عيد ميلاد تيران وصنافير!
في مثل هذا اليوم منذ ثلاث سنوات وافق البرلمان المصري على تسليم تيران وصنافير المصريتين إلى دولة أخرى قد تمنحهما لدولة ثالثة.
أعضاء السلطة التشريعية المصرية وضع كل واحد منهم حذاءً في فمه( إلا القليل) بعد أن بصق السيسي في وجوههم. في نفس الوقت صمت وخرس أبناء أبطال العبور العظيم ورفضوا أن تكون مهمتهم حماية الأرض المصرية، فهي ليست أرضهم أو أرض آبائهم، لكنها أرض الرجل الذي يخدمهم. والجنرالات الذين حطم آباؤهم أسطورة استحالة عبور القناة؛ أصبحوا اليوم يبولون على يونيفورهم إذا صاح الرئيس أو نظر أو عاتب أو توعد أيا منهم.
القضاة أيضا ابتلعوا أحذية فخرسوا، والإعلاميون التهموا غائطا قبل أن يسجدوا للديكتاتور. عشرات الملايين من المصريين أعرق شعوب الأرض لم يحركوا ساكنا فالعبودية كانت أقوى منهم.
الملائكة هربت من المساجد ومن الكنائس حياءً؛ فهي لا ترفع أدعية المصريين إلى السماء.
الدنيا كلها من بشر وجن وحيوانات ونباتات وأسماك بكت على أحوال أمة كانت ثابتة في نفس الأرض لخمسة آلاف عام، فجاء جاهل وسادي وضعيف فنفخ في أبناء هذه الأمة ليسقط الجميع رعبا وخوفا.
زعم كل خائف أنه يخشى على أهله وأن بائع الأرض يراقبه في اليقظة والمنام وأن أجهزة الأمن تفعص المصريين تحت حذائها ولو هربوا لأقصى الأرض.
اعتبر المشترون انهم اشتروا الأرض المباركة من حشرات كانت منذ مئة عام تقود النهضة في المنطقة فجاء رجل يقنعها أنه أكبر من الله، وأنه الفتاح العليم، وأن المصري لا قيمة له، وأن نضالهم يجب أن ينحصر في رفع القبضة والهتاف ب( تحيا مصر).
قطع الأكاديميون والمثقفون والنخبة والمتعلمون ألسنتهم بأيديهم، وبرروا أحقر عملية بيع لجزء من الوطن سواء بالصمت أو بهراوة الأمن أو بالخوف على مناصبهم.
الديكتاتور في دهشة وهو يضرب كفا بكف ويسأل نفسه: ماذا أفعل بهم ومعهم حتى يغضبوا لكرامتهم؟ هل أبيع الأرض والجُزر والعِرض والغاز والبترول والنهر الخالد؟
لقد فعلت أكثر من كل هذا، وأقنعتهم بأنني إذا رفعت حذائي من على رؤوسهم فسيأتي الاخوان المسلمون ليفعلوا نفس الشيء.
فرح المصريون بهذه الحجة والذريعة فقالوا لن يعود الاخوان مرة مرة فالذُل مع هذا الرجل أرحم من الذل مع أحفاد حسن البنا.
وظل التعامل مع المصريين على انهم حشرات، فالحُكم الديني كالحُكم العسكري، وقسوة الإسلاميين وغلظتهم كجهل العسكر وساديتهم.
وقرر المصريون التوقف عن القراءة والمتابعة والمعرفة والكتاب والنقد والاعتراض لئلا يواجهوا الحقيقة.
وماتت عبقرية الكلمة، واستخدم المصريون الكتب المقدسة في كتم أفواههم، وانتقم الرجل من الذين ثاروا ضد المخلوع الحرامي.
وتبقىَ مشكلة المشاكل: لماذا لا يبكي المصري ويرتعش غضبا ويخرج من القفص ويعلن بشريته وإنسانيته وأن الله نفخ فيه من روحه؟
لماذا لا تسقط دمعة واحدة من عيون مصرية جميلة بعد قراءة هذه الكلمات؟
لماذا يحتقر المصري نفسه إذا أتيت أمامه على ذِكْر حاكمه؟
لماذا أصبح عبور أكتوبر الجديد صيحة( تحيا مصر) فيتخدر الجسد المصري، وينام ابن وادي النيل وهو في حراسه سجّانيه ومعذبيه؟
إذا أراد المصري الهروب من المسؤولية الأخلاقية في كلماتي تلك سيُلقي باللائمة على الاستعمار أو عبد الناصر أو ثورة يوليو أو كامب ديفيد أو القوى العظمى أو أي شيء مضىَ ولا يستطيع محاسبته حتى لا ترىَ عيناه وضميره بائعــَـه الجديد.
سعادتي في دموع مصرية على ما وصلنا إليه في هذا العهد، لكن المصريين يقومون بتوزيع الدموع على كل العهود والجماعات والحُكام حتى تختفي المسؤولية في المجهول.
شكرا لكل من سيبلغني أنه شجّ رأسه في الحائط وبكى على مصر.. وعلى تيران وصنافير.
بالمناسبة اليوم أيضا تاريخ ميلاد المناضل الثوري تشي جيفارا!
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 14 يونيو 2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق