01‏/01‏/2017

مصرُ .. حربُ المحاكم!


كل القوانين تتراوح بين القبول والرفض، وكل الأحكام لا تخرج عن الاحترام أو الاستخفاف، لكن في مصر اكتشف القصرُ حالة ثالثة تجعل السلطة التشريعية بين إصبعين من أصابعه ملتصقيــّـن بالحيرة الشعبية العارمة، ينفرجان برضا السلطة التنفيذية، ويتجمدان بغضبها.
مرَّ ردْحٌ من الوقت كانت إحالة أي أوراق أو قضية إلى لجنة تعني الموت البطيء لها، فاللجنة تُخفي القضية في أدراج أو ملفات شبة ميتة، وإذا أرادت أن تستعيدها قامت بإرجاء النظر فيها.
 
في السنوات القليلة الماضية بدأ اللجوء إلى حيلة خبيثة وفعّالة تجعل الشعب تدور عيونه في محجريهم باحثة عن أول الخيط فلا تعثر إلا على نهايته، فإذا أمسكتْ به وجدت نفسها في بدايته.
تنظر محكمة في قضية، ثم تقوم بتأجيلها مثنى ورُباع وسُباع، ويطلب المحامي التأجيلَ، ويشترك في الطلب صمت كل الأطراف.
تأتي القضية هاربة إلى مجلس الدولة أو مجلس القضاء الإداري، ويبدأ كل طرف بتقديم حججه ومستنداته.
فجأة تُخرج لك القضية لسانــَــها من محكمة أمن الدولة التي يصدر الحُكمَ فيها ثلاثة من المستشارين وهي تختص بالقضايا التي تمس أمن الدولة الخارجي والداخلي، وهي كلمة هلامية عائمة تستطيع أن تلجأ إليها حتى لو أهانت راقصة ضابطَ أمن في المطار أو تظاهر حفنة من الشباب المتسكع بعد خروجهم من السينما.
تحيل الدولة قضية إلى المحكمة الدستورية للفصل فيها وتفسير القوانين وأحكامها نهائية ويصدرها سبعة من المستشارين.
ولكن هناك محكمة الجنايات والحقيقة أن كل جريمة جناية حتى لو كانت جنحة، فتفسير الدولة هو الأعلىَ، والاعتداء على قطعة أرض قد يكون جريمة أو يمكن تفسيرها بأنه خلاف بين جهتين متخاصمتين على أرض غير منتفع بها.
 
وهنا وقعت قضية الجزيرتين حائرة بين قضاء إداري يستمع إلى تفاصيل مرعبة عن مستندات مصرية الجزيرتين، والشعب يقف فاغرًا فاه، فرئيس الدولة يقول بأنه يعرف أكثر من الشعب أن الجزيرتين لا علاقة لهما بمصر. ويختصم الرئيسُ، ويحتج، ويغضب، فالمصريون يريدون أرضهم وهو صاحب السلطة الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء.
 
وتقترب همسات الشياطين من أذن الرئيس، وتطلب منه تغيير بعض قضاة مجلس الدولة، وإزاحة أكثرهم تمسكــًـا بالحق المصري، ثم إحالة الأمر برمته إلى مجلس النواب، وهو مجلس يترأسه واحد من أكثر المصريين جهلا في الثقافة والفكر والإدارة والمعرفة والعلم، لكنه رجل القصر تحت قبة البرلمان.
رأس المصري تدور حول نفسها، والجدال حوار فيسبوكي لا تعرف فيه الفارق بين التواصل الاجتماعي و.. بين قوانين الدولة ودستورها.
الشعب يراقب، وجهاز الإعلام منحاز لمن يُسمن جيبــَـه، وعينا سيد القصر تحمـّـران فيتحول أكثر الإعلاميين إلى سوق النخاسة فيبيعون القلم والأهل واللسان.
 
الرئيس يضع في جمجمته أختام( سري للغاية)، ولا يملك الشجاعة أو الجرأة أو المعلومة ليقف أمام شعبه ويشرح رؤيته فقدراته العقلية لا تخرج عن ( نحن لا نأكل حق الغير) في إشارة إلى الجزيرتين.
صراع المحاكم مأساة وطن، والسلطة تعرف أن حيرة الشعب في صالحها لأنها تفتح الباب للمبررين، والمعلومات كلما تناقضت مع بعضها خسر العدلُ عدلـــَـه.
الجنون ليس فقط فنونـًـا، لكنه ساحة معركة بين الشعب وبين الحاكم الخادم الذي تم تفويضه فغدر بالأمانة.
سيقولون بأنه إلهام رئاسي لزعيم عسكري جنــَّـب الأمة مصير سوريا والعراق وليبيا واليمن، وهي بلاهة في التحليل السياسي ففي العالم الثالث لو حكمَ ديكٌ بلدًا لأصبح عـُـرْفه عُرْفــًــا، وصياحــُـه خطبةً عصماء، وريشه يونيفورما مارشاليا أوعمامة لخليفة يحلم بالامبراطورية في الدنيا و..  بالحور العين في الآخرة.
 
حرب المحاكم في مصر أشعلها الرئيس فبكت الجزيرتان، وصَمـــَـتَ الشعب، وتقدم بعض فرسان المحامين للدفاع عن الأرض، وكل الاحتمالات واردة، وإذا انضم التيار الديني للشعب فإن الجزيرتين ستنهيان أي صلة بالأرض المصرية.
الرئيس السيسي في جانب والشعب المصري في الجانب الآخر، لكن مع من يقف الحقُّ في النهاية؟
 
ماذا لو أعلنت السعودية أن الرئيس المصري حصل على حقه أو ثمن الجزيرتين، وتقدمت بمستندات دامغة تدين الرئيس السيسي؟
ويظل المــَــخْرَجُ في حرب المحاكم فلا تعرف فيها البائع من المشتري، والأرضَ من العـــِـرْض، والحدودَ من السدود!
حرب المحاكم ليست نظيفة رغم أن القاعات كلها تزعم حفاظــَـها علىَ العدل، والنبلاء يخسرون أيَّ قضية يرفعها صرصور في محكمة الضفادع.
 
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في الأول من يناير 2017

اعترافات مجنون عاقل في العام الجديد!


1 الرئيس عبد الفتاح السيسي أجهل رئيس، ثقافيا وفكريا ولغويا وإداريا وسياسيا ودينيا، يحكم مصر منذ عهد الملك مينا!
2 مع غياب إبراهيم عيسى عن الساحة يمكن لأكثر الإعلاميين المصريين تناول عــَـلـَـف في كل الوجبات، وسيقدّمه لهم شخصيا الرئيس السيسي.
3 إذا كان الرئيسُ يستبق الأحداث لسعوّدة الجزيرتين؛ فقد خسر حتى لو حصلتْ السعودية على الجزيرتين و.. فوقهما قُبلــة.
4 يستطيع السيسي أن يتحدىَ مصر كلها، كما فعل، ويُغيــّـر القضاة والمستشارين ويتلاعب بكل أجهزة الدولة ويخيف ويرعب، حتى وهو يبكي، لكن المؤرخين سيكتبون تاريخه بحــبر أسود من الليل البهيم، ولو انتهىَ به الأمر لاجئا سياسيا في أمريكا أو السعودية أو إثيوبيا أو إسرائيل!
5 لم أصَب بقرف وغثيان وقيء كما أصابني إعلاميو عهد السيسي وهم يبررون له كل جرائمه حتى خجلوا من النظر في عيون أولادهم، وبعضهم أناس كنت أحترمهم، للأسف الشديد.
6 أنا أتهم كل مصري لم يكتشف بعد أن قدرات السيسي الفكرية والأدبية والعلمية والسياسية واللسانية والإدارية تقترب من الصفر.
7 لقد انتهت لعبة المسكنة والدموع وأنتم نور عينيَّ ولو أستطيع بيع نفسي لما تأخرت وثلاجتي والفكّة ونحن لا نأكل حق الآخرين( يقصد الجزيرتين) ثم ازدراء الأديان وتجديد الخطاب الديني وعشرات .. ومئات غيرها كادت تصرخ قائلة بأن الرئيس مُعيّن من المجلس العسكري وقوىَ كبرىَ ومبارك وطنطاوي .
8 الإنسان العاقل يستطيع في أقل من دقائق معدودة بمراقبة السيسي وهو يتحدث أن يكتشف خللا نفسيا وعاطفيا وفكريا، فالرجل حالة مصرية من مستر تشانس( فيلم بيتر سيلرز).
9 لعبة الحظ ساعدته فالشعب يكره الاخوان ككراهيته للعمىَ، ومجرد التفكير في أخوَنة قصر الاتحادية مرة أخرى لا يتأخر الشعب عن وضع رأسه تحت حذاء السيسي لئلا يعود المرشدُ خليفةً مرة أخرى.
10 الخوف .. الخوف .. الخوف ولو صاحت كل مساجدنا وكنائسنا وتاريخنا بأن الله معنا، لكن السوط، مرئيـًـا أو غير ظاهر، منذ الإطاحة، المسرحية، بمبارك، جعلنا لا نجرؤ على الاقتراب أو لمس أو مسّ المحرمات السياسية أو القضائية أو الدينية.
لم يعد المصري، إلا القلة، في الداخل أو في الخارج قادرًا على الاقتراب من الرجل الذي يبكي في قصره، فكتائب أمنه الاكترونية والورقية قادرة على قراءة أحلام الجماهير، واستبدال كوابيس بها. 
عشرات الآلاف من الفيسبوكيين تلقوا من أحبابهم وأهلهم تحذيرات بعدم الاقتراب، قراءة أو لايكــًــا أو تعليقــًــا، على ما يعتقدون أنه مفتاح ما وراء الشمس.
في أعتىَ الأنظمة القمعية والطغيانية والشمولية و الاستبدادية كانت هناك ثغرات أو إسقاطات أو رموز تدلف بك إلى إيصال رسالتك، أما الآن ومع نجاح مبارك وطنطاوي وعدلي منصور والسيسي والقضاء والبرلمان والإعلام فضلا عن حماقة وغباء وتطرف الاخوان، فقد تم تكميم أفواه الشعب العظيم.
ومع ذلك فلا يعرف إلا الله متى يغضب المصريون في سبيل الكرامة أو العــِـرْض أو الأرض أو البطن، لكن الغضب آتٍ وهو على ناصية الشارع .. وعلى مرمىَ حجر من قصر الاتحادية.
أكاد أرىَ الغضب، وأسمعه، وأحسّ به، وإذا انسحبت التيارات الدينية بعيدًا، فيكون الغضب الشعبي لامسـًـا جماهير الخمسة آلاف عام.

وحينئذ سيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في الأول من يناير 2017

كل عام وأنتم بخير 2017

أتمنى للجميع سنة سعيدة جديدة، فيها الحروب أقل، والحمقى أقل، والمتطرفون أقل، والفقراء أقل.
عام جديد لا نشاهد فيه ديكتاتوريين أو طغاة أو لصوصا يحكموننا، أو أغبياء جاءت بهم الديمقراطية أو الديكتاتورية.
عام جديد فيه قليل من الغرقى اللاجئين، وفيه التسامح والتناغم بين الأديان، وفيه بطالة لصانعي السلاح.
عام جديد ينحاز فيه الإعلام إلى الشعوب وليس إلى أصحاب رأس المال أو أسياد القصر.
عام جديد تطيح فيه الشعوب بزعماء يبيعون أرضها وترابها وبحورها وأنهارها وخيراتها وأموالها وتاريخها وجغرافيتها.
عام ينحسر فيها المستعمرون والمحتلون في كل أرض عربية أو غير عربية.
عام جديد يغادر فيها الشياطين قاعات المحاكم ويتركونها لممثلي العدالة والحق.. بعيدًا عن السلطة التنفيذية أو المالية أو النيابية.
عام جديد تعود فيه للكتاب قيمته ورونقه وأهميته ودوره في تطور البشر إلى الصعود والحضارة والتقدم.
عام جديد ينتهي فيه صراع الأحقاد والأديان والمذاهب والعقول المتخلفة.
عام جديد يختفي فيه بعض النفاق أو أكثره، وتصبح الشجاعة قيمة كبرىَ كالإيمان.
عام جديد تكتشف فيه الشعوب أن حكّامها خدمٌ لديها وليس العكس، وأن الله خلقها لتتمرد لا لتخضع، لترفع رأسها لا لتخفضه، لتضع أصابعها في عين الحاكم الظالم لا ليضع كفه فوق أقفيتها.
عام جديد تنتهي فيه الغطرسة الدينية والفوقية المذهبية والكبرياء العقيدي، فكلنا اعتنقنا ما نحن فيه ونحن في بطون أمهاتنا.
عام جديد ينتهي فيه دور رجل الدين عند نهاية الموعظة أو الخطبة، ثم يعود إلى دوره كمواطن في أي مكان.
عام جديد نحارب فيه الفقر والمخدرات والمرض والبغاء والأحزاب الدينية والجهل والأمية والفساد.
عام جديد ننظف ونطهر فيه قلوبنا وأفئدتنا وعقولنا، بالثقافة الجدية، والوعي الأمين.
عام جديد نحب فيه الطبيعة ونحافظ على البيئة ونرتفع بالفنون ونصعد بالجمال والنغم.
عام جديد نقترب فيه من الله بالابتعاد عن باعة الدين والدعاة والواعظين وكاذبي الفضائيات والمتاجرين باسم السماء.
كل عام وأنتم بخير.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 31 ديسمبر 2016

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...