لا فائدة في العلوم والثقافة والآداب والإنترنيت!
كلما أبهجتني لحظات روحية جميلة مرتبطة بالدين، طاردتني فجأة فيديوهات وكليبات وحشاشيات ودرويشيات ولا عقلانيات وعباطيات تحاول أن تدفعني بعيدا عن الدين الجميل الذي أعتنقه!
الغريب أن أكثر هذه العباطيات تصلني من مثقفين ومتعلمين وأكاديميين هجروا العقل والكتاب والمعارف الإنسانية وارتموا في أحضان دعاة وشيوخ البخور والحسد والنقاب ودور المرأة في الحياة واستعلاء المسلمين كأننا شعب الله المختار.
والأغرب أن تسعة أعشار الهباليات يرسلها لي على الخاص أو أقرأها على العام أباطرتها مصريون أنفق أهلهم عليهم من عرق جبينهم ونحتهم في الصخر لكي يفرحوا بهم خُدّامـًا للوطن وللعلم وللتطور وللنهضة وللتربية لكي يورثوها أبناءهم؛ فإذا هُم بخوريون وبُخاريون، غادروا القرن الواحد والعشرين وعادوا مئات الأعوام ليتحصلوا على العلم والتقدم من كُتبٍ مُغبرة ومتربة باهت لونها وقد كُتبت على جلد غزال قبل أن يكتشف الصينيون الورق، والحملة الفرنسية في مصر .. المطبعة.
عشرون عاما في المدارس ثم معاهد أو جامعات، كُتب وملازم ومحاضرات وأساتذة ومعلمون ومراجع، وأخيرا عالم الفضاء النتّي الذي يحوي معلومات أكثر من عدد نجوم المجّرة، وعفريت مصباح علاء الدين هجرنا ليحل محله أعظم اختراع بشري يأتيك بالمعلومة والفكرة والكتاب والتفسير والفضاء وتراث الإنسانية في جوجل ثم ينتهي الأمر إلى جدال ونقاش وحوار وعراك وخصام وسباب لأننا نريد أن نعرف رأي ابن مسعود أو الترمذي أو ابن عباس.
شباب تهيئوا لخوض معارك النهضة في وقت تدوس على رؤوسنا كل القوى الكبرى، وتمدنا بالسلاح لنتقاتل، وبالاحتلال لنتصارع حول أحقيته في الاستيلاء على أرضنا، ثم نتقاتل من أجل أحاديث، قوية أو ضعيفة أو مدسوسة، كتبها البخاري فعبدناها وجعلنا منه نبي كل العصور.
كلما زدنا في دروشتنا ركب فوقنا مستبدونا وطغاتنا وشيوخنا ومحتلونا ومحتالونا، فلا أحد يسرقك قبل أن يضع أمامك كتبا مقدسة تتحاور حول فحواها.
أقوم بفتح رسائل خاصة لعلي أحظى بفائدة علمية أو ثقافية أو إنسانية أو حضارية أو نهضوية فإذا بها: الصلاة على النبي مئة مرة تشفع لك يوم القيامة، وقراءة سورة الكهف يوم الجمعة مطلب إلهي( رغم أن القرآن الكريم كله من الله)، تغطية وجه المرأة يُرضي الله لأن الرجل قد يغتصبها أو يشتهيها إذا سمع صوتها أو رأىَ شفتيها أو لمح أذنيها.
أمامك فرصة لم يعرفها الجنس البشري منذ بدء الخليقة وتستطيع أن تكتسب خبرات وعلوما وآدابا، بل تحشر موسوعات الفكر الإنساني في رأسك من شاشة صغيرة موضوعة فوق مكتبك في غرفتك الصغيرة، لكنك تهجرها وتلجأ لأناس التهمهم دود الأرض منذ مئات الأعوام.
كما قلت: الغريب والعجيب والمضحك والمبكي أن المصريين هم دراوشة العصر، وأن ما تعلموه في المدارس والجامعات مزقه دعاة حشاشون وبورنوجرافيون وأعداء الآخر وخصوم المرأة وعبيد الطغاة والحالمون بجنة عرضها حور العين وطولها وصيفات لتكملة الجِماع.
لهذا لن يستنكر كثير من المتعلمين إذا قلت لهم بأن فلانا أكد منذ ألف عام أن الأرض محشورة في قرني ثور!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق