02‏/05‏/2012

عبقرية الحماقة لدىَ العقيد!

طائر الشمال في 29 أغسطس 2005

الديكتاتور لا يُقدّم وريثه في صورته منعاً لالتباس أو استمرار الكراهية والمناهضة والمعارضة ضد سيد القصر أو ( الخيمة ) الجديد، لكنه يصنع شيئا يثير الجيل الصاعد من أبناء المضطهَدين ويجذب جماعات الصمت والجُبن التي تبحث عن مخرج لها هي أيضا فيتقدم السيد الجديد كأنه المنقذ الذي تَرَبى في حِجر المستبد لكنه استنشق عبير الحرية، وتعلّم في جامعات أمريكية أو نمساوية أو بريطانية، ولا بأس من اضافة بهارات مُشَكّلَة على الصورة المطلوبة للديكتاتور الصغير كأن يكون مثلا عاشقا للفن أو أقام معرضا أو يعزف على آلة موسيقية أو لديه حيوانات أليفة، ولا مانع من دغدغة المشاعر الدينية كأن يكون رئيسا فخريا لجمعية خيرية أو يطالب بالافراج عن المعتقلين الاسلاميين أو يدعو إلى حوار مع قوى التطرف.
استنساخ العقيد عملية مستحيلة بكل المقاييس، ولو اجتمع كل علماء وأطباء الاستنساخ ومعهم النعجة (دولي) لما استطاعوا أن يصنعوا نسخة من قائد ثورة الفاتح من سبتمبر العظيمةالعقيد حالة فريدة من نوعها، والتاريخ لا يُقَدّم مثله مرتين، وفِكْرُه لا يتكرر إلا بمعجزة تخرج عن نطاق البشر ومعاملهم وتجاربهم وحتى مدارس الأمراء منهم التي تصنع القائد في الغرب فيستيقظ بعدها بعشر سنوات منقذا لقومه من نظام بائد فلا يدري المرء إن كانت شمس الشرق قد لوحت وجه قائدهم الجديد أم استخبارات الغرب أيقظت الجاسوس النائم.
العقيد صنع من التخلف فكرا، وأحاط نفسه بهالة من الكوميديا السوداء، وقَدّم نفسه كمهرج يعلم تماما أن قوته في السخرية منه، وأن استمرار نظام حكمه القمعي يستمد طاقته من الهزل الذي يوقع الآخرين في حيرة، هل هم أمام طاغية يعرف ما يريد أم في مواجهة جاهل صناعة محلية شارك فيها الجميع قبل شعائر العبادة، أعني العلاقة الغريبة بين شعب وجلاده؟
سيف الاسلام القذافي هو النسخة المعدلة والمناسبة أوروبيا وأمريكيا وعربيا لتحقيق المصالحة مع العصر، والاحتفاظ بالقبضة الحديدية مع وضعها في قفاز من حرير.
وهو الشاب الذي يعصرن الاستبداد، ويضفي شرعية امتداد الثورة والهرج والمرج على النظام الخارج من رحم ستة وثلاثين عاما سوداء، وجرائم لو تم نشرها لتوارت المنظمات الدولية خجلا.
الابن الوارث لعرش الطاغية يغازل الاسلاميين، ويربت على كتف منظمات حقوق الانسان، ويبتسم في وجوه أبناء الشهداء الذين سحلهم وأعدمهم وعذبهم وأحرقهم والده، ويقدم جزءا من الكعكة للمغتربين والهاربين والمشردين والمعارضين فوصوله للحكم يعني أن يُعِدّ كل معارض في الخارج نفسه لأحد احتمالين، إما أن يتفق مع حانوتي على مقبرة نظيفة في دولة أوروبية أو بالقرب من مزرعة الرئيس الأمريكي، أو يعود إلى الوطن الخيمة ويُقَبّل حذاءَ القائد ويعتذر للوارث الجديد.المعارضة الليبية لهذا الشعب العظيم بين خيارين .. أن تبصق على أرواح الشهداء أو تقرر الاطاحة بنظام الحكم في موعد محدد متحدة ومتكاتفة ومتصلة بمناضلي الداخل، وواثقة أن العقيد نمر من ورق.

ليست هناك تعليقات:

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...