17‏/01‏/2014

شباب في التسعين!


أرجوكم توقفوا عن وصف من هم فوق الخمسين بأنهم عواجيز، ومن هم فوق الستين بأنهم ( إيديهم والقبر)، ومن فوق السبعين بأن ملك الموت لم يرهم، فأنا سأكمل في الشهر القادم بإذن الله عامي السابع والستين ولازلت أشعر بأنني قادر على مقارعة ثلاث طغاة، وأدعو إلى سبع ثورات، وأكتب أربعة عشر كتابا جديداً ( بين يدي الآن الكتاب السابع عشر لم أنته منه بعد)، وأريد أن أتعلم لغات جديدة، وأمامي في البيت آلاف الكتب أريد أن أقرأ ما لم أقرأه، وأعيد قراءة الكثير منها، وأحلم بمشاهدة عشرات المدن، والقلب شاب ولو ثقل الجسد أو تباطأت الخطوات، أو لا أستطيع التسابق مع ابني أكثر من خمسين متراً، أعني عشرين متراً.

العمر يقاس بالأحلام، وأعرف شبابا بلغوا المشيب وإذا طلبت منهم الذهاب إلى الشارع المجاور نظروا إليك وأعينهم تفيض من الغيظ، وأعرف مسنين يقتربون من التسعين وأحلامهم في مستقبل مشرق وجميل أضعاف أحلام الشباب.الزمن يرسم على الوجه خطوطا، ويلعب في عروق وشرايين هناك، ويُضعف بعض الأعضاء في الجسد، وكلما ذهبت إلى الطبيب يبلغك بخبر غير سار، وربما لا ترى الكلمات بدون نظارة طبية، لكنه، أي الزمن، لا يستطيع أن يقترب خطوة واحدة من الأحلام، فأحلام اليقظة هي الدواء الشافي الذي يغضب منه الزمن.

مثلي الأعلى كان رجلا قابلته في أوسلو وتحدث معي عن تجديد كارنيه بيوت الشباب العالمية لأنه قرر أن يشاهد مدنا لم يرها من قبل، وأن يستمتع بحياته لأنه مازال شاباً. كان الرجل في الثالثة والتسعين من العمر!
وشيخ في الشباب وليس شيخا يسمى كل من بلغ المشيبا!( المتنبي ).

العمر يتوقف بتوقف الأحلام والآمال والتمنيات.
العمر يتوقف بتراجع الرغبة في المقاومة وفي المناهضة وفي الصراع ضد الأشرار.
العمر يتوقف مع اليأس ومع تكدس الضغائن والحقد والحسد والكراهية في الصدر.
العمر يتوقف إذا لم يجد التسامح مساحة في القلب يستقر فيها حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
العمر يتوقف عندما نترجل قبل الموعد بقليل أو كثير.

أرجوكم، توقفوا عن وصف من هم فوق التسعين بأنهم مُسنون، وعجائز، فالزمن إحساس قبل أن يكون حقيقة واقعة.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 16 يناير 2014

ليست هناك تعليقات:

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...