعد العبد الله. الذي تبادل معي بعض الكلمات الرقيقة وهمس في أذني: لقد أرهقت كثيرا، لكنني والحمد الله انتهيت من تشكيل الحكومة وسأعلنها غداً!
خرجت من الديوانية وأنا طائر من الفرح، فلم يحدث أن استقبلني مسؤول في أي مكان، ثم أخرجت من اللقاء الخاص كلمة واحدة إلا أن تكون غير مباشرة وفي ثنايا مقال وبعد وقت طويل.
ثم كان اللقاء الأخير الذي لم يسمعني فيه عندما زرت قبره في مقابر آل الصباح، ووقفت أقرأ الفاتحة على روحه الطاهرة.
ورغم مرور عشر سنوات على رحيل سمو الشيخ سعد العبد الله إلا أنني أشعر كأنه استقبلني بالأمس القريب.
رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته مع الشهداء والصديقين والأنبياء، وحسن اولئك رفيقاً.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو النرويج

عشرون ملاحظة على لقاء عمرو أديب بمحمد صلاح!


عشرون ملاحظة على لقاء عمرو أديب بمحمد صلاح!
1- كان اللقاءُ ممتعا للمشاهدين رغم التفاوت الكبير بين النجم والإعلامي، فهما من عالميّن مختلفين.
2- محمد صلاح لم يزايد وطنيا أو دينيا؛ إنما شهد بالفضل على تفوقه ومهارته إلى العقل والاجتهاد والتدريب والثقة بالنفس.
3- كان عمرو أديب صغيرا أمام الكابتن، ولم يتمكن من جذبه إلى عالم الأسئلة التافهة، فيُحوّلها محمد صلاح إلى متعة وفائدة للمشاهد .
4- كان محمد صلاح صريحا وواضحا رغم دماثة خُلقه؛ فقد قال بأنه غادر مصر وفي نيته عدم العودة ليفهم المشاهد أنه غير راضٍ مطلقا عن الوضع العام برمته.
5- أثبت محمد صلاح خطأ كل الأقاويل الهزلية بأنه داعية لدينه، إنما كان مدرسة متكاملة في علم النفس والسلوكيات القويمة وأن النجاح يعود للثقة بالنفس والتي نصح بها كل مشاهد يريد أن ينجح.
6- لم يجامل أو ينافق أو يطبّل أو يُرجع الفضل لتوجيهات رئيس الدولة، فهو أكبر منه، فالرئيس لا يملك عبقرية الحُلم التي هي نهج محمد صلاح.
7- لم يُشر من قريب أو من بعيد للدين، ومن ينصت إليه جيدًا يراه إنسانا فقط، وليس إمام مسجد في الملعب، فكسب القلوب وخسر الذقون، وكان حريصا أن لا يقع في مصيدة الأدعية والفضل وصلاة الفجر وقراءة آيات النصر الكروي.
8- رغم أن عمرو الأديب يبلغ من العُمر ضعف محمد صلاح، إلا أن الملك المصري كان يجمع خبرات في الحياة والذكاء والدهاء والتسامح أضعاف ما لدىَ الإعلامي.
9- لم يرفع محمد صلاح قبضته ويصيح للمهووسين: تحيا مصر التي تصب في صالح النظام السياسي، أو أنا مسلم التي ترجّح كفة دواعش الأمة، إنما كان يُلقن محبيه دروسا في اندماج المهاجر في المجتمع المضيف، نفسيا وعاطفيا وولائيا.
10- كان محمد صلاح داعية لدين الأديان، أي التفاؤل والتفكير العقلاني والترتيب والتنظيم والتمدّن والاجتهاد، فكانت قدماه أذكى من عقول المتدينين والوطنيين.
11- جعل محمد صلاح قريته هي العالم، وقرويته هي الأصل، وليفربوليته هي الوطن الجديد دون أن يحيد يمينا أو شمالا فيهتز الولاء بين وطن غادره و.. وطن احتضنه.
12- كان متحضرا حتى في فرحه وسعادته وبهجته فهو لا يحتفل بهزيمة من شاركهم من قبل الملاعب الخضراء، ويحتار إذا فاضل أحدًا على أحدٍ، كما حاولت اهتمامات عمرو أديب أن تحشره فيها، فكان بحق هو الإعلامي والكابتن، بل كان يمكن الاستغناء عن عمرو أديب ليتحدث محمد صلاح مع نفسه فيتفوق عليها!
13- من أراد أن ينجح فنجاحه يُنسب إليه فقط، فهو صاحب الحق الأوحد والفضل الأكبر على نفسه، وهي قمة الثقة بالنفس في سن التاسعة عشرة عندما غادر إلى بازل فروما فبرمنجهام.
14- كان يحقق الهدف في عقله أولا، ثم ينقله إلى قدميه في الملعب، فجعل الكُرة تصيب الشبكة قبل المباراة بيوم أو..  أكثر.
15- لحية محمد صلاح كانت تُكمل ابتسامته المريحة والتلقائية والطبيعية ولا علاقة لها ألبتة بتوجيهات دعاة الفرض الديني السلفي.
16- كان الكابتن حالة سلام وحب وتواضع مع نفسه، وأطل صغيرًا، في العُمر، على عمرو أديب فتلقفه محبوه كبيرًا في عيونهم.
17- كانت المفاجأة لعمرو أديب الذي لم يُعد نفسه جيدًا ليستخرج من ضيفه روح الحياة، لكن ضيفه كان أسرع بوضع النقاط فوق حروف كلمات تُبهج، وتُدرَس، وترفع من شأن هذا الفرعوني الذي يصيب الشبكة بقدمه الساحرة والقلب بإنسانيته الرائعة.
18- محمد صلاح أثبت أن القرية المصرية تستطيع أن تمدّ العاصمة بسلوكيات متمدّنة ليست بالضرورة مستندة على دين أو مزايدة وطنية، رغم أن إيمانه بالاثنين: الله والوطن، كان يُطل من بين جوانحه فيخلط النيل بالتيمس.
19- أحاديث محمد صلاح ينبغي أن تُدرس في مدارس مصر كلها، ليتعلم الكبار المصنوعون إعلاميا أنهم صغار مقارنة بالوجه الجديد للتحضر.
20- انتهى خوفي تماما أن يسرق الوطنُ الأم محمد صلاح ويُلقي به في دائرة التعصب والدعوة الدينية والمديح الزائف في وطنٍ يئن مع تطبيل يرن، وكسب الكابتن مباراة إعلامية فـُـرضت عليه مصطلحاتها، فأنسنها، وجعلها في شبكة الوطنين: الأم والمضيف.
محمد صلاح رفع الفلاح المصري مئة درجة، وجعل مصر في أحلام أطفال العالم. تحية إلى عمرو أديب الذي حاول المسكين أن يرتفع إلى قامة محمد صلاح ، ففشل، لكن الكابتن أخذ بيده، وصعدا معــًــا إلى حوار ممتع وبديع.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 13 مايو 2018

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...