01‏/05‏/2019

عيد الخرس العُمالي!

عيد الخرس العُمالي!
طوال اليوم الأول من مايو وأنا أشعر بخليطٍ عجيب من الغضب والحزن بمناسبة عيد العُمال؛ فأشاهد مظاهرات في دول العالم، الديمقراطية منها والمستبدة.. مظاهرات تؤكد حتى في أعتىَ الديكتاتوريات أنَّ هناك مساحة بسيطة لمدة يوم واحد في العام يحق فيها للمواطنين التحرك والمشي والتظاهر ورفع لافتات بمطالب عادلة أو ظالمة.
يوم واحد تتنفس فيه حتى لو كان النظام البوليسي والعسكري الذي يحكم بلدك شرســًـا وغليظا؛ إلا في مصر!

حالة فريدة لأول مرة منذ خمسة آلاف عام، فالمجنون الذي يجلس في الاتحادية منتفخ غطرسة وموسولينية ولم يبقَ عليه إلا أنْ يبني أعلىَ برج فيصعد ويبحث عن إلــَــه المصريين ليتحداه بعدما أصبح له مسجد(عبد) الفتاح السيسي(العليم)!
لا أعتقد أن هذا الجاهل والضعيف والمهووس بعبقرية نفسه قادر على تحريك شعرة من موضعها؛ لكن المصريين أقنعوا أنفسهم أن عفريته يختبيء في سراويلهم، وأنه يتحكم في الرئتين ونبضات القلب وربما أيضا أحلامهم وكوابيسهم.
شعرت عدة مرات اليوم برعشة يوم العُمال، وشاهدت العبودية في أحط صورها، حيث يختار الجاهلُ الأجهلَ في معظم مؤسسات الدولة، ويمدّ لنفسه في حُكم لم ينته بعد، ويبصق على الدستور الأصلي ويطلب من القردة عمليات تعديل واعتداء، فتحتفل الدولة كلها بتعرية أقفيتها بمباركة المثقفين ورجال الدين.
دهشتي في أقصاها وأنا أراقب مظاهرات ليوم واحد، فإذا نظرت إلى بلدي الأم.. مصر، شاهدتُ الصمت والخرس والخوف والنفاق والتملق والعبودية والتملق!
هذه ليست مصر وقد مسخها هذا الملعون وداس على رؤوس صانعي أم الحضارات.
لهذا ارتفع ضغط دمي اليوم وأنا لا أصدّق أن هذا نصف الأمي القاسي السجّان يمسك كرباجا ويهبط به فوق ظهور مئة مليون في وقت واحد، بل إن أكثرهم يتبرع بتعرية ظهره تسهيلا لمهمة خادمه الذي يدير شؤونه بعد تفويض جعله الضِعْف في تعديلات جديدة لئلا يرفع مصري رأسَه إلى الأبد.
أول مايو يبدو كأنه سُرادق عزاء في وطن كان يمثل الريادة حتى في أوقات الشدة والأزمات والهزائم، فلما قفز على السلطة طاغية جاهل وجَدَ أكثر المصريين يقيمون خط الدفاع عنه حتى لو سقطت مصر رهنـًـا للقروض والتبذير ومشروعات بيع الوهم وصناعة جحيم الاستبداد.
تقبّلوا عزائي في عيد العُمال!
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في الأول من مايو 2019

ليست هناك تعليقات:

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...