لأكثر من أربعين عاما وأنا أتلقىَ سِبابـًـا وشتائم قبيحة كلما اقترب قلمي من الطغاة أو .. من الجهلاء دينيا.
في حياتهم وبعد مماتهم تتولى فئة من الجبناء والعبيد الدفاعَ عنهم بكل أسلحة اللسان السليط، وأدبيات الحشّاشين، فالديكتاتور والجاهل دينيا تظل روح كل منهما تحلق فوق أعفن بؤر الفساد الفكري والظلامية العقيدية.
لو أحصيت ما تلقيته من شتائم الجهلاء والعبيد والأميين لاحتاج الأمر لموسوعة عدد صفحاتها بعدد صفعات المستبدين ودعاة الجهل الديني على أقفية الرقيق.
كل مسامات جسدي تغضب وتكاد تنفجر، وبعد دقائق أعود إلى هدوئي وسلامي وقناعاتي وإيماني بأنني الأقوىَ، وأملك سلاح الصدمة التي تزعج مُفرملي النور والتحضر والتمدن.
أربعة عقود أزعجت سطحَ مياه آسنة وملوثة لعلها تتجدد، فقاطعني إسلاميون وحزبيون وإعلاميون وسلطويون وقفائيون ومازوخيون، ولم يبتعد الأمل عن صدري حتى لو تزحزح أو .. تزلزل.
تصلني تهديدات شياطين الإنس والعبودية المختارة، ولسان حالهم يقول: لماذا تــُـنَبّهنا إلى احمرار أقفيتنا وأنت تعلم أننا نستمتع بالصفع عليها، فالحاكم ورجل الدين والإعلامي والحزبي والخطيب والمثقف .. كل منهم يتلذذ بمشاهدة تعذيبنا ومهانتنا وعبوديتنا وطاعتنا!
طوال أربعين عاما (منذ أول مقال بقلمي عن دموع الصحافة عام 1977 في مجلة المستقبل الباريسية ) تكاد تنفد معاجم الشتيمة والقبحيات المقززة وهم لا يتوقفون إلا لالتقاط الأنفاس، وأنا لا أتوقف إلا لشحن قلمي بمِداد جديد في درجة الغليان.
أحباب وأصدقاء وأقرباء ومعارف ومخلصون يقاطعونني بعد أن يحذرونني، فالابتعاد عن الغوغاء والأوغاد والقساة والغلاظ يحمل معه السلامَ لي، وأردّ بأن أصابعي في عيونهم هو السلام عينه.
يتحصنون بالجُبن والحشيش، وأنا أستند إلى الضمير والإيمان.
كيف يمنح اللهُ الإنسانَ القدرة على الكتابة ثم يختار الكاتبُ لها أسهل الطرق الآمنة والبعيدة عن القصر والمنبر والاستديو حيث ترتع الشياطين.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 19 مارس 2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق