16‏/09‏/2018

أوهام عراقية الكويت ( مقتطفات من كتاب قيد الطبع )


أتیحت الفرصة للجیش الكویتي في الصحراء السعودیة بقیادة الشیخ نواف الأحمد الجابر الصباح وزیرالدفاع للتدریبات الشاقة، والإرادة السیاسیة، والأمل الذي بثه الشیخ جابر الأحمد والشیخ سعد العبد لله، رحمھما لله، في التعجیل بالتحریر.
تماما كما فعل شارل دیجول عندما ترأس حكومة فرنسا الحرة من لندن في 18 ینایر 1940 ثم الحكومة المؤقتة للجمھوریة الفرنسیة وھي آخر خطوة نحو التحریر، وتنظیم المقاومة في الداخل.
كل مقاومة للاستعمار من خارج الوطن المحتل تلقى صعوبات جمة بسبب التشكیك في نوایاھا، وقد یكون ھناك منطق واقعي قائم على معرفة مسبقة بأشخاص یعرف الشعب
أنھم غیر أبریاء من تھمة التعاون مع المحتل.
أما آل الصباح فھم خارج دائرة المقارنة مع شعوب أخرى لأنھم قاموا بتوحید الشعب في فترة عصیبة تحتمل كل الشكوك والاتھامات والخصومات والخروقات والمعارضة ولو كانت على استحیاء، رغم أن الحرب لا تعرف ھذا النوع من الاستحیاء.
وكانت الصدمة كبیرة على القوى المعادیة للكویت ، فضلعاھا في الداخل والخارج بارقة أمل في التحریر العاجل. في الداخل لم یجد صدام حسین متعاونا واحداً كویتیاً مما خلق
حالة من الدھشة في العالم أجمع.

وفي الخارج كانت المعارضة الكویتیة في حالة سباق لتأكید أنھا جزء من الشعب، وأن ولاءھا لشرعیة آل الصباح لیس أقل من الصباحیین أنفسھم، فمؤتمر جدة الذي انبثقت عنه الوفود الشعبیة الكویتیة لم یقم باختیار أعضاء الوفودعلى أساس القبیلة أو المذھب أو الطائفة أو القرب من الأسرة الحاكمة أو حتى عدم التوافق معھا قبیل الاحتلال.
كان الكویتیون نسیجاً واحداً في العاصمة السعودیة الثانیة.. جدة، وانصھرت أقطاب معارضة ما قبل الاحتلال في بوتقة واحدة، فالوطن الصغیر المحتل على الحدود، والأھل على مبعدة ساعتین أو أكثر یفصلھم تراب أرض مشتركة قال عنھا الملك فھد بن عبد العزیز، رحمه لله، بأنھا وحدة كویتیة/ سعودیة في الحرب والسلام والتاریخ، والضیافة!
كانت الأسرة الحاكمة في الكویت تمارس الاثنین معا:
الشرعیة في الداخل والخارج والمشروعیة في المقاومة،
رغم حماقة وغباء وسذاجة ملایین من العرب الذي تشربوا كبریاء الشرق فزادھم ازدراءً للخلیج رغم التفاف الشعب الكویتي كله خلف آل الصباح الكرام.

في 20 أغسطس 1953 قامت سلطات الاحتلال الفرنسیة بنفي الملك المغربي محمد الخامس إلى جزیرة كورسیكا ثم إلى جزیرة مدغشقر ولم تكن تعرف أنھا بدایة ثورة شعبیة ومقاومة لا تلین، فالاستعمار یمكن أن یتحول إلى غباء مستترعندما یجھل طبیعة العلاقة بین الشعب وقیادته، كما حدث مع صدام حسین في الكویت.
كانت الثورة المغربیة بطیئة وھادئة لكنھا في كل لحظة فوق نار مستعرة. وعندما تأسست كتلة العمل الوطني في أغسطس 1933 قامت على الفور بالدعوة إلى الاحتفال بعید العرش لاعطاء رسالة للاحتلال الفرنسي والإسباني أن الصلة الروحیة بالملك محمد الخامس ھي في حد ذاتھا مقاومة دینیة ورمزیة وسیاسیة وتاریخیة ووطنیة.

الفكر المقاوِم یأتي في كثیر من الأحیان من خلال أوجاع المنفى، الاختیاري أو الاضطراري، والرؤیة من خارج الوطن تُصقَل في وجود حریة الحركة.
ولكن إذا كانت القضیة تحدیاً للشعب، ونفیا طوعیا أوجبریا للزعیم، أو نتیجة لحركة ثورة أو لإنقلاب ضد حفنة من اللصوص، فھنا تختفي تماما أي صورة من صور المقاومة، فالمقاومة فكرة أخلاقیة مھما كان التوجه الوطني أو المذھبي
أو القبلي أو الدیني أو اللادیني لأصحابه.

صحیح أن الملك فھد بن عبد العزیز، رحمه لله، فتح بلده وذراعیه وأحضانه لاستقبال الشرعیة الكویتیة، وساعد الحظ الجغرافي فیھا مساعدة كبیرة، فالحدود واحدة، والتناغم العربي والإسلامي والتاریخي یسمح للشرعیة أن تستخدم الأراضي السعودیة في التدریب، والاتصالات، والتثبیت المؤقت للحكومة الكویتیة، ولم یكن ھناك حَجْر أو شروط أو توجیھات أو مطالب من الریاض، فالملك فھد تعامل مع شرعیة آل الصباح على أنھا في ضیافته لبعض الوقت حتى یندحر الاحتلال العراقي الآثم.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو ( مقتطفات من كتاب قيد الطبع عن أوهام عراقية الكويت )

ليست هناك تعليقات:

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...