20‏/05‏/2016

رسالة مفتوحة إلى حرامي مقالات!

أعيد نشر المقال التالي الذي كتبته منذ عشر سنوات، بعدما اكتشفت اليوم قرصانا مجرما اسمه ( محمد فايد) نشر في مجلة ( الساخر ) مقالي المعنون بــ( سامحينا، فنحن الغزاة الجدد)، وحذف اسمي وألقاه في عالم النسيان، ووضع اسمه عليه، وذهب لينام في أحضان ضميره يرتكبان الحرام.
أنا غاضب .. غاضب .. غاضب
أوسلو في 25 أكتوبر 2006
هل رأيتَ شخّصاً يكتب رسالةً إلى لص أو تاجر مخدرات أو محتال أو نصاب أو مهرب؟
إن تكن رأيته فقد تفهم رسالتي رغم انشغالك الآن في البحث على النت عن ممتلكات فكرية أخرى لأناس عصروا أدمغتهم لمد أقلامهم بمِداد لا أحسبك قادرا على الاتيان بنقطة منه ولو كان أمامك بحرٌ تمده سبعةُ أبْحُر.
عندما أكتب فإن بعض الكلمات تستدعيها ذاكرتي، والبعض الآخر تتسلل دون أن أنتبه إليها، ثم تقفز حاشرة نفسها في أول الجملة أو وسطها أو نهايتها ولا تأبه لبحثي عن كلمات أخرى.
أحيانا تأتيني مصاحبةً لجُملة، أو ملتصقة بفقرة أو مرافقة معها مرادفات أخريات لكي تتيح لي فرصة انتقاء ما أراه ضروريا في مقالي.
والكتابة عملية ولادة قد تأتي طبيعية، أو قيصرية، أو تنتظر ( طَلْقا ) منتظما يأتيك ليلا أو نهارا فيسقط جنين فيه روح لا تستطيع أن تستبدل بها روحك ولو نقلت المقال كاملا وعرضته على كل المواقع والمنتديات.
ربما لم يعلمك أحدٌ في الداخل، أعني الضمير والدين والقيم والأخلاق ومشاعر الخير ومنطق رفض الاستيلاء على ممتلكات الغير، أو أحدٌ في الخارج، مثل الأسرة والبيئة والأصدقاء والمدرسة وخطيب المسجد وكاهن الكنيسة أن لكل انسان حرمات، وحرمةُ الكاتب قلمُه، ومن يسرق جهدَه كمن ينتهك عِرضه أو يلوّث شرفه أو يخون غيبته.
فَتَحَ لك الانترنيت مغارة علي بابا ولم يكن بصحبتك أربعون حرامياً فقط، لكنهم بالآلاف تكاثروا على هذا الاختراع العجيب الذي لم يحلم بمثله إنسٌ ولا جانٌ منذ بدء الخليقة.
سرق أربعة منهم مقالا لي تحت عنوان ( وقائع محاكمة الرئيس حسني مبارك ) ، ونشره كل منهم في أحد المنتديات لعله يتلقى استحسانا من آخرين، ومديحا وثناء ممن يظنون أنه كاتب المقال، وبذلتُ جهدا كبيرا لاقناع المشرفين على تلك المنتديات بأنني لا أتساهل في هذا العمل الدنيء ، والاحتيال العفن.
آخر اكتشاف لي كان مقال ( خمس وعشرون ليلة قَدْر من عمر الرئيس مبارك )، ونشره أحدهم، فكتبت رسالة مطولة على هيئة مقال عن تلك السرقة، وناشدت ضمائر القُرّاء والأعضاء والمشرفين باسم الأخلاق النبيلة وشرف الكلمة أن يُدينوا السرقة ويعتبرونها عملا لا أخلاقياً، وأن يطلبوا من لص المقال الاعتذار.
فماذا كانت النتيجة؟
كارثة بكل المقاييس، فقد انحاز الجميع للص، وكتب أحدهم بأن من حقه أن يضع اسمه مادام المقال على النت وأن يحذف اسمي لأنه أصبح ملكا للجميع.
وانحازت إدارة المنتدى للص بصمت مطبق، ولم يعتذر فكل الأعضاء تقريبا، باستثناء اثنين بعد نشري الرسالة للمرة الثانية، يرون أن الاحتيال والسرقة في الممتلكات الفكرية لا تستحق تلك الضجة، وليس مطلوبا من ( ناقل ) المقال أن يعتذر.
إنهم صعاليك الانترنيت الجدد الذين يزحفون كجراد جائع يدمرون الأخضر واليابس، ويضربون بعُرض الحائط كل القيم الجميلة والنبيلة.
إنهم أعداء الكِتَاب، وخصومُ الثقافة، وأميّو الكلمة، وعديمو الضمير الذين ابتُلينا بهم، فانتقموا منّا بسرقة جهود بذلها أصحابها من الوقت والعرق والارهاق لكي يضع الكاتب بصمته، ومشاعره، وثقافته، وفكره، وحتى قسمات وجهه على أحرف أقسم بها رب العزة ( نون. والقلم وما يسطرون)، فيأتي هؤلاء الصعاليك كدود الأرض تهاجم أعراضنا وشرفنا فتنسب لنفسها ولأسمائها القبيحة ممتلكات الغير.
لو أن الأمر حدث مرة أو اثنتين أو سبعًا أو تسعـًـا لوجدت لهؤلاء الغوغاء سبعين عذرا، لكن الجريمة أصبحت عملا اعتياديا، ومشرفو مواقع ومنتديات عدة يرحبون بالسرقة كما يتلقى التاجر الغشاش من لص المنازل ما سرقه منها يعيد بيعها للآخرين.
قدمت احتجاجي مرة لأحد الجروبات الاسلامية لأنهم يقومون بتوزيع مقالاتي ونشرها على أوسع نطاق دون الاشارة لاسمي، فما كان من صاحبنا إلا أن كتب لي بأنه لا يريد أن يضع اسمي على مقالاتي لئلا يستفز فئة كبيرة من أعضاء مجموعته تختلف معي في النهج الفكري، ولأنني انتقدت الاخوان المسلمين في مقال لي، فكأن حذف اسمي أضحى حلالا يُثاب المرء عليه!
صباح اليوم اكتشفت مقالي ( الله يخرب بيتك يا ريس ) في أحد المنتديات، ووضع صاحبنا اسمه الكريم، وتلقى الردود دون يرف له جفن، وربما رأى كغيره أنه سيكسب ثوابا وحسنات تصل إلى السبعين، فالسبعمئة.
أما مقالي ( مقطع من يوميات كلب ) فتمت سرقته مرتين، وتفضلت إدارة المنتدى المنشورة به واحدة من السرقتين بتوجيه اللوم الشديد للص الناقل.
زمن أسّوّد وأغبر لا يكفي فيه أن رقابنا تحت أحذية طغاتنا، وأن شعوبنا تئن من سوط جلادينا، وأن اخوتنا يملئون سجون الوطن السجن كأنه مستقرهم ومستودعهم، ولكن يخرج علينا هذا الجراد الأشِرّ بروح أكثر شَرّاً ليعتدي على حرماتنا الفكرية والثقافية، ويستبدل بروح النُبل فيها أرواح شياطين تقفز فوق الكي بورد كأنها تغتصب عِرض صاحب الكلمة الأصلي قبل أن ينشرها اللص الجديد في أحد المنتديات والمواقع.
في أقل من عامين اكتشفت أكثر من ثلاثين مرة سرقات دنيئة لمقالاتي، وقد لا يكترث كثيرا بعضُ الكُتّاب ولا يرونها مَسّاً بالعِرض وشرف الكلمة وقدسية القلم، لكنني أراها طوفانا خارجا من أعمق نقطة في روح دنيئة ولو جاءني كل الانترنتيين بتبريرات متساهلة، فلازلت أراها عملا منحطا وسافلا.
لا أستطيع أن أتخيل ما يدور بذهن لص سرق مقالا ونشره في منتدى أو موقع ووضع اسمه، ثم تلقى ردودا وتعقيبات واشترك في الحوار دون أن يقرعه ضميره للحظة واحدة!
أيها الكتاب والاعلاميون والمثقفون والشرفاء واصحاب الضمائر الحية،
إذا كانت أجهزة استخبارات الطغاة والزعماء العرب منعتكم من الدفاع عن شرف الوطن، فهل لكم أن تدافعوا عن شرف الكلمة والفكرة وأن تطاردوا سارقيكم ومنتهكي حرمة القلم؟
هذه المرة لا أطالب المثقفين والشرفاء والاعلاميين بالثورة والعصيان المدني والانتفاضة الشعبية والدفاع عن المعتقلين وعن كرامة المواطن وعن حق الوطن في محاكمة طاغيته، لكنني أطالبهم بأضعف الإيمان .. إن كان للكلمة عِرض يدافعون عنه.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو النرويج
أوسلو في 25 أكتوبر 2006

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...