03‏/07‏/2019

كشف الغُمة في هزيمة أمة!


كشف الغُمة في هزيمة أمة!
إذا أردت هزيمة أمة ففرِّق بين أبنائها وبين الكتاب، واجعل صدور أهلها تضيق بالحرف، وأدخل في روعهم أن الثقافة هي الصورة وأن المعرفة عبر الشاشة فقط وأنَّ المقهىَ يحل محل المدرسة!
إذا أردت هزيمة أمة اجعل أهلها كلهم رجال دين، ومصادر معرفتهم من سكان القبور، وأسلاف أسلافهم هم المثل الأعلى لهم، واجعلهم يتوارثون الحكايات والأقوال مجمدة كأنها دجاج نيء لا يؤكل و.. لا يتحرك.
إذا أردت هزيمة أمة اجعل أهلها عبيدا في صورة أسياد، يتحاورون كأنهم في إسبرطة ويتجادلون دون مَراجع، ويتناقشون بالسيف لمعرفة من كسب سباق الكتاكيت منذ ألف عام.

إذا أردت هزيمة أمة فاجعل أخلاقــَها في ألسنة دعاتها، وعلومها في مؤخرات إعلامييها، وأنفاسها تنقطع بعد السطر الثالث من أي مقال!
إذا أردت هزيمة أمة فضع في مسامات ألسنتها قاموس شتائم، ومفردات سِباب، وتهديد ووعيد ولعنات لمخالفيهم ثم قُم بتغطية كل الأوساخ بآيات سامية و..حِكَم الأقدمين!
إذا أردت هزيمة أمة قرِّب المخدرات لأنوفها، والتحشيش لحواراتها، والكيف لفكرها، ولا تنس الطلب منها طاعة الأمير وولي الأمر وعدم الاقتراب من لحوم رجال الدين لأنها مسمومة، أي أن معارضتها حرام.
إذا أردت هزيمة أمة فاستبدل مكاني الله والحاكم؛ أي أنَّ عرش الرحمن يصبح في القصر وقصر سيدها يعرج إلى السماء فتختلط عليها الأمور، وتذوب الاتجاهات، ويضحىَ المجتمعُ عاليه سافلــَــه أو .. أسفله!

إذا أردت هزيمة أمة فقُم بتغذيتها بالخوف والفزع والرعب وصورة رجل الأمن والكرباج والكلبش والزنزانة والبُرْش ثم رُشّ عليها أقوال دعاة يطلبون من الشعب الطاعة وتعرية القفا!
إذا أردت هزيمة أمة فاجعلها شيعا وأحزابا وفــِـرَقا وجماعات ومذاهب يعلو بعضها ظـَـهْر الآخرين، وتظن كل فرقة أنها الوحيدة الناجية.
إذا أردت هزيمة أمة فاجعلها تشرب في الصباح والمساء خليط الدين والجنس، ولا تحاسبها على الخطأ والصواب وإنما على الحلال والحرام حتى تصبح تبرئة المجرم من فوق المنبر، ويخشى القاضي الكتبَ المقدسة قبل خشيته من مخالفة الدستور.
إذا أردت هزيمة أمة فاجعل المرأة نجسا من الشيطان، وعورة من إخمص قدميها إلى أم رأسها، واشغل شبابها وشيوخها ومراهقيها الصغار والكبار في عملية إصلاح الضلع الأعوج، فينسون الوطنَ ويتذكرون موضع العفة الأنثوية فقط.
إذا أردت هزيمة أمة فبدل مفردات الاستعمار والاستدمار والاحتلال، واخلط انتصاراتها وهزائمها فلا تدري بعدها أين يبدأ تاريخُها وأين ينتهي.
إذا أردت هزيمة أمة فضعها في قبضة رجل واحد، جاهل، غليظ القلب، سادي المشاعر، بغيض اللسان، مريض النفس، ضحل الفكر وهو سيقوم بالمهمة على أكمل وجه.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 2 يوليو 2019

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...