20‏/08‏/2018

فلسفةُ مجدي في نِصْفِ النجاح!


فلسفةُ مجدي في نِصْفِ النجاح!

لم أعرف مثل مجدي ابني ( 34 عاما ) يفرح بحصوله على جائزة كما يفرح بعدم حصوله عليها، فكل الأمور خاضعة لفلسفته التي يتجه بها نحو السلام الداخلي.
أول أمس ( 18 أغسطس 2018 ) حصل فيلم وداعا مونتبلـّـو الذي صنعته فرقة كاربيديم الموسيقية على جائزة أفضل شكل( دزاين ) من أربع جوائز كان مرشحا لها في مهرجان آماندا السينمائي، وهو أكبر مهرجان سنوي للأفلام النرويجية، ويعتبرون جائزته أوسكار النرويج.
قلت لمجدي: مبروك لحصول الفيلم على جائزة وكان مرشحا لأربع جوائز!
كما يمسك المتحكم في حياته بأكثر خيوطها ويربطها أو يفكّها، يمدّها أو يجدلها، فمجدي الذي درس الفلسفة في جامعة أوسلو أضاف إليها منذ تكوين الفرقة الموسيقية سلاما مبهجا يفرح به لنفسه كم يفرح للغير.
ردّ قائلا: بل أنا سعيد بحصول الفيلم على جائزة واحدة لأننا حصلنا بفضل الله على عشرات الجوائز في عشرين عاما، وأفضل فرقة موسيقية لموسيقى الراب في تاريخ النرويج، وتذاكر حفلاتنا تنتهي قبل أن يبدأ بيعها، وأصدرنا كتابا حقق نجاحا مذهلا، وجازفنا بفيلم غنائي لم تشهد النرويج مثله في الإقبال عليه، والفرقة الوحيدة التي غنت باللغة النرويجية في حفل توزيع جائزة نوبل للسلام، واستعان بنا الملك بعد مذبحة يوليو 2011 ليعم السلام بين الشباب، وننتظر تسلمنا المسرح الضخم الذي اشتريناه، أنا وشيراك زميلي ( وهو نرويجي من والدين هنديين).

لقد اقتحمنا عالم السينما لنقف على قدم المساواة مع ممثلين ومخرجين ومصورين قضوا جل أعمارهم في العمل بالفن السابع، فجائزة واحدة لنا تجعلنا معهم؛ ولكن تظل المسافة بعيدة لئلا تظهر مشاعر غيرة نحونا لأن السينما ليست تخصصنا.
ثم قام مجدي بفلسفة نجاح الغير لصالحه، فهو يرى الجلوس على القمة ليس نجاحا ولابد من السكون، والحركة، الصعود قليلا والهبوط أقل، مساواة السعادة الشخصية بالفرحة لحصد الآخرين جوائز حتى لو كانت من حق مجدي وشيراك.
مجدي دخل معارك تُهلك، فخرج منها أصلب، منها مع رئيسة الوزراء إثر وصفها آريل شارون برجل الدولة العظيم، ويغني للتسامح والمحبة والمساواة وضد الإرهاب ولصالح فلسطين، وغنى في الكنيسة أمام القيادات الكنسية أغنية بدأها ( أنا مسلم ) فبكت النرويج معه.

وغنى ضد العنصرية والتمييز ولصالح الصليب الأحمر وحقوق الإنسان واللاجئين. وغنى لزوجته فسقطت دموع مستمعيه كأنهم هم العاشقون.
إذا تحدث شخص مع مجدي فسيحسّ بالسلام في الصدر كأنه بهجة داخلية. أب وابن وزوج وأخ يدمج المحبة بالإنسانية، فإذا فعل الخير فيسعد عشرات الأسر والعائلات في مصر رغم أنه نرويجي المولد والجنسية والحياة ولا يعرف لمن ذهب الخير الذي أرسله.
قال لي: النجاح الزائد عن الحد المعقول تتكبر به النفس، وتتوسع المسافة بينه وبين الغير، وعندما احتضن مغنيين صغيرين في فرقته وشيراك، تراجعا، حتى في أفيشات الإعلانات الغنائية، حتى حصد الشابان النجاح، فيشعر مجدي وصديقه بغبطة نجاح الشابين المنضميّن للفرقة.

لهذا يؤمن مجدي أن مساعدة آخرين على الصعود هي نجاح له ولشيراك!
كتبت الصحف النرويجية عدة مرات بأن مجدي المثل الأعلى لعشرات الآلاف من الشباب النرويجي. متابع جيد في كل دقيقة لأحداث العالم، وقاريء نهم، ويقول الإعلام النرويجي بأن لغة مجدي النرويجية قوةٌ لا يُستهان بها، وكذلك انجليزيته، فضلا عن إسبانية تعلمها في كوستاريكا، ويتحدث معنا العربية .
مجدي يكره الخمر كراهية شديدة ويرى أنها تُذهب بالعقل والزواج والتربية، بحكم عمله الموسيقى ومشاهدته لحرب الخمر ضد عاقريها ومدمنيها.
متعتي الكبرى عندما أشاهد مجدي وهو مع أطفاله، تربويا ولغويا وسلوكيا، فهو مدرسة في البيت.
عندما عُرض عليه أن يقيم حفلا غنائيا أمام أهرامات الجيزة لصالح مصر وستتحدث عنه الدول الإسكندنافية، وافق على الفور وقال لي بأنه سيكون مجانا من أجل مصر .. بلد والده.
لكن عرضه السخي توقف من الطرف المصري، فوالده يكتب عن هموم مصر ويُعكّر صفو الكبار، رغم أن مجدي لا علاقة له بالسياسة في مصر، ولم يتلق كلمة شكر واحدة! مبروك لمجدي وشيراك الجائزة وفي انتظار جوائز المسرح( المسرح مكوّن من 104 غرفة ) بعد افتتاحه في سبتمبر إن شاء الله.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 20 أغسطس 2018 

https://www.youtube.com/watch?v=b1Lk3bSppII

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...