من يرغب أنْ يفتخر معي؟اليوم تحقق حُلم مجدي ابني(36) وصديقه شيراك(36) وخرج للعلن رسميا صندوق العمل الخيري للاجئين والبادئين أحلامهم في مشروعات صغيرة أو كبيرة والمحتاجين، ليس فقط في النرويج ولكن في أي مكان.
عندما تحدث معي مجدي منذ فترة عن قُرب الانتهاء قانونيا من توقيع العقد كانت المفاجأة تحتاج إلى شرح مفصل!
قال مجدي: الحمد لله لقد كوَّنْت مع شيراك لأكثر من عشرين عاما أهم فرقة موسيقية في تاريخ النرويج، والأكثر شهرة ونستطيع أن نبيع تذاكر أيّ حفل موسيقي في عشر دقائق.
وأكمل مجدي: لقد ربحنا، وعشنا حياة مليئة بكل صور النجاح من موسيقىَ وحفلات وألبومات وجوائز لا حصر لها، وسافرنا وغنينا في الأمم المتحدة وفي حفل جائزة نوبل للسلام وصنعنا تمثيلا وغناءً فيلما موسيقيا عُرض في مئة دار عرض ونفدت التذاكر في دقائق معدودة.
ونحن مدينان لبلدنا النرويج بكل هذا النجاح فأبي مصري ووالد شيراك هندي، وحققنا نجاحا نرويجيا لم يسبق له مثيل، لذا قررنا منذ تسع سنوات تكملة الحٌلم وذلك بالاستغناء تماما عن أموالنا من حقوق إذاعة الأغاني والموسيقى ما بقي لنا من عُمر، وأظن أن حقوق الإذاعة حوالي 75 عاما قبل أن تصبح مشاعا مثل أعمال بيتهوفن وموتسارت وشوبيرت وجريج.
سألت مجدي: وماذا سيرث أبناؤك الأربعة؟
قال: إن هناك من هم أشد حاجة من أبنائي للمال والدعم والمساندة، أما أبنائي فسيرثون الاسم والشهرة والتربية وحب الإنسانية لهذا فيجب أن يقبلوا التضحية بأرباحي أنا وشيراك، فهم نرويجيون حيث تتُاح لهم كل الفرص لحياة سعيدة في الوقت الذي حُرم منها ملايين من المحتاجين والفقراء.
كاد المحامي الذي كتب العقد يُجَن وهو يسأل مجدي وشيراك: لكن هذه الأموال هي بمثابة ( المعاش) لكما عندما يتقدم بكما العُمر!
قال مجدي: في المستقبل وفقا للعقد لن يُسمح لأبنائنا أن يقتربوا من هذه الأرباح طوال حياتهم، لكنهم سيجلسون في مجلس إدارة الصندوق الخيري لضمان التوزيع الإنساني العادل، وعملهم تطوعي بدون أجر.
مئات الأعمال الخيرية التي قام بها مجدي وشيراك طوال عشرين عاما، فسافرا لرواندا لمدة أسبوع لقضاء وقت مع الأطفال الذين تعرضوا للاغتصاب، وتبرعا للصليب الأحمر، وللجنة حقوق الإنسان، وقضيا وقتا مع مرضى على فراش الموت لادخال البهجة في نفوسهم، وقاما بالغناء للتسامح والمحبة وضد التطرف والعنصرية والاغتصاب، وقاطع مجدي اسرائيل منذ مولده، ودخل معارك إعلامية مع أكبر مسؤولين، وكتبت ضده الصحافة الإسرائيلية، وقام بحملة لمقاطعة مهرجان الأغنية الأوروبية في تل أبيب عندما علم أن الدعاية الإسرائيلية كانت مُنصبّة على مرتفعات الهضبة السورية كأنها أرض إسرائيلية.
وكان ولي العهد قد افتتح في المكتبة الوطنية في أوسلو مع وزير الثقافة الجزء الخاص بأهم 30 من الشخصيات والأعمال والوثائق والموسيقى التي تركت أثرا في خلال ألف عام في النرويج، ومن الثلاثين هناك ألبوم غنائي لمجدي وشيراك.
وقام وزير الثقافة بترشيح مجدي ليحتل مكانه وسط 18 مثقفا وإعلاميا وأديبا وناقدا لمراقبة حرية الكلمة في وسائل الإعلام، وفعلا بدأت الاجتماعات مرة كل شهرين.
وكان مجدي أول مسلم يغني للتسامح في معبد يهودي ومعبد هندوسي ومسجد وكنيسة فبكت النرويج كلها.
وبعد مذبحة 22 يوليو 2011 أبدى الملك هارالد رغبته في أن يغني مجدي للتسامح لتهدئة الغاضبين، وتم نصب شاشات عرض كبيرة في ميادين عدة.
ورفض مجدي أن يكون سفيرا لليونسيف في أفريقيا حتى لا تتقيد قدرته على انتقاد الأنظمة الديكتاتورية الأفريقية، واشترىَ الاثنان أحد أكبر المسارح في النرويج( 105 غرفة)!
وكان أحدث نجاح لمجدي وشيراك هو المجازفة بعشر حفلات ضخمة لمئة ألف متفرج في عشرة أيام متعاقبة عام 2021 لكن جائحة الكورونا تقف بالمرصاد أمام حفلات العُمر فربما يُضطرا لإعادة ثمن مئة ألف تذكرة إذا لم يوجد لقاح للوباء قبل نهاية العام.
لم تكن تلك المرة الأولى أو العاشرة أو المئة التي أفتخر فيها بمجدي، وهو حق لي لا أظن أن هناك من يطلب مني التخفيف من السعادة والفخر.
أما هذه المرة التي قال فيها مجدي بأن اللاجئين والمحتاجين والحالمين بمشروعات في بداية الهجرة أهم من أبنائه المستمتعين بالأسرة والعائلة والمال والنجاح والتعليم، فقد كبر أمامي أضعافا مضاعفة.
من يشاهد مجدي وهو يتحدث مع طفل في العاشرة ومع وزير لا يجد أي اختلاف في المعاملة.
كل الصحف النرويجية كتبت اليوم عن العقد الذي تخلىَ فيه مجدي وشيراك عن حقوق التوزيع والإذاعة لخمس وسبعين سنة قادمة للمحتاجين واللاجئين.
اليوم زاد الثراء النفسي والإنساني والعاطفي والعائلي لمجدي وشيراك عندما قررا التخلي عن الثراء المادي!
وأهم نجاح أن مجدي وشيراك ازدادا تواضعا كأنهما في أول طريق الشهرة!
أليس من حقي أن أفتخر؟
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 17 أغسطس 2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق