26‏/12‏/2020

غباء أنجيلا ميركل وذكاء السيسي!

 غباء أنجيلا ميركل وذكاء السيسي!

تخيلت أن الرئيس السيسي أرسل إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل رسالة عتاب بعد تخليها عن رئاسة الحزب، فجاء العتاب على النحو التالي:
لم يخطر على ذهني أنكِ بعد ثمان عشرة سنة في رئاسة الحزب لأقوى دولة في أوروبا تغادرين مقعدا تدفأ بكِ،وتحتفظين فقط بمنصب المستشارة.
ما رأيت في حياتي غباءً مثل هذا!

تُقيمين في شقة متواضعة بالقرب من مكتب الرئاسة بدلا من شراء قصر واستراحة في كل مدينة ألمانية، وحتى قرية أو شارع!
تتسوقين بنفسك الخضار والفاكهة؛ وأنا الرئيس المصري أجعل جيشا وطنيا عظيما في خدمتي لو طلبت من قياداته إمساك منشفة الحمّام لي لما تأخر أي قائد منهم.

تقودين أقوى اقتصاد في العالم المتقدم وتحصلين للأسف على مرتبك الشهري كاملا لا زيادة ولا نقصان، ولا تتبرمين أو تمتعضين، وأنا أرى قناعتكِ ضعفا أنثويا، ولو كانت حرمي المصون مكانكِ لقامت بتغيير أثاث القصور والاستراحات مرة في كل يوم؛ أقصد كل ساعة!
إنني أراكِ فاشلة في علاقتك بشعبك، فأنت تحترمين المواطنين وهم أقل شأنا منكِ، وتنزلين عند رغبة الألمان الجهلاء فيتحكمون في يومياتك الحُكمْية كأنكِ خادمة لديهم، وليس العكس كما أفعل أنا مع أحدث سلالات الفراعنة الذين انتهتْ حضارتهم تحت حذائي.

أتذكر دهشتك عندما قمت بزيارتك واصطحبني رهط من الإعلاميين المصريين، وفي المؤتمر الصحفي المشترك كانوا يصفقون لي بدلا من طرح الأسئلة، أما الصحفيون الألمان فظنوا أن مهمتهم إعلامية وليست خدمية مثل من جاؤوا معي في الطائرة الرئاسية على نفقة دولة فقيرة تدفع لهم نظير تطبيلهم.

لا أحترمكِ فأنت لم تحصلي على حقك من مليارات أغنى دولة أوروبية، وستنتهي حياتُكِ البائسة في شقة متواضعة، وفي كل صباح تمشين بين الناس، وتتسوقين الطماطم والليمون والخيار والأسماك وقطعة لحم صغيرة وتحملين الشنطة البلاستيك عائدة إلى البيت لطهي طعام الغداء؛ أما أنا فلا أعرف شكل الأسواق، ولم ألمس فاكهة أو أتسوق بنفسي أو أسحب مبلغا من المصرف المجاور، فالدولة كلها مِلـْكُ يميني، أستطيع أن أبيعها وشعبها ونهرها وبحرها وغازها ونفطها دون أن يرفع أحد عينيه أمام حذائي!
غباؤكِ، السيدة المستشارة، حيّرني كثيرًا، فسجونُك خالية إلا من المجرمين، ومعتقلاتُك لا تشبه معتقلات هونيكر في مسقط رأسك، ألمانيا الشرقية، فما هي فائدة الشرطة والجيش والسجّانين إذا فعلنا مثلكِ، واحترمنا الناسَ، وأنتِ تعلمين أن الشعوب مجرمة بالفطرة، وأن الجماهير التي لا يسلخها الحاكم بالسوط تحتج بالصوت!

ثمانية عشر عاما لو كنتُ مكانَكِ لأصبحت أغنى رجل في العالم، ولما كان في سجوني مئة ألف معتقل فقط، ولكن ملايين؛ وكنت سأجد بسهولة متعاونين ومرشدين ووشاة يجمعون لي معلومات عن كل من يتنفس بدون أذن مني.

تُضيّعين وقتكِ الثمين فتقرأين، وتتثقفين، وتتناقشين في الأدب والرواية والاقتصاد والسياسة والحروب والجيوش، وتتحدين أقوى دول الأرض، أما أنا فذكائي أرفع من ذكائكِ، فأحصل على المساعدة كرشوة من دول غنية، وأشتري بها أسلحة من أمريكا وفرنسا وبريطانيا، واقترض ليسدد أحفادُ المصريين القروضَ وفوائدَها، ومع ذلك فالمصريون يصفقون لي ليلا ونهارا، بل إنهم شرسون، ومتوحشون، وغاضبون على كل من يعارضني.

أنا لا أحترمكِ، السيدة المستشارة، فأنتِ امرأة، وأنا سلفي النزعة، وأنت تؤمنين بخرافة كرامة الفرد، بل يستطيع أي وغد حقير في الشارع أن يوقفكِ، ويناقشكِ، فتردّين بابتسامة الضعفاء بدلا من اعتقاله هو وأهله وعشيرته!
أما أنا فأجلس أمام الوزراء والجنرالات ورئيس البرلمان وأدير لهم ظهري في المؤتمرات، ولا أسمح لأحد منهم أن يناقشني أو يجادلني وهم سعداء، بمن فيهم قيادات الجيش الوطني والشرطة والإعلام والبرلمان، فحضورهم خلفي أقصىَ أمانيهم.

أتعجب أنكِ لم تتنازلي عن أرض للنمسا، وعن مياه لفرنسا، وعن حدود لسويسرا، وكأنكِ حارسة على الوطن وخادمة لشعبه، والحقيقة أنكِ كنتِ في حاجة للتعلـُّـم مني؛ فأنا لست خادما للمصريين الغوغاء، والخائفين، والمنكمشين، والمتعاونين، والوشاة، والذين يعارضونني بأدعية للسماء وهم مختبئون في غُرفهم، لكن المئة مليون هُم خدم لديَ ولدى أسرتي الكريمة.
تتنازلين عن رئاسة حزبكِ بكل سعادة، أما أنا فرئيس كل الأحزاب المؤيدة والمعارضة، ويمكنني أن أجلد رؤساءَهم على ظهورهم العارية متي شئت وفي أي مكان.

غباء منكِ، أيتها المستشارة الألمانية، إبداء الاحترام والتوقير والإنصات لكل مواطن أو وافد أو لاجيء أو غريب على أرض بلدكِ، فأرواح الزعماء طاهرة وأرواح الشعوب كمثيلتها لدى الكلاب والخنازير و.. الطحالب!

شعبُك تعلــَّــم أن القراءة معرفة، أما لدينا فإنْ تعلــَّــم المصري أو تثقف فكفُّ شاويش على قفاه يعيد تعليمه العبودية، إنْ لم تكن الطوعية فالقسرية!
حزين أنا عليكِ، أيتها المستشارة، فالنساء فعلا ناقصات عقل ودين، كما قال شيوخ السلفية في بلادي الحبيبة، ولا أفهم كيف لا يأتمر القضاء الألماني والكنيسة والبرلمان والناس بتوجيهاتكِ، كما تفعل مصر كلها معي، فأنا الأول والآخر والظاهر والباطن، وليس الله؛ كما يعتقد المؤمنون الساذجون، فعصيان الله مغفور له، أما عصياني أنا فينتهي بصاحبه إلى جحر للمعتقلين والفئران.

أخشى تنازلكِ عن منصب المستشارة إذا أرادتْ الجماهير الحمقاء قبل أن تعلمينهم كيفية الزحف على البطون أمام القصر.. أقصد أمام شقتك المتواضعة!

أنا لست في مثل غبائكِ في رفع مستوى معيشة المواطن، وإيجاد فرص عمل؛ لكنني بعبقريتي اكتشفت أن التسوّل من الأثرياء يجعل شعبي مدينا لهم فيجبرونه على الخضوع التام لي.
رسالتي تلك لو أرسلها للشعب الألماني صحفي لانقلبت البلاد عاليها سافلها، أما نحن فمئة مليون نسخة من هذه الرسالة لا تحرك بعوضة من مكانها، ولا تجعل نملة تدخل مسكنها.

أنتِ تستأذنين الشعب وفي بلدي يستأذنني الشعب، فأنتِ خادمة وأنا سيد، وأنت جاهلة بعلوم وأنا عالم بجهلي، وأنت ترفعين الشعب فوق رأسك، وأنا أضع الجماهير تحت قدمي، وشعبك يؤمن أن الدين علاقة بينه وبين ربه، وفي مصرنا فالدين علاقة بين أوامر القصر وجباه العبيد، وأنت تتوهمين ثراءَكِ بفقركِ وأنا أطمع في خيرات مصر لرفاهيتي، وأنت تنصتين لصحفي ألماني لا يرتعش أمامك، وأنا لا أنصت لصحفي مصري حتى وركبتاه تصطكان فزعا أمامي.

أنا طبيب الفلاسفة كما خلقني ربي، وأنت تقرأين لشوبنهاور ونيتشه وكانط وإنجلز وجوته وجونتر جراس فـ( طبلُك صفيح)، وخربشة حنجرتي تغريد بلابل.
أعتذر لرسالتي؛ فأنا السيد لم أرسل من قبل رسائل لخادمات الشعوب.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 26 ديسمبر 2020

ليست هناك تعليقات:

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...