19‏/09‏/2019

رؤيتي لمحمد علي!



رؤيتي لمحمد علي!
الثورة حالة أخلاقية قبل أن تكون انفجارَ غضبِ سجينٍ في الصدور!
كنتُ أتمنىَ أنْ تكون الدعوةُ صادرةً من سياسي شريفٍ ومُحنَـك أو من مثقف يملك رؤيةً عصريةً لمستقبلِ مصر أو من وطني شجاع كتمَ الحُكْمُ أنفاسَه فخرج يستنجد بالشعبِ؛ لكن هناك أوامرَ وتوجيهاتٍ وتعليماتٍ وكرباجـًـا وسجونـًـا ومعتقلاتٍ واختفاءً وراء الشمس واختطافـًـأ فانقسم المثقفون والناشطون والمهمومون بأوجاعِ الوطن إلىَ قِسْمين: الأول يُعرّي مؤخرتــَه لسيّد القصر قبل أنْ يقترب منه، والقِسْم الثاني يتطهر بعبقرية مصر ونيلها وأرضِها وخيراتها وتاريخِها وكرامةِ أبنائِها، وهؤلاء يُلقي بهم الرئيسُ في أحشاءِ ظلمات القبور أو الزنزانات الضيقة المختبئة في أقــبية تحت الأرض.

حتى السفير معصوم مرزوق الدمث الخُلق الذي طالب همسـًا باستفتاء شعبي إذا اختار الشعبُ فيه السيسي خضع هو لإرادة الجماهير؛ فتم وضعُه مع عشرات الآلاف ممن فتحوا أفواهَهم للتعبير عن حبهم لمصرهم ففتح لهم الطاغيةُ معتقلاته البشعة.
محمد علي مواطن مصري، فنان أو مقاول أو ثائر أو صايع أو فاسد( سابقا) أو واحد من الأربعين حرامي ابتعد عن علي بابا، وتصادف أنه في عصر الموبايل والكاميرا الصغيرة واليوتيوب.
بدأ الشاب يُعبّر عما تعتمل به نفسه فكانت المفاجأة: لقد سقط غضبــُه في صدور جماهير الشعب التي لا تسأل عن أسباب غضبه؛ إنما وجدت نفسها متعاطفة معه فكل جنيه خرج من جيب المصري من أجل بلده دخل لبناء قصور واستراحات للرئيس وأسرته وجماعته ومُريديه.

محمد علي فجّر غضبــًا مُقاوليــًا في أرباح مُستحــَـقة له؛ فوجد الملايين على ناصية الوطن ينتظرون من يحمل غضبهم إلى القصر، وتعددت الأسباب.
كان من الممكن أن تتوقف آثار حكاية محمد علي وفيديوهاته الموبايلية، لكن الرئيس السيسي وبكل بجاحة وحماقة وغطرسة وتحدٍ واحتقار للمصريين وانتفاخ بنفسه الفارغة أعلن أمام قرَدَته المحيطين به في مؤتمر الشباب بأنه أنفق وسينفق أموال الشعب على قصور واستراحات وكأن لسانَ حاله يقول كما قال من قبل: سأفعل ما يحلو لي، يا ولاد الكلب، أبيع في مصر واشتري وأمنْجه نفسي وأسرتي ورجالي وأدوس على رقابكم وأقترض ليتسوّل من بعدكم أحفادُكم!
الحمقىَ فقط اكتشفوا في تصريحاته وصراحته الوقحة أنه عدوٌ للمصريين؛ كأنهم لم يعرفوا من قبل عندما وضع أصابعه في عيونهم إبّان عاصفة بيع أرضٍ مصرية، أعني تيران وصنافير.

كتبت من قبل بأن هناك عشرات.. بل مئات إنْ لم تكن آلاف من الشواهد والقرائن الي تثبت للأعمىَ أن السيسي يكره مصر والمصريين.
محمد علي، البسيط ثقافة وتعليما ولغةً وأخلاقا، صرخ صرخة واحدة فإذا بملايين المصريين يتوجعون معه؛ وهنا سقطتْ إمبراطورية الإعلام والثقافة والعدالة القضائية وتهاوت قُبـّـة البرلمان فموبايل المقاول أكبر من مدينة الانتاج الإعلامي، وهيبة اللواءات المتقاسمين مع المقاولين أرباح المشروعات سقطت هي الأخرى.
الجماهير المصرية لم تعد تكترث للنخبة والصفوة والفلسفة والحرية والكرامة وحقوق الإنسان؛ لكنها تحركت عندما تحدث إليها محمد علي بلغتها المحكية، ومفرداتها الشوارعية، وأنزل الطاغية المُقدّس من عليائه، وعرّىَ زيَّ الشرف العسكري والشُرطي أمام الشعب!
لم يتمكن المثقفون من اقناع الجماهير أن رئيسهم جاهل؛ فجاء من هو أقل علما وثقافة من الرئيس فاقتنعوا أن حاكمهم لص وجاهل وأحمق ومستبد وطاغية ومجرم وكاذب.
محمد علي نجح حتى الآن لأنه بعيد عن أيدي زبانية النظام، وسواء انتهى السيسي أو اقتربتْ نهايته فالمشكلة الآن فيمن سيثب على كرسي الحُكْم قبل أن نتعلم من السودان وتونس؟
لو جاء صرصار وعارض السيسي دون أن يرفع شعارًا دينيا؛ فأنا معه حتى تتم الإطاحة بالديكتاتور متمنيا أن لا يقفز على كرسي الحُكم ضابط أو اخوانجي أو سلفي أو فلولي من بقايا المخلوع مبارك أو اللعين طنطاوي أو المنافق عدلي منصور.
وتظل أمنيتي قائمة في حال نجاح أي تحرّك وهي أن يُلقي الحُكم الجديد بكل إعلاميي الفضائيات المصرية وبالقضاة وبأعضاء مجلس النواب وبرجال الدين إلى أقرب مقلب للقمامة، وتلك بداية تطهير مصر لتستقيم مسيرتها نحو مستقبل مشرق.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 19 سبتمبر 2019

ليست هناك تعليقات:

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...