06‏/05‏/2012

ضيوف لبنان يرفضون لقاء رئيس الدولة

أوسلو في 22 سبتمبر 2006
إذا أرادت أمريكا أن تنبذ شخصاً أو مؤسسة أو هيئة أو جماعة أو حتى دولة يتبرع الكثيرون لاظهار الولاء للبيت الأبيض، وينكمش الشجعان، ويتم ارسال الرسالة إثر الأخرى حتى يفهم سيدنا وسيد الشرق والغرب أن الرسالة وصلت، وأن واشنطون راضية عن مرسلها.
يجتمع وزراء الخارجية العرب في بيروت بعد سبعة وعشرين يوما من التدمير الهمجي الصهيوني لقِبلة الجمال والكتب والحب، ولكن سيد قصر بعبدا لم يعد سيدا فقد تم تعيينه من قبل دمشق.
تهبط طائرة أمريكية عملاقة مطار بيروت ، وتنزل منها برشاقة رئيسة الدبلوماسية بسمرتها وأناقتها ومعها العصا والجزرة، فتخفي الأولى حتى تتأكد أن الطرف الآخر اختار الجزرة، فإن أبى واستكبر وظن أنه منأى عن نشر ملابسه الداخلية أمام المصورين كما حدث مع الرئيس العراقي الأسير، فالعصا حاضرة ولنا في كوبا المثل الأوضح لمقاطعة أمريكية ستحتفل المعارضة الكوبية بعد عامين بمرور خمسين عاما عليها مع افتراض أن الروح ظلت في جسد فيدل كاسترو حتى ذلك الوقت.
الرئيس اللبناني يجلس في قصر بعبدا وضيفة رئيس وزرائه ترفض التوجه إلى رمز الدولة، ربما لأن أمريكا لم تعترف بلبنان دولة إلا في حالتين فقط، الأولى عندما هرب من تبقى من مارينزها إثر مقتل أكثر من مئتين وأربعين فردا منهم فتركت مجانينه كما فعلت مع الصومال.
والثانية عندما هبطت صواريخ حزب الله فوق حيفا واقتربت من تل أبيب حتى لو لم تقتل أكثر من عشرين اسرائيليا لكن وجود مليون منهم داخل المخابيء عجل في ايقاظ أعضاء مجلس الأمن الذين شربوا منوما لأكثر من شهر ظنا منهم أن مصير ( السيد ) لن يختلف عن مصير الرنتيسي وأحمد ياسين .
سمها ما تشاء من غطرسة وقلة ذوق واحتقار ضيف لمضيفه، لكنها الحقيقة المُرّة التي كان من المفترض أن يرفض زعماء لبنان، وهم أكثر عددا من أفراد الشعب، لقاء الدكتورة كوندي قبل أن تلتقى برئيس بلدهم.
أما أن يتعاطفوا معها في اصرارها على أن
تهل طلعتها البهية ضيفة على رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب وتلتقي أباطرة الحرب والسلام، وتبتسم في وجوه من بقوا أحياء بعدما اشتركوا في تدمير البلد منذ ربع قرن فتلك لعمري هي قمة الاحتقار والازدراء .
سيقول قائل بأن إميل لحود لبناني اختارته دمشق ليدير شؤون الضيعة من بيروت، ويسمع فيروز، ويقوم بتذكير اللبنانيين أن طبيب العيون الجالس في قصر الرئاسة بعاصمة قلب العروبة النابض يرى من شرفة قصره اللبنانيين يتسوقون في شارع الحمرا، ويقيمون مسابقة ملكة جمال لبنان، وليس لديهم وقت للاستماع لخطبة وليد جنبلاط ، ومن لم ترض عنه دمشق تصافحه الوزيرة رايس.
أخشى أن يمتنع العرب عن دعوة الرئيس إميل لحود لمؤتمرات القمة التي لا يعقدونها إلا في غير الأزمات، وإذا مرت بالعرب كارثة وجاءهم أمين عام جامعة الدول العربية يتحدث زعماؤنا معه في كل شيء وينسى ابلاغهم بالموضوع الرئيس الذي جاء من أجله: مؤتمر قمة عربي.
رئيس اليمن السعيد، أعني الرئيس السعيد لليمن هدد بالانسحاب من جامعة الدول العربية تماما كما هدد العقيد الليبي من قبلُ بالانضمام لحلف وارسو ( قبل سقوط الحزب بوقت قصير ).
لم يصدقه أحد كما صدقناه نحن عندما أقسم أنه لن يرشح نفسه للرئاسة فقد شبع
سُلْطَة وحُكْمَاً وهو يريد دماء جديدة ليس من بينها ابنه العقيد أحمد علي عبد الله صالح.
معذرة فزعماؤنا ليس لديهم وقت لقمة عربية طارئة نصفها قبلات وأحضان، والنصف الآخر قراءة بيان وزراء خارجياتهم.
ثم هل يستحق لبنان .. هذا البلد العربي مشقة خروج زعمائنا من قصورهم، واغضاب البيت الأبيض، مع احتمال اساءة فهم التجمع العربي الزعامي فيظن سيدنا هناك أن أسيادنا هنا يتعاطفون مع ( السيد ) في جنوب لبنان، ثم يغضب السيد في واشنطون، وإذا غضب كَشّرَ توني بلير عن أنيابه في أواخر فترة حُكمه، وألقى الرئيس الفرنسي خطابا لا يفهم العربُ منه إنْ كانت فرنسا لا تزال الأم الحنون للبنانيين التي احتضنت ميشل عون وأمين الجميل واستقبلت سعد الحريري استقبال الأبطال الفاتحين، أم أنَّ فرنسا عاودها الحنين الاستعماري القديم بعدما خرجت الجزائر كلها تستقبل جاك شيراك؟
احتقار رئيس الدولة اللبنانية بتلك الصورة المهينة والمذلة لن يجعل أمريكا ترضى عن لبنان وزعمائه وأحزابه وطوائفه.
جاء الرد الأمريكي بقوات منع المتصارعين من رشق بعضهم البعض، وستعسكر قوات اليونيفيل داخل الأرض اللبنانية، وستسمح للقوات الاسرائيلية بين الحين والآخر للدخول وتنفيذ عدة عمليات، وربما اختطاف وتصفية قيادات من حزب الله.
نختلف مع الرئيس إميل لحود أكثر مما نتفق معه، ونعرف مسبقا أن دمشق لن تقوم بحمايته حتى لو دخلت دبابات إسرائيلية القصر الجمهوري واقتادته معها إلى تل أبيب.
لكن اعتراضنا على تلك الشروط المهينة بأن من يزور لبنان ويقابل رئيسه لن ترضى عنه أمريكا، وأن مؤتمرات كبرى( في بوخارست مثلا ) يتلقى منظموها توجيهات ممهورة بحبر قلم جورج بوش وأحمر شفايف الدكتورة السمراء بأن نبذ الرئيس اللبناني ضرورة حيوية لسلام العالم فهذا شَدُّ أُذُن سيد القصر في دمشق، وربما يتوجع منها النجاديون في طهران، ويتعلم منها الزعماء العرب أن مؤتمرات قمة القبلات والأحضان لا تنعقد إلا في أوقات الهدوء والسلام، أما الأزمات فأمريكا قادرة على إدارتها!

ليست هناك تعليقات:

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...