22‏/06‏/2020

الإنصات لأنفاس الأرانب!

الإنصات لأنفاس الأرانب!
كل الطغاة والديكتاتوريين في التاريخين القديم والحديث كانوا يتركون كُوة صغيرة يتنفس منها المواطن ولو لبعض الساعة في كل عام؛ إلا عبد الفتاح السيسي فهو حالة لم يأت التاريخ بمثلها!
إنه يحتقرك، ويزدريك، ولا ينصت إليك، ويمنعك حقوقك، ويختار الأسوأ لإدارة شؤونك، ويُهدر أموالك، ويبيع أرضك وجُزُرك وغازك ونفطك ثم يضع يده في جيبك المثقوب لعله يجد فيه ما أنت في حاجة له لسدّ جوع أبنائك.
يشتري السلاح بأموال القروض وهو كمبارك لم يفكر في بناء مصانع أسلحة لتوفير المال واستقلالية القرار السيادي.

مغرور حتى النخاع رغم جهله الشديد، وأنزل الرعب في كل مسامات جسد المصري وجعل الخوف منه كالهواء تماما لا يستطيع المرءُ الاستغناء عنه لدقيقة واحدة.
أتخيل مصر في عهده بعد عشر سنوات أو عشرين أو ثلاثين ولن يبقىَ فيها كائن حيّ يتنفس أو قرش مثقوب في جيب مواطن أو ذرة كرامة لدى مصفق ركع له أكثر مما فعل مع رب العالمين.

أنا أكتب منذ نصف قرن تقريبا، لكنني لم أعرف يوما واحدًا في أي عهد قبل السيسي فيه كمية من ترهيب وتخويف وتهديد أبناء وادي النيل كما هي في عهد هذا الديكتاتور.
أخشى أن يتم اعتقال أي شخص لا يتبول على نفسه فزعا عندما يسمع اسم السيسي.

الحمقى يُحمّلون الاخوان المسلمين مسؤولية استمرار الديكتاتور خشية عودتهم للحُكم، رغم أنهم لن يعودوا حتى يلج الجمل في سم الخياط، فالاخوان فشلوا مرة واحدة لأنهم لم يختلفوا عن كل الطغاة باستثناء لجوئهم إلى بركات السماء لخداع البسطاء المغفلين.
قرأت طوال عُمري عن الطغاة وشغلتني العلاقة المعقدة بين الطاغية والديكتاتور والمستبد الدراكيولي وبين رعية أقل شجاعة من الأرانب؛ لكنني للحق لم أجد ديكتاتورا أسوأ من السيسي فهو جاهل وفظ غليظ ومخادع ومتعجرف وأوهمه الأوغاد أنه نائب الله على الأرض.
سيدرس المؤرخون هذه الحقبة السوداء من تاريخ أم الدنيا عندما تولى الحُكمَ أجهل المصريين؛ فكاد المصريون يسجدون له من دون الله.
الرجل أدخل يده في صدور المصريين ونزع قلوبهم وأكبادهم وفرغ جماجمهم وقطع ألسنتهم؛ وكلما أوقعهم في كارثة وجدوا له مئة حجة قبل أن يقوم من مقامه.

أخشى أن ينتحر المؤرخون بعد زمن السيسي إذا طُلب منهم الكتابة عن مصر في عهده.
قطعا أنا لا أصدّق من يمتدحه أو يطبل له أو يصفق أو يبرر جرائمه أو يدفعه لمحاربة الدنيا أو يوهمه أنه هو الفتاح العليم أو ينفي حقيقة مقالي هذا لأنني أسمع ضربات ونبضات وطبول وصرخات قلوب تحتضر لتودّع الحضارة وتُدفـــَـن في بطن فأر!
لن أناقش أو أحاور أو أجادل في السيسي أحدًا فقلوبُ المصريين بين إصبعين من أصابعه، بل يمكنني إثبات خطأ من يقول بأن الله، عز وجل، يخطيء، لكنني أعجز عن إقناع مصري( إلا أقل القليل من أهل بلدي) أن حاكمهم يرتكب هفوة واحدة.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 22 يونيو 2020

ليست هناك تعليقات:

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...