18‏/01‏/2014

قداسة أوائل أجدادنا!


كل أجدادنا الأوائل، مهما كانت دياناتهم، كانوا بشراً يخطئون، ويصيبون. لم يكونوا كلهم من الملائكة والحكماء والعباقرة والمتقين والعلماء والفرسان النبلاء، لكن كان منهم أيضا قتلة وجهلة وأميون وقاطعو طرق.
رحلوا عن عالمهم ولم نعرفهم في عالمنا!
الحمقىَ الذين يحطــّــون من شأن أديان وتاريخ الآخرين لا يعرفون أنهم لو بحثوا، ونقبوا، وتأملوا في حقائق تاريخهم لخجلوا من أنفسهم ومن الأرض الت...
ي تحملهم.
كلنا، بدون استثناء، ورثنا عن أجدادنا الأوائل مباديء وقيما وأعرافا وحكما فضلا عن كتب مقدسة، لكننا أيضا ورثنا مذابح وتاريخ قتلة وغزوات واحتلالات وطغاة وأراضٍ ليس لنا حق فيها.
أكثر الحمقى بلاهة ذلك الذي ينتفخ، ويتفاخر، ويحاول أن يخرق الأرض زاعما أن تاريخ أجداده نظيف تماما!
لا تحاول أن تطعن أديان الآخرين، فالآخرون أيضا بامكانهم أن يجعلوك لا ترفع عينيك أمام نفسك في المرآه، مهما كانت ديانتك وعقيدتك ومذهبك، مسلم سني، مسلم شيعي، أرثوذوكسي، كاثوليكي، بروتستانتي، يهودي، بوذي، كونفشيوسي، صابئي، هندوسي، و ......
لا تُغضب الآخرين لئلا يستخرجوا من تاريخ أجدادك الأوائل أعمالا يخجل ويتبرأ منها إبليس.
بعد مئات السنوات من رحيلهم وضعناهم في مصاف الرُسل والصدّيقين والمتحضرين، وأعدنا إحياء أقوال قيل إنهم أورثونا إياها، وظننا، وأكثر الظن هنا إثم، أنهم مازالوا مُعلــِّـمينا وأساتذتنا في عالم لو حضر أحدهم مشهدا واحدا منه لخرّ صريعا من الخوف والفزع.
نعم، في عالمنا قتل وخداع وحروب ومخدرات واحتلال ومؤامرات والرقيق الأبيض والعنصرية والغزو والكيماوي والنووي و ... لكن في عالمهم كانت كل هذه الأشياء ولكن في صور شديدة البدائية.
لا أريد أن أقلل من قيمة أوائل أجدادنا( مهما كانت دياناتنا وعقائدهم) لكنني أيضا لا أريد تنزيههم وتقديسهم وجعلهم محور حياتنا، فلنا زمننا ولهم زمنهم.

لم يعرفوا ملايين الأشياء التي جاءنا بها العلم بعد جهد جهيد منا لمئات الأعوام ، فلماذا نستدعي آراءهم ونسقطها على زمننا، أو نحاول العثور على حلول لمشاكلنا في أفكارهم وكتاباتهم؟
لا أريد أن أطعن هنا في أيٍ من التاريخ الإسلامي والمسيحي واليهودي، لكنني أرغب فقط في أن أعيش عالمي وزمني وإذا رأيت من أوائل أجدادنا ما ينفعني، وسيكون قليلا طبعا باستثناء الكتب المقدسة، فأستعين به ولا أقف أمامه مبهوراً.

أيها الناس،
أوائل أجدادنا لم يتنزلوا من السماء، وربما لو شاهدنا حياتهم ( أعني حياة أكثرهم) لعدنا مهرولين إلى زمننا بكل ما فيه من قبح ودمامة وسيئات وجرائم تملأ الأرض وسماءها وباطنها.
دعونا نشكر الله أننا جئنا إلى الدنيا في زمننا، فالحنين إلى المجهول أوهام تستدرجنا إلى الخلف أو مغادرة زمن لم نتمتع بعد بمعجزاته.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 4 يناير 2014

ليست هناك تعليقات:

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...