19‏/02‏/2020

رؤيتي للرئيس السيسي!

رؤيتي للرئيس السيسي! قال لي بأنه متعاطف مع الرئيس السيسي ويحبه ويؤيده! قلت له: وماذا عن الاختفاء القسري لحوالي 500 مواطن؟ قال: مؤكد هم مجرمون! قلت: وماذا عن تنازله عن تراب الوطن ممثلا في تيران وصنافير؟ قال: حتى لا يأتي زعيم مجنون ويغلق الملاحة في وجه إسرائيل! قلت: وماذا عن مليارات من أموال القروض التي ستثقل كاهل أحفادك في مصر؟ قال: سيكون الوضع الاقتصادي قد تحسن، ويسدّدون القروض عن طيب خاطر! قلت: وماذا عن عشرات الآلاف من المعتقلين وأكثرهم لم يُعرَضوا على القضاء؟ قال: أكثرهم فوضويون واخوان وينايريون يستحقون السجن ما بقيت لهم أعمار! قلت: وماذا عن تبرئة أباطرة الفساد وفي المقدمة مبارك وعائلته وحبيب العادلي وزبانيته؟ قال: قضاؤنا عادل وشامخ حتى لو أصدر أحكاما بالإعدام على كل أفراد الشعب! قلت: والتعذيب في السجون والمعتقلات؟ قال: كل سجون الدنيا هكذا، فهل تريد من الرئيس أن يبني لهم حدائق غنّاء؟ قلت: لكن الرئيس يختار الأسوأ والأحمق والأبله والأجهل في مؤسسات الدولة والوزارات، أليست هذه جرائم في حق الوطن؟ قال: للرئيس رؤيته؛ فهل الشعب أكثر فهما ومعرفة حتى يتركه يختار؟ قلت: هل تعرف أن الإعلاميين المدافعين عن نهج الرئيس السيسي قادمون من قاع المجتمع، وأكثرهم حثالة النفاق والتطبيل؟ قال: مصر في حاجة للمطيعين والعبيد والمهللين لئلا تظهر آراء مختلفة في وسائل الإعلام، ويظن كل من هب ودبّ أن من حقه معارضة المسؤولين! قلت: ومشروع سدّ النهضة الذي تولى المفاوضات عن مصر فيه جهلة بتاريخ النهر الخالد وحقوق مصر فيه! قال: رؤساء مصر قبل السيسي هم الذين تفاوضوا على التنازل عن نيلنا المقدس! قلت: هل تعرف أن أكثر قضاة مصر من أنصاف الأميين، وهم أضحوكة في العالم حتى أن أحدهم حكم على 455 متهما بالإعدام غيابيا في عدم وجود أي دفاع؟ قال: لا بد أنهم من الاخوان المسلمين! قلت: ألم تلاحظ انخفاضا في مستوى معيشة المواطنين منذ أن تولىَ السيسي الحُكم، وبدأت صرخات وأوجاع ربات البيوت؟ قال: فليصبر الشعب على الشهد حتى تستقر الدولة. قلت: بماذا تشعر وأنت لا يحق لك أن تمشي في شوارع بلدك مع مواطنين آخرين وأنتم تحتجون في سلام؟ قال: معارضة الرئيس وقاحة وإجرام وعلى الشعب أن يحمد الله لأنه يأكل ويشرب، فماذا تريدون أكثر من الأكل والشرب؟ قلت: لماذا لا يتصالح الحُكم مع الأشقاء والأصدقاء والجيران ليبدو دور مصر كبيرا ووطنيا؟ قال: هناك من يسدد لنا خسائرنا في الخلافات والحروب، ومن يدفع مليارات الدولارات حتى يقوم الجيش المصري بخوض حروب الآخرين! قلت: منذ أن جاء إلى الحُكم وهو يضع تحت جناحيه كل قوى التطرف من متشددين وسلفيين ودواعش، أليس كذلك؟ قال: الرئيس يتبع نهج السلف الصالح، ولا بد أن يترك حتى أجهل السلفيين يقودون الوطن إلى السقوط أو الانهيار، لئلا يظن الأتراك والقطريون والايرانيون أن سطوتهم على الإسلاميين هي الأكبر. قلت: هل تعرف خسائر جيشنا في سيناء، خاصة أن الشهداء من يُقتلون بنفس الطريقة، ونفس الكمائن في كل مرة منذ ست سنوات؟ قال: هذا ليس صحيحا فجيشنا البطل يمارس التجارة والبيع والشراء والصيد، أما حروبنا ضد الارهاب فهي لكي يضمن رئيسنا الذكي أن تنهال علينا المساهمات المالية، فتتاح الفرصة لكل اللصوص من اللواءات والجنرالات والمقاولين أن ينهلوا كما فعلوا في عهد مبارك! قلت: لماذا لا يهتم الرئيس السيسي بالتعليم والصحة والعلاج والمستشفيات والطفل ومراكز البحوث العلمية؟ قال: القصور والاستراحات أهم حتى يعرف العالم أن في كل شبر من أرض مصر قصر واستراحة لفخامة الرئيس، وحتى لا يظن الرئيس التركي وأمير قطر أنهما يملكان أكثر مما لدىَ رئيسنا المُبجّل! قلت: هل يعرف الرئيس حقوق أشقائنا الأقباط المهضومة منذ عشرات السنين؟ قال: كيف يعرف أن لهم حقوقا وأكثرهم يصفقون له ويؤيدونه، بل يعتبرونه المنقذ لأنه قام بزيارتهم في الكاتدرائية لمدة نصف ساعة؟ قلت: ألا تشعر بالخجل بعدما بصق الرئيس في وجهك، وعدّل الدستور، ومدّ في فترة حُكمه حتى يرث جمال مبارك، أقصد محمود السيسي الحُكم لثلاثين عاما قادمة؟ قال: الرئيس عدّل الدستور بعدما أعطيتموه أقفيتكم، وأصبح سجّانوكم أكثر من أبنائكم، وتبرع أو تطوع ملايين من رجال الشرطة والجيش والقضاء والمحامين والإعلاميين والمثقفين بمراقبتكم، والوشاية بكم، وتخويفكم، والزعم أنكم مراقَبون في بيوتكم. قلت: المصري يخاف من ابن بلده مهما كان مركزه ومنصبه، والرئيس بمفرده، لو زفرت ونفخت في وجهه لسقط على ظهره، لكنك أنت وغيرك تدمرون بلدكم تحت زعم الخوف من الأمن، والحقيقة أنكم تخافون من بعضكم! قال: السلامة في الخوف، وعودتي لأحضان أهلي أهم لديَّ من الدفاع عن المظلومين والمُعذَبين! هل تستطيع أن تطرح تلك التساؤلات في موقع أو منتدى أو فضائية أو ندوة؟ سيتحول المصريون إلى ذئاب تنهش لحمَك، ووشاة يبلغون عنك، وخائفين تتبلل سراويلهم من الرعب! ثم أردف: هل دافع المصريون عن الدكتور يحيي القزاز وعن السفير معصوم مرزوق وعن مئات.. وآلاف من الذين رفعوا أصواتهم فوق صوت الرئيس؟ لم يحدث، ومن يترشح أمامه سيبيت نفس الليلة في زنزانة باردة، وقد يأتيه ملك الموت قبل أنْ يُحاكــَم! هل تعرف أن المصريين لا يقرؤون عن حقوقهم المهضومة، وهذا الحوار بيني وبينك سيتبرع مرشدون ومواطنون مثلنا بإبلاغ الأمن الذي لم يكن ليعرف بدون عشق المصري للوشاية رعبا وخوفا؟ قلت: أستطيع أن أسرد لك آلاف الجرائم التي ارتكبها الرئيس السيسي خلال فترة حُكمه المأساوية! قال: وأنا أنسحب من الحوار، وأترك لك الوطن بكل ما فيه، والكرامة وعزتها، وأعيش في سلام صامت مُهين فأكلُ العيش والعودة لأبنائي وزوجتي أهم من مصر، بل لو طلب مني اللهُ، عز وجل، أن أحافظ على روح نفخها في جسدي وعقلي وقلبي فلن أستجيب؛ فالرئيس السيسي قبل الله كما علــّمني الخوف! محمد عبد المجيد طائر الشمال عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين أوسلو في 19 فبراير 2020

ليست هناك تعليقات:

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...