لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!
كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء وفتيات مصر.
ومرتْ السنوات، وتدعوش الوطن الأم، وتسابقتْ التيارات الدينية لخداع الله بالمزايدة زاعمين أن المسلمين يجمعون ليوم القيامة الحسنات.
وأصيبتْ الأُمة بخبل الأوهام الجنسية فكل همسة، ونظرة، ومصافحة، ووجه مكشوف، وخصلات شَعْر تتنفس الهواء والشمس يتم تأويلها وفقا للأعضاء التناسلية للمسلم الحديث، عضو جماعة دينية مُكوّنة من لصوص، وحشاشين، ومخادعين.
وبعدما كان حِجابُ الشَعْر اختيارًا لإرادة أنثوية حرة واحتراما ذكوريا من الرجل؛ أصبح سباقا خبيثا وسخيفا لفرض السطوة على بنات حواء، واقناع البلهاء أن مهووسي العصر الحديث اكتشفوا خلايا البورنوجرافيا في شَعْر رأس المرأة، حيث لم يكتشفها علماء وفقهاء طوال مئات السنوات.
وكما قال أحد قيادات الاخوان المسلمين أنهم وصلوا إلى التحكم في المجتمع عندما تحجبتْ النساء، والحقيقةُ أن العبودية الذاتية وصلتْ لمنتهاها؛ حتى أن المرأة المسلمة تجلس بجانب زوجها وهو ينصت بحماقة لخطيب أو داعية يشرح للرجل عن مكافأة رب العزة له بتهيئة أكثر من سبعين من الحور العين، تساعد كلَّ واحدةٍ سبعون وصيفة، ومهمتهن جعل العضو الذكري للرجل منتصباً في الانتقال من حورية إلى أخرى، ولينتظر رب العرش العظيم ملايين السنين حتى يتوجه له الجائعُ جنسياً بالشكر و.. التسبيح.
كنت مغتبطاً بالحجاب لنصف قرن مضىَ، وعندما زاد إيماني، وصبغ إسلامي بالإنسانية، وتملـّـكني التسامحُ، وارتفعتْ مكانة المرأة لديَ، أم وزوجة وأخت وابنة، أصبح حِجابُ الشَعْر للمرأة على مبعدة سنوات ضوئية من عقلنة ديني.
كنت ساذجاً فظننته من الدين، وبعد خمسين عاما من الخبرة، والتجارب، والفكر، ونضوج الإيمان تعرّفتُ على الجانب المخادِع فيه، حتى أنَّ المدافعين عنه يخرجون من طور الإنسانية إلى التحشيشية في حالة الدفاع باستماتة؛ ويستميلون الجهلة و.. أنصافَ الأميين.
في خلال سنوات قليلة تحت سطوة الديكتاتورية، والمزايدة الالكترونية من دواعش اللسان والفكر أصبحتْ هناك تسع محجبات من كل عشر مسلمات، وسبع منهن تتمايل أردافهن ونهودهن؛ فبعدما كان الرجل يصطاد، أصبح يُصطاد من مواضع أخرى.
قلة نادرة مَنْ تغطي شَعْرَها عن قناعة، مخطئة أو مصيبة، فالعقل الجمعي هو الذي يدير المعركة لصالح السلف والاخوان والدواعش وبوكوحرام وطالبان وعشرات من التيارات المجنونة والمهبولة والمتخلفة والجنسية التي أرهبتْ المرأة وجعلتها تظن أنها أوامر الله.
كنت فرحاً بالحشمة الذاتية قبل النضوج؛ ثم اكتشفتُ أنَّ تيارات الجنس هي المنتصرة بدهائها على غباء المرأة المسلمة.
أنا مسلم ومؤمن وملتزم بأوامر رب الكون العظيم، لذا أكره الحجاب.. رمز انتصار جماعات التخلف والتأخر والكذب على الله وتزوير الحقائق وتعبيد الطريق لوصول أيّ قِرْد في العالم الإسلامي ليحكم، ويسطو، ويعتقل، ويُعذّب، وينهي عصرَ إنسانية المرأة.
لو أنني قرأت بصوت مسموع هذا المقالَ على رواد غُرزة مُخدرات من المسلمين فسيصرخون في صوت واحد بأنني لا أفهم الإسلام كما يفهمونه هُم، ويعودون بعد الصرخة الغاضبة إلى جلسة(الكيف)؛ فقد دافعوا عن قِيم الإسلام.
خَلــْـعُ غِطاء الشَعْر يحتاج إلى شيئين: الشجاعة، والإيمان بأن اللهَ أكبر!
وأعترف أخيرا بأنني مهزوم كما هُزمت في كل معاركي: محاربة الطواغيت، فضح الدُعاة، خنزرة الإعلام، النقاب، تحرير الأبرياء في السجون والمعتقلات، نزع الخوف من الأجهزة الأمنية....
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 20 يونيو 2022