مصريون وسوريون يشتعلون في الشاورما!
كنتُ أتمنىَ أن يكون في مصر رئيسٌ حكيم ومثقف ووحدوي ومُهدّيء للنفوس، ولا أقصد يُصالح مرتضىَ منصور علىَ أحمد شوبير، فقط!
كنت أتمنىَ رئيسًـا يحفظ للمصري وللسوري كل منهما كرامتـَه، ولا يترك الغوغاءَ يصنعون قانونَ المحلات والبيع والشراء والايجارات وأماكن المُشاة والرصيف ومواقفَ السيارات، فإذا تحدّث، وضع الجميعَ في دائرة الاحترام المتبادل.
كنتُ أتمنىَ رئيسـًا لمصر يوحي لمستشاريه أو يأمرهم بإطفاءِ مستصغر الشرر، ومستقزم الشرارة بعد ساعة أو أقل، تماما كما يفعل إذا شتم مواطنٌ رئيسَ الدولة في حارة ضيقة ومظلمة ومنعزلة فتأتي به البوكسات أمام مأمور القسم قبل أن يتحرك لسانه.
كنت أتمنىَ أنَّ صوت الاتحادية يجلجل في تحقيق العدالة، ويفعل مثلما يفعل عُمدة أيّ قرية صغيرة فيجعل كل اثنين متخاصميّن يُقبّل كل منهما رأس الآخر.
كنتُ أتمنىَ أن يكون الرئيسُ أو مستشاروه على إطلاع ومعرفة بكل خلاف مصري مع غير مصري لتبتلع سماحةُ الشعب المضيف عصبية الضيف انطلاقا من تاريخ أوجاع وحروب وأخبار مؤلمة عن الأهل في إدلب وحلب وحماة ودمشق، مع افتراض أنَّ صاحب المحل السوري هو المخطيء.
كنتُ أتمنىَ أنْ تكون مصرُ أمَّ الدنيا في السراء والضراء، لا تغضب على سوري، ولا تهين سودانيا، ولا تطرد جزائريا ولا تسخر من مغربي ولا تُلقي في أحشاء الطائرة بضيفة إعلامية انتقدت حُكْمَ بلدها المضيف، فالقوانين العادلة حَكــْـمٌ بين المختلفين قبل أن تحشر مواقع التواصل الاجتماعي أنفـَها.
كنتُ أتمنىَ إذا حكم القضاءُ العادل( وهو غير موجود في مصر) أنْ يأخذ في الحُسبان 150 عاملا في مطعم سوري يعيلون مئة وخمسين أسرة.
كنتُ أتمنىَ أن يكون الحادثُ قوة دفع للمصري أنْ يتعلم من السوري فنَّ البيع والشراء والنظافة والأمانة( هناك مثل صيني يقول: إذا لم تستطع أن تبتسم فلا تفتتح متجرًا)!
عشرات الآلاف من السوريين في الإقليم الجنوبي للجمهورية العربية المتحدة بعدما ضاقت بهم صراعات الجيران، لم يذهبوا للضمان الاجتماعي أو يتسولوا في شوارع أم الدنيا، أو يتكاسلوا بسواعد بطيئة، لكنهم صنعوا علاقات اجتماعية دافئة بينهم وبين المصريين، ولكن المضيفَ الذي يتأرنب أمام السلطة، ينتفخ أمام حادث فردي أخطأت فيه السيدة المصرية أو صاحب المحل السوري، وتشتعل فضائيات النت وموبايلات الفضوليين وجعجعة البلطجية، ويسقط السلام الاجتماعي أمام أول تجربة شاورما تحت ألسنة الردّاحين من الطرفين، ضيف ومضيف.
المصريون والسوريون يمرون فوق نار مشتعلة من الأفكار السياسية والدينية والمذهبية؛ فتنفجر في النفوس براكين زائفة أشعلها خلاف بين ضيفٍ سوري و.. جارتــِه المصرية.
ورقصت مواقع التواصل الاجتماعي وتحدَّث الجهلة في التاريخ والسياسة والمذهبية وكل واحد يزعم الحقيقة التامة بحكاية أو لقْطــَـة موبايلية.
بحثت عن الدولة والقانون والإنسانية والعدالة والشرطة فلم أعثر عليهم.
ومن الموسكي لسوق الحميدية، أنا عارفة السكة لوحدية، كلها أفراح وليالي ملاح، وحبايب مصر هي سورية، رحم اللهُ الشحرورة!
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 20 أغسطس 2019
https://www.youtube.com/watch?v=GqQZScc3OKQ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق