17‏/01‏/2014

القاضي الحــُـلم

أحلم بقضاء مهيب، وقاضٍ إذا دخل القاعة صمت الجميع، وإذا تحدث أنصتوا، وإذا قرأ طربت لسلاسة لغتــه كل حروف العربية، وإذا أشار لمحام خرس الآخرون، وإذا رفع أحد صوته أمر باخراجه، وإذا استمر، حبسه 24 ساعة.
أحلم بقاض يحب الكتاب والثقافة والمعرفة، وأحكامه فضلا عن عدالتها هي بيان من التنزيل أو قبس من نور الذكر الحكيم.
أحلم بقاض ليس له ابن مستشار أو والد من داعمي الفساد.
أحلم بقاض لا يتعرض لاغراء، ويطلع على أوراق القضية، ويتابع بعد الحُكم أو البراءة ما حدث للمتهم.
أحلم بقاض إذا شاهدته فكأنك أمام نبي بدون رسالة سماوية ولكن ارشاد سماوي.
أحلم بقاض يتساوى الجميع أمامه، لا يخاف رئيسا أو مرشدا أو جنرالا أو مليارديراً.
أحلم بقاض لم يتورط خفية في رشوة فيظل طوال حياته واضعا يده في جيوب المجرمين.
وقبل كل ذلك، أحلم بقاض يحب مصر، وتلك هي المعضلة!

حتى الآن فهو الحلم المستحيل، والرئيس الجديد، الجنرال السيسي بالدستور الجديد يستطيع أن يُطهر القضاء أو يغمض عينيه عما يحدث فيه فكأنه لا يرى مصر.
الرئيس السيسي مُطالب باخراج الشياطين من السلك القضائي، وإذا سألت إبليس أي الأماكن يحبها وتتدفأ بكرسيها مؤخرته فسيقول: منصة القاضي.
مصر الجديدة ينبغي أن تبدأ من العدالة وإلا فلا فائدة في ثورة أو دستور أو انتخابات أو جيش أو رئيس أو دين أو شعب!
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 15 يناير 2014


قــُــبلة الحياة أمْ قــُــبـلة الموت؟


يتحدثون عن الإنقلاب وعودة العسكر وكأن الشعب استغاث بهم من عفاريت غير مرئية!
لو لم يكن سوس الغباء والحماقة والغرور قد نخر في جماجم القيادات الاخوانية لما احتاج الشعب للجوء للخيار الوحيد، أي العسكر، الذين أنقذوا المصريين من نظام طائفي عنصري.

لا تهمني نسبة المشاركة والنجاح ، لكن المهم أن شياطين مبارك ومرسي يبتعدون عن الحُكم.
إذا عاد رجال مبارك فلنا أن نستعد لثورة جديدة، لكنها هذه المرة ستكون تحت قيادة شياطين الاخوان الذين سينصبون لنا المشانق على كل ناصية، وسيقف الشعب معهم، ويصمت وهم يقطعون أعناق المصريين.

عندما أقرأ اسماء مثل عمرو عبد السميع، مكرم محمد أحمد، أسامة سرايا، يحيي الجمل، خيري رمضان، لميس الحديدي، ممتاز القط، رفعت السعيد، تامر أمين، محمود سعد، خالد الجندي، وعشرات غيرهم، أنظر مرة أخرى بعيون واسعة ظنا مني أن جمال مبارك سيطل علينا من الشاشة الصغيرة ويرفع إصبعه الأسط في وجوهنا.

ومع ذلك فنحن ننتظر ، ونؤيد السيسي، ونصوّت للدستور، ونرفع أسمى آيات المحبة للقوات المسلحة حتى يقف رجال مبارك والمشير والقضاة الفلول والسفارة الأمريكية والسفارة الإسرائيلية ويصفعوننا على وجوهنا ، أو يحدث العكس، إن شاء الله، ونحتفل بقائد وطني، ومخلص، وذكي، وعاشق لمصر فيزيحهم جميعا في ضربة قاضية.
مشهد مصر المشرق بالسيسي والدستور والإصلاح.
ومشهد مصر القاتم، لا قدر الله، بعودة كل الأوغاد واللصوص وقاتلي الشعب وقناصي العيون وناهبي أموالنا ولمتاجرين بالدين.
وعلى السيسي أن يختار الآن بين شعبنا الذي أعطاه قـُـبلة الحب والحياة أو أعداء الشعب الذين لا يعرفون غير قـُـبلة الموت والخراب!

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 16 يناير 2014


شباب في التسعين!


أرجوكم توقفوا عن وصف من هم فوق الخمسين بأنهم عواجيز، ومن هم فوق الستين بأنهم ( إيديهم والقبر)، ومن فوق السبعين بأن ملك الموت لم يرهم، فأنا سأكمل في الشهر القادم بإذن الله عامي السابع والستين ولازلت أشعر بأنني قادر على مقارعة ثلاث طغاة، وأدعو إلى سبع ثورات، وأكتب أربعة عشر كتابا جديداً ( بين يدي الآن الكتاب السابع عشر لم أنته منه بعد)، وأريد أن أتعلم لغات جديدة، وأمامي في البيت آلاف الكتب أريد أن أقرأ ما لم أقرأه، وأعيد قراءة الكثير منها، وأحلم بمشاهدة عشرات المدن، والقلب شاب ولو ثقل الجسد أو تباطأت الخطوات، أو لا أستطيع التسابق مع ابني أكثر من خمسين متراً، أعني عشرين متراً.

العمر يقاس بالأحلام، وأعرف شبابا بلغوا المشيب وإذا طلبت منهم الذهاب إلى الشارع المجاور نظروا إليك وأعينهم تفيض من الغيظ، وأعرف مسنين يقتربون من التسعين وأحلامهم في مستقبل مشرق وجميل أضعاف أحلام الشباب.الزمن يرسم على الوجه خطوطا، ويلعب في عروق وشرايين هناك، ويُضعف بعض الأعضاء في الجسد، وكلما ذهبت إلى الطبيب يبلغك بخبر غير سار، وربما لا ترى الكلمات بدون نظارة طبية، لكنه، أي الزمن، لا يستطيع أن يقترب خطوة واحدة من الأحلام، فأحلام اليقظة هي الدواء الشافي الذي يغضب منه الزمن.

مثلي الأعلى كان رجلا قابلته في أوسلو وتحدث معي عن تجديد كارنيه بيوت الشباب العالمية لأنه قرر أن يشاهد مدنا لم يرها من قبل، وأن يستمتع بحياته لأنه مازال شاباً. كان الرجل في الثالثة والتسعين من العمر!
وشيخ في الشباب وليس شيخا يسمى كل من بلغ المشيبا!( المتنبي ).

العمر يتوقف بتوقف الأحلام والآمال والتمنيات.
العمر يتوقف بتراجع الرغبة في المقاومة وفي المناهضة وفي الصراع ضد الأشرار.
العمر يتوقف مع اليأس ومع تكدس الضغائن والحقد والحسد والكراهية في الصدر.
العمر يتوقف إذا لم يجد التسامح مساحة في القلب يستقر فيها حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
العمر يتوقف عندما نترجل قبل الموعد بقليل أو كثير.

أرجوكم، توقفوا عن وصف من هم فوق التسعين بأنهم مُسنون، وعجائز، فالزمن إحساس قبل أن يكون حقيقة واقعة.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 16 يناير 2014

خرافة هيبة القضاء!


أنا أفهم أن تكون هناك هيبة للقضاء في النرويج والسويد وآيلسندا ونيوزيلندا وسويسرا ، ويرفض الشعب الاقتراب من تلك الهيبة، بل إن بعض الدول يمنع القانون فيها الحديث الشخصي مع القاضي فضلا عن تقديم هدية.

أما أن يعاقب القضاء في مصر من ينال من هيبته فتلك لعمري كارثة بكل المعايير، ومن استمع إلى المستشار أحمد رفعت في قضية القرن وهو يقرأ الأحكام على مبارك وولديه لا يخالجه أدنى شك بأن الرجل لم يقرأ كتابا واحدا في حياته .. بل لم يقرأ صفحة واحدة بعد التخرج.

القضاء الذي يؤجل، ويلجأ إلى التسويف والمغالطات ويخاف من المتهم ويستشعر الحرج ولا يلمس عشرات الآلاف من القضايا التي تتوقف عليها حياة المواطنين لا يستحق هيبة أو احتراما أو تقديراً.
إن الديكتاتورية التي تبدأ بتقديس القضاء هي جريمة لا ينفع معها الحديث الودي والضعيف والمنافق عن القضاء الشامخ والنزيه، فالقضاء في مصر لا يعرف الفارق بين المعتدي والمعتدىَ عليه، بين المجرم والبريء.

هيبة القضاء طريق طويل .. طويل لا يمر على مبارك والمشير ومرسي !
هيبة القضاء لا تنطبق على المحاكم في مصر، ومشهد واحد لدقيقة واحدة ترصده كاميرا تكتشف على الفور أن هيبة القاضي المصري ذهبت مع الريح.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 16 يناير 2014

دعوني أفرح أياما أو أسابيع فقط


 
حتى لو أتفقت مع الرابعيين في كل شيء ضد العسكر، فقولوا لي: ماذا كان يمكن أن يفعل جنرال مصري أمام تحديات شهري الاعتصام الاخواني، رابعة والنهضة، وتضخم حجم الاخوان، واحتلالهم كل مراكز الدولة، وتهيئة الاجواء للفرز العنصري والطائفي، وفتح الباب للتيارات الدينية المشبعة روحيا من شقيقاتها في سوريا والعراق وليبيا والجزائر والسودان وغزة؟

المتغطرس والمتكبر محمد مرسي وصل إلى مرحلة متقززة من نفخ الذات، ولم يعد في جعبته إلا هراء، ولعب على وتر الدين، وظن الخطاب خطبة على المنبر، والتخطيط للدولة الحديثة بركة من المرشد، وبالتالي عندما تمت الاطاحة به كان الرابعيون في حالة حرب فظة ولو انتظر السيسي أسبوعا واحداً فربما كان المعتصمون قد نصبوا المشانق للقوات المسلحة المصرية.

في عام واحد تناثرت بؤر الارهاب الديني في كل شبر من أرض مصر، والحمقى الذين أرادوا انتظار بقية فترة رئاسته ( الرئيس المدني المنتخب ) أرادوا، وربما بنيــّـة طيبة وساذجة، تحويل مصر إلى ساحة أكبر حرب أهلية تصغر بجانبها تفجيرات وكيماويات وطائفيات العراق وسوريا.
نعم .. نعم .. نعم، أنا مع فضّ الاعتصام بالطريقة التي حدثت ومن حُسن حظ الرابعيين أن قتلاهم 636 ( هم يقولون بأنهم سبعة آلاف والجزيرة تستحي أن تقول بأن قتلى فض الاعتصام خمسون مليونا ).
كلما تخيلت مصر نصف عام آخر لو لم تتم الاطاحة بمرسي يرتعش جسدي وأرى جثث أهلي وأحبابي وأصدقائي وأطفالهم ملقاة في شوارع المحروسة.
سيقول قائل: هل يعجبك الوضع الآن؟

هذا قائل لم يقرأ لي حرفا واحداً، وأنا في كل كتاباتي لم أكتب تأييدا على ورقة بيضاء ، والرحمن الذي نفسي بيده، لو لم يكن الاخوان حمقى ومتخلفين وارهابيين، ولم يكن على الساحة تيارات دينية متعصبة وطائفية وكارهة للعـَـلــَـم المصري ومُحـَـرِّمة للنشيد الوطني ، لـَـما رفعت إصبعا واحدا تأييدا للعسكر، خشية أن تكون روح مبارك والمشير حيـّـة في أعماقهم.

نحن الآن أمام مرحلة جديدة، ودستور ينظم حياة المصريين، وجنرال أطاح برؤوس الارهاب، فإذا أعاد نظام مبارك وسمح بالفساد وترك القضاء يعيث ظلما ولم يكترث للعدالة فما زال في الجسد رمق من الحياة سأجنده لاستعادة معارضتي ومناهضتي وكتاباتي حيث لم يخذلني قلمي طوال الأربعين عاما الماضية.
دعوني أفرح ولو لبضعة أيام أو بضعة أسابيع وأنتظر لأعرف من سيدخل القصر: الملائكة أم الشياطين.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 16 يناير 2014


 

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...