11‏/05‏/2017

حنين الأبيض والأسود!


لماذا يظل لونا النوستالجيا، الحنين، متنقلا بين الأبيض والأسود؟

هل هناك سحر خاص في الماضي أم هروب من الحاضر أم خوف من المستقبل؟
 هل يمكن أن يشعر بهذا شاب في الخامسة والعشرين من العمر لم تتراكم لديه الذكريات بعد، أم أن الحنين الأبيض والأسود مقتصر على عدد سنوات العُمر؟



غريب أمر هذا الحنين فإذا سألك سائل: هل تريد أن تعود إلى نفس المكان، سترفض قطعا لأنك تريد المكان مع الزمان، وترغب أن لا يتوقف الزمان عليك لكنه يأخذ معه كل من في الصورة النوستالجية لتشاهدهم كما هم، كأن الأرض والسماوات والفضاء والنجوم والكواكب والزهور والابتسامات والوقت توقفوا كما توقف بالروموت كونترول فيلما تستمتع به، ثم تغادر المكان لعدة عقود، وتعود لتكملة مشاهدة الفيلم.
 لماذا يشعر المغترب بسحر النوستالجيا أكثر من شعور من لم يغادر الوطن قطّ؟
لماذا نستمر في صناعة زمن جميل من ماض بعيد، ونعيد صياغته وتعديله وتلميعه كلما أثقل الزمن صدورنا وأجسادنا وأفكارنا؟
 كيف تقف أمام شلالات نياجرا أو في رحلة بحرية بنهر السين، أو تجلس في كافتيريا على البحر الأسود أو تداعب من بعيد حيوان الكونجارو على مشارف سيدني الأوسترالية أو تسترخي في حديقة بأوكلاند النيوزيلاندية ثم تستدعي بحنينك الغريب أغنية لأم كلثوم أو أسمهان أو ليلى مراد أو عبد الحليم أو فيروز أو ناظم الغزالي أو صباح فخري أو عبد الوهاب؟
 الحنين لدى مهاجري الجيل الأول يخلط بطريـــقة عجيبة الدموع والبهجة، الهروب والاستقرار، الوداع والأمل المستحيل في العودة.
لماذا تقف تحت الدش في الحمــَّـام، وترفع رأسك وتغمض عينيك ثم تدندن بأغنية لم تسمعها لنصف عُمرك؟
 لماذا يقول لك المهاجر من الجيل الأول القادم من غينيا أو بنين أو مدغشقر أو اليمن أو مصر أو فنزويلا أو بيرو أو منغوليا أو ناميبيا أو إندونيسا أو المغرب أو لبنان أن بلده هي أم الدنيا ومركز الحضارة ونبع الثقافة والفنون؟
 عن طلاسم وألغاز وغموض ولذة وغبطة النوستالجيا أكتب!
محمد عبد المجيد
 طائر الشمال
Taeralshmal@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...