22‏/01‏/2014

أقباطنا .. شركاء الوطن، حقوقهم واجباتنا

رؤيتي لهموم أقباطنا عام 2001
 
أقباطنا .. شركاء الوطن، حقوقهم واجباتنا
 
الدخول إلى المنطقة الوعرة في النسيج المصري تحتاج إلى تصريح نفسي وفكري ووجداني واستعداد كامل للتعرض لأشد أنواع النقد إيلاما، فالمنطقة القبطية في المشهد المصري، ظلت تسبق الدخول إليها أو الحديث عنها أو الإشارة لبعض مشاكلها علامات استفهام من المسلمين والأقباط والأمن والسلطة العليا، والسبب أنها تمس وترا حساسا يضيق به الجميع، ولا يتسع له صدر أي فئة، وتراه السلطة تدخلا في شؤونها بحكم ثقافة الوصاية التي تتحكم في معظم شؤون حياتنا.
وعورة المنطقة القبطية في النسيج المصري تزداد صعوبة عندا تسيء السلطة فهم أي طرح، فتتولى على الفور تقسيمه ما بين مؤيد لمطالب غير عادلة ومعارض لمطالب عادلة
!
هناك أيضا حالة شبه يأس تنتاب جميع قطاعات الشعب ناتجة عن مئات التجارب الواقعية التي تثبت حقيقة عدم اكتراث السيد الرئيس لأي نداء أو صراخ أو شكوى، وهو أمر لا يتعلق بأقباط مصر فقط، لكنه حالة عامة صبغت الحياة اليومية المصرية وعلى رأسها علاقات رئيس الدولة بمواطنيه، فسياسة الرئيس تقوم على "تجنب وجع الرأس" بمشاكل المصريين التي لا تعد ولا تحصى، حتى لو وضع مستشاروه ورجال الأعمال وأجهزة الأمن تقارير على مكتب سيادته بأن وزيراً متورط في قضايا فساد، فإن السيد الرئيس سيزيحها من أمامه كما أزاح من قبل عشرات التقارير عن المستشار إسماعيل الجوسقي وكمال الشاذلي ويوسف والي وماهر الجندي وفهيم الريان وغيرهم، فالمصريون كما يراهم الرئيس لهم رب يحميهم
.
نحن نكتب انطلاقا من إيمان برسالة سامية تؤديها صاحبة الجلالة السلطة الرابعة، ولكن لايخالجنا أضعف الإيمان بأن الرئيس يمكن أن يستجيب لهموم مصرية أو مطالب من رعاياه
.
نكتب عن هموم قبطية من منطلق إسلامي علمنا إياه الدين الحنيف، فحقوق أقباط مصر ينبغي أن لا تختلف قيد شعرة عن حقوق مسلميها
.
وأقباط مصر ليسوا طائفة أو أقلية أو عنصرا آخر من عناصر الأمة لكنهم مصريون فتحوا للمسلمين صدورهم وعقولهم منذ أكثر من ألف عام، وفضلوا الاحتفاظ بدينهم ولم يتأخروا عن الذود عن وطنهم، معقل الإسلام، وهم بالتالي ليسوا أهل ذمة أو رعايا دول أجنبية وإنما موطنون لهم ما للمسلمين من حقوق وعليهم نفس الواجبات
.
التسامح هو القيمة الكبرى التي تحفظ للوطن قدسيته وأمنه وسلامه، ولكن هذه القيمة تراجعت كثيرا منذ أن بدأ الرئيس الراحل أنور السادات في تغذية التطرف الديني وإذكاء نار الفتنة الطائفية، وبدأت الجماعات الإسلامية باكتساح قيم و مبادئ الوطن لتحل محلها نعرات طائفية وعنصرية وكان أمرا طبيعيا أن أفعى التطرف والتزمت والتشدد التي أخفاها الرئيس الراحل في صدره قد لدغته أولا ثم توجهت لتمزق أجزاء من الوطن في صورة الإرهاب وقتل السياح ومهاجمة الأقباط ومطاردة المفكرين والأكاديميين والإعلاميين
.
المرة الأولى التي قرأت فيها الوصايا العشر لجماعة الإخوان المسلمين كانت منذ خمسة وثلاثين عاما(1965) وقفت صامتا ومندهشا أمام المبدأ التاسع الذي يقول: احرص على أن لا يقع القرش إلا في يد أخيك المسلم
!
وهي دعوة عنصرية طائفية تناهض تماما مبادئ الإسلام العظيم، وتقف علي النقيض من دعوة نبي الإسلام محمد بن عبد الله، صلوات الله وسلامه عليه، الذي يوصي خيرا بأقباط مصر ويؤكد بأن خصومهم هم خصوم النبي الكريم يوم القيامة
.
المشكلة هي في أن الدولة لا تعترف بعدالة مطالب الأقباط وتحيل القضية برمتها إلى وزارة الداخلية واعتبارها قضية أمنية وقد صرح الرئيس حسني مبارك في أكثر من مناسبة بأنه لا توجد أي مشاكل قبطية في مصر، وهو تصريح ليس غريبا فالرئيس نفسه لا يرى أن في مصر أمية وأن وسائل إعلام صفوت الشريف تقوم بتلميع التطرف الديني وأن هناك مليوني مواطن من رعاياه يقطنون المقابر مع الأموات وأن المصري هو أرخص مواطني العالم الثالث في الغربة وفي الوطن، وأن كرامة المواطن المصري في عهد سيادته تقل عن الصفر كثيرا عندما يلقي به حظه العاثر بين يدي ضابط شرطة في الريف أو في صعيد مصر.
الرئيس لن يرى مشاكل أشقائنا أقباط مصر أو يلمس أوجاعهم أو يخفف من آلامهم أو أن يقف بحزم في مواجهة أي تمييز يتعرضون له لأن البعد الإنساني في رؤية سيادته منذ أن تولى حكم مصر بقانون الطوارئ غير موجود بالمرة وبالتالي فإن أقباط المهجر لا يختلفون عن المصريين- مسلمين ومسيحيين- الذين تعرضوا للظلم والبغي والنهب والسرقة والعدوان في العراق والأردن وليبيا، فسياسة الرئيس تقوم على أن لا كرامة للمصريين تستحق أن يستنفر من أجلها أو يرهق نفسه أو يعقد اجتماعا طارئا أو يوصي زبانية التعذيب في أقسام الشرطة بأن يخففوا قليلا من نعالهم التي تدوس على كرامة رعاياه ومواطنيه.
أقباط المهجر الذين تجاوز عددهم المليون مصري، والذين تجنس أكثرهم بجنسيات وطنهم الجديد، هم امتداد عضوي وفعال لأبناء الوطن من مسلمين ومسيحيين، ومطالب أكثرهم لا تخرج عن تحقيق العدالة في كل صورها ورفع قيمة المواطنة ومحاربة التطرف الديني بإعلاء شأن التسامح وتحقيق عدالة توزيع الوظائف وفقا للكفاءة والشرف والنزاهة
.
والاحتفاظ بالخط الهمايوني، مثلا ، الذي نقل الرئيس صلاحيته إلى المحافظين يخالف تماما الدستور الذي ينص علي احترام العقائد، فلا يعقل أن ينظر المحافظ في طلب ترميم كنيسة أو إصلاح دورة مياه بها
.
والمواطنة ليست مــِـنـَّـة أو منحة أو هدية أو تبرعا من الحاكم للمحكوم، وليس من حق أي مسئول التمييز في التعيين بمناصب الدولة الكبرى، والمفترض وفقا لكل صور العدالة أن لا تقف طموحات المواطن المصري القبطي أو أحلامه أو آماله عند حد معين أو وظيفة لا يتخطاها أو منصب لا يمدّن عينيه لأبعد منه، فينبغي أن تكون كل الأبواب مفتوحة على مصراعيها للمواطن القبطي حتى لو رشح نفسه رئيسا للدولة الإسلامية كما كان عيدي أمين دادا المسلم رئيسا لأوغندا المسيحية
.
التمييز هو الاستعلاء والذي يؤدي بالتالي إلى نفي الآخر نفيا تاما، فكريا وعقائديا، من منطلق الخلاف على صورة الإيمان بالدين، وأنا في الواقع كمسلم أعرف ديني جيدا بفضل الله وأعتز به وأومن عقلانيا وعاطفيا ويقينيا بالإسلام الحنيف ولا تستطيع أي قوة مهما أوتيت أن تزايد عليّ في علاقتي بالله عز وجل أو تنتقص من قدر فهمي لتعاليم الإسلام العظيم، أرى أن كل حقوقي الإسلامية ومواطنتي يجب أن يتمتع بها أخي القبطي بدون استثناء حتى لو أراد المواطن القبطي المسيحي المتشدد أن يلتحق بكلية أصول الدين وبتخصص في الشريعة ويرتدي الجبة والعمامة، فضلا عن كل مناصب ووظائف الدولة مع استثناءات قليلة جدا وهي المناصب الخاصة بممارسة الشعائر الإسلامية. هذا هو الإسلام الذي أعرفه وأحبه وأتمسك بتعاليمه واسترشد بقرآنه المجيد وبسنة نبيه، صلوات الله وسلامه عليه، وهو الإسلام الذي يضفي حمايته على المسيحيين والمسلمين بنفس القدر دون فرق أو تمييز
.
لا أظن أن القضية المطروحة ستؤتي ثمارها في عهد الرئيس حسني مبارك ولو أن هناك طيفا صغيرا من الأمل في استجابة الرئيس لما ترددنا في التأخر سنوات للكتابة عن هذه الهموم المصرية، فهناك مثلا عدة آلاف من المصريات اللائي تزوجن من مواطنين غير مصريين، وتتعامل الدولة مع أبنائهن تعاملها مع الأجانب تماما، على الرغم من أن ابن المواطنة المصرية قد خرج إلى الدنيا في أم الدنيا ولا يعرف وطنا آخر غير وطن والدته ولا يتحدث بغير لغتها ولا يدين بالولاء لأي مكان آخر غير مصر، ولكن الرئيس حسني مبارك يرفض فكرة منح أبناء المصرية جنسية أمهم ووطنهم وبلدهم
!
عشرون عاما من حكم الرئيس حسني مبارك ولم يفكر للحظة واحدة في منح مواطنيه من أقباط مصر حقوقهم المشروعة وفي مقدمتها الوصول إلى أي منصب أو وظيفة وفقا للكفاءة والشرف، فنحن نبحث عن محافظ قبطي أو وزير في وزارة أو مسؤول كبير في أمن الدولة أو مستشار للرئيس أو قيادة إعلامية، وتكون نتيجة البحث خيبة أمل وحزنا عميقا على البلد الذي امتص لآلاف السنين حضارات وتعاقبت على حكمه مئات من الأسر الأجنبية القادمة من خارج الوطن، وظلت مصر بمنأى عن أي خطر حتى لو جاس الاستعمار الفرنسي في أزهرها الشريف أو دنسها الاستعمار البريطاني لسبعين عاما أو حكمها الأتراك العثمانيون مئات الأعوام
.
إن أول مظهر من مظاهر التمييز ضد أشقائنا الأقباط يبدأ في الفكر الاستعلائي الذي يلغي الآخر أو يهمشّه أو يراه مواطنا من الدرجة الثانية أو يربطه بالغرب برباط ديني مسيحي، وهذا الفكر الاستعلائي يقوم على محورين: الأول إعلامي بتغييب التواجد القبطي مقابل تلميع وجوه متعصبة ومتخلفة ونصف أمية تتوجه إلى الأمة بأحاديث دينية مليئة بالكراهية ومفعمة بالحقد وتساندها فتاوى عمر عبد الكافي وعمر عبد الرحمن والمرحوم الشيخ عبد الحميد كشك وبقية الكتيبة التي لا تساهم قط في تقدم الأمة، إنما تحرض على التفرقة والتميز الديني، وتقوم بعملية تغييب كامل للوعي عن طريق طرح جديد للإسلام يخلط العنف بإقامة الحدود بحجة أن الإسلام جاء لإعلاء شأن المسلمين بأي وسيلة يوفرها استعراض القوة لإنزال الرعب في قلوب أعداء الدين
!
في مصر اليوم تم استبدال الشيخ يوسف البدري بالإمام محمد عبده، وأفسح التلفزيون المجال لأنصاف الأميين لقيادة الجانب الروحي للأمة، وبدلا من تقديم تصورات إسلامية واقعية ومستنيرة عن رؤية هذا الدين الحنيف للأمية والبلهارسيا وتسديد الضرائب للدولة والغش والفساد والرشوة والاستيلاء على أراضي الوطن، انشغل الإعلام بزواج المسلم من جنيــّـة واللجوء إلى العفاريت لوضع حلول للمشاكل النفسية والعصبية، وتوجيه كم هائل من الكراهية لأشقائنا أقباط مصر وقد تغلغل هؤلاء المتخلفون إلى دور الحضانة والمدارس والجامعات في محاولة لتربية أجيال تعتبر المجتمع في جاهلية حتى أن بعضهم يرفض تحية العلم ويراها وثنية، ومن هنا بدأ العد التنازلي لأخطر طوفان قد لا يبقي ولا يذر على الأرض الطيبة وذلك بتراجع فكر التسامح واعتبار المسلمين في حالة حرب مع المجتمع وجاهليته وقيمه ومبادئه وفنونه وآدابه وعلمائه وأيضا أقباطه المصريين الذين عاشوا بيننا لأكثر من ألف عام ورفضوا كل صور التعاون مع الاستعمار الغربي المسيحي
.
عندما يهل شهر رمضان المبارك يخجل كثير من أشقائنا الأقباط من تناول الطعام جهرا، بل إن البعض يشارك المسلمين صيام الشهر الكريم حفاظا على مشاعر الإخوة في الوطن، ثم تراجعت هذه المشاركات الجميلة في زمن أسود تلغى فيه الطائفية الطرف الآخر، ويرفض أصحاب خاتمة الديانات السماوية حقوق أشقائهم من أهل الكتاب الذين يراهم القرآن الكريم الأقرب مودة لأن منهم قسيسين ورهبانا وهم لا يستكبرون
.
مصر في حاجة إلى ثورة حب وتسامح تعيد للوطن رونقه واشراقته ووجهه الجميل وتلك الثورة لن يقودها صبيان التخلف والعنصرية المقيتة وخطباء الهوس الحقدي
.
إن مطالب الأقباط المشروعة لا غبار عليها وهي صورة من صور العدالة وحق لهم على المسلمين بعد مئات من الأعوام جنبا إلى جنب للدفاع عن مصر
.
إن الله، العلي القدير، ليس منحازا لأحد، وكلنا سنأتيه يوم القيامة فردا، وميزان الحسنات يوم الحشر هو لصالح المتسامحين فقط
.
الدين ليس حالة عقلية فقط أو اختيار حر لكنه وراثة لا قبل لأحد برفضها إلا أن يكون قد بلغ سن الرشد وقرأ وبحث وأعاد اختيار دينه أو انتقل إلى دين آخر، وأي شخص يظن أنه اكتسب مسبقا مكانا في الجنة لأن والدته أرضعته مع حليبها مبادئ دين ما، هو مخطئ حتما
.
في باكورة شبابي كنت مولعا بمقارنة الأديان، وقرأت كثيرا جدا في الإسلام والمسيحية، وبدأت في وضع كتاب عن المقارنة بين الدينين، وقطعت شوطا كبيرا منه. ثم ذهبت إلى القاهرة للقاء الشيخ محمد الغزالي( 1969)، رحمه الله، وكان مراقبا عاما بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لأبلغه بكتابي وأستهديه بعض الآراء وأعقب على كتابه عن المسيحية والإسلام. وكان لقاءا رائعا لازلت أتذكر كل تفاصيله فقد كان الشيخ الغزالي واحدا من أربعة تأثرت بهم فكريا والتهمت كل مؤلفاتهم وكان الثلاثة الآخرون هم مصطفى صادق الرافعي والنمساوي محمد أسد صاحب كتاب " الطريق إلى الإسلام" ورابعهم المفكر العظيم مالك بن نبي
.
ولم يقدر لي القدر تكملة كتابي، ومرت السنون وتولى الزمن بطريقة مختلفة تماما رسم مشهد جديد للنضج لا تفريط به في قيم الدين ولا استعلاء به على الآخر.

إن فهمي للإسلام جعل المسافة بيني وبين كل الجماعات الإسلامية تقريبا كالبعد بين المشرقين، ففي نفسي أيضا نفور شديد من كل الذين استخرجوا عنوة من دين التسامح قطعا من الليل مظلمات وخلطوها بعنف وكراهية وأحاطوها بهوس جنسي يرى فيه المسلم العالم كله امرأة وشهوة وعورة.
حتى عندما اختلف شاربو الدماء مع الدكتور نصر حامد أبي زيد ومع الدكتورة نوال السعداوي لم يجدوا غير تفريق الزوجين عقابا لعدم طاعة أمراء الجماعات الجدد، فإسلامهم الذي اخترعوه يرون من خلاله العالم كله شهوة وسوطا لاذعا ورجما بالحجارة في خليط عجيب من اللذة السادية والسرقة ويمارسون كل صنوف الضلال والنهب والاعتداء على الأقباط وتحريم الموسيقى والجمال والخير والإبداع، وتكفير المسلمين قبل تكفير أشقائنا أقباط مصر
.
الإسلام الذي أعرفه قائم على الهدي والتسامح والمساواة بين البشر ورعاية حقوق الغير وحرية العقيدة وهو مبدأ قرآني مجيد ينبغي أن لا يحيد عنه أي مسلم لوضوحه الشديد ولأنه أتى في صيغة أمر لكل المسلمين " من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" بل إن الأمر الإلهي العظيم توجه إلى نبيه الكريم، صلوات الله وسلامه عليه، " وما أنت عليهم بمسيطر
".
إن حرية العقيدة مبدأ ثابت في الإسلام يجب على كل من يؤمن بهذا الدين أن يطيعه طاعة خالصة، ونخلص منها إلى أن من يعيش بين المسلمين ينبغي أن يتمتع بكل حقوقهم وأن يلتزم بكل الواجبات غير الدينية التي تسبق الحقوق
.
إن تاريخ الكنيسة القبطية في مصر ليس ملكا خالصا لأشقائنا الأقباط لكنه ملك أيضا لكل مسلم يفتخر به، ويعلم أولاده نضال القبط ضد قوى الإلحاد الرومانية واختيارهم على مدى مئات الأعوام الجانب الإسلامي في كل حملة استعمارية تعرضت لها أرض الكنانة
.
من أبسط حقوق أشقائنا أقباط مصر المساواة الكاملة في الوظائف والتعليم والمناصب والسفارات والإعلام، وأي دعوة تجعل موقعا معينا مقتصرا على المسلمين فقط لا تختلف في قليل أو كثير عن العنصرية التي كان البيض يمارسونها في جنوب أفريقيا ضد السكان الأصليين الذين لوحت شمس القارة السمراء وجوههم
.
قطعا هذا النداء ليس موجها للسيد الرئيس حسني مبارك فلو انقلبت مصر عاليها سافلها فلن يستبدل سيادته الذي هو خير بالذي هو أدنى،ولو قبــَّـل المصريون كلهم حذاء سيادته ظهرا وبطنا فلن يغير عشرات من المسؤولين والوزراء والمحافظين وزبانية التعذيب في أقسام الشرطة وسيظل إلى آخر يوم في حكمه، يحكم بقانون الطوارئ ويرى مطالب المصريين عبثا، وعبئا على سيادته ، وإذا اجتمعت الأمة كلها على ضرورة تغيير مسؤول وهي في الواقع مصدر السلطات كما جاء في الدستور، فإن السيد الرئيس حسني مبارك سيهزأ بهم ويجدد للمسؤول عدة سنوات أخريات، وكلنا نتذكر اعتكاف الرئيس في برج العرب شهرا كاملا يداعب فيه آمال وأحلام المصريين في حكومة جديدة قائمة على الكفاءة والنزاهة والشرف، وينهض بها شباب الوطن وعباقرته، وظن الساذجون والطيبون أن الرئيس في ولايته الرابعة سيضع مقاييس جديدة لقيادة الأمة
.
وخرج سيادته بعد شهر كامل ليحتفظ بتسعة عشر وزيرا، أكثرهم أثبت فشلا ذريعا، وليؤكد لشعب مصر كلها أن رجاله فوق أي اعتبار. فكيف إذن سيرى الرئيس مطالب أشقائنا الأقباط في الوقت الذي أطاح من أمامه مطالب كل المصريين؟

من أهم هموم الأقباط صعوبة الحصول على تصريح ببناء الكنائس، وفي الحقيقة ودون الدخول في متاهات إحصائية تؤكد من خلالها الدولة أن التصريحات كانت كافية ويرفض فيها أشقاؤنا الأقباط بيانات السلطة كجزء متعارف عليه من الرفض الشعبي لأي إحصاءات، فقد تعلم المصريون من تجاربهم أن بيانات الحكومة غير صحيحة
.
ونحن نسأل بدورنا عن الخسارة التي ستلحق بالدولة الإسلامية لو تم بناء مئات من الكنائس لأبناء الوطن تكون عونا للمسيحيين في اللجوء إلى الدين وطلب الأمن والسلام والعبادة سواء تعارض هذا مع المفهوم الإسلامي أو أثار حفيظة بعض المتشددين؟

ما هو الخطر الذي ستتعرض له الدولة الإسلامية لو وافقت السلطة على تصريح بناء كنائس لأبناء الوطن من الأقباط؟ إن وجود عشرين كنيسة بجوار مسجد واحد لن يؤثر في إيمان المسلمين ولن يجعل عدد المسيحيين يزداد، بل سيكون الأمر سهلا للأقباط في الدخول إلى مكان العبادة واللجوء إلى الدين طلبا للحماية من الأخطاء والخطايا
.
يحتاج المسلمون إلى ثقة بالنفس وبالدين بعيدا عن التشنج العصبي الذي يلغي الآخر وعقيدته في الوقت الذي يتلقى غير المسلمين من تعاليم الإسلام السمحاء كل عون ودعم ومباركة في عقائدهم وإيمانهم وصلواتهم..

 
الإسلام في خطر مادام المسلمون بعيدين عن روحه المتمثلة في المحبة والتسامح.وأوّلىَ الناس بعطاء القلوب الدافئة التي عـَـمَّرها الإيمان وتعاليم القرآن المجيد وسنة نبيه الكريم، صلوات الله وسلامه عليه، هم أشقاؤنا الأقباط، وأنا لا أظن أن هناك مسلما يحمل ضغينة في قلبه لجاره القبطي ثم يقف أمام الله خاشعا من رهبة الوقوف بين يدي من لا يمسك خزائن الرحمة عن عباده.
 
ومن الكنائس إلى قضية التوظيف وكنا نأمل أن تضرب الدولة ممثلة بالسيد الرئيس الحاكم العسكري المثل في المساواة بين كل المواطنين، ولكن سيادته يري أن كمال الشاذلي وفتحي سرور وممدوح البلتاجي ويوسف والي وصفوت الشريف وقبلهم إسماعيل الجوسقي ومحيي الدين الغريب وماهر الجندي هم أقدر على قيادة الدولة من كل مسلمي مصر وأقباطها، فكيف نطلب من الرئيس المساواة ؟
إن إشكالية فكر التمييز لم تبتدعه الجماعات الإسلامية الجديدة والتي خرجت من عباءة الإخوان المسلمين، لكنها تربت في أحضان الإعلام بعد أن ألقت بذورها في المدارس والجامعات وكتب الدراسة والنماذج والأمثلة في نصوص كتب الأدب والتراث والدين التي وضعها للأسف الشديد أناس تربويون يظنون أن مفاتيح الجنة يسلمها رضوان للمسلمين فقط، وتناسوا عن عمد أن الله، جل شأنه، رب العالمين، وأنه يختص برحمته من يشاء
.
إن غياب التاريخ والثقافة والتراث والتاريخ القبطي من مناهج الدراسة المصرية هي خسارة للتلميذ والطالب المسلم بحجب فترات مشرقة من تاريخ وطنه، وخاصة تلك التي تشهد بأن انحياز أقباط مصر إلى الجانب الإسلامي في الغزوات والمحن والأزمات كان أمرا مبدئيا وخالصا لوجه الوطن الذي لا تفرق نيران العدو بين قلوب أبنائه، إن كانت تحمل هلالا أو صليبا
.
هل يعقل أن تكون هناك مئات المراجع عن أقباط مصر وتاريخهم وكنيستهم وتراثهم في العالم الغربي، فإذا بحث المرء ونقــَّـب في مكتبات مصر سيجد المراجع

من نوعية الرد على النصارى، وانجيل برنابا، وحُكم موالاة غير المسلمين، هذا فضلا عن آلاف من الخطب الدينية الهستيرية الداعية إلى تمييز أكثر حدّة وشبه فصل تام بين أبناء الوطن الواحد والذين لا فضل لأي منهم في اختيار رحم والدته
.
وقبل أن أكمل مقالي عن حقوق أقباط مصر المشروعة وتعاطفي الشديد مع أبناء وطني الذين ينتمون إلى الكنيسة القبطية..معقل النضال مع الأزهر الشريف ضد قوى البغي والعدوان، أحب أن استبق أي أحكام تصدر أو سوء فهم متعمد سينفي عن الأقباط كونهم ملائكة لا يخطئون، بأنني أرى أن من صور التمييز، الإيغال في الخشية من مشاعر الاضطهاد لدى الآخر، بمعنى أن الأقباط كالمسلمين تماما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك، وأن من بين مئات الآلاف من الأقباط في المهجر- وهم امتداد للوطن بمسلميه ومسيحية- هناك أيضا أشرار حاقدون ومتطرفون في كراهيتهم وأخص بالذكر أصحاب موقع بال توك على الإنترنيت المسمى" المسيح هو الله" الذين يقذفون بألسنتهم حمما من الكراهية المقيتة ضد القرآن الكريم ونبي الإسلام، صلوات الله وسلامه عليه، والمسببة للقرف والغثيان وكان آخرها إذاعة أغنية عفنة تمثل حفل زفاف ما أطلق عليه هؤلاء الأوغاد"محمد يتزوج الطفلة عائشة
".
والحمد لله أن هؤلاء أقلية لا تمثل أشراف مصر من أقباط المهجر, وأنها لا تؤثر في الامتداد العضوي والروحي والثقافي لهذا الجزء الهام من نسيج الأمة. ويحدوني أمل كبير أن يصدر البابا شنودة الثالث قرارا بتبرئة الكنيسة أن يدنسها هذا الموقع وهو يزيد مئات المرات عن النار التي أشعلها ممدوح مهران

"
النبأ" عن راهب دير المحرق
.
هناك بعض المنظمات والجمعيات المجهرية أو النشرات الصفراء التي يصدرها أقباط في الخارج تلوثت عقولهم من جراء تراكم الحكايات السلبية وتضخيم قضايا أقباط الوطن فجاء تطرفهم في خط بياني يرتفع هستيريا فيطالبون بدولة قبطية أو انفصال الجنوب المصري، والحمد لله أن موقف الكنيسة وقيادتها الرشيدة من هذا الهوس كان صارما وحاسما ورافضا
.
نعود إلى المطالب العادلة لأشقائنا الأقباط ولا نرى في أكثرها إلا حقوقا شرعية يجب على أبناء الوطن المسلمين تبنيها والدعوة إليها وتطبيق الجانب الشعبي منها وذلك بحكم أن الجانب الآخر المتمثل في سلطة الدولة وهي بين إصبعين من أصابع السيد الرئيس لن يعرف النور مادام الرئيس يزدري المطالب الجماهيرية ويعتبر الشعب المصري محظوظا لأنه يتشرف بالوقوف خاضعا ومطيعا بين يدي سيادته
!
لا ريب في أن هناك تيارا من الكراهية خلقتها فترة حكم الرئيس الراحل أنور السادات، وهناك أحادية الاتجاه الديني المخالفة للتوجهات الإلهية في القرآن العظيم التي تؤكد على ضرورة حرية العقيدة فيختار المرء بين النجدين، وهناك الصورة الأكثر ظلما ووضوحا المتعلقة بوجود سقف على المناصب
.
ولعلني أجد نفسي في خلاف مع أشقائنا الأقباط عن ضرورة التمثيل النيابي وفقا لعدد الأقباط فأراه أيضا نوعا من التميز، سلبا أو إيجابا، وهو ينافي تماما الدعوة إلى تطبيق العدالة في كل صورها
.
أنا لا أكترث أن يكون في مجلس الشعب قبطي واحد أو أن يتشرف تكليفا بها عشرات من الأقباط فالتمثيل المئوي وفقا لعدد السكان هو طائفية مرفوضة, والمطلوب مقاييس جديدة ومتسامحة وقائمة على مفاهيم وطنية للكفاءة والشرف والنزاهة
.
على الرغم من أن هناك حصارا إعلاميا يشعر أقباط مصر أنهم غرباء في الوطن، إلا أنني أرى الجانب السلبي في اقتحام الأقباط لجة السياسة وصخب الحياة الفكرية العلنية واضحا وجليا، وأقدم اقتراحي الشديد لكل أشقائنا أقباط مصر الذين يصرون على لعب دورهم الوطني كاملا ومواجهة الأعاصير والرفض والصعوبات خاصة في اقتحام الفن السابع وقد تقدم الموكب كوكبة من المبدعين أمثال خيري بشارة وداود عبد السيد ويسري نصر الله ويوسف شاهين
.
عندما كنت صغيرا راقت لي كثيرا كتابات محمد جلال كشك ورأيت فيها تمردا من نوع جديد، فهذا الإسلامي المنشق عن الحزب الشيوعي والذي هاجمته صحيفة البرافدا يدغدغ مشاعر الاستعلاء لدى المسلم، ويبدو أنني في ذلك الوقت تعاطفت معه في نقده الشديد لغالي شكري والذي ضمنه كتابه" النكسة والغزو الفكري
".
ومرت السنوات وبدأت أتعاطف مع كتابات غالي شكري بعدما عاد إلى مصر وتولي رئاسة تحرير " القاهرة"، وابتعدت عن محمد جلال كشك الذي وظف كل إمكانياته للدفاع عن الإسلاميين الجدد وكاد يجعل من لصوص شركات توظيف الأموال عباقرة الاقتصاد المصري وجعل كتابه" الناصريون قادمون"ميثاقا خفيا للريان وأشرف السعد وغيرهم
.
لست في موضع الدخول في مناقشات عقيمة عن الفارق بين الولاء للوطن والولاء للدين، وعن صحة التصور الذي عممه ووسع نطاقه سيد قطب في كتاباته عن أن جنسية المسلم عقيدته وهي الدعوة التي أسفرت عن انشقاق في الوطن وجعلت المتطرفين يرون الخروج على القانون وقواعد التعامل اليومي وسلوكيات المواطن غير الدينية أمرا طبيعيا ومطلوبا لمناهضة " الوثنية والجاهلية"، فالحقيقة أنها مشاعر يمكن أن تتجزأ ولا تصيب الوطن في مقتل أو تنتقص من روح الأمة ورابطة الأخوة في كل صورها, فالمسلم يمكن أن يشعر بالأخوة في الدين وهو في المسجد وفي العمرة وفي الحج وفي شهر رمضان المبارك, لكنه يجب أن يستبدل بهذه المشاعر الدينية الدافئة أخرى دنيوية وهو في العمل وفي الشارع وفي أي تجمع غير مقتصر على المسلمين فقط، فيصبح مصريا في التعاملات الأخرى، كما أنه قد يفتخر بعروبته وهو يطلع على الإنتاج الأدبي والفكري والثقافي والفني لأمته العربية الأكبر من مصر
.
إن التحرك بتسامح وعفوية بين الوطنية والدين والقومية يحتاج لمنهاج جديد في التربية يتم بموجبه التخلص من شوائب مشاعر الفوقية التي تتسبب في إلغاء الآخر، دينيا أو وطنيا أو قوميا, ونحن في حاجة ماسة للتعرف على النفس من جديد بعيدا عن التسابق لعقد محاكم تفتيش تتسلل إلى النفوس لقياس درجة الإيمان والتأكد من وجود عقد تمليك بيت في الجنة
!
نؤكد مرة أخرى بأن مصر في حاجة لانفجار بركان من المحبة والتسامح يكتسح وينظف ما علق بالنفوس من أدران ووحل الطائفية والعنصرية والكبر، ونتحدى أن يخرج مصري واحد من جيبه مفتاحا لبيته في الجنة يحتفظ به لأنه مسيحي أو مسلم، فالله ليس منحازا لأحد، والطريق الوحيد المؤدي إلى نور السماوات والأرض يمر عبر القلوب المتسامحة
.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 5 سبتمبر 2001

أول خطاب لرئيس سلفي!

أيها المسلمون،
لا أحب أن استخدم ( أيها المواطنون) مثلما يفعل الزعماء العلمانيون، فالمواطنة هراء، وجنسية المسلم عقيدته، وتبجيل قطعة القماش المسمى (علم) وثنية، وزيارة قبر الجندي المجهول تدليس وتزييف للواقع لأن المجهول لدى العلمانيين معلوم لدينا.
وأخيرا فُتِحت أبواب القصرالجمهوري على مصراعيها لأدخل منها مرفوع الرأس، فالعالم كله سيأتيني صاغراً، وسيصبح الإسلام هو الدين الرسمي في أركان الأرض الأربعة.
سنبدأ من أسلمة كل شيء: الطب، التعليم، الدواء، الشوارع، الأسماء، الطعام، مياه النيل، الموسيقى، السياسة، المعدات العسكرية، البحث العلمي ... اختيار الوزراء قائم على من نلمس فيه التقوى، ولابد من الحصول على شهادة من أقرب مسجد تثبت أن الأخ الوزير يؤدي الصلوات الخمس في أوقاتها حتى لو كان على سفر.
أما اللحية وزبيبة الصلاة والجلباب الذي يرتفع فوق القدمين بخمسة سنتيمترات فهي أشياء ضرورية في اختيار المسؤول.
افكر في تحطيم كل التماثيل، كما فعل اخواننا في حركة طالبان، وكذلك الأصنام التي ورثناها عن الفراعنة، والتي يكتظ بها المتحف المصري، فنحن لسنا في حاجة لسائحين فجار ليقفوا بجلال وخشوع أمام أحجار لا تنفع ولا تضر.
أسلمة الشوارع والمرور من أولويات الحكم الاسلامي السلفي، فكل السيارات ستسير على اليمين، وينبغي تحريم القيادة يسارا لأنه طريق الشيطان، تماما كتناول الطعام باليد اليسرى.
يجب تحريم الصليب بكافة الصور والأشكال، خاصة في الرياضيات التي سنجعل الهلال بدلا من الصليب في علامة ( زائد)، فملة الكفر واحدة، ونحن لن نتهاون قيد شعرة في تشكيل الأمة إسلامياً كما فهمنا من أسلافنا الصالحين.
أيها المسلمون،
أوقات الصلاة مقدسة، ويجب اغلاق المحلات والمطاعم والفنادق والأسواق ، وكذلك مرور السفن في قناة السويس حتى ينتهي وقت الصلاة، ولا نقبل حجة من يقول بأنه سيصلي مع أهله وأولاده في البيت، أو أنه جُـنُبٌ يريد أن يتطهر في داره.
الفصل التام بين الإناث والذكور، بشرا وحيوانات ونباتات وجماداً، فإذا كانت هناك شجرة ملتصقة ببيت فيجب قطع الشجرة من جذورها أو هدم البيت، وهذا يتوقف عمن بدأ التحرش بالآخر.
كل الأشياء التي ترمز إلى الأعضاء الجنسية لدى الذكر والأنثى يجب أن لا تحتل موقعا في المشهد الاسلامي النقي مثل بيع الخيار والباذنجان والموز وكذلك السيارة الفولكس فاجن.
الاختلاط الوحيد المسموح به هو بين الحيوانات المنوية والبويضات، ولكننا سنجد صعوبة كبيرة في التحقق من محاولات الحيوان المنوي اخصاب أكثر من بويضة!
الموسيقى وهي معازف الشيطان محرمة تحريما تاما، لكننا سنتسامح معكم، ويمكن اعادة توزيع بعض الأغاني الدينية مثل ( عليك صلاة الله وسلامه) و( حديث الروح ) واستبدال الدف الشرعي بكل الآلات الموسيقية الإبليسية ولأن صوت المرأة عورة، فلا مانع من أن يقوم أخ ملتزم بالغناء بدلا من أسمهان وأم كلثوم تجنبا لاثارة المشاعر الجنسية لدى ذكورنا الأفاضل، فصوت المرأة يحدث رعشة في الجسد كأنه شبق حتى لو كان صوتها يمزق حبالها الصوتية من غلظته!
سنطارد كل صور الاباحية، وسنبذل قصارى الجهد في البحوث العلمية بإذن الله حتى نتمكن من اختراع جهاز يراقب خيالات الرجال التي قد تجنح إلى المحرمات، وبما أننا نثق في القضاة المسلمين وفقهائنا وعلمائنا، فإننا سنترك لهم تحديد العقوبات المناسبة لمن يرون أن ذهنه تخيل جسد امرأة عارية، أو تحرش في خياله بفنانة أو ممثلة أو مذيعة في فضائية علمانية تثير الغرائز وهي تقرأ نشرة أخبار ثورات الربيع العربي.
عقوبة الرجم والجلد سيتم تحديد الساحات الكبرى لها، أما ميدان التحرير في عاصمة الألف مئذنة فسنجعل الرجم من فوق أسطح البنايات المرتفعة حتى تصاب المرأة الموقع عليها عقوبة الرجم بالأذى الشديد، ولا مانع من الرجم من نوافذ مجمع التحرير.
رئيس الدولة هو أمير المؤمنين وهو الخليفة وطاعته واجبة، ولا نسمح بالنقد أو التشكيك أو المظاهرات أو الاعتصامات، ومن كان غير راض على ولي الأمر فعليه أن يدعو الله أن يهدي ولاة أمور المسلمين إلى ما يحبه ويرضاه.
تجريم تعليق كل صور المشاغبين والملحدين والكفار والمتمردين مثل باتريس لومومبا وجيفارا وكاسترو وشافيز ، ويجب احراق الكتب التي تحرض على كراهية أصحاب المال الحلال مثل رسائل ماركس وانجلز، ورأس المال، ومؤلفات هارولد لاسكي وكافكا وهربرت ماركوز وكولن ويلسون، أما من نكتشف في بيته كتابا لعبد الله القصيمي فنقوم بقطع رأسه في ميدان عام بعد صلاة الجمعة.
النقاب هو زي الفضيلة، وملابس المرأة في الدولة الاسلامية السلفية، فإذا فقدت امرأة ابنها الصغير في زحام السوق فسنسمح للنساء أن يصحن جميعاً بصوت مرتفع حتى يتعرف الطفل التائه على صوت أمه، وسنقوم بنزع صورة المرأة من الهوية الشخصية، ومن ترتكب جريمة ولا تترك أثرا لبصمات أناملها، ولا يعرف أحد وجهها، فإننا واثقون أن الله سيفضحها في يوم من الأيام حتى تأخذ العدالة مجراها!
سنفتتح مكتباً في كل مطار يقوم عليه رجال أتقياء يراقبون المسافرين والعائدين خشية أن يقوم زوج بتقبيل امرأته أو ابنته البالغة، أو تعانق فتاة شقيقها العائد بعد غياب طويل، فالفضيلة تبدأ من المطار وليس كما يقول العلمانيون عن حرية السفر والأمن وكرامة المواطن وغيرها من الخزعبلات، وينبغي التشدد في عدم سفر المرأة إلا مع محرم، فإذا سافرت وزيرة لحضور مؤتمر دولي فعليها أن تصطحب محرما حتى لو كان شقيقها الأمي والعاطل عن العمل.
منع تحصيل الضرائب التي كان تسند الاقتصاد المصري، وسنكتفي بأموال الزكاة فهي أكثر بركة، فالجنيه المبارك فيه خير من ألف من الجنيهات غير المعروف مصدرها.
اغلاق جميع الصيدليات فالدواء اعتراض على قدر الله وقضائه، ولكن يمكن افتتاح ( نبدلية ) وهي صيدلية للطب النبوي، ويبيع فيها رجال خاشعون مستحضرات زيتية وطبيعية وحبوبا مستخرجة من أعشاب زرعها مؤمنون، و( النبدلية ) لا تعترف بـ ( روشتة ) يحررها طبيب علماني.
المرأة لا تكشف عليها إلا امرأة، فإذا خلت المستشفى من الطبيبات فالموت أفضل للمريضة من أن تتعرى أمام رجل غريب.
المشكلة التي أثيرت فيما يتعلق برضاع الكبير وجدت لها حلا عبقريا رشيداً، وهو أن الرجل الذي يدخل الدار كثيرا، مثل السائق والطباخ والخادم، عليه أن يرضع من ثدي الزوجة شريطة أن يقوم الزوج بتقييد يديه خلف ظهره حتى لا تعبث بموضع العفة من المرضعة، وهنا ترضى جميع الأطراف، ولا إثم على أحد، وتظل الفضيلة رافعة رأسها بعزة وإباء!
الأقباط مشكلة المشاكل، وأنا أقترح أن يدفعوا الجزية ونقوم نحن بقواتنا المسلحة المؤمنة بالدفاع عنهم، وعليهم الاكتفاء بما لديهم من كنائس شريطة وضع كاتم للصوت فوق جرس الكنيسة حتى لا نزعج مسلمي المنطقة، أما الاختطاف فهو حلال لنا، حرام عليهم.
فإذا اختار مسلم المسيحية عن قناعة فيستتيبه رجلا دين حتى يتوب أو نقطع عنقه، وإذا اعتنق قبطي الاسلام فيحتفل أبناء الحي كله بأن الله هداه، ويجب دعوة أبناء المنطقة من الأقباط لمشاهدة فرحة المسلم الجديد.
الحد الأقصى المسموح به لمنصب يتولاه قبطي هو وكيل مساعد في وزارة غير سيادية، أو سكرتير ثان لمحافظ في الوجه القبلي، أو ناظر مدرسة ثانوية في الريف الداخلي أو واحة سيوة، وأعياد القيامة والفصح والميلاد لا تعترف بها الدولة، أما يوم الأحد فيمكن للتلميذ القبطي أن يذهب إلى أقرب كنيسة للصلاة شريطة أن يتم خصم ثلاث درجات من نتيجة نهاية العام الدراسي إلا إذا حفظ بالمقابل ثلاث سور من القرآن الكريم!
حقوق الإنسان كفلها الإسلام، وسنغلق أي مكتب يزعم القائمون عليه أنه لمساعدة المظلومين والمقهورين والمقموعين، فأنا الحاكم الأعدل، وأمير المؤمنين لا يخطيء لأنه يستخير الله قبل كل قرار، والقاضي يحكم بما يمليه عليه ضميره الديني حتى لو كانت الاثباتات والشهود والقرائن تخالف حكمه، فالحكم ليس للشعب أو للقانون أو لمواد الدستور ولكنه لله، والقاضي المسلم هو ظل الله على الأرض وممثل العدالة السماوية على الأرض.
الاختلاط على النت والفيس بوك والتويتر واليوتيوب محرم تحريما قاطعاً، وعلى الفتاة أن تستبدل باسمها اسماً مذكرا حتى لا يشتهيها أصحاب النفوس الضعيفة غير المؤمنة، أما السكايب فنفعه أكبر من ضرره، ولكن على الفتاة أن تضع منديلا في فمها حتى لا تثير غرائز حيوانية لدى المتحدث من الطرف الآخرإن كان غير محرم.
الفلسفة تلبيس الباطل بالحق، والعلوم الإنسانية غير المؤسلمة ينبغي تنقيتها، والسخرية مرفوضة في كل صورها، والتهكم على الفتاوى غير جائز حتى لو طلب منكم عالم أو فقيه شرب بول الإبل بدلا من حليب الصباح.
مهمتنا، أيها المسلمون، ليست هينة، وسنضرب بيد من حديد على كل من يعترض طريق الدولة الاسلامية، ونحن لم نضربكم على أصابعكم لنصبح أسياد القصر، فأنتم انتخبوتمونا في لعبة ديمقراطية حسمها غباؤكم لصالحنا، وأنتم كنتم تدافعون عنا في السراء والضراء، وتخربشون كالقطة الشرسة من ينتقد الجماعات الاسلامية، وتقدسون رجالنا على الفضائيات وهم يقصون عليكم حكايات خرافية لا يمكن أن تصدر عن نبي أو رسول أو حكيم في العصر النبوي الأول.
أنتم صنعتمونا، وتمسكتم بالقشور، واستوردتم كل صور الكراهية والتطرف في رحلتي الصيف والشتاء والعمل لدى من
أكلوا حقوقكم، وشربوا عرقكم، وخصموا أجوركم، وأعادوكم إلى مصر كارهين، وحاقدين، وقساة أغلظ وأشد صلابة
من الصخر.
كنتم أفضل محامين عن الخرافة، ومدافعين مستميتين عن الخزعبلات والهراء، وكنتم تصدقون من يأتي لكم بأحاديث مرت علينا قرون طويلة حتى لو تعارضت مع العقل والمنطق وآيات القرآن الحكيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه.
أيها المسلمون،
لم آت إلى القصر على ظهر دبابة إنما على ظهوركم، ولم أكن في حاجة لأكثر من مظاهر خادعة تتستر بالدين، وبعض الأحاديث والأقوال والحِـكَم والبكاء على أحوال المسلمين والدعاء على الكفار ودغدغة مشاعركم بعدالة موهومة، وكنت أملك العصا السحرية وهي اتهام من يعترض بأنه يكره الاسلام، ولا يريد الحكم بما أنزل الله، وأنه منكر للسنة النبوية، وأن أجندته علمانية ملحدة.
لم نسرق ثورتكم الشبابية المجيدة، لكنكم وضعتموها في جيوبنا بمحض ارادتكم، ومن يهاجمني سيتصدى له سبعون من المدافعين المغسولة أدمغتهم.
الآن عليكم الطاعة والسمع والولاء والصمت، وعلينا الحكم والجلد والرجم والنفي لمن يعترض.
يمكنني أن أنادي على مسرور السياف فهو الأقدر على اقناعكم بحكمة خطابي.

محمد عبد المجيد
رئيس تحرير مجلة طائر الشمال
أوسلو في 19 يوليو 2011
Taeralshmal@gmail.com

الإصلاح يبدأ من نزع القداسة!

عندما نحاولُ الغوصَ في أسبابِ أكثر الخلافاتِ المذهبيةِ والمعتقدات الدينية وتوجّهات الأحزاب وصراع أفراد، ثم ندلف إلىَ عالــَم الكراهية والبغضاء والنزاعات، ومن ثم نتسلل إلىَ أعماق النفوس والقلوب والصدور في محاولة للإطـّلاع علىَ المشهد الداخلي للإنسان فلا ريب في أننا سنعثر علىَ تراكماتٍ لا نهائية من التأليه والتقديس.

القداسةُ هي رفع شخص إلىَ مرتبةٍ تجعله أعلىَ وأرفع وأسمىَ مما هو في حقيقته.
إخفاءٌ تام لكل صور الضعف والوهن والعجز، لهذا كان عجباً في نظر مُشركي قريش أن يرسل اللهُ، عز وجل، رجلا يأكل الطعام ويمشي في الأسواق.



عندما يغترب المرءُ ردحاً طويلا من الزمن يبدأ في صناعة ماضيه، فيحذف منه ويضيف إليه ويتلاعب بذاكرته عن غير وعيٍّ منه، وفي النهاية ينتهي من رسم لوحةٍ لماضيه، طفولته وشبابه، ليست مطابقة تماما للصورة الحقيقيـة، وفور وصول المغترب إلى مرحلة تصديق ماضٍ من صُـنع خياله يصبح على استعداد أن ينافح عنه بكل ما أوتي من قوة.
هناك حالة مشابهة رغم أنها معاكسة تماما وهي تلك التي يقوم آخرون فيها بصناعة ماضي الغير، حذفاً وإضافة ورتقاً وتزييناً وتلويناً رغم أن الفارق الزمنيَّ والمكانيَّ قد يكون عقوداً و .. قروناً.
المجهول هو القوة الدافعة لصناعة القداسة، والإنسان مولع بالبطل المصنوع من قوىَ خيالية أو دينية أو وطنية أو خرافية بحيث يصعب التحقق من صحة مواصفات بطلـِنا!
لو أنك كنت تقيم في الصين الشعبية إبان الثورة الثقافية وقلت لأحد بأن ماوتسي تونج رجل فيه من الضعف والقوة ما يماثل غيره، بل إنه كان يتحرش بالفتيات الصغيرات، وهو كغيره يتألم، ويتلوّع، ويطارد الأرَقُ جفونــَه، ويصيبه إسهالٌ وإمساكٌ، وربما نوبات من البكاء لا يعلم عنها أحد شيئاً.
لو همست بهذا لكانت رصاصة شيوعية أصابت مـَقـْدَمَ رأسك كما كانت تصيب الأسرى الفيتناميين رصاصات سايجونية خلال حرب اليانكي ضد الفقراء الصُفر المدافعين عن وطنهم الأحمر في هانوي.
إذا ارتدى مخبول ملابس رثة، وأطلق لحيته، وحمل بخوراً، وجلس في أرض جدباء خربة بالقرب من ضواحي مدينة كلـْكـُتـّا الهندية، ثم زعم أنه آخر أنبياء الهند فسيبصق عليه الناس في اليوم الأول، ويؤمن به ثلاثة في الأسبوع الرابع، ويصبحون ثلاثين في بداية العام التالي، وبعد عشرين عاما من الصمود وتحمـّل التهكم والصبر على السخرية تعلن الحكومة البريطانية أنها بصدد الموافقة على السماح ببناء معبد في برايتون لتلك الطائفة المضطهـَدة في الهند.



يمكنك أن تطلق شائعة عن فقيه من نسج خيالك يدعى، مثلا، " الهيثم بن البحر" كان يعيش في اليمن، وكان إذا قرأ القرآن الكريم سمع حفيف أوراق الكتابة فيفهم أن سبعين ألفا من الملائكة يكتبون حسناته بسرعة الصوت.
إذا قصصت هذه الحكاية على أشخاص مختلفين عدة مرات في أوقات مختلفة وأماكن متعددة فإنني على يقين من أنك ستقرأ الحكاية بعد عشرين عاماً في كتاب موثـَّق بقلم كاتب مشهود له بالتدقيق والتصحيح والمراجعة، وسيؤكد لك يوم مولد ووفاة " الهيثم بن البحر" الذي اخترعته قريحتك في جلسة مزاج عال.
ما نفرت في حياتي بعد نفوري من الطغاة كما أفعل مع القداسة.
الاحترام والتقدير والمحبة والإعجاب كلها مشاعر تظل في إطار الحس الإنساني الذي لا غبار عليه، أما تنزيه شخص ووضعه في دائرة المعصومين، ثم إحاطته بهالة من القداسة فإن نفسي تشمئز من تلك العلاقة المريضة بين الاستعلاء المصطنع و .. الدونية الموهومة.

تاريخنا كلـُّه مليءٌ بشخصياتٍ خرافيةٍ ألـَّهناها، وعملقناها، ورفعناها فوق رؤوسـِنا، ثم صدَّقنا ما وضعناه على ألسنتــِها!
قابلتُ كثيراً من الحاصلين علىَ أعلىَ الدرجات العلمية لكنهم يتلذذون بمشاعر الدونية نحو شخصيات تاريخية أو دينية أو وطنية كما يشعر الجندي الريفي في أول أيام الخدمة العسكرية وهو يقف أمام قائد المعسكر!



عندما يقف شيخٌ أو قـِسٌّ أو حاخام أمام المؤمنين فإنَّ رهبةَ المجهول في الدين تسري بسرعةٍ عجيبةٍ من المنبر إلىَ فؤاد المتلقي ويبدو كأنه تنويمٌ مغناطيسي، ونفس الأمر ينسحب علىَ العلاقة مع الحاكم أو الزعيم أو الديكتاتور.

هذه الشخصيات التاريخية والوطنية والزعامات الدينية تقوم في حياتـِها ومماتـِها بالسيطرة على عقولـِنا وقلوبـِنا، أو بالأحرى نمنحها نحن مُقًدراتنا!
لو يعلم أيُّ عاقلٍ أنَّ الثقوبَ في الثوب المـُقـَدّس أكثر من المساحات السليمة لنفـَضَ عن نفسـِه عبادةَ الأشخاص.
يتملـَّكني غضبٌ شديدٌ مـَشوبٌ باشفاقٍ عندما أرى الإنسانَ الذي خلقه اللهُ، ونعَّـمـَه، وكـَرَّمَه، ونفخ فيه من روحـِه وقد تحوَّل إلىَ حشرةٍ أو أدنىَ. يــُقــَبـِّل أيدي المـُلوك والشيوخ والعلماء، يطيع رجالا لو رآهم في لحظات ضعفهم للطم وجهه على ما فرط في كرامته وإنسانيته.
يستشهد بآراءٍ وأفكارٍ وحكاياتٍ نقلها له عنعنيون فظن أنها قبسٌ من نور الذِكـْر الحكيم أو تنزيلٌ من التنزيل.
يأكل الدودُ صاحبــَنا الذي لا نعرف عنه إلا القليل، وبعد مئات الأعوام نكاد نركع أمام أقوالـِه، ونتقاتل لنثبت صحتـَها، ونقاتل من يشكك في أي حرفٍ منها.



كلهم رجالٌ مثلــُنا، منهم من مات وشبع موتاً، ومنهم من لم يأخذ حفـَّارُ القبور أجراً علىَ دفنــِه بعد.
لا غضاضة أو اعتراض أو عــِتاب في أن نحترم شيخَ الأزهر وبابا الكنيسة القبطية وبابا الفاتيكان وآيات الله في قُم والنجف وكربلاء وحاخام اليهود وزعماء الدروز والبهائيين والبابيين والأحمديين والسيخ والهندوس والبوذيين .
وجميل أن تكون حريصاً علىَ آراءٍ وأفكار وأعمال ومؤلـَّفات وتراث دين أو معتقد أو مذهب أو زعيم وطني أو قائد ثورة ثقافية أو شيوعية أو مُحرِّر أمة من سيمون بوليفار إلى بسمارك، ومن أتاتورك إلى محمد علي، ومن مارتن لوثر كينج إلى جيفارا، ومن الأئمة الأربعة إلى القدّيسين وكهنة الأديرة ومُفسـّري الكــُتـُب المقدسة والوضعية.
لكن كل الذين نتمنى أنهم من تـُراب الأرض جاءوا وإلى تراب الأرض ودودِه عادوا ينبغي أن يظلوا في دائرة إنسانية بكل ضعفها وقوتها، فقد كانوا يأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق، ويمرضون، ويقضون حاجتهم، وتنبعث منهم روائح كريهة، ويُصابون بالضعف النفسي والجنسي والشره والتخمة والإدمان و .. الزهايمار، ويتلعثمون، وتهاجمهم كوابيس، ويجهشون بالبكاء في الخلوة.

عندما ينصحك المتلذذون بالدونيــّة بطاعة وليّ الأمر مهما كان ظالماً وشريراً ومستبداً فلا تنصت إليهم، فأولو الأمر أيضا أناسٌ ليسوا أعلىَ من أدنانا، أو أقوىَ من أضعفـِنا، أو أذكى من أغبانا!
طريقُ الإصلاح يبدأ من هنا .. من حيث نزع القداسة عن أيّ إنسان ما لم نؤمن أنَّ اللهَ أوحىَ إليه، أو اصطفاه، أو كـَلــَّمـَه، أو نـَزَّل عليه الروحَ الأمين.
عندما تنتقد، وتـُشكـّك، وتتفحص، وتغوص في الأعماق، وتقرأ ما وراء السطور، وتقف على قـَدَم المساواة الإنسانية مع أي شخص في الدنيا فأنت على الصراط المستقيم.
كبارُنا صغارٌ، وعلماؤنا خلقـَهم اللهُ ضــِعافاً، وزعماؤنا التاريخيون أو الذين لم يقم مــَلــَكُ الموت بزيارتـِهم بـَعْدُ لو اطـَّلعتَ عليهم بين جدرانٍ أربعة لبكيتَ على كل لحظة خفضت رأسـَك أمامهم، حُضورا أو غياباً!
حديثي هذا لا ينتقص قيدَ شعرة من أي صورة من صور الاحترام، لكنه دعوةٌ لإعادة تحطيم الأصنام التي في الصدور.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال

أوسلو  النرويج
 Taeralshmal@gmail.com

حوار بين سلفي و .. قبطي!


التقيا عن غير قصدٍ، فهما يقفان في نفس الصف الطويل أمام أحد المحلات الكبرى في ثاني أيام الأوكازيون الشهير. إذا نظرت إليهما من بعيدٍ ظننتَ أنهما من عالــَمين مختلفيـّن، وإذا اقتربت منهما وتخيـّلت أنَّ السلفي حلق لحيـَتـَه وارتدى بدلةً أنيقة فوق قميص أبيض وربطــة عنق زاهية الألوان، والقبطــي وقد أطلق لحيتـَه، وكحــَّل عينيه، وقصَّ ذيـل جلبابـِه لعدة سنتيمترات شرعية، لا تزيد ولا تنقص، حينئذ ستكتشف أنَّ الإنسان مـَظــهر خارجي قبل أن ترسم كلماتـُه شخصيتــَه، وصفاته، وأولوياته في الحياة.
جرى بينهما حوارٌ في محاولة لطرد مـَلل الوقوف أمام المحل، والتقطنا نحواً منه، فكان كالآتي...

القبطــي: هل تظن أننا سنقف هنا طويلا، فأنا لدي موعد لأصطحب ابنتي الصغرى من المدرسة الابتدائية الملاصقة لتلك الساحة المواجهة للبرج المنتصب هناك؟

السلفي: أليست تلك هي المدرسة المختلطــة بين بنين وبنات، وناظرها قبطــي لا يكترث لحرمة الاختلاط بين الذكور والإناث؟ كيف لمسلم مثلك أن يبعث ابنته إلى مكان موبوء لا تزوره الملائكة، ولا تحيط به بركات اللــه؟

القبطــي: إنها واحدة من أفضل مدارس المدينة، وناظرها ترَبـَتّ على يديه أجيال مسلمة وقبطية خدمت الوطن أكثر من غيرها، وابنتي في التاسعة من عمرها، أي طـفلة صغيرة، ولا أظن أن أطفال التاسعة مهووسون بالجنس! وأنا مواطن قبطــي مصري، أرجو أن لا يكون لديك أي تحفظ على وقوفي معك في نفس الصف!

السلفي: العبرة ليست بسنوات العمر، فقد تكون هناك طــفلة في العاشرة من عمرها، وقد ماثل جسدها جسد فتاة ناضجة، وتكور نهداها كتفاحتين ملامستين لصدرها، وانتصب خصرها فبدت كأنها حورية روسية وصلت لتوها إلى مسابقة اختيار أجمل موديل في الحفل السنوي بميلانو الإيطالية!
ليس لدي أي تحفظ على وجودك معي، فأنا متسامح إلى أبعد الحدود، وآكل مما تأكل، ولا أخشى الجلوس بجوارك في المواصلات العامة رغم أن مصر بلدي، وأنت تنتمي إلى الأقلية التي من المفترض أن تدفع الجزية بالدينار الإسلامي، ولا تتساوى مع الأكثرية، لكنني لا أرد على تحيتك بمثلها فنحن نتبع السلف الصالح، ونرد على الكفار بما لا يوقعنا في شبهات الشرك!
لقد حسم صندوق الانتخاب في ديمقراطيتكم الكافرة التي لا نؤمن بها، ونجحنا بفضل اللــه، فالملائكة كانت تحرس أوراق التصويت قبل أن تختطف الشياطين بعض الأوراق وتقوم بتسليمها إلى هالة سرحان، ونحن أصبحنا سادة الأمة، ولن يمر وقت طويل حتى تأتينا أمم الأرض خاضعة، ذليلة، صاغرة، فنفرض شرع اللــه، ويتعلم سكان الأرض اللغة العربية، ويعترف أطباء الغرب أن اللحية تطرد الميكروبات عن الوجه، وتزيد الخصوبة، ويتضاعف احتمال انجاب الزوجة للذكور إذا كانت لحية زوجها أطول من شبرين.
 
القبطــي: أنا لست من الأقلية، ومصر بلدي، ولي فيها مثل الذي لكَ، وأنا لست مهووساً بقضايا الاختلاط والجنس لدىَ أطــفال كانوا إلى عهد قريب في بطون أمهاتهم.
كان طبيعيا حصولكم على تلك النسبة المرتفعة، فقد رفضتم الانضمام إلى شباب الثورة رغم أنهم هم الذين حرروكم من منتهكِ أعراضكم، وكنتم في عهد المخلوع أرانب تمشي على أطرافها الأربعة بحذر شديد، وتؤيدون قاتل أولادكم، وتعتبرون اللصوص أولي الأمر والخروج عليهم معصية.
فجأة ظــهرتم كفافيش الظلــلام، توزعون الفتاوى معجونة بالكراهية، وتبيعون أماكن وهمية في الجنة مع صكوك غفران نبذناها نحن منذ قرون عندما كانت الكنيسة تلعب دور السماء على الأرض.

لقد فرض عليكم المتسلط الطاغية قهراً متعنتاً، فتقوقعتم، وأنكفأتم على الذات وغرقتم في بؤس الطاعة العمياء، وحبستم أنفسكم وأنفاسكم في الماضي خشية مواجهة الحاضر وتحدياته، وخوفاً من انكشاف تهافتكم وسطحيتكم إذا اضطررتم لاستخدام العقل.
كلنا، نحن الأقباط، نحمل بدرجات متفاوتة ذكريات جميلة مع اخواننا المسلمين، ومعارك بعض متعصبينا رغم ظلمها الشديد للإسلام، دين الأغلبية، وعقيدة من تربينا معهم، وشربنا سويا من مياه النيل، وتعرضنا دون تفرقة لاعتداء قوى الاحتلال والغزو على مدى مئات الأعوام، هي معارك خرجت من رحم عالم الكراهية الذي بثته فتاويكم العفنة التي تؤكد بأننا نجس، وأن ردَّ السلام علينا ينبغي وضعه في كلمات لا تحمل المودة أو الرحمة، وأننا أقل منكم درجات عند اللــه.
لا أنكر سوادَ قلوب بعض الأقباط في منتديات ومواقع وفضائيات، لكن صدّقني فهؤلاء كان من الممكن جذب نصفهم على الأقل لو نزعتم من قلوبكم الغـِلَّ والمقتَ والبغضاء.

السلفي: قبطــي وحكيم أيضا؟ تناقض عجيب، فأنتم أيضا كنتم صامتين أمام مبارك، وأعطيتم له أصواتكم في الانتخابات المزيفة، وصرح البابا شنودة بتأييده لتوريث جمال مبارك، ولم تدافعوا عن معتقلينا رغم امكانياتكم الهائلة في الوطن والمهجر، ولم نسمع أنكم تظـاهرتم أمام البيت الأبيض مطالبين بالافراج عن اخوانكم المصريين السلفيين والإخوان المسلمين!
أكثركم يعتبرون أنفسهم شعب الكنيسة وليس شعب مصر، وتطيعون البابا كما نطيع نحن مرشدنا الروحي وأمير الجماعة .. الشاة والراعي
وأنتم تميلون إلى الغرب، ولا تكترثون للعدو اليهودي، وتكرهون الإسلام، وتتبرج نساؤكم في الشوارع والجامعات والأسواق، وتعملون في هدم قيم أمتنا الإسلامية بانتاج أفلام فيها قبلات ساخنة، وتوجيه أولادكم إلى نشاطــات فنية وموسيقية وأوبرالية، وتصنعون أصناما في كنائسكم التي جاء الإسلام وقام بتحريمها.
لقد جاء دين الحق وقــُضي الأمر وما عليكم إلا الاذعان لحــُكم اللــه، والقبول بأنكم أقل درجة من المسلمين، وأن قتلاكم ليسوا شهداء، وأننا مهما فعلنا من آثام وذنوب فإن نبينا، صلوات اللــه وسلامه عليه، شفيعــُنا يوم القيامة.

القبطــي: لن أصل معك إلى نتيجة فأنت تقف في الصف وقد تركت جمجمتك في المنزل يعبث بها أطفالك. نحن نشارك في الحركة الثقافية مشاركة فاعلة، ومثمرة، وتاريخ أقباطنا مكتظ بالحكماء والعلماء والأدباء ولكن ظلم مناهج التعليم هي التي حجبت العصور المشرقة لأقباط مصر.
أنت جاهل بتاريخ شركاء وطنك، ولا تعرف اسم واحد فقط من أسماء قديسينا، وشهدائنا، وفرسان معاركنا ضد الغزو الأجنبي لمصر التي تزعم أنت أنها بلدكم فقط، فنحن قمنا بحماية مصر كاخواننا المسلمين تماما.
نطلق اسم شعب الكنيسة عندما غابت الدولة، وانحاز الأمن إلى المسلمين، واستكثرتم اعتبارنا ضحايا الكشح ونجع حمادي والزاوية وإمبابة وماسبيرو شهداء عند ربهم يُرزقون، ولو كان هناك عدل ومواطنة ومساواة كاملة لخجل أي قبطــي من اللجوء إلى الكنيسة أو الاحتماء بها.
تقول العدو اليهودي فتعطــي بغبائك الفرصة لاسرائيل للادعاء أنها محاصرة من أعداء اليهود، وليس اسرائيل المغتصبة لأرض فلسطين.
لست متعاطفا مع الدولة العبرية، وقداسة البابا منعنا من زيارة بيت المقدس حتى تتحرر كنيسة القيامة مع المسجد الأقصى في الوقت الذي برر الأزهر معاهدة السلام مع اسرائيل كأنها صلح الحديبية.
قل لي بربك: هل تعرف جاسوساً قبطيا واحداً من بين كل الجواسيس الذين يعملون لصالح إسرائيل من مصر الإسلامية، وفقا لمسمياتك المغرضة؟ كلهم كانوا مسلمين، أليس كذلك؟
نحن لا نصنع أصناما في كنائسنا لكي يعبدها المسلمون، وتعاليم عمر بن الخطاب كانت دائما تأمر قادة الفتوحات الاسلامية أن لا يقتربوا من صوامع وكنائس ومعابد غير المسلمين، وأنا لست هنا مطـالـَبا بالدفاع عن ديني، وأنت تعلم جيدا أن حوار المقارنة بين أي دينين في العالم ينتهي بخسارة أتباع الاثنين، فكثير من تعاليم الأديان يفهمها المؤمنون بها فقط، فإذا شـَرَحـْتــَها فقد شـَرَّحْتــَها، وإذا بسطتها فقد عقــَّدَتها، وإذا عقلنتها فقد أحكمت لنفسك العقدة التي لا حل لها!

السلفي: إن معركتي ليست معك فقط لكنها ضد الليبراليين والعلمانيين واليساريين والشيوعيين والقرآنيين والناصريين والبهائيين والزاعمين أنهم معتدلون، وأيضا ضد الذين يــُعطون أولوية العقل على النقل.
نعم، نحن رفضنا الخروج على الحاكم حتى بدا سقوط مبارك حتمياً فأخذنا نصيبــَنا من نجاح الثورة التي جل شبابها من المطالبين باصلاحات جذرية قد تخالف عقيدة السلف الصالح، فهم يطلقون على قتلاكم الأقباط شهداء الميدان، وكانوا يدخلون الكنائس المجاورة للوضوء فيأثمون وتزداد سيئاتهم أضعافا مضاعفة.
شباب الثورة حمقى، وساذجون، ومتأثرون بأفكار غربية عن حقوق الإنسان، والافراج عن المعتقلين، واسترداد مليارات ولي الأمر التي وضعها في مصارف الكفار لأنها أكثر أمنا، فيستعيدها في الخطط الخمسية ومشروعات بناء مساكن للشباب الناكر للجميل، والثائر ضد بطل الضربة الجوية الأولى.
نحن رفضا الخروج لأن من يحكمنا بالسوط نـُعرّي له ظــهورنا، فنحن سلفيون، نرجع إلى الماضي ليردّ موتانا على تساؤلاتنا، وتجيب كتبهم العتيقة المتربة على كل ما يحيرنا، فلديهم أجوبة جاهزة على كل ما يدور بذهن المسلم السلفي، فالأرض ليست كروية، وغزو الفضاء حرام لأن المركبة الفضائية تتحدى اللــه وتخترق حُجُبَ السماء، وعلاج العقم مكروه لأنه اعتراض على قضاء اللــه وقدره، وتحديد النسل حرام حتى لو أنجب المتسول خمسين طفلا، فاللــه يرزقهم بغير حساب، فينامون تحت الكباري ويأتي فاعلو الخير فيعطوهم من رزق اللـه.
إن قضايانا ليست دنيوية ساذجة مثل البحوث العلمية، واحترام الشرعة العالمية لحقوق الإنسان، ومساواة المسلم الذي تنتظره اثنتان وسبعون من الحور العين بالقبطــي المؤمن بحكاية صلب المسيح.
إننا لا نضيع دقيقة واحدة في هموم العلمانيين الهابطــة مثل حرية التظــاهر ضد الحاكم الظــالم، ومساواة الرجل والمرأة في الأجور والخدمات، فالمرأة من ضلع أعوج، ومكانها البيت، والتعليم ليس ضروريا لها ولكن لا مانع من معرفة كيفية طــهي ما يحب الزوج.
سيأتي الوقت الذي تعم الفضيلة مصر كلها، ولا يرى مصري واحد وجه امرأة مسلمة حتى لو كانت ابنة عمه التي تربت معه طفولتهما، وسنحـَرّم كل الألوان على النساء ما عدا الأسود، وسنلغي قانون الفارق العُمري بين الزوجين فيمكن لرجل في التسعين أن يتزوج فتاة في الثانية عشرة من عمرها شريطـة أن يكون جسدها هيفائياً وعجرمياً، وأن يعدل بينها وبين زوجاته الأخريات، حتى في الفراش.

القبطــي: هذه دعوة لتهجير المصريين جماعات، أقباطـا ومسلمين، على زوارق متهالكة تغرق بهم في مناطق يرتع فيها سمك القرش، فهو أرحم علينا منكم.
إن معرفتك بالإسلام ليست أفضل من معلوماتي عن شركائنا في الوطن الواحد. وأنا أعرف أن القرآن الكريم يـَـحــُث المسلم على التَـفَكـُرّ، والتدبر، والتعقل، والتأمل، ويطلب منه أن لا يكون سلفياً" بل نتبع ما ألفينا عليها آباءنا"، والقردة فقط هي التي تــُقــَلد، والإنسان الذي كرّمه اللــه يستخدم رخصة العقل لتظل كرامة خليفة اللــه في الأرض ثابتة.
أنتم حصدتم في الانتخابات أصوات الناخبين الطيبين، والساذجين، وأيضا كثير من الأميين والجهلة الذين يظنون أن البسملة هي المعرفة، وأن الأدعية هي مختصر العلوم الفقهية.
لو قضت أيّ حكومة على الأمية، وارتفعت نسبة التعليم، وارتقى المواطن بثقافته، واحتل الكِـتابُ مكانته في صدور وعقول المصريين لما حصلتم على صوت واحد في الانتخابات إلا أن يكون صاحبه واقعاً تحت تأثير حبوب مغيــِّبة أو .. هلوسة.
أنتم تقودون مصرَنا الحبيبة إلى كارثة وحروب طائفية وأهلية لا تــُبقي ولا تذر!
عبقرية الحياة في مصر هي ألوان الطيف في الفنون والآداب والعقيدة والجنسيات، فتختلط لتنير أرضَ الكنانة، فكان القبطــي ينصت بشغف إلىَ تلاوة ميسرة بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، ويحتفل المسلم مع أشقائه الأقباط بأعياد الميلاد المجيدة، وتنطلق أصوات غنائية لا تعرف إذا كانت مسلمة أو مسيحية أو يهودية.

وكانت مصر هوى من لا هوى له، فغنــَّى لها جورج موستاكي وداليدا ونانا موسكوري وكلود فرانسوا، ولا يزال اليونانيون يقصّون على مسامع زائريهم المصريين في أثينا وقبرص وكريت ورودس حكايات جميلة عن مصر حفظوها عن آبائهم عندما كانوا صغارا!
أنتم دعاة لتنفير الناس من الإسلام، وساديون يحرككم الانتقام، ولو قرأ أحدكم ثلاثة كتب في العلوم الإنسانية وحقوق البشر لغادر بعدها مقر الجماعة إلى غير رجعة.

السلفي: هذه أول مرة يــُلقي قبطــى على مسامعي قداس الأحد في طابور الأوكازيون. عندما ننتهي من المعركة معكم سننشغل في معركة مع الشيعة، وًسنمنع أي بهائي أن يــُطل برأسه في الدولة الإسلامية الكبرى، وسنتمكن من اقناع الإخوان المسلمين بأننا وإياهم على نفس النهج، غير أننا اكتشفنا عظمة السلف قبلهم، وهم يلعبون على ملعبين في نفس الوقت، تماما كما كان جورباتشوف في العام الأول لــِحــُكْـمِه!
معركتنا الأهم هي إعادة المرأة إلى مكانها الطبيعي.. ملكة متوجة في بيتها، لا تختلط بالرجال، ولا تعمل أعمالا خشنة، ولا تقود سيارة وسنستورد لها سائقي سيارات آسيويين و.. محرومين جنسياً.

سنراقب كل جملة وكلمة وحرف في الفنون والآداب، أما كلمات الأغاني الفاسقة فسنلقيها في مقالب الزبالة كما كانت أجهزة الأمن تــُلقي بجثث أولادكم .. شهداء الثورة، قبيل أن تقفوا في صفوف طويلة أمام مصيدة الانتخابات.
التحريم والتحليل ليس لكل من هب ودب، فأم كلثوم تقول في أغنيتها الفاجرة( يا ليلة العيد آنستينا ) حرام النوم في ليلة العيد، رغم أن السلف الصالح لم يقولوا بتحريم النوم في ليلة العيد!

في عهدنا ستصبح مصر الإسلامية قوة ضاربة، لا سياحة فيها إلا للرجال والأطفال، وحتى لو توقفت السياحة نهائياً فإننا سنجد عملاً لكل شاب كان يعمل في هذا المجال، فيصبح داعية أو مقيماً للشعائر أو بائعاً للأعشاب الطبية المباركة!
سنقوم بإنشاء جيش من المستجابة أدعيتهم، فإذا حاولت دولة كبرى غزو مصر وليس لدينا أسلحة كافية، فسيقوم هذا الجيش بالدعاء عليهم أن يشل اللــه أيديهم، ويجمد الدماء في عروقهم!
الأزمة الاقتصادية حلها بسيط ، كما قال المرحوم أحمد الصباحي رئيس حزب الأمة، وهي الاستغناء عن مليارات من أموال الضرائب، والاكتفاء بأموال الزكاة فهي قليلة، لكنها أكثر بركة من الأخرى.
سيقوم نظامنا بتأسيس إمارة إسلامية أفضل من الحــُكم في إيران وغزة والسودان وحزب اللــه وأفغانستان و.. الإمارات الكثيرة المتناثرة في العراق.

القبطــي: إن برنامجك يُخفف العبءَ عن إبليس، وسيندم كل مصري أعطاكم صوته لأنه أصبح مشتركا معكم في جريمة اغتيال وطنه.
الآن يمكن لأعداء مصر أن يتهيأوا لتفتيت دولة ظلت كياناً متماسكاً لآلاف السنوات، فأنتم بغبائكم، تمنحون الاستعمار تأشيرة عودة لحماية كل من يصرخ لينقذه المجتمع الدولي.
ولا يزال هناك حمقى وبلهاء وأغبياء ومعاقون ذهنياً ومصاصو دماء يؤيدونكم، فإذا استيقظت مصر لطموا وجوههم كما فعل الملايين الذين أعطوا أقفيتهم لمبارك ليصفعها، فلما تم خلعه، ظــاهرياً، قفزوا فوق الكعكة معكم لينالوا نصيبــَهم.
من أين جئتم بكل هذه الكراهية ضد الوطن؟

ترى هل ستقدم استجوابا للحكومة باستدعاء المشير طنطاوي للتحقيق في واقعة الغازات السامة والكيماوية التي أحرقت ألفاً ونيفاً من شباب مصر، وأحرقت معهم قلوب أمهات فرحن بربيع الوطن فجاء الخريف مرتدياً بدلة عسكرية، وهبط الشتاء ملتحياً ومــُنتــقباً، وعاد المخلوع أكثر قسوة ودموية مرتدياً عدة أقنعة تجمعها كلها أنياب ذئب!

السلفي: أنا لا أعترف بالوطن فهو قطــعة أرض فيها الفــُجّار، والراقصات، والسافرات، والعرايا على الشواطــيء، ومعازف الشيطــان في فرقة أم كلثوم، وفرقة البحيرة، والفرقة القومية للفنون الشعبية وغيرها.
إن جنسية المسلم عقيدته، ونحن نفكر في عمل جواز سفر إسلامي يستقبل صاحبــَه العاملون في مطارات طشقند وسمرقند وتورا بورا بالهتاف الشرعي، ويختمه بتأشيرة ليس فيها صورة لذوات الأرواح!
أما الاستجواب فهو للأمور الجادة وليس للصدام مع ولي أمرنا وأمير المؤمنين مـُشيرنا الواجب طــاعته ما دام يقيم فينا صلاة العيدين و .. الجمعة.
لماذا وقف الشباب الأهوج أمام الغازات السامة والكيماوية، أم أنكم فقط تريدون تعطيل عجلة الانتاج واضعاف دولتنا الإسلامية الفتية؟
الاستجوابات كثيرة ولا نسمح أن يشغلنا عنها أحد بعباطــات وهبالات مثل آلاف المفقودين والشهداء ومحاكمة قناصي العيون الذين كانوا يؤدون واجبهم لكي لا يتم تأجيل الانتخابات التي اكتسحنا فيها مقاعد الحصانة البرلمانية.
سنقدم استجوابا عن الاختلاط في الجامعة، وعن امكانية السماح للجن بالتصويت في انتخابات الرئاسة، وعن ضرورة عقد جلسة مجلس الوزراء على رائحة البخور المستورد من الأماكن المقدسة لكي يمنع الحسد الذي تمارسه الدول المعادية لنا.

نفكر في الطلب من المجلس العسكري أن يكون جنود مصر ملتحين لضمان الانتصار في كل معاركنا، أما أنتم الأقباط فسنرسم لكم خطوطا رفيعة على الرصيف بجوار الحائط لتسيروا في محاذاتها لئلا تزعجوا المسلمين أصحاب البلد الأصليين!

القبطــي: وماذا عن قطــع اليد والرجم وعن البلطجية والسرقات والاغتصاب وتبييض الأموال والالتحاق بالفرق الانتحارية في الدول الاسلامية الأخرى؟

وماذا عن المظاهرات والحرية واعتصام النقابيين وكتب الفلسفة وتدريس ديكارت وسبينوزا، وعن النحت والتصوير لذوات الأرواح، وتراث مصر من التماثيل واللوحات وشعر أبي نواس وأفلام يوسف شاهين وداود عبد السيد وخيري بشارة؟
وماذا عن الزواج العرفي والتعدد وعرض الملابس النسائية في فاترينة المحلات؟
وماذا عن ترميم الكنائس والتطرف والاحتقان الطــائفي؟
لدي آلاف من التساؤلات التي تحتاج إلى طابور أمام الأوكازيون يمتد من النوبة إلى الاسكندرية!

السلفي: سأجيب عنها في مجلس الشعب، وستكون مفاجأة لكل الذين أعطونا أصواتهم، وستعرفون عبقرية الفكر السلفي الذي تسخرون منه، فنحن مستعدون لاقامة دولة يركع الغرب والأمريكيون أمامها كلما أتى ذكرها، وسيأتينا قادة العالم لاعتناق الإسلام، وسنجبر كل سفير قبل أن يقدم أوراق اعتماده أن يجلس مع بعض السلفيين ليستمع لعظمة الإسلام كما نفهمه نحن، فإذا اعترض فسنقطــع علاقاتنا الدبلوماسية ببلده.
ألم تسأل نفسك مرة واحدة لماذا لا يهاجمنا البلطجية والمجرمون والقتلة وقناصو العيون؟
ألم يدر بذهنك اسم من أعطــاهم عــُطلة مدفوعة الأجر لمدة يومين حتى تنتهي الانتخابات، ونفوز فيها فوزاً عظيما؟
وحتى لو أحرق ولي الأمر ميدان التحرير كله بمن فيه، فليست مهمتنا أن نغضب، ونثور، ونتمرد، فالعصيان حرام في الإسلام!
وهنا لم يتحمل القبطــي مزيدا من الجدال حيث لا يلتقيان في نقطــة واحدة، ومدّ يده ليصافح السلفي، فنظر الأخير إلى الناحية الأخرى ليتجنب السلام على ابن بلده وشريكه في الوطن.
وخرج القبطــي من الطابور، وجرى مسرعاً ناحية أقرب كنيسة، وفي الطريق راجع نفسه فاستدرك خطأه، فقد شعر اليوم بأنه ليس قبطــيا مصريا، لكنه مصري قبــطــي!

الآن هو ليس بحاجة إلى البكاء في الكنيسة والحديث مع أبناء دينه، فأسرع الخُــطــى في اتجاه ميدان التحرير، وعندما اقترب من ناحية المــُجـَمّع شهق شهقة كأنه يستعيد معها روحا كادت تهرب منه.
في الميدان انتابته رغبة شديدة أن يقوم بعناق كل الشباب، ويبكي على صدورهم، ويعتذر لهم أنه فكر لبعض الوقت في الهجرة ومغادرة وطنه إلى أن تأويه مقبرة أنيقة وباردة في ضاحية من ضواحي مدينة أوروبية أو أمريكية أو كندية أو أسترالية.
إنه مصري أصيل لا يغادرها وهي في عز ثورتها المجيدة، ومطالبه وحقوقه تتحقق مع أشقائه المسلمين الشباب في ميدان التحرير، فقد كان معهم أيام الثورة، وتلقى شقيقه ضربة على الرأس من ضابط أمن عندما كان يقف أمام المصلين المسلمين لحمايتهم.
لم تعد معركته قبطية فقط، لكن مصر وطنه قبل صعود التطرف، وبعد سقوط دولة التزمت والتشدد والطائفية والاستعلاء.
لن تجبره أي قوة أن يهجر مصر فهو وأبناء دينه من الاٌقباط يمثلون ملايين من المصريين الذين سيثبتون من الآن فصاعدا أنهم الجزء العائد إلى الكل في ميدان التحرير، وأنها ثورتهم المتسامحة الرائعة، وأنه سيـُحَرّض كل قبطــي على الانخراط في فعاليات الثورة والاعتصام بنفس المطالب التي يرفعها شباب التحرير.
بعد دقائق التقى مسلما كان زميلا له في الجامعة مضت عليه عدة أيام معتصماً في الميدان. تعانقا، وسقطت الدموع على وجهيهما فكأنها للتطــهر، لا للحزن. لم تكن هناك حاجة للشرح، فهما يدافعان عن وطن ليس لأي منهما فيه شبر واحد أكثر من الآخر.
وهنا تجددت ثورة 25 يناير، وفي عيد ميلادها الأول يكتشف الأقباط أن حقوقهم المصرية تبدأ من ميدان التحرير، وحقوقهم القبطية تتحقق عندما تلتحم مليونية الشباب بمليونية الأقباط ، وترتفع شعارات لا تعرف منها الفارق بين المسلم والقبطــي.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 8 ديسمبر 2011

 

إسلامك ناقص بتحريمك الموسيقى على أذنيك!

أراك الآن وقد رفعت حاجبيك دهشة، وضربت كفاً بكف، واستغفرت اللهَ على شبه الشرك، وربما دعوت أن يجعل الله كيدي في نحري، أو دعوت لي بالهداية على ضلال لم يدر بذهنك أن مسلماً يمكن لعقله أن استدعاء هذا التحليل الغريب!
خدعوك فقالوا إن خالق الكون والجمال والطبيعة وزقزقة العصافير، وتغريد البلابل، وتسبيح الطيور بحمده، يــُحـَرّم على أكرم خلقه استخدام معجزة الأذنين لاستقبال معجزة الحنجرة أو عبقرية الأنامل في الموسيقى!
أشفق عليك من صــِدْام مصطنع بين الدين والموسيقى، فأوحى إليك من يرهبونك آناء الليل وأطراف النهار بغضب الله، أن تلك الأنغام الجميلة، الموسيقى والغناء، التي تتسلل إلى الفؤاد فتهزه، ثم تنعشه، ثم تسري قشعريرة في الجسد توقظ أحاسيس جميلة ما كان لها أن تدلف لموطن تليين طباعك إلا عن هذا الطريق.

لو غادر النغم الكون لاصطدمت كواكبه، وانفجرت نيازكه في أرضه، وجفت أحاسيس الإنسان، ولم يعد قادرا على استقبال أي رسالة سماوية تمهد له الطريق للعبادة، فالكتب المقدسة لا يفهمها غير من يقوم أولا بتنظيف وجدانه من التصحر، فيرويه، ويطفئ ظمأه، ثم يبدأ في تلقي الكلمات السامية.
استمع بتأمل إلى شخص حرّم على نفسه الاستمتاع بالموسيقى والغناء وهو يدعو بعد صلاته، أو يختلف مع معارضيه، أو يصدر أحكاماً على مخالفيه، فلن تجد غير الكراهية، والتعصب، وتمنيات بأن يريه الله عجائب قدرته في تعذيب الآخرين بدلا من إنارة طريق الهداية والرحمة لهم.
ستراه يرجم الناس في يقظته ومنامه، في أحلامه وأحكامه، في عداوته وخصومته، فالروح في عاشق النغم تلجأ إلى كل جوانب النفس المضيئة بالحب والتسامح وإيجاد الأعذار للناس لعلها تقنعها أنها لن تغادر صاحبنا قبل أن يعود إلى نداء الطبيعة.
في الإنسان مكان إذا جــَفَّ، تراجعت القدرة على استدعاء الذكريات الجميلة، وازدادت مساحة استقبال الآلام والأحزان واليأس وكراهية الحياة.
إنــه القلب القادر على توطين العبادة والجمال معاً، الدين والنغم، التسامح تجاه الآخرين وتذوق حلاوة الإيمان.
النغم لا يسألك الخبرة ومعرفة اللغة والإلمام بالنوتة الموسيقية، فإذا فتحت له أبواب القلب دخل بهدوء، وقام بعملية إزالة الفيروسات التي تعترض طريقه، وألقى التحية على موطن المشاعر الدينية الشفافة، ولم يلمس أقدس وأجمل وأسمى القيم الإيمانية والعقائدية والخيرية التي يمر عليها.
إذا كنت مسلماً كارهاً للموسيقى، مقتنعاً أن الغناء بكافة أصنافه وأنواعه وأصواته حرام كحرمة الموبقات، والدماء، والأعراض، والاستبداد، فأنت في حاجة ماسة لعلاج نفسي وروحي وعقلي وعصبي، وكلما طالت فترة عداوتك للموسيقى والنغم جدبت نفسك، وتصحرت مشاعرك، وتضاعفت قسوتك، واتسعت الفجوة بينك وبين عباد الله الذين يمشون على الأرض هوناَ، والذين إذا جاءهم نبأ عن ذنب ارتكبه أحد عثروا له في أعماق نفوسهم المتسامحة على سبعين عذراً.
خدعوك فقالوا لك بأن " حديث الروح"و" يا ساكني مطروح جنيـّة في بحركم"و" همسة حائرة"و" لحن الوفاء"و" وسلوا قلبي"و" مصر التي في خاطري"و" يا ليلة العيد آنستينا" هي مزامير الشيطان، وأن العلي العظيم مالك المــُلك العزيز الرحيم يـُحـَرّمها عليك، والحقيقة أنها منظفات لمشاعر الإنسان، فإذا حاول الإيمان الدخول تيسرت له كل سبل الاستقرار في القلب.
إذا وصلت، قولا وفعلا، إلى تلك المرحلة المريضة من كراهية النغم، واعتباره من المــُحـَرّمات، فعليك بالعلاج دون تأخير، فأنت خطــِر على أهلك، وعلى أحبابك، وعلى المجتمع، وعلى زوجتك وأولادك.
إن كل الذين يفجرون أنفسهم في الأبرياء، ويقتلون من لم يؤذهم ببرود أعصاب، ويقومون بتكفير الآخر من أجل كلمة أو جملة أو حديث عابر أو رأي مخالف أو كتاب يسلك طريق العقل في صوابه وأخطائه، سلكوا نفس طريقك المــُعـَبـَّد بالشوك، والذي ينتهي حتماً بإعلان الحرب على الآخرين.
إذا حاولت قطعة موسيقية جميلة أن تخترق أذنيك مصادفة ونفرت منها ومن كل ما يعرفه النغم من أصوات وكلمات وآلات، فلن تجد حلاوة الإيمان ولو أقسم لك أولياؤك، وأرباب معارفك الدينية، ومفسرو الكتب الصفراء لموتى تفصلهم عنك مئات السنوات أن هذا يرضي الله، جلت قدرته وعظمته، فتذكر أن الكون الذي يــُســَبــِّح، يغني أيضا.

النفس المفرَّغة من بهجة استشعار مواطن الجــَمال في النغم والموسيقى والغناء سيكون الإيمان فيها غير سويّ، وتكون الأحكام على الآخرين كأنها مقصلة تعمل جنبا إلى جنب مع قناعة يحسبها المرء دينا، لكنها عبادة أقوال موتىَ لم يتحقق العقل من صحتها، فهو يغيب كلما غاب المرء مع تقديس عنعنات تضر و.. لا تنفع.
إسلامك ناقص إذا دخل قلبــَك نغمٌ ولم يجد فيه مساحة خالية ليضع ذكريات تستدعيها إذا مرَّت بك صورة أو تسللت إلى أنفك رائحة، أو إلى أذنيك أغنية تنقل لك مشهدا عائليا قديما، أو جلسة ســَمــَر مع أصدقاء الطفولة، أو يوم عرس أختك، أو ليلة استيقاظك فجأة لتجد أمك تستمع إليها قبل أن تقوم إلى صلاة الفجر، ثم تتأكد أن غطاء فراشك يغطي جسد فلذة كبدها، ثم تأوي هي إلى فراشها.
إسلامك ناقص وأنت تبحث بلذة مريضة عن كل المحرمات حتى لو كانت وردة حمراء في عيد الحب، أو عزف بيانو يصل إليك خافتاً من نافذة الجيران، أو أغنية لعزة بلبع عن السجون والمعتقلات وظلم الإنسان لأخيه الإنسان.
استحلفك بالله أن تــُعـَجــِّل في علاج نفسك، وأن تعيد ملء خزان إذا جف وقوده فلن تعرف إلا القسوة والوحشية والبغضاء وفرض سطوتك المستبدة على الآخرين، أو وضع رقبتك تحت سيف مخادعيك.

راقب حياة أيٍّ من زملائك الذين اقتنعوا فجأة بحــُرمة النغم، ودخلوا معركة خاسرة مع الأذنين، وجاهدوا في تحريم كل نغمة موسيقية أو غنائية خشية أن تصل إلى القلب، فستجد في الحقيقة قــَتــَلة ولو لم يقتلوا بعد، ومعتدين ,ولو بدا أنهم لا يكترثون، وخصوم للحياة في صورة مزيفة لعشاق الآخرة.
تأمل نعمة الله، وتدبر معجزته في مخلوقاته، وتعلــَّم من الطيور، فإذا كانت أول كلمة هي اقرأ، فإن أول لقاء الإنسان بالدنيا بعد سقوطه من بطن أمه هو صراخ جميل يصل إلى الأم والأب نغماً تصغر بجانبه كل أنغام الكون.
لا تصدّقهم فهم يصنعون في أعماقك سيارات مفخخة، وعلى لسانك ســِبـْابا وتكفيرا وكراهية، وفي قلبك منطقة متصحرة يدخلها الإيمان متردداً، ويقيم فيها علىَ مضض، ويهرب منها في أول امتحان للتسامح والحب والرأفة.
إسلامك ناقص ما لم تــُعــِدْ النظر والتدبر والتبصر والتأمل في الكون، والجــَمال، والطبيعة، وأسباب خلق الله، تعالى، لكل حاسة من حواسك المعروفة والزائدة والخفية.
لا تتأخر لئلا تذبل النفس، وتموت الأحاسيس، وتصعد الروح إلى بارئها حتى لو ظننت أنها لا تزال تنفخ فيك الحياة!

تأكد أن المرض لم يستفحل بعد، ولم يصل إلى مرحلة اللاعودة، وإذا كنت تكره الموسيقى والنغم والغناء بكافة صوره فينبغي أن نأخذ حذرنا منك، فأنت خطر علينا جميعاً، وعلى القيم والمباديء والخير ومحبة الآخرين.
قبل أن تلقمني بحجر، قم برحلة إلى أعماقك، إذا كنت كارها للنغم والموسيقى، وستجد أن التصحر لم يستقر في قلبك فقط، لكنه أصاب العقل أيضا!


محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 26 نوفمبر 2011
Taeralshmal@gmail.com

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...