28‏/03‏/2021

وداعــًـا سيدة العصر!

 وداعــًـا سيدة العصر!

رحيل الدكتورة نوال السعداوي، المرأة التي هزت قلاع الرجعية!

لم تُتح لي الفرصة للقائها، وعندما زارتْ أوسلو ذهبت إلى فندق جراند هوتيل فلم أجدها، لكنني تركت لها عدة أعداد من مجلة طائر الشمال؛ ثم اتصلت بها فجاءني صوتها الدافيء تمتدح فيما أطلقتْ عليه( لم أكن أعرف أن هناك مصريين مغتربين يكتبون هذا الكلام الجريء)!

تختلف أو تتفق مع الدكتورة نوال السعداوي فستظل هي المناضلة، والثورية، والطبيبة التي أنارت الوعي في القرىَ والنجوع، والمعارضة التي انتقدت السادات لأنه تأخر عن موعده ساعتين حيث صمت المثقفون عند وصوله مجلس الأمة.

وهي الروائية التي فضحت نفاق وضعف الرجل.

وهي التي حافظت على اللغة العربية وكانت محامية المرأة في كل مكان.

وهي التي عرّت المجتمع في قضية غشاء البكارة فعرف المصريون أن هناك مئات من الأطباء يجرون العملية للحفاظ على العفة الكاذبة.

وهي الشُجاعة التي كشفت سوءات الأمن في كتابها عن مذكراتها في السجن.

وهي التي صفعت أباطيل المجتمع في ( فردوس ) فجعلتنا نخجل من أنفسنا.

وهي التي قاومت إرهاب الجماعات الدينية وكانت بمفردها كتيبة مقاتلة.

وهي التي علــَّـمَت قارئيها المساواة بين المسلم والقبطي.

وهي التي تحدَّت الزمن والعُمْر وتجاعيد الوجه لتستمر في العطاء الرائع، فهي صاحبة ثورة التنوير.

وكانت ينايرية عندما بلغتْ الثمانين من عُمرها حيث صفق الرعاع والحشاشون للمجرم واعتذروا له( إحنا آسفين يا ريّس!)

واحتفظت بنشاطها الذهني الثوري حتى وهي على مبعدة عقد واحد من نهاية قرنها الأول.

احتفت واحتفلت بها الدنيا إلا في بلدها مصر فالرجعية كانت دائما هي الأقوى، والتيارات الإسلاموية هي الأقبح والأجبن!

فقدت مصر قطعة من الهرم الأكبر، وكان الفراغ كبيرا فالراحلة، رحمها الله، أكبر من ملايين من رجال مصر.

كانت العدو الأول لذكور الهوس الجنسي، فالله معها والقصر معهم!

بعد مئة عام ستقول المصريات: كنا نتمني أن نعيش عصرها لنقبّل يدها الطاهرة والثورية والعنيدة.

اليوم يصبح عيد الأم مرتبطا برحيل المرأة التي فتّحتْ عيون أمهات مصر، وكرهتْ المزايدة الدينية.

لهذا يكره الإسلامويون د.نوال السعداوي!

1- لأنها فضحت فكرَهم الذكوري العفن!

2- لأنها أنكرت أن المسلم سيمارس الجنس مع سبعين امرأة ولكل منهن سبعون وصيفة فهذه هي الجنة الماخور التي يؤمنون أن الله(معاذ الله) أعدها لكل منهم، حيث تشاهد زوجاتهم بعولتهن لا يتوقفون عن الجِماع.

3- لأنها آمنت أن المسلم والقبطي متساويان في الإنسانية ولا فضل لأي منهما على الآخر، في الدنيا وفي الآخرة.

4- لأنها اعتنقت العقل تلبية لنداء رب العالمين باستخدام العقل والتدبر والتفكير، عكس الإسلامويين الذين يخالفون الله ويقولون بل نتبع ما ألفينا عليه آباءَنا.

5- لأنها ظلت شرسة في مواجهة الطغاة، أما هُم فاعتصموا بأرنبتهم وجُبنهم.

6- لأنها وقفت مع شباب ثورة يناير أما الإسلامويون فقد دعموا المجرم اللص مبارك، ثم طالبوا بدخول ابنه اللص الصغير الانتخابات بعد أبيه، ثم ساندوا المجرم المشير طنطاوي وقالوا( المشيرهو الأمير) لأنه اضطهد الأقباط.

7- لأنها ضد تعدد الزوجات ملبية نداء الله عز وجل ( ولن تعدلوا بين الناس ولو حرصتم)، أما الإسلامويون فيعشقون مخالفة رب العزة، سبحانه

8-لأنها وقفت ضد الطغاة والسجون والمعتقلات، أما هُم فيقفون ضد اعتقال الإسلاميين فقط.

9- لأنها كاتبة وطبيبة وأستاذة وأكاديمية وتتفتح لها أبواب جامعات الدنيا، وهُم يرون أن مكانها البيت أو القبر!

10- لأن السادات اعتقلها في سبتمبر 1981 بعد 13 عاما من إحراجها له عندما كان رئيس مجلس الأمة فتأخر عن موعده ساعتين ولم يعتذر، فعاتبته جهرا، وأسرها في نفسه حتى أمر باعتقالها!

11- لأنها امرأة تدافع عن حقوق بنات جنسها وتكشف ظُلم الرجل خاصة في الأرياف، والإسلامويون يريدون المرأة جارية في الدنيا، ووعاء لتفريغ الطاقة الجنسية في الآخرة

12 لأنها إنسانة متحضرة ومتمدنة ومثقفة وقارئة وكاتبة وقاصة مما يُسقط تهمتهم بجهل المرأة

13- لأنها حاصلة على جوائز عالمية في أرقى جامعات الدنيا وهم يعيشون في العصر القديم

14- لأنها جبل من المحبة والإنسانية ولمن يقرأ(فردوس)و( مذكراتي في سجن النساء)، أما هُم ففيضانات من الكراهية للآخرين وللمخالفين ولأقباطنا وللمرأة

15- لأن ما تعلمته وعلــّمته في سبعين عاما لن يستطيع متأسلم أن يتعلمه في سبعمئة عام قادمة!

مواقع التواصل الاجتماعي مليئة بالقبحيات والشتائم والسِباب المتأسلم (هلاك المرأة التي حاربت الله!)، ومتمنين لكل من يحبها أن يحشره الله معها يوم القيامة؛ وأنا سأكون سعيدا أن يحشرني الله معها فهي المناضلة والصادقة والإنسانة والمدافعة عن الضعفاء والمناهضة للطغاة .

يوم القيامة ستدخل الدكتورة نوال السعداوي الجنة من أوسع أبوابها، بإذن الله.
اللهم احشرني معها في جنة الخلد.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 22 مارس 2021

ليست هناك تعليقات:

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...