أحفادي و .. ذكرىَ النكبة!
اليوم حضر أحفادي، أولاد مجدي اول مظاهرة لهم ضد الاحتلال الإسرائيلي. زوجتي وأنا ومجدي وزوجته النرويجية وأولادهما، سُفيان إيفين ويعقوب ممدوح ( توأمان 3 سنوات ونصف) وبيومي يوهان ( عام ونصف العام ).
مرت أربعون عاما على أول مظاهرة أشارك فيها ضد إسرائيل ولصالح شعبنا الفلسطيني.
المرة الأولى التي اصطحبت أحد أولادي كانت عام 1982، ووقفت ابنتي الكبرى سونيا( وكانت في الثالثة من عُمرها) فوق كرسي أمام فندق جراند هوتيل بقلب أوسلو تجمع تبرعات للفلسطينيين لشراء سيارة إسعاف وهي تضع الشال الفلسطيني.
وتمر السنوات، ويكبر الأبناء ويتوارثون حب الحق، وكراهية العنصرية الصهيونية ليأتي بعدهم أحفادي؛ واليوم كانت أول مظاهرة لهم.
عدد الحاضرين اليوم كان كبيرًا، وأكثرهم نرويجيون مع غياب تام، تقريبا، للمصريين!
كثيرون رفعوا شعارات مقاطعة إسرائيل مما جعلني أتذكر الثمانينيات عندما كان ثلثا أعضاء البرلمان النرويجي منخرطين في منظمتي( أصدقاء اسرائيل) و ( مع اسرائيل في السلام).
كالعادة فإن اليسار يقف مع العرب والبلاد التي تناضل ضد الاحتلال، واليمين يناصر اسرائيل ويبرر جرائم كل القوى الاستعمارية.
اتصل بي مجدي اليوم غاضبا وهو يقول: هل سمعت كلمة رئيسة الوزراء آرنا سولبرج، رئيسة الحزب اليميني، وهي تطلب من الطرفين عدم اللجوء إلى العنف؟ هل نطلب من المغتَصَب أن يكون لطيفا مع الذي يغتصبه، أو مع الحجر أن يلاطف الرصاص؟
أتذكر كوري كريستيانسن رئيس الحزب الشعبي المسيحي منذ ثلاثين عاما وهو يقول: على اسرائيل أن تضرب العرب متى شاءت وكيفما أرادت!
وباعت النرويج لاسرائيل الماء الثقيل الذي استخدمته في المفاعل النووي.
وفي نهاية الستينيات ساهمت النرويج في تهريب تهريب زوارق حربية من فرنسا إلى اسرائيل.
وسهّلت الاستخبارات النرويجية مهمة دخول رجال الموساد في محاولة لاغتيال أبو حسن سلامة ( الأمير الأحمر )، فأخطأوا، وقاموا بتصفية شاب مغربي مسكين، أحمد بوشيخي، كان يعمل جرسونا في مطعم بمدينة ليلي هامر، وكان بصحبة زوجته النرويجية الحامل، وكانت أول جريمة قتل في هذه المدينة منذ أربعين عاما.
في عام 1983( على ما أذكر ) حجزت ساعة استشارة لدى محامية كبيرة في أوسلو. استمعت لي لمدة ساعة كاملة وكان طلبي غريبا وهو رفع دعوىَ قضائية ضد اسرائيل لأنها تملك سلاحا نوويا قد يُعرّض أهلي في الاسكندرية للخطر. رفضت المحامية بأدب جم لأنها قضية خاسرة يقوم بها شخص لا تسانده جماعة أو منظمة. كانت الاستشارة وقتها بحوالي مئة دولار.
في عام 1979 أي بعد وصولي للنرويج بعامين رددت بلغة نرويجية ركيكة على مقال يدافع عن اسرائيل بقلم هنري كوهين رئيس قسم الاستعلامات بالسفارة الاسرائيلية واتهمت في المقال الركيك اسرائيل بالارهاب.
رد عليَّ هنري كوهين في نفس الصحيفة متهما إياي بالإرهاب
لهذا فإن مظاهرة اليوم والمطالبة بمقاطعة اسرائيل حدث عظيم مقارنة بتاريخ التعاطف النرويجي مع الكيان العنصري الصهيوني، والفضل يعود لاثنين: السيدة كريستين هالفورسون رئيسة الحزب اليساري الاشتراكي ( سابقا) أول من قاطع اسرائيل في الحكومة النرويجية، وكذلك الجنود الشباب النرويجيون الذين احتكوا باللبنانيين والفلسطينيين مع قوات حفظ السلام في أوئل الثمانينيات، فعادوا بصورة مغايرة تماما.
تُرىَ كيف ستكون أفكار أولاد أحفادي بعد نصف قرن من الآن؟
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 15 مايو 2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق