حاولت أنْ أعصُر كل أنسجة دماغي، ولجأت لكل ما أعرف في المنطق والاستدلال والحدس والعقل والمعرفة، وأعياني البحث، وكادت تتهشم أجهزتي العصبية، ومع ذلك فلم أعثر إلا على سبب واحد لاصرار المؤسسة الدينية السعودية على منع قيادة المرأة للسيارة!
قد يبدو اكتشافي استفزازا، وخروجا على المألوف في قواعد المنطق، وإذاعة ما لا يحب الآخرون سماعه، ويضعون أصابعهم في آذانهم خشية أن تتناهى إليهم الحقيقة المُرّة الغائبة.
السبب الذي توصلت إليه هو أن هناك رغبة خفية وغير معلنة في أي صورة من الصور لدى المؤسسة الدينية في السماح للسائقين الأجانب المحرومين جنسيا، والبعيدين عن الأهل والزوجة وعالمهم في أن يتعرضوا لأطفال المملكة، وأن ينتهكوا حرماتهم، من منطلق أن اغتصاب الطفل أمر هَيّن ، ولا ينبغي للمؤسسة الدينية أن تكترث له.
يعود الطفل المسكين من المدرسة إلى البيت، وتشاهد الأم ابنها في حالة إعياء أو غضب أو تذمر أو يختبيء في غرفته دون أن ينبس ببنت شفة. ولأننا نعيش محاطين بالحماقة والغباء والتطرف فإن طرح السؤال يبقى مرهونا بالسذاجة والطيبة المفرطة وأحيانا البلاهة الأكثر حمقا من التخلف العقلي.
أطفالنا، فلذات أكبادنا، تلك الأمانة التي بين أيدينا نفرط فيها بأكثر الوسائل دونية وتخلفا، فنأتمن السائق عليهم، والأم تعرف والأب لا يجهل أن عملية التحرش الجنسي لا تستغرق أكثر من دقيقتين، حتى والسائق يربط حزام الأمان، أو يساعدهم في الصعود للسيارة أو النزول منها، ويلمس مواضع العفة من أطفالنا، ويتأخر في الطريق لعدة دقائق، ويخاف الطفل أو يعتاد على أن هذا الأمر طبيعي، فالأم المحرومة من الدخول في هذا ( الجــَـمــَـل الحديدي ) لاصطحاب أطفالها تصمت على مضض، والأب مهما كان منصبه فسوط المطاوعة فوق ظهره، والمؤسسة الدينية تستطيع أن تجلده خمسمئة جلدة أمام أولاده، وتدَّعي أن الله منحاز إليها.
دعاة منع قيادة المرأة للسيارة تتساوى جريمتهم مع جريمة السائق في التحرش الجنسي، وعندما يكتشف الأب الساذج والأم المغلوبة على أمرها بعد عدة سنوات أن ميولا مثلية بدأت تظهر على ابنهما الشاب أو أن خوفا أو خجلا غير طبيعيين تعكسان شخصية ابنتهما، فإن الوقت يكون متأخرا للغاية، فقد صنعت المؤسسة الدينية تشوهات نفسية وعصبية ووجدانية وعقلية لشباب المستقبل.
لم استوعب أو أفهم أي سبب آخر لمنع قيادة المرأة السعودية للسيارة غير الرغبة في تسهيل تحرش السائقين الجنسي بالأطفال الأبرياء المساكين، ومن ينكر هذا الأمر فعليه أن يثبت لنا أن السائق الذي انفرد بأطفالنا شهورا وسنوات ، ذهابا وعودة، لم تتحرك أصابعه بخفة ونذالة وحقارة فوق أجساد هؤلاء الأطفال المساكين الذين حكم عليهم الجهل بالدين لدى الكبار أن يتعرضوا للتحرش الجنسي، ولا تزال المؤسسة الدينية السعودية تجبر رجال ونساء المملكة أن يقدموا أولادهم قربانا على مذبح الرغبة في ايذائهم.
لا أفهم حتى الآن ميكانيكية عمل الجهاز العصبي للأم والأب وهما يُسَلّمان طواعية وخضوعا وسذاجة وعباطة أولادهما صبحا وظهرا لرجل غريب لأن المؤسسة الدينية تستشهد من ديننا الحنيف، وتأتي بــ ( أدلة ) أن دخول المرأة ( الجمل الحديدي ) مع أولادها غير جائز شرعا، وأنه حرام، وأن الله، جل شأنه، سيحاسبهما يوم القيامة على عدم تركهما أطفالهما ليفعل بهما السائق ما يشاء.
أيها السعوديون الكرام،
ألا تغضبون؟
ألا تأخذكم النخوة والشهامة والرجولة وتغضبون لكرامتكم وتصبغون الحماية على أطفالكم؟
ألا تخشون غضب الله عليكم وأنتم تُفرطون في تلك الأمانة بعد أن خدعكم الآخرون؟
هل هي تعاليم سماوية، وأن مخالفتها تعني ذنوبا وأثاما تثقل كتابكم يوم تُعرضون على الواحد القهار؟
بعد قليل يصل طفل بريء مع شقيقته الصغرى إلى البيت، وتكون في انتظارهما أم ضعيفة وساذجة ومفرطة في حق نفسها ودينها، يتجنب الطفل المسكين عيني والدته، وتطرق أخته خجلا.
الأم لا تفهم ماذا حدث أو لا تريد أن تفهم فعصا المطاوعة تقصم الظهر، والمتحدثون باسم الله على الأرض أكثر عددا من المخدَرين والمغيبين الذين يتركون الآخرين يمسكون رقابهم ويغلقون عقولهم لئلا تشاهد الحقيقة الكارثية .
يعود الأب من عمله وهو سعيد بأنه مواطن طيب ومسلم يطيع المؤسسة الدينية، لكنه ينسى أنه أحمق يقدم أطفاله في كل يوم هدية لسائق يعبث بأجسادهم كما يشاء.
إنني أتهم كل من يؤيد منع قيادة المرأة السعودية للسيارة بأنه متواطيءٌ، صراحة أو ضمنا أو ضعفا أو جبنا، في عملية التحرش بأطفال المملكة العربية السعودية.
وأتهم من سيدافع عن قرار المنع الآثم والوحشي والهمجي بأنه يقف في صف السائق المحروم جنسيا، ولا يمانع في أن يختلس دقيقيتن أو أكثر لانتهاك حرمة طفل كل ذنبه الذي جناه أن بطن أمه وضعته تحت إمرة ونهي ونهر وأوامر وسوط المؤسسة الدينية.
أيها الآباء، أيتها الأمهات،
أليس هناك مبصر في المملكة يحمي تلك البراعم الجميلة والبريئة والطاهرة أم على قلوب أقفالها؟
محبتي لشعب المملكة العربية السعودية، ولخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي تعرفت شخصيا على الجوانب المشرقة فيه منذ استقباله الأول لي عام 1985، تُشعرني أن كل طفل في المملكة هو ابني أو ابنتي، حفيدي أو حفيدتي، لهذا سأظل ما حييت أطالب بحق المرأة في حماية فلذات كبدها في سيارة تقودها، ومخالبها كالصقر إذا اقترب غريب من أجسادهم الضعيفة والبريئة.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو النرويج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق