13‏/07‏/2020

هل تضرب مصرُ سدَّ النهضة؟

هل تضرب مصرُ سدَّ النهضة؟

سؤالٌ مطروحٌ علىَ الساحةِ المصريةِ كأنَّ مصرَ ستقذف إثيوبيا بــبُمْب العيد؛ رغم أنَّ الحربَ لم تكن في يومٍ من الأيامِ نزهةً كما تصوَّر السيسي في سيناء؛ وهو يحارب الإرهابيين فيسقط أبناؤنا شهداءَ خلال سبع سنوات، وفي كل مرة بنفس الطريقة و.. أحيانا في نفس المكان.

سدُّ النهضة مع كل الأضرار المائية التي سيسببها لمصر لم يقُمْ فجأة؛ ولم يَحُكّ حكّامُ إثيوبيا مصباح علاء الدين ليخرج المارد ويقول شبيك لبيك، لكنه مشروعٌ عدواني على هـِـبَة النيل مصر، صمتَ عليه المخلوع الحرامي حسني مبارك الذي أبعد مصر عن أفريقيا حتى أنه في عام 1994 أرسل أسلحة للحكومة الرواندية فساهم في مذابح المليون قتيل.

وصمتَ المشير طنطاوي وزير الدفاع حين أصبح رئيسا للدولة والمجلس العسكري.
وجاء حُكم المرشد بواجهة محمد مرسي وكان المشروع العدواني أكبر منهم، حتى أن الدكتور أيمن نور قال في اجتماع بأنه يمكن إيهام الإثيوبيين أن مصر ستضرب السدَّ، وكان الميكروفون مفتوحاً، عمدًا أو مصادفة، لكن كان الاجتماع مع الرئيس مرسي حالة حماقة لا مثيل لها.

ثم جاء المستشار عدلي منصور ولم يُحرك ساكنا!
وأخيرا جاء السيسي ووقّع على اتفاق سدّ النهضة عام 2015، وكذلك وضع توقيعه الانفرادي عندما رفضت السودان وإثيوبيا، ثم ألقى الأوراقَ، كما فعل السادات، في حِجْر الرئيس الأمريكي وفي يد بومبيو، وهما قبل نتنياهو في حماية إسرائيل.
ليس السؤال هو كيفية ضرب سدِّ النهضة؛ إنما كيفية محاكمة الرؤساء المصريين الخمسة، وبدون إهمالهم الخطر المائي على مصر؛ ما كانت إثيوبيا قادرة على وضع حجرة واحدة تحجز نصيب مصر من قطرة مياه يتيمة.

كيف نضرب سدَّ النهضة في الطريق من سرت والجفرة لمواجة تركيا وحكومة الوفاق؟
كيف نضرب سدَّ النهضة وقد وافقنا تحت قيادة زعماء متخلفين وجهلاء وغير وطنيين على الابتعاد عن أفريقيا لتتسلمها إسرائيل فتدعم السدّ خبراتيا وماليا وعسكريا؟
كيف نضرب السدَّ وقد انشغل جنرلات جيشنا في البزنس وشراء العقارات والقصور والاستراحات والأراضي أُسوَةً بكبيرهم الذي يبني لنفسه ولعائلته مايشاء ليكون المثل الأعلى في التفريط في وطننا العزيز؟

سدُّ النهضة يحتاج إلى قنبلة نووية وليس أسرابا من الطائرات تمر في سماء السودان التي لن توافق طبعا، ثم تضرب وتعود "كأن مشيتها من بيت جارتها مرُّ السحابة، لا ريث ولا عجَل"؟

سدُّ النهضة يعني تدميرُه إغراقَ السودان الشقيق، وستقوم إثيوبيا بضرب السدِّ العالي، وسيدين العالمُ مصر وقادتها وتتم المقاطعة لأن رئيس وزراء إثيوبيا الحاصل على جائزة نوبل للسلام سيكون في نظر الغرب وأمريكا داعية سلام!
إثيوبيا زعمت أنها قادرة على حشد مليون جندي إذا اقتربت منها القوات المسلحة المصرية، وأنا أتوقع أن الأسرار التي تملكها إسرائيل عن جيشنا بفضل حماقة وغباء السيسي ومبارك ستكون تحت إمرة الإثيوبيين.
إن محاولة ضرب سدِّ النهضة سيتبعها بالتالي ضرب جناحي جيشنا على الجبهة الليبية وفي داخل سيناء.

إن دعاة الحرب والضرب ودخول مصر المثقلة بديون بالمليارات والواقعة تحت حُكم عسكر قساة، والمُتربــَـص بها من جماعة الاخوان المسلمين الحالمين بالعودة لقصر الاتحادية هي عملية انتحار لن ينفع معها هتافات الإعلاميين المهووسين بالدماء.
ما هو الحل؟
محاكمة الزعماء المجرمين الخمسة الذين أهملوا سدَّ النهضة منذ أن كان حلما بعيد المنال لدىَ القيادة الإثيوبية، وكانت الاستخبارات المصرية مشغولة بحماية الرئيس وبالقضاء على ثورة 25 يناير، وكان المجلس العسكري منشغلا بضبط عملية القضاء على روح التمرد واستعادة أحذية العسكر لسجاد الاتحادية، حتى أقباطنا لم يرحمهم طنطاوي!

أنا أكتب، وأخطيء وأصيب، وأشجب وأُدين، وأحاول ما وسعني الجهد توضيح رؤيتي، لكنني لأ أضع خطة عسكرية للقضاء على سدّ النهضة الذي وافق عليه حمقانا وبلهاؤنا، صراحة أو ضِمنا، فالكاتب يسعىَ لتوسعة المدارك والتنبيه للخطر، ثم يتلقىَ الشتائم والسباب من مُرشدي السلطة ومتعاونيها واستخباراتها ورجال أمنها وجبناء النت و.. متخلفي الجماعات الإسلامية.
إن دخول مصر الحرب ضد إثيوبيا وتركيا وإسرائيل والغرب وأموال قطر وربما السودان أيضا والإرهاب في سيناء والخطوط الحمراء التي يضعها الزعيم المصري هي انتحار جـَـمْعي لا تتحمله مصر.

ليس كل من يدخل الاتحادية يصبح (زعيم مجانص)، وقد آن الوقت أن يُسمَح للمصريين بالتنفس والحديث والاقتراحات وحتى انتقاد الرئيس والجنرالات وهنا سيعرف الذي يحكم مصر أنه خادم ينصت لشعبه وليس العكس فقط.
حفظ الله مصر من الغوغاء ودعاة الدم وإعلاميي الجهل.
يجب أن يترك كبار الضباط البزنس والعقارات والأراضي والتجارة والتربح الفاسد ويتوجهوا إلى الجبهة وثكناتهم العسكرية لحماية مصر، أما الداخل فالمصريون قادرون على إدارة شؤون بلدهم شريطة الحرية والديمقراطية والعدالة وأن لا يكون الرئيسُ هو كلَ مصر؛ بل هو خادم للمصريين رغم أنفه.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 13 يوليو 2020

ليست هناك تعليقات:

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...