29‏/09‏/2016

اليوم .. كلنا سعوديون!


انتقدتُ المؤسسة الدينية طوال ثلاثين عامـًـا حتى وأنا معهم وفي بيتهم، وتعرضت لمتاعب جمّة في دول عربية أخرى تربطها بالمملكة علاقات الصغير بالكبير.
ورأيت طوال نفس الفترة أنَّ كارثة المسلمين من عالم الفتاوىَ الفجـــَّـة، وطالبتُ بفصل المؤسسة الدينية عن الحُكم.
وكنتُ ومازلت أثق بالملك سلمان بن عبد العزيز وبشعبنا السعودي رغم أنني أقف على الطرف النقيض من السياسة الدينية، وخاصة دعم المراكز الإسلامية في أوروبا فقد أنجبت دواعش لا حصر لهم، وصنعت كراهية للإسلام والمسلمين.
لكنني أسأل من كان له قلب وعقل وضمير:
من في العالم العربي والإسلامي لم يستفد ماليا من أموال البترول، ومن الدعم السعودي المباشر أو غير المباشر في دعم اقتصاديات متهالكة وأشقاء عرب كان الفساد نـِـصْفَ إيمانهم؟
تشمتون في السعودية وتنتظرون العمَّ سام من ناحية، وآيات قُم من ناحية أخرى، والطائفية المقيتة من العراق بعدما كان الخطرُ صدَّامياً فأصبح إيرانوقيًـا يريد كما قال قائد عسكري إيراني مسح السعودية من على وجه الأرض.
تشمتون في السعودية وكل منكم أكل على مائدتها، وشبع، وتكرَّش، وتجشأ، ثم صفــَّـق لانهيارها القادم، لا قدر الله.
تشمتون في السعودية لأن أنياب البيت الأبيض بارزة، والتعويضات المطلوبة تكفي لإشهار إفلاس المملكة وشعبها وخيراتها ونفطها ومستقبلها فيتقاسمونها كأنها الرجل المريض.
تشمتون في السعودية وتنسون كل المواقف المشرّفة من الملك فهد والملك عبد الله والملك سلمان، ولولا السعودية لما تحررت الكويت، وكانت الأقدام الهمجية لأشاوس طاغية بغداد ستدنس كل بلد عربي وسنركع جميعا، ثم يتم ضرب صدام وجيشه ليتناثر العرب قطعا صغيرة تجذب كل حيتان الاستعمار القدم والجديد.
تشمتون في السعودية بسبب المؤسسة الدينية، وأحسب أن لا أحد منكم غاضب على تطرف وتعصب وتشدد هذه المؤسسة أكثر مني، وبدلا من المطالبة بفك الارتباط بين آل سعود وبين المؤسسة الدينية، تهللون لقرب سقوط دولة خرج من أحشائها تكفيريون، ولكن خرج من بين يديها خيــّـرون، وداعمون لكم، ومنقذون لاقتصادكم، وحاضنون لملايين من أبنائكم.
تشمتون في السعودية وتغضون الطرف عن أم الكوارث عندما تتم سرقة مئات المليارات من أموال شعبها في أمريكا والغرب وسويسرا، ثم تُعْلــــَـن السعودية دولة مفلسة ترهن نفطها في باطن الأرض لقوى الطغيان.
تشمتون في السعودية وكل منكم سيدفع الثمن غالياً، وعواصم العالم العربي ستنهار اقتصاديا، وستضطر دول النفط الخليجية إلى تسديد ديون الرياض بسبب التعويضات النهبية اللامعقولة فيسري الإفلاس على الجميع.
تشمتون في السعودية لأن تسعة عشر إرهابياً حملوا جنسيتها، وأسامة بن لادن اعترف أن التخطيط تم في أفغانستان، بل كان بنفسه خصما للمملكة.
السعودية الآن أكثر من أي وقت مضى في حاجة لقُراء المستقبل الذين يعرفون المشهد النهائي للمنطقة في حالة تقسيمها بعد كسر ظهرها، وتفتيت دولها.
إن الدعوة لتحويل القبلة من المسجد الحرام إلى كربلاء لم تكن جسّ نبض، إنما استعداد فعلي للتجزئة النهائية، وضم الإحساء للعراق.
انتقدوا، لو أحببتم، وطالبوا الملك سلمان بفضّ الشراكة السعودية/الدينية، واثبتوا للعالم أن العرب أحياء يُرزَقون، وانهم ليسوا كيسنجريين يحتفلون بموت هذه الأمة العربية المسكينة.
إن مؤتمر الشيشان ليس بعيداً عن المشهد الفاجعي الآني، وحرب اليمن التي دفعت طهران الحوثيين لها أثبتت أن المنطقة في حاجة إلى سيّد جديد يمنح من لا يملك شبراً فيها الأرض كلها لمن لا يستحق، فكل الأوغاد سيأكلون على المائدة بعد طرد المملكة وشقيقاتها منها.
حتى لو كنتم على حق بأن دعم السعودية للمراكز الإسلامية وقوى التطرف والفتاوى والتأخر هو أحد أسباب مشاكل العالم الإسلامي، لكنها الآن تتعلق بمن يعرف الفضل لذوي الفضل، ومن لم يُطعــَــم سعوديــًـا في يوم من الأيام، فله الحق أن يتمرد وأن يشمت وأن يرفع الأعلام الإيرانية والأمريكية والإسرائيلية والبرجوتوأمية!
اعقلوا، وفكّروا، وانضموا لوطنكم العربي، وانتقدوا ما شاء لكم الحق أو الهوى، لكن لا تشمتوا في السعودية فعهدُ ما بعد إنهيارها أسوأ من سايكس بيكو مئات المرات.
أتفهم مشاعرَ الغاضبين، ولكن عندم يصبح الغضب شماتة فالطريق إلى البيت الأبيض أقرب منه إلى مكة المكرمة، وآيات الله سيسلخون جلودكم.
إنه يوم حزن شديد، وسرادق عزاء في الأمة العربية، ومأتم للعقل العربي الذي قد تــُـغـَـيــّـبه الدينية وتـُـخــَـدّره اللادينية.
الخطوة الأولى المنقذة للمملكة أن تعلن وقف كل دعم سعودي، خاص أو إسلامي أو حكومي، لأيّ مركز إسلامي في العالم برمته، فالإسلام لن يموت أو يحتضر بغياب الدعم، بل سينهزم بوجوده.
يجب أن يأمر الملك سلمان بن عبد العزيز بمنع تحويل أي ريال سعودي لمسجد أو مركز أو جمعية أو جماعة أو شخص أو تنظيم أو حزب يزعم أنه يدعو للإسلام، فاللصوص والنهابون والمحتالون والإرهابيون والقتلة أكثر عددا من المستفيدين.
الخطوة الثانية: ترك قوىَ الاستنارة الداخلية والخارجية أن تنتقد، وتًشرح، وتهلهل، وتمزق، وتكسر شوكة الفتاوى الفجة التي لا تستند مباشرة وبدون تأويل إلى آيات القرآن الكريم.
أكرر ثقتي في الملك سلمان، وأعلن أننا كلنا اليوم سعوديون، وأتمنى أنْ ينصت هذه المرة قبل أن ينفضّ عن السعودية كل الأصدقاء.
من يجرؤ على القول بأننا كلنا اليوم سعوديون؟
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو النرويج
Taeralshmal@gmail.com
Oslo 29.09.2016

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...