05‏/03‏/2017

فلان مات!

فلان مات!
من الأشياء التي تصيب المغترب بالحيرة الناتجة عن حزن بأثر رجعي هي وصول خبر وفاة شخص عزيز بعد رحيله بزمن طويل، فأنت هنا لا تستطيع تقديم العزاء ، ولا تسمح لنفسك بالاتصال لاسترجاع المواجع، وأيضا لا تغض الطرف عن الخبر المتأخر جداً.
في الغربة لا تذرف الدموع إلا قليلا، وتستبدل بها حزناً مهجريا لا يفهمه من لم يغادروا الوطن.
 والحزن المهجري يعني أنك تمارس حياتك العادية، ولا تبكي، وتصطحب ابنك إلى السينما أو ابنتك إلى دروس البيانو، ولكن حالة من الوجوم تغطي وجهك حتى لو ضحكت أو ابتسمت.
 صورة الراحل مسكونة في خيالك، ومعجونة في ذكرياتك وقد تحولت إلى خصوصية لا يعرف كنهها إلا أنت.
فلان مات!
متى؟
 منذ عام .. منذ عامين، ربما أكثر. كان مريضا، تألم كثيرا، كان يحبك ويتذكرك بين ألفينة والأخرى! مرت عليه أيام لم يذق طعم السعادة فيها.
 هنا، أنت لا تحزن كما لو كنت بجواره تسمع النحيب، وتتلقى العزاء، وتسير في جنازته، وتشيـّـعه إلى مثواه الأخير، وتقوم بزيارة قبره مرتين في الأسبوع الأول، وثالثة في الشهر الثاني، ورابعة بعد عام.
 أحزانك في الغربة متقطعة كأفراحك تماما. تحزن دقيقتين وينادي عليك ابنك. تتذكر الراحل بعدها بنصف ساعة ثم تدلف إلى غربتك في الوطن الجديد. تقفز الصورة إلى ذهنك صباح اليوم التالي فتزيحها جانباً.
 من منّــا لم يمر بهذا الخبر أو لم يقم الخبر بزيارته. فترة الفراغ تصيبك بالحيرة فهي تمتد من الموت إلى لحظة تلقيّــك الخبر، ولا تعرف ماذا حدث فيها لأنه كان في الحقيقة غائبا غربتين: الموت والبعد عنك. وأنت غائب ضعفين: الصورة المرسومة في ذهنك والتي لم تغادر معه، والصورة المرسومة بريشة أمل أن تلتقيه.
 الآن عليك أن تتذكره عندما كنت معه، أو تفكر فيه بعدما جاءك خبر رحيله، أو تستقطع من الماضي مشاهد مبتورة بفعل الزمن، ثم متناثرة بفعل الخبر المتأخر.

محمد عبد المجيد
 طائر الشمال
أوسلو Taeralshmal@gmail.com

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...