القاتل الحقيقي فاعل خير!
لو كان هناك تقدير مادي ملموس للخسائر النفسية والوجدانية والآلام والأوجاع والأحزان والدموع والقلق والاكتئاب وكوابيس تطارد أطفالا أبرياء بدلا من أحلام وردية جميلة بسبب غياب الأسرى والمرتهنين والمحتجزين الكويتيين في سجون الظلم والبغي في عراق شيطان بغداد، فربما بلغت الخسائر من ثروة الكويت مثنى وثلاث ورباع وكل احتياطي الأجيال القادمة!
ومع ذلك فما يغضبني ويؤلمني في هذه القضية الانسانية هم السماسرة والوسطاء والكاذبون والمنافقون والمحتالون الذين عبثوا في النفس الكويتية الجريحة، واستغلوا عواطف أمومة وأبوة سامية لنصب شباكهم في أخطر قضايا الابتزاز العاطفي الذي تعرضت له الكويت.
كل من هب ودب كان يعرض وساطته، ويدعي أن أجهزته الخاصة وجواسيسه ورجاله ومصادره تؤكد وجود الأسرى الكويتيين أحياء؛ فوقف في صف بلغ طوله أكثر من عقد من الزمان رؤساء ووزراء واعلاميون ومثقفون ورؤساء أحزاب ودبلوماسيون ، ولم يتخلف عن الصف محتالون في شوارع الأردن واليمن ومصر وسوريا وعواصم الدول الأوروبية يزعم كل منهم أن له صديقا كان سجينا في بغداد وقابل بعض الأسرى الكويتيين.
عمل خسيس وحقير ويعبر عن نفس في أسفل السافلين.
كان الأسرى الكويتيون في عداد الشهداء، وتمت تصفيتهم بأيدي زبانية النظام الفاشي، وكانت أجهزة الاستخبارات الأمريكية والغربية والعربية تعرف كلها، أو أكثرها، أن أبناء الكويت المحتجزين صعدت أرواحهم الطاهرة إلى رب العرش العظيم.
لا أصدق ولا أستطيع أن أمنع عقلي من تكذيب أكثر الذين عرضوا وساطتهم من الملك الراحل الحسين بن طلال مرورا بالدكتور عصمت عبد المجيد وليس انتهاء باللواء وفيق السمرائي وسعد البزاز وأقطاب المعارضة العراقية والسفير الأمريكي في الكويت.
إن عواطف الكويتيين ليست للبيع أو العبث بها أو ابتزازها أو السخرية منها؛ وينبغي أن تصدر الكويت بمساعدة مركز البحوث والدراسات الكويتية كتابا مدعوما بالوثائق والقرائن والأسماء عن كل الذين توسطوا في قضية الأسرى والامتيازات التي حصلوا عليها؛ ثم تفنيد الادعاءات كلها ليتبين الحق من الباطل، والصادق من الأفاك.
يجب أن لا تستثني الدراسة زعيما أو ملكا أو رئيس وزراء أو سفيرا أو إعلاميا كبيرا أو حتى صديقا للكويت، وهذا لعمري أقل وفاء ندفعه لأرواح الأسرى الشهداء وأحزان أهلهم وأحبابهم وذويهم التي عاشت في أوهام عودة أبنائها ظنا منهم أنها تمنيات ستتحقق بالدعاء والوساطة ودفع المال.
كل من سخر من عواطف الكويتيين وكان يعرف مصير الأسرى ثم صمت؛ أو توسط، أو لم يقل الحقيقة فهو مجرم، ومشترك ولو بنسبة ضئيلة في جريمة تصفيتهم.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو ( من أرشيفي في 2004)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق