03‏/06‏/2017

المسلم المُفخخ .. صناعة الفتاوي



صناعةُ المتفجراتِ ليست فقط في مصانع الأسلحةِ أو معامل خبراءِ الجيشِ، لكنَّ هناك متفجراتٍ أشدّ فتكًا، وأعظم خطرا.
 إنها مصانعُ الفتاوىَ التي تمكنتْ من صُنع خمسة عشر سعودياً مِنْ تسعة عشر قاموا بتفجير البرجين التوأمين ففتحوا للماردِ المتعطش للحرب كلَّ الطرقِ للوصول إلى العالم الاسلامي ولو عن طريق جبل تورا بورا أو من بعقوبة أو من أسطول يُعَكّر صَفْوَّ مياهنا الدافئة.
هل سمعت عن العبودية المختارة؟
 إنها تلك التي تُسَهّل للطاغية أو الحاكم أو المستبد أو الاقطاعي الوصولَ بسوطه أو حذائه إلى ظهر أو رقبة رقيق سعوّا إليه قبل أن يستعبدهم، ووضعوا جباهَم تحت قدميه دون أن يُلَوّح لهم بقبضته أو عصاه أو كلابه.

لكن هناك عبوديةً مختارةً لم يعرف لها تاريخُ الاسترقاقِ مثيلا!
 عبودية قائمة على البحث عن كل شاردة وواردة واشارة ولمسة ولمحة وسلوك فيستفتي المسلمُ فيها لتأتيه فتوى جاهزة قبل أن يرتد إليه طرفه.
 علاقة عجيبة ومسحورة تجمع المُفْتّين والذين يستفتون، فإذا هي في واقعها وحقيقتها لذتان سادية ومازوخية ، يستعذب فيها الثاني قسوة الأول، ويستمتع الأول بمسكنة الثاني ومهانته ومذلته!
تلك هي عبودية الفتوى!
لا أتحدث عن مئات أو آلاف منها، لكنها بعشرات الآلاف إنْ التزمتَ بها فيمكنك أن تخرج من بيتك وتترك رأسك في الدار، ثم تعود دون أن يتغير شيء، فالفتوى تفكر لك، وتسير أنت بها، وتعمل، وتأكل، وتنام، وتخاطب الناس، وتسمع، وتشم، بل تدخل الحمّام أو تجامع زوجتك، أو تسهر ليلا، أو تصلي والشمس ساطعة، أو تقف ذبابة على طبق طعامك، أو تتسلل نغمة خفية إلى أذنيك ( سأل مسلمٌ مفتيًا عن الإثم الذي سيصيبه إنْ تناول الطعامَ في مطعم، ثم فجأة تسللت موسيقى من حيث لا يدري!).
 لو اجتمع كل المستبدين والطغاة الذين أنجبتهم الأرض منذ بدء الخليقة وقاموا بتقييد المسلم، فلن يفعلوا مثلما تفعل الفتاوى الحديثة التي لا تغادر صغيرة ولا كبيرة ولا حلما ولا كابوسا ولا خيالا إلا طاردته، وقبضت عليه متلبسًا بجريمة الهروب منها.
ستقول بأنه ليست هناك فتوى لإختيار الكلية بعد الثانوية العامة، ولا لشراء جهاز فيديو كافر، ولا لإستخدام مفتاح السكن ووالدتك في الداخل، وليست هناك فتوى للبعثة التعليمية، وشراء تذكرة السفر، وارسال حوالة بريدية، والاستماع رغما عنك لنغمة محمولك!

معذرة، فهذا ليس صحيحا بالمرة، فقد استفتى المسلمُ فيها كلَّها وفي أكثر منها فالمسلم يسأل عن الخَلّ، وعن شرب حليب الناقة ليلة الدُخلة، وعن وضع جهاز تسجيل في القبر ليسجل فحيح الثعبان الأقرع!

محمد عبد المجيد

طائر الشمال

ليست هناك تعليقات:

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...