11‏/09‏/2013

كارثة حرب النصوص!


كارثة حرب النصوص!
يعاني العرب من كــُــتــَّـاب وإنترنتيين وضيوف الفضائيات من العجز عن الامساك بالعقل وجعله ركيزة أساسية في التحليل والفهم والاستشهاد الموثق، فاستبدلوا بها النصوص الجاهزة، سواء كانت مقدسة أو موضوعة، تماما كالمعارك الشعرية العكاظية.
أصبح طبيعيا أن يلتقي محاوران أو خصمان في مبارزة فكرية تتحول بعد دقائق معدودة إلى استعراض مهارة استيراد نصوص مرَّت عليها مئات السنوات باعتبارها رديفا للعقل، وبديلا للمعلومة.
في الحوارات الالكترونية بالمنتديات والفيسبوك والمواقع التي تفتح نوافذها لدخول المشاركين، يفتح الجميع نيران نصوصهم الجاهزة أملا في أن يُردي كل ناقل للنص غريمه قتيلا منذ النــَــصِّ الأول.
وبالغت الأكثرية فيما أطلقوا عليه: سآتي له بنص مضت عليه قرون لا يستطيع إزاءه إلا التسليم بهزيمة ساحقة!
لهذا ظن الإسلاميون أنهم هزموا الليبراليين، فالنصوص في الصدور، والعقل في عطلة طويلة، والمعلومات غير موثوق بها إلا أن تكون معفرة ومتربة في كتب صفراء فاقع لونها تــُــسِر الناقلين.
يكفي أن يضع صاحبنا ساقا فوق، وذاتا فوق ذات، فينتفخ أوراماً نــَــصّية ويلقي على مسامعك بكلمة قال ابن عباس، وصاحبنا لا يعرف عباسا أو ابنه أو أعمامه، لكن تغليف الاسم الموغل في الزمن الغابر، ثم اعادة تقديمه في الحاضر مشوبا بهالة مقدسة من عبق التاريخ يجعل الورم الفكري فقهاً، والنصّ البشري المجهول كأنه بيان من التنزيل.
قدرة العقل المسلم الجديد على التشكيك لا تحتاج لمنطق أو موضوعية، فهو اتهام مثل الذي تلقيه السلطة في الأنظمة الديكتاتورية على المواطن بأنه يعكر صفو الأمن العام حتى لو كانت التهمة جلوسه على الرصيف يلتهم كسرة خبز كانت ملقاة تحت قدميه.
دخلتُ على منتدى ونشرت مقال ( تغطية وجه المرأة حرام ) وبيــّـنت أهمية اظهار المشاعر الإنسانية على الوجه حتى تستقيم العلاقات الاجتماعية، فردَتْ احداهن متهمة إياي بكل الصفات القبيحة والآثمة وأنني، طبقا لاجتهاداتها العبقرية، أريد من المرأة المسلمة أن تسير عارية، وأن وجهة نظري تلك استقيتها من العاهرات وأنا أعب كؤوس الخمر!
ربما يبتسم القاريء الكريم، لكن الحقيقة أن البكاء على عالمنا المسكين هو رد الفعل الطبيعي، فحرب النصوص اغتالت العقل، ثم دفنته، وأهالت عليه التراب، وزعمت أنها فعلت هذا من وحي توجيهات سامية وسماوية من يخالفها فقد كفر ودمه حلال على مجاهدي الأمة وزوجاتهم القاصرات، والهاربات من حروبنا الأهلية المتخلفة.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 11 سبتمبر 2013 

من أين ينبع بركان الكراهية لدىَ الإسلاميين؟

الإسلامي غير المسلم، فالأول يرضع بغضاء، ويكره العالم كله، ويحتقر المرأة وهو يتحدث عن تكريمها، والثاني مسالم لا يؤذي جاره، ويسع قلبه خصومه كأقربائه، وأقرب أصدقائه مسيحي شوهدا كثيرا وهما يسيرا يداً بيد، وأحيانا يحضر الأول قداس الأحد بدون صلاة، ويجلس الثاني في ركن المسجد منتظرا صديقه حتى ينتهي من صلاة العصر.

الإسلامي من نسل العبيد، يركع للأمير، ويطيع المرشد، وإذا خاصم فجر، وذهنه منشغل بالمرأة فكلها شهوة له، الوجه والعينان والملابس واللسان ويستطيع خياله أن يخترق مئة عباية ترتديها المرأة ليكشف عورتها.
والمسلم يحب الناس، ويرى أن لا فضل له أنْ سقط من بطن أمه مسلما، ويبحث عن ايجابيات الآخر وإذا أمر بالمعروف خفض صوته خشية المزايدة.

الإسلامي يمسك سيفا ويحلم بالحور العين وقطــع رقبة مخالفه، والمسلم يمسك وردة يعطيها لمن يحب أيا كانت خلفيته الدينية والمذهبية والطائفية.

الإسلامي يستنشق هواء ملوثا وسط جماعة مغيبة، وأفكاره نصوص جاهزة، وجمجمته تحوي تجويفا يضع فيه أميره أو مرشده أو معلمه كل الفضلات التي نامت مئات السنين بين صفحات كتب غبراء كتبها مجهولون واحتضنتها إسرائيليات عنعنية كاذبة فظن أن فيها الروح المقدسة.
والمسلم لا ينخرط في حزب أو جماعة أو فرقة فإسلامه له وحده، ونقاء دينه يسمو بالشعائر فيستمتع بلقاء الــله في أي مكان، غرفة مغلقة، زاوية مسجد ضيقة، مراقبة طيور، التأمل في عجائب مخلوقاته، إقامة علاقات صداقة دون أن يطرح على نفسه ولو على استحياء فضول معرفة الدين والمذهب والحزب والجماعة.
الإسلامي يزايد في كل مكان، ويبدأ حديثه في الدين وينهيه عن الدين وكأن حياته محصورة في نصوص لصقها مجهولون في قلبه وصدره، فأضحى القلبُ صخرة صماء والصدرُ مخزنا لرماد الفكر البغيض.
والمسلم تعرفه من حديثه الطيب، وإذا أردت التأكد فاجعله يغضب منك وستجد مساحة غضبه لا تراها العين المجردة، ولسانه عفيف مع أهله، وأعف مع خصومه.
الإسلامي يلعنك إذا اختلفت معه، ويدعو الــله في صلاته أن يشل يديك، ويجمد الدماء في عروقك، ويسلط عليك الثعبان الأقرع، ويتهمك بالكفر إذا فكرت، وبالزندقة إذا استخدمت تصريح العلي القدير بالعقل والتدبر.
والمسلم لا تسمع صوته إلا همساً، وإذا اغضبته ابتسم في وجهك، وإذا استفززته وأحمر وجهه، عاد إليك معتذرا.
الإسلامي يغتصب طفلة تحت زعم أنها زوجته على سنة اللـه ورسوله، فحلاله أربع، لا يتنازل عنها إلا بدافع الفقر. وهو يكره وطنه وجيشه وعلَمَ بلاده ولا يحرك النشيد الوطني فيه إلا مشاعر النفور.
والمسلم يأبي هذا، ويقارنها بابنته الصغرى، ويعرف أن شروط التعدد مستحيلة، وزوج الأربعة فاجر وكاذب ومخادع، وهو يعتز بوطنه، ولا يُفرق بين أهله وشركاء الوطن معتنقي دين آخر أو مذهب مختلف، وتسقط دمعتان على وجهه إذا استمع للنشيد الوطني، ويــُــقــَــبـِّـل العــَــلــَــم بمحبة كأنه كائن حي.
الإسلامي يدعو إلى تطبيق الشريعة وهو مبغض لها، والمسلم يرى العدل في أي صورة إسلاماً يعتز به.
الإسلامي سيجد في مقالي هذا سبعين ذنباً، وكل ذنب يهلل له سيــَّــافـُـه فقطْــعُ الرقبة أصبح علىَ مرمىَ حجر.
والمسلم سيجد في مقالي سبعين عذراً وعلى رأسها أنني وهو على مسافة واحدة من.. رب الكون العظيم.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 11 سبتمبر 2013
                                     

استرداد أموال المصريين خط أحمر!

كان من الممكن أنْ لا أصدق أخباراً يتناقلها المصريون وغير المصريين عن مليارات نهبها مبارك ورجاله وقاموا بتهريبها لولا أنني استمعت بأم أذني إلى الرئيسة السويسرية وهي تتحدث في 17 يوليو 2011 عن الأموال الهائلة باسم مبارك التي لا يطالب المصريون باستردادها من السلطات والبنوك السويسرية.
حفنة متشابكة من الطلاسم غير القابلة للفهم أو الاستيعاب أو العرض على العقل أو الاستعانة بالمنطق لفك جزء منها!

كل مصر، من عهد المشير إلى الآن، وكل من حمل في صدره ضمير الوطن من قضاة ومستشارين وعسكر وأكاديميين ومثقفين وإعلاميين وسياسيين وحزبيين ومتمردين وثوريين ورجال دين أغمضوا عيونهم عن سرقة القرن، وكلما قرأوا عنها أو أشار أحد إليها صكــّـوا وجوههم، وصموا آذانهم كأن في الحديث عن جريمة الجرائم ثعبانا يلدغ اللسان والعين والأذنين في نفس الوقت.
كل المصريين، مع استثناءات لا تراها العين المجردة، يخشون أو يترددون أو يحجمون عن الاقتراب من المنطقة الحمراء، وهي أموال شعب تم نهبها خلال ثلاثين عاماً فأفقرته، وضيّعته، وأوقفت التنمية، وأبطأت عجلة الحياة، وضاعفت جائعيه، وخرَّبت مؤسساته.
كأن عفريتا من الجن الأزرق يلتصق بكل ورقة خضراء نهبها لصوص في عهود سوداء، فإذا لمستها أو أشرت إليها أو حرضك ضمير يقظ، لســَــعـَـتك فلا تدري أهي نار جهنم قبل موعدها أم نار السلطة تحرق القلوب ولا تحرق أوراق النقد!

إجماع عجيب من شعبنا في مصر على عدم الخوض في هذا الأمر، حتى القضاة وهم يجلسون تحت شعار يحثهم على العدالة، ويستمعون لاتهامات النيابة وهي تعرض جرائم الرجل وعائلته وحكمه القميء لثلاثة عقود، تغض الطرف بعدها عن أموال الشعب المنهوبة.
في الشهور الأولى بعد ثورة 25 يناير سمح المشير طنطاوي لعائلة المخلوع بالاستجمام في شرم الشيخ، وتحريك وتهريب وتحويل والتلاعب في الأموال المنهوبة قبل أن يأتي يوم المحاكمة.
في المحكمة كان الشيطان جالساً كأنه يوم عيد له، فالشعب الثائر وافق على محاكمة الطاغية عن ثمانية عشر يوماً، وصمت، وسكت، وخرس، عن لعنة ثلاثين عاماً.
الدول التي تحتفظ مصارفها بأموال المصريين المنهوبة تظن أننا بلهاء، أغبياء، حمقى، متخلفون، نتوسل من أجل قرض بسيط مقارنة بأموالنا المنهوبة، ونترك لحيتان مصّ دماء الشعوب أموالا تكفي لو عادت لنصف فقراء مصر أن يرقصوا فرحاً حتى الصباح.

وقام المشير بتسليم السلطة للاخوان، والتزمت الجماعة بالخط الأحمر:
ممنوع الحديث أو الاقتراب أو المطالبة باسترداد أموال المصريين، والخط الأحمر يمتد للسيدة سوزان مبارك لتتمكن من التحويل والتحايل واخفاء ما نهبه زوجها وعائلته ورجاله.
أموال المصريين كالثلاثين عاما القاتمة في حُكم الطاغية، أي أن الضمير المصري عليه أن يبتلع كرامته وإيمانه وعشقه لوطنه، فالخطوط الحمراء المرسومة له لا يدري كنهها وكود طلاسمها وحل ألغازها إلا العلي القدير.
كتبت ونشرت عشرات المرات منذ خلع الطاغية، واشعر في كل مرة أن قضية محاكمة مبارك عن ثلاثين عاما ومعها أموال المصريين تذوب مع حبر قلمي بعد دقائق معدودة، وقبل أن تلتصق بموطن الذاكرة في أدمغة قرائي الكرام.

أيها المصريون،
لصوص مصر ومجرموها وطغاتها في كل العهود يبلغونكم شكرهم الجزيل على الخرس الطويل، والصمت المريب، والعمى الذاتي، والضمير الزئبقي، والإيمان المتلون، والتمرد المزيف!
أتحدى أن يتألم أحد لكلامي لأكثر من دقيقتين قبل أن يتسرب الحزن على مصر من الثقب الآخر للضمير.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 4 سبتمبر 2013
                                     

لماذا ساءتْ أخلاقُ الإنترنتــّـيين؟


منذ عدة سنوات نشرت مقالا تحت عنوان ( صعاليك الإنترنيت) وكنت أظن آنئذ أن شاشة الكبيوتر أصبحت مستقرا ومستودعاً لكل قواميس الشتائم والسباب، وأن الزمن كفيل بتهدئة الأمور ليصبح المجال أرحب وأكثر تسامحاً في نوعية النقاش، وتناغم أطياف المجادلين على تنوع تناقضاتهم.
لكن للأسف الشديد فقد أخذ الإنترنتــّــيون، أعني كثرة مفزعة، طريقا آخر وهو العنصرية البغيضة والطائفية المقيتة وثقافة قطع رقبة المخالف أو لسانه أو .. كسر قلمه.
المفترض أن من يعلق لديه فكرة أو رأي أو منطق آخر أو تصحيح معلومة مما دفعه أن يجلس أمام لابتوبه الصغير منافحاً عن رؤيته، وعارضا وجهه نظره أو على أقل تقدير مصححاً ما يراه قد حاد عن جادة الصواب.
لكن الذي يحدث هو العكس تماماً، فيختبيء الإنترنتي خلف اسم مستعار يوحي بدين أو عقيدة أو مذهب أو تجمع أو فرقة، ويعرض عبقريته في استخراج المألوف من شتائم القواميس الطائفية والعنصرية التي هي أقرب إلى الهمجية منها إلى صراع الفرسان.
في هذا الجو الموبوء عليك أن تحارب الفكرة الرديئة، واللغة السقيمة، ومهانة ضادنا التي تلوكها كيبوردات لا تميز الأصابع فوقها بين لفافة في غرزة مخدرات وبين جملة جميلة تأخذ بالألباب.
مرتادو هذا الاختراع العجيب استطاعوا تعريف القاريء بخصمه وعدوه المحلـَـل دمه، فهذا سُنــّـي أو شيعي أو تركماني أو كردي أو قبطي أو ماروني أو ملحد أو علماني أو إسلامي أو قاعدي أو جاسوس أو مجاهد مستورَد من الخارج أو متعاطف مع أعداء الأمة.
العقل يتراجع وتحل محله ألفة التوافق الفكري أو المذهبي، فإذا كنت شيوعيا شد اليساريون من أزرك، وإذا كنت شيعيا وجدت الطريق مُعبَّدة لك ومبررة أعمالك، من آيات قــُــم مروراً بالحكومة الخضراء في بغداد وليس انتهاء بــ( السيد ) في جنوب لبنان، وإذا كنت سُنياً فالخليفة في استانبول يرعاك، والجيش السوري الحر يحترمك، ونهضة الغنوشي تــُـلمِّع أقوالك، وخطبة بلحاج تبلل شفتيك، والإخوان المسلمون يعتبرونك رابعياً حتى لو لم تزر مصر من قبل.
على الإنترنيت تصهل خيولك الدونكيخوتية، وتشتم، وتسب، وتلعن مخالفيك، وتتهمهم بأنهم يحاربون دينك أو مذهبك أو أن هواهم أمريكي، أو أن أفئدتهم تهوي إلى الكرملين أو تلتصق بها روح فرج فودة أو أنهم حماسيون بلسان عبري أو سيناويون بأفكار ظواهرية.
على الانترنيت تحقق الشتائم والاتهامات قدرا كبيرا من اللذة المحرمة أو الشبق الطائفي خاصة في حالة خواء الجمجمة فتتسارع وتيرة الشتائم من أسماء مستعارة ضد أشخاص لا تعرفهم وليس بينك وبينهم ثأر شخصي، وربما يكون عدوك مسكينا يقبع في غرفة ضيقة في مكان ناءٍ ليس فيه غير مقعد وكمبيوتر وشخص مجهول لا يغادر مكانه إلا لـِـماما!
أخلاق كثير من المعلقين على الشبكة العنكبوتية توشي بأن هناك طاعوناً من الكراهية أصاب عدداً هائلا من مرتادي الشبكة وهم في حاجة إلى كونسلتو طبي ضخم لفرز، وتفنيد، وتحليل هلوسات هذا الجراد الذي احتل مساحة كبيرة من أهم وأجمل وأبدع وأبرع وأعظم اختراع توصلت إليه الإنسانية منذ بدء الخليقة.
أيها الإنترنتيون،
في الخصام أيضا فروسية ونــُـبْل، وهي تظهر على الشاشة الصغيرة بنفس درجة الوضوح في ساحة القتال، فارحمونا من ألسنتكم الــِـحداد، يرحمكم الله.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 5 سبتمبر 2013
Taeralshmal@gmail.com

السيارة المفخخة ليست مفاجأة!


سيارة مفخخة في قلب عاصمة الألف مئذنة، ما هي المفاجأة؟ ألم تنفجر في رؤوس الفتنة مئات المرات من قبل، وعبّروا عنها، وصعدوا المنابر ليصرخوا بها، واعتلوا المنصة الرابعية وطوال ستة أسابيع وهم يشرحون من بين السطور كيفية صنعها، وتفخيخها؟
سيارة مفخخة بالقرب من النيل لتشغل الناس عن جحيم الفرات بعدما احمرت مياه دجلة من دماء أصحاب نفس الفكر الارهابي!
كلنا كنا نقول بأن الارهاب سيضرب بكل ما يملك من أسلحة، فإذا اقترب من فكرة السيارة المفخخة في مصر التي ستبلغ قريبا مئة مليون نسمة، تراجع فوراً!
لكنه لم يتراجع، فقد أصبحت له مئة رئة يتنفس بها، فهو في العريش وكل سيناء وبنغازي ومع جماع الجهاد وعلى حدود غزة وفوق المنابر وبين شفتي الظواهري وفي تفجيرات الكنائس المصرية وفي فكر بلحاج والترابي وكل متوهم ومتورم بحُلم إمارة إسلامية تقوم على الجماجم وتكبر بهوس الجنس وتستنشق خيالاتها المريضة من كتب تعفرت مئات الأعوام فضاعف ترابُها عدد صفحاتــِــها.
عام أو يزيد من حُكم الاخوان كان كافياً لاستخراج الفكر الارهابي من القلوب التي في الصدور، وجعله يمشي على قدمين، ويقرأ في كتب مقدسة، بل يزعم بكل صفاقة ووقاحة وبجاحة أنه في رعاية الله، ولن أندهش إذا أصرَّ أن بتر ساق الطفل القاهري الجميل كانت على موعد مع القدر، فالله هو الذي رمىَ إذا رموا، وهو، حاشا لله، الذي أصاب الطفل ليبتلي أمه ويختبر.. صبر أبيه!
ألم يصرخ الارهاب في وجوهكم صبحا ومساءً، ورفض النهوض للعــَــلــَــم، وامتنع عن الوقوف للنشيد الوطني، وطــَــزَّزَ مِصرَكم الجميلة، وبلتج آذانكم الصماء وهو يشترط حقن دماء جنودكم في سيناء إذا أعدتم مُرسيـَّـهم إلى كرسيـِّـهم فوق سجاد أحمر بالاتحادية؟
ساذجون نحن أم بلهاء أم هُبل مختوم على أقفيتهم بختم النسر؟
الارهاب يأتي في كل الصور ومن كل فج عميق، بل إنه يقرأ القرآن الكريم بصوت جميل تظنون أنه خاشعكم، لكنه في الواقع كان يشرح كيفية صنع السيارة المفخخة.
عندما قمنا بتسليم الجماعة الصندوق والصوت والبرلمان والقصر والدين، وصدَّقناها، أي الجماعة، وهي تــُـقسم بالله أن الله معها، فنحن في الواقع شرحنا لأعضائها وتلاميذهم ومريديهم وحوارييهم كيفية تفجير أول سيارة مفخخة في قاهرة المعز مع اجتماع العشرين في سان بيترسبرج.
إذا أردت أن تحترم عقلك فقم بعمل خط يمر عبر كل المتناقضات من حوار الدكتور جوادي على "الجزيرة" إلى صبغة شعر رأس صفوت حجازي الصلعاء، ومن الكف الرباعي الأصفر إلى الكتب الأشد صفاراً على أرصفة متربة، مرورا برمال سيناء الصفراء، ومن الكيماوي السوري إلى النووي الايراني مرورا بمصانع الأسلحة العالمية التي تحتاج إلى ضخ وقود ودماء ولا مانع من عظام مهشَّمة لأطفال كبروا سبعين عاماً حلبية في عامين مادام خليفتنا في الآستانة يرى فضّ اعتصام "رابعة" من خلال فكِّ اعتصام ساحة "تقسيم".
السيارة المفخخة تناثرت أمامنا قبل انفجارها بأعوام كثيرة، لكن عيوننا، للأسف، لا تبصر إلا ما تــُـمليه علينا الشاشة الصغيرة، فنحن قردة تتلفزنا على أيدي مُصممي السيارات المفخخة.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 5 سبتمبر 2013
                                     

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...