03‏/08‏/2018

الاستعمار الجديد يقرأ في الكتب المقدسة!

الاستعمار الجديد يقرأ في الكتب المقدسة!
لمئات الأعوام حاولت قوى الاستعمار أن تجد أسهل الطرق وأقلها خسائر لتدمير البلد المستعمــَــر ولو لم تلمسه أحذية عسكرهم، وفي النهاية عثرت على الطريق الأقصر والأسهل والأبسط!
إنه تمزيق البلد دينياً، وتفريق أهله بين مؤمن وغير مؤمن، وبث مشاعر الاستعلاء لدى فئة على أخرى، واقناع الواهمين أن الجنة على مبعدة سيف ومصحف ودعاء وجلابية ولحية.

طريقة سحرية نتائجها مضمونة مئة عام، وقد تمت تجربتها في أفغانستان بدعم طالبان ضد الشيوعيين، ثم الانقلاب على التطرف بعد نفخه.
وفي العراق لم يكن الأمر في حاجة إلى أكثر من هوية، واسم، وتعريف المواطن بأن ابن بلده ينتمي إلى مذهب آخر وفــِــرقة مختلفة وتاريخ مليء بالأكاذيب، وحينئذ سيتولى أبناء الوطن أنفسهم تدميره، وتخريبه، وحفر قبور في كل شبر فيه لولائم لا نهائية لدود الأرض.
وفي سوريا ثار شعبنا البطل ضد نظام البعث صاحب أغلظ معتقلات وسجون في العالم العربي، ولكن قوى الاستعمار ألقت عصاها فإذا هي حيــّـة تسعىَ، وجاء الجهاديون القتلة من كل فج عميق، وتعرّف السوريون على مذاهب وفرق، فهذا سني، وذاك شيعي، والثالث كردي، والرابع نصيري، والخامس علاوي، والسادس تركماني، والسابع تطبيعي، والثامن فيه روح حزب الله، والتاسع مسيحـي، والعاشر علماني، ثم تولى السوريون تدمير وطنهم.
وفي اليمن، وفي البحرين، وفي تونس، وفي ليبيا، وفي الجزائر، كانت الوصفة السحرية جاهزة.
وفي مصر كان لابد من سرقة الثورة دينياً لتمزيق مصر وتحويلها إلى بقايا دولة يعبث بها الجميع، من إسرائيل إلى اثيوبيا.

ووجد الاستعمار المصحف والدم والخطبة والمهووسين ومنحهم أقراصاً تجعل حلم الخلافة حقيقة واقعة.
الاستعمار الجديد يقرأ الكتب المقدسة على مسامع الضعفاء، ويعدهم بالجنة، ويقف معهم ضد ( غير المؤمنين)، ويدافع عن رجاله، ويجعل التجسس لصالحه تطبيقاً لشرع الله، ويُصلي معهم إذا أرادوا، ويرسل من يقوم بزيارة عميلهم في محبسه مع افتراض أنهم لم يقتلوه.

الاستعمار الجديد يبدو كالخاشع للتلاوات المقدسة، وتدمع عيناه تأثراً بالرسل والأنبياء الجدد وهم ضيوف على كل الفضائيات، وجيوبهم مملوءة بالأموال الشقراء الشرعية حتى لو تخلوا عن الفائدة الحرام.
المستعمر الجديد يصعد فوق المنبر، ويلقي خطبة أو موعظة تخشع لها قلوب المستمعين، بل إنه يصلي الفجر حاضراً ليس لايصال رسالة إلى السماء، ولكن إلى الذين سيجتمعون في يوم الزينة لمشاهدة السحر والسحرة.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال

ليست هناك تعليقات:

لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة!

  لهذا لم أعُدْ أحب حِجابَ المرأة! كنتُ فرحا به منذ نصف قرن؛ فقد كان جزءًا من الحرية الفردية للمرأة، فلا تغطي شعرَها إلا واحد بالمئة من نساء...