أسباب الفشل المؤقت للإطاحة بالسيسي!
1- دخول قناة (الجزيرة) ببعض الفيديوهات التي يختلط فيها الحق والباطل، القديم والحديث، ففقدت المظاهرات قيمتَها.
2- تغطية الغضبة الشعبية إخوانيـًا، واستعادة الشعب للسنة التي حكم فيها المرشدُ والشاطرُ وقوىَ التخلف، فخفَتْ الحماسُ وتضاعف الخوفُ.
3- تصويرُ فيديو أمام مسجد رابعة واعتبار المظاهرات انتصارًا للشُهداء(!) وأنَّ إعادةَ افتتاحــِه نصرٌ للجماعة.
4- لم تكن الأسبابُ كافيةً لغضبةٍ شعبيةٍ تجرف الفسادَ؛ فإهدارُ أموالِ الشعبِ وإصرارُ السيسي أنه بنىَ وسيبني قُصورًا واستراحاتٍ من أموال الفقراءِ، وأنَّ الجزيرتين لن تعودا من السعودية أو من إسرائيل للمصريين، وأنَّ الفقرَ المُدقعَ ليس سببـــًا يستدعي الغضب...
5- تراجع الدور الوطني للمثقفين والنخبة والصفوة والسياسيين فقد كتم الرعبُ أنفاسَهم.
6- بعد حشر العقلاءِ المحتجين في سجون السيسي، ظهر الدورُ الواضحُ للمصريين المهاجرين؛ وهؤلاء ليسوا أهلَ ثقةٍ في نظر مصريي الداخل، فأهلُ البلد يرونَهم مُدللين ومُنعَمين ومرفهين وغيرَ قادرين علىَ رؤية المشهدِ المصري بعيونٍ مصريةٍ خالصة، وليس مصرية مغتربة و.. بعيدة.
7- أصبحت القضيةُ حياةً أو موتـًـا لمؤيدي السيسي؛ فمنهم من استثمر في العاصمة الإدارية ومنهم من ينتمي لطبقةٍ تعيش علىَ أرباحِ كبار الضباط، ومنهم مثقفون وشعراء وأدباء باعوا أناملــَهم وألسنتـــَـهم في مقابل حماية القصر إياهم.
8- أنَّ النهضةَ السطحيةَ كالبنايات والأبراج والطرق أهم لدىَ المصري من النهضة الإنسانية الممثلة في التعليم والعلاج والكرامة والحرية وحقوق الإنسان.
9- أنَّ المصريين لم يعودوا يثقون أنها قضيةٌ موحدة لبلد يشترك فيه الجميع، فنحن فِرَقٌ وشيع وجماعات ومذاهب وأيديولوجيات إنْ اختلفتْ تفرقتْ، وإنْ تفرقتْ تمزقتْ، وإنْ تمزقتْ تصارعت!
10- أن القوات المسلحة بعساكرها وضباطها وكذلك الشرطة لا تعرف أن السيسي خطف اللقمة من أفواهها، فالكبار تقاسموا البلد والصغار يقتاتون على فتات البيع والشراء والبقشيش.
11- أن بعض الأصدقاء والأشقاء الأثرياء العرب يكرهون المصري الثائر على الظلم، وهم على استعداد لدعم السيسي بكل الأموال التي سينهبها شريطة أن يظل القرارُ في يدها.
12- أن السيسي امتصَّ الدسَمَ من ( تحيا مصر ) وجعلها توحي بالهتاف له وللجيش وللحُكم.
13- دخول بعض المرضىَ النفسيين على الخط لخلط الأوراق، ومنهم المسكين وائل غُنيم الذي يحتاج لعلاج نفسي وعصبي عاجل؛ وآتت فيديوهاته أكُلــَـها ضعفين لصالح السيسي.
14- حتى لو كانت الغضبة كبيرة فإن الأمل في التغيير ضعيف لدى المصريين فالصامتون على التعديل الدستوري والتنازل عن الأرض والجُزُر والماء والنيل لا تكون غضبتهم أطول من أنفاسهم.
15- كثير من المصريين كانوا يبحثون عن أنفسهم في الغضب من أجل محمد علي فلم يجدوها، فالشاب المقاول يملك فعلا الحق؛ لكنه لا يحمل رسالة أخلاقية تبث الأمل في المستقبل وليس فقط في الحاضر!
16- عدد هائل من المتمسكين بالصمت يعرفون أنهم يدورون في عجلة النظام، منهم أساتذة جامعات ومدراء في معاهد وأصحاب مكاتب فاخرة في أبراج عاجية وإعلاميون لا يُطلون من الشاشة الصغيرة قبل أن يأذن لهم النظام أو يستضيفهم قِرَدَةُ النظام. كُتّاب وشُعراء وروائيون لا تسمح الدولة بنشر أعمالهم في المطابع قبل نشر وثيقة الخنوع في الصدور.
17- إننا في مصر نخلط مفاهيم الاحتجاج بين الثورة والغضب والعصيان والمظاهرات وهذا يصبّ في صالح السلطة.
18- أن وسائل الإعلام كلها، تقريبـــًـا، بين إصبعين من أصابع سيد القصر، وهي لا تسمح بأي صوت تبين من بين حروفه بوادرُ عدم رضا، وهذا يؤدي إلى احتمال العودة إلى البيت باكيـــًا على صدر زوجته .
19- النظام في مصر امتد كأخطبوط لدول صديقة وثرية ولديها ملايين من المصريين العاملين، وهنا إذا تهاونت الدولة المضيفة للعامل في حقها بصمت الضيف فهي لا تتركه يصرخ محتجــًا في وجه الطاغية السيسي، وعندما يقوم بزيارة واحدة من هذه الدول يشعر العامل المصري، مثقف أو عامل أو كاتب أو صحفي أو شاعر، أن تطبيلـــَه لرئيس مصر يُسهّل له مهام عمله في البلد الصديق.. المضيف!
20- لو أن جماعة الاخوان خرست وصمتت وسكتت وانزوت في ركن قصي لتضاعفت فرص نجاح أي تحرك مصري شعبي، والاخوان يدخلون معارك خاسرة لعشقهم لعب دور المضطَهد، المظلوم، الشهيد الحيّ.
وقد كتبت كثيرا راجيا ومتوسلا جماعة الاخوان أن تتوقف عن الدخول في صراع خاسر مع النظام الديكتاتوري للسيسي حتى تفسح الطريق للمصريين الوطنيين والمثقفين والفرسان والمستنيرين مناطحة النظام الكرتوني، لكن بلاهة وحماقة وغباء الاخوان جعلتهم يحشرون الدين في كل حوار، ويحاربون عبد الناصر في كل من يخاصمونه، ويفهمون أنهم خاسرون حتى لو حاربتهم بعوضة.
لكل هذه الأسباب وأضعافها فشل مؤقتا الحشد والتحرك والتظاهر والتمرد والغضب والاحتجاج المصري، وبدأ السيسي، ربما، في إعداد قائمة بالقصور والاستراحات الجديدة له ولزوجته حتى آخر جنيه في جيب مثقوب لمصري فقير.
تلك هي رؤيتي لما حدث في الأيام الأخيرة في مصرنا، وانتصار الباطل جولة، أما الحق فبطيء ومتثاقل، لكنه إذا ضرب أوجع، وإذا حمل قضية آمن بها وجعلها كأنها رسالة نُبوّة.
أيها المصريون،
هارد لنا جميعا، وليكن فشلنا هذه المرة درســًـا لنجاحنا في مرة لاحقة بإذن الله.
وسلام الله على مصر
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 22 سبتمبر 2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق